ثقافة العقاب السلبي في المدارس..

 - متى سنمتلك القدرة والوعي الكافي للتخلص من بعض السلوكيات التربوية الشائعة و السيئة التي تتبع في عدة مدارس من مدارس الجمهورية ..المناقضة معنى ومبنى ..لكل
عبدالكريم المدي –
متى سنمتلك القدرة والوعي الكافي للتخلص من بعض السلوكيات التربوية الشائعة و السيئة التي تتبع في عدة مدارس من مدارس الجمهورية ..المناقضة معنى ومبنى ..لكل قيم التربية ورسائل التعليم السامية والراقية¿ خذ لك على سبيل المثال معاقبة الطلاب والطالبات الذين يرتكبون أخطاء ما.. وذلك من خلال إجبارهم على تنظيف الفصل الدراسي أو الطارود أو حتى المدرسة دون النظر لما وراء مثل هكذا ممارسات وما تصنعه في وعي من وقع عليه العقاب من إنعكاسات سلبية تلازمه مدى حياته .. فهذا الإجراء على أية حال ينبغي – في ظني – أن يكون محل إدانة ورفض من جميع العاملين في حقل التعليم على وجه التحديد لأنه في الأصل يتعارض وقيمة النظافة وأهميتها في المجتمع الذي تعد كل من الأسرة والمدرسة أهم مكوناته وحقوله ومجالاته. فالطالب أو الطالبة يترسخ لديهما مفهوم سلبي وإستعلائي من النظافة ومن يعمل في هذا المجال سواء كان في المدرسة أو المنزلا أو الحي أو المدينة أو الملبس أوحتى النظافة الشخصية . السؤال الذي يمتلك مشروعيته في هذا السياق هو: هل يدرك المعلم أو المعلمة أو المشرف أوالوكيل وصولا لمدير المدرسة ..إن معاقبة الطلاب والطالبات الذين يخطؤن في أمر ما بهذه الطريقة الخاطئة والمنفرة إن ذلك يتعارض وجوهر تعاليم الدين الإسلامي الحنيف وقيمه التي حثت المسلم ..في مطلق الأحوال على النظافة والحفاظ عليها وجعلها جزءا من ” الإيمان “..تاسيا بالحديث النبوي الشريف (( النظافة من الإيمان))¿ وهل يتذكر- أيضا – الأساتذة الأفاضل من معلمين ومعلمات وإدارات مدرسية تلك الحقبة التاريخية التي وصل فيها المسلمون حتى جنوب فرنسا وأقصى السند والبلقان ووسط آسياء ..التي انبهر..أهلها بأسلافهم الفاتحين حينما كانت ملابسهم وأبدانهم نظيفة وروائحهم طيبة زكية..في الوقت الذي كانت فيه تلك الأقوام لا تعرف شيئا عن النظافة وغسل الملبس والبدن وما هي قيمة ذلك وأهميته على صحة الإنسان ونشاطه وحيويته وشعائره الدينية ومظهره ¿
علينا جميعا.. أن نؤمن قولا وفعلا بأن معاقبة التلاميذ من خلال إجبارهم على تنظيف فصولهم ومدارسهم أمر خطير جدا .. له إنعكاسات غاية في السوء..ليس آخرها أنها لا تعزز الوعي لديهم بأهمية النظافة وإحترام من يقوم بهذه القيمة الحضارية والدينية تلقائيا ..والنظر إلى ” المنظف “على أنه من لا يمتلك المال أو النفوذ القبلي أو الأسري أو حتى الكرامة الإنسانية والشرف النبيل. ومثلها أشياء كثيرة تمارس أحيانا في المدارس على غير وعي أو إدراك حقيقي وكافي.. من التربويين والتربويات.الذين – وربما عن حسن نية في أحاين كثيرة- يعملون على غرسها في نفوس تلاميذهم لتصبح من المسلمات والمقدسات في حياتهم التي لا يجب أن تمس أو حتى يوجه لها النقد ..مع أنها قد تكون خاطئة وهدامة. لكنها تكتسب قدسيتها وأهميتها من النظرة الإيجابية التي يتمتع بها المعلمون والمعلمات في نفوس وعيون عدد كبير من طلابهم وطالباتهم الذين يعتقدون أنهم يعلمون أكثر من غيرهم وأن أخطاءهم – أيضا – نادرة جدا.. ما يعني أن المعلم والمعلمة تقريبا أكثر إنسان يمكن أن يتأثر به الطالب أو الطالبة . ولعلنا نتذكر الكثير من المواقف والسلوكيات والمفردات والمظاهر التي كان يقوم بها معلمونا ومعلماتنا والتي ما زالت مؤثرة فينا لليوم سواء خلال التعليم الأساسي أو الثانوي أو الجامعي. ما سبق الحديث فيه يقودنا إلى القول : إن الطلاب والطالبات أمانة في أعناق معلميهم ومعلماتهم .. ومن مستوجبات الأمانة والرسالة التربوية والتعليمية.. التي تعادل رسائل الأنبياء والصالحين إيصالها بكل ما تتطلبه مقتضيات الأمانة من إخلاص ..وتحري ووإتقان وإبداع غيره.. وعدم التعامل معها من منطلق إسقاط الواجب ..أومن أجل الحصول على الراتب نهاية كل شهر..وهذا بلاأدنى شك حق مشروع ووجيه جدا لكل من عمل ويعمل في هذا القطاع الهام في حياتنا.. لكن عليهم في المقابل -و كما أسلفنا-العمل وفقا للشروط التربوية والأخلاقية والوطنية والدينية المتعينة. من دون أي تعالي أو تغاضي أو تجاهل لسلوكيات أوممارسات قد تؤثر سلبا على مستقبل وسلوك أبنائنا الطلاب وبناتنا الطالبات .. لن نبالغ إذا ما قلنا إن هناك الكثير من الممارسات التي تمارس في العديد من المدارس والمؤسسات التعليمية رسمية وأهلية..هي بحاجة ماسة لإعادة النظر فيها..من أجل بناء وصياغة جادين لمفاهيم وقيم ووسائل عصرية وثقافية وعلمية يمكن الإعتماد عليها في إحداث نهضة حقيقيةللبلد.. وتحديد الأولويات والمنافع والمضارعلى المستوى الفردي والمدرسي والأسري والاجتماعي والوطني .. تلويحة أخيرة .. ” تحية وأمل لكم جميعا”

قد يعجبك ايضا