ضمير الإنسانية الغائب 

كشف الكيان الصهيوني يوم أمس بعمليته الإرهابية الهمجية البشعة التي استهدفت نشطاء حقوق الإنسان المشاركين في “قافلة الحرية” التي كانت متجهة لكسر الحصار الجائر المفروض على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من جديد حقيقة الوجه البشع لهذا الكيان العنصري والفاشي والذي وصلت به غطرسته حد استهداف نشطاء عزل حملوا على عواتقهم رسالة إنسانية محضة تنادي بالعدالة والحرية والسلام وإنقاذ أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني من جور الظلم الماحق الذي يتعرضون له جراء الحصار المفروض عليهم من هذا الكيان الغاشم منذ أكثر من أربعة أعوام على مرأى ومسمع المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان.وفي ظل هذا الصمت الدولي المريب ها هو الكيان الصهيوني العنصري بجريمته السافرة بحق نشطاء مدنيين من 40 دولة يؤكد بالفعل وبكل صلف وعنجهية أنه لا يأبه بمشاعر المجتمع الدولي ولا يقيم اعتباراٍ لكل الشرائع والمواثيق الدولية وأنه قد تحلل كلياٍ من الالتزام بهذه المواثيق والقانون الدولي وصار يضع نفسه فوقها متحدياٍ إرادة المجتمع الدولي في إصراره على ممارسة إرهاب الدولة بل أنه صار يفرض أجندته وسياساته العدوانية على الجميع بشكل قاطع في مهزلة ما كان لها أن تحدث لولا أن المجتمع الدولي ومنظماته هو من شجع هذا الكيان على التمادي في طغيانه وممارساته العدوانية المستهترة من خلال غض الطرف عن هذا الجنوح الإرهابي الذي سعى إلى استثمار هذه المهادنة للسياسة الدولية في تنفيذ سياسة الإحراق للأراضي الفلسطينية والإبادة الجماعية لأبنائها من خلال الموت جوعاٍ وفاقةٍ ومرضاٍ وكمداٍ في غياهب السجون والمعتقلات وجراء سياسة الخنق والحصار.والفارق في الجريمة الأخيرة التي كان ضحاياها نشطاء من كل جنسيات العالم أنها أظهرت أن المجتمعات الإنسانية كلها صارت مستهدفة من الإرهاب الصهيوني ولم تكن الجريمة التي اقترفت بحق أولئك النشطاء سوى إشارة واضحة إلى أن هذا الكيان الإرهابي على استعداد لإحراق المنطقة بأكملها وتدمير المصالح الدولية فيها. ولا تغيب عن هذا المشهد حقائق الواقع التي تؤكد على أن ما جرى بالأمس لم يكن سوى حلقة من حلقات الصلف الصهيوني الذي لم يكن بالإمكان محاصرة حرائقه من خلال المواقف المهادنة والمتذبذبة والتي اعتدناها في الماضي حينما يكون طرفيها الجزار الإسرائيلي والضحية الشعب الفلسطيني أو أي طرف عربي آخر حيث نجد أن ما يصدر عن الأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي يساوي في أحسن الأحوال بين الجاني والضحية إن لم ينتصر للجاني على حساب الضحية!!.وما يخشى منه أنه ورغم بشاعة العملية الإرهابية والبلطجة والقرصنة السافرة التي مارستها إسرائيل بحق “قافلة الحرية” في عرض المياه الدولية للبحر الأبيض المتوسط أن تقابل بذلك التراخي والنفاق المعهودين من دوائر صنع القرار في العواصم الدولية الكبرى دون استقراء ما يمكن أن تفضي إليه هذه السياسة على صعيد الصراع في المنطقة خاصة وأن هذه الجريمة تؤكد أن إسرائيل ماضية في محاصرة الشعب الفلسطيني والتوسع في احتلال الأراضي الفلسطينية ويكفي أن رئيس حكومة الكيان الصهيوني “بنيامين نتانياهو” قد قطع زيارته لكندا ليس للاعتذار عن ارتكاب قواته الصهيونية تلك المجزرة الدموية وإنما للإشراف على قمع الفلسطينيين الغاضبين الذين خرجوا للتنديد بالجريمة واستغلال هذا الغضب الفلسطيني لطرد المزيد من الفلسطينيين من قراهم في ما يسمى بمستوطنتي “جوش عتسيون” و”معاليه أدوميم” قرب القدس ومستوطنة “ارييل” قرب نابلس شمال الضفة الغربية ناسفاٍ كل التعهدات التي أعلنت عنها واشنطن ذات يوم بوقف الاستيطان كشرط أولي لتحريك عملية السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.وأمام هذا الصلف الإسرائيلي والنفاق الدولي لا يحسن بنا أن نرفع سقف التوقعات إزاء ردود الفعل الدولية حول جريمة الكيان الصهيوني بحق المشاركين في “قافلة الحرية” حتى لا نصطدم بالنتائج.. ولذلك فلا أحد يطالب المجتمع الدولي بإلغاء اعترافه بهذا الكيان اللقيط ولا بإرسال جيوشهم لمعاقبة هذا الكيان على جريمته وإنما المطلوب فقط هو تطبيق الفصل السابع من قانون الأمم المتحدة على هذا الكيان ولما من شأنه إرغامه على فك الحصار عن أبناء الشعب الفلسطيني الذين يكسو الحزن ملامحهم وهم القابعون داخل سجن كبير اسمه “قطاع غزة” ينتظرون لحظة أمل وقطعة خبز وشربة ماء وحبة دواء تقيهم وأولادهم من الموت. وقد آن الأوان أن يعي العالم الحر اليوم أن الإنسانية التي ينادي بها قد استباحتها إسرائيل من الوريد إلى الوريد بل أن تلك المعاني والقيم والحقوق الإنسانية التي أصموا بها آذاننا تداس بشكل بشع من قبل القتلة الصهاينة الذين برهنوا بأفعالهم الإرهابية أنهم لا يحملون ذرة أخلاق أو ضمير أو إحساس وأنهم سادة الإرهاب في العالم.. وما لم يستيقظ ضمير الإنسانية اليوم من سباته الذي طال أمده فمتى إذن يستيقظ¿!!.

قد يعجبك ايضا