وزارة التربيـة: إصـدار قانـون يحظـر تعاطـي القـات لـن يفيــد
تحقيق/ معين النجري _ عبدالله حزام
هزال شديد واصفرار الوجه والعينين وفقدان الشهية أبرز الأعراض التي ظهرت على الطالب أحمد المطري (17عاما) قبل وفاته في مستشفى “متنة” بمديرية بني مطر (25 كيلومترا) غرب صنعاء.
أستاذ الكبد والجهاز الهضمي بكلية طب جامعة صنعاء الدكتور منصور العمراني الذي تابع حالة أحمد أكد أن “الفحوص الطبية والأشعة المقطعية كشفت أن تناوله القات بشكل مستمر ولساعات عديدة أدى إلى ارتفاع إنزيمات الكبد ما نتج عنه تليف قاتل”.
الحالة المرضية لأحمد -الذي لم يكن قد أكمل بعد دراسته الثانوية- تطورت بشكل متسارع منذ عام 2011 بحسب شقيقه الأكبر إبراهيم: “كان أحمد يتناول القات مرتين في اليوم بمعدل إجمالي 10 إلى12 ساعة وأدخلناه المستشفى مرتين لكن المرض كان قد تمكن منه”.
أحمد وأعداد كبيرة من طلاب التعليم العام البالغ عددهم ستة ملايين طالب وطالبه في اليمن يتساقطون ضحايا لعادة تناول القات التي تسبب لهم العديد من الأمراض العضوية والنفسية وسط تشجيع أهالي الطلبة وضعف المناهج وغياب الدور التوعوي لوزارة التربية والتعليم.
في مستشفى الثورة العام بصنعاء كان العديد من طلاب الصف الأول الثانوي بمدرسة النهضة يرتدون الزي المدرسي وهم يزورون زميلهم أحمد عوض (15 عاما) بعد أن أبقاه أطباؤه تحت الرقابة الطبية في المستشفى لعدة أيام نتيجة تدهور حالته الصحية.
بدا لهم أحمد هزيل الجسم شاحب الوجه غائر العينين.
ويعتقد والد أحمد أن “القات هو الذي أوصله إلى هذه الحالة”. يقول: “كان يتناول القات فترتين في اليوم ما أثر على قدراته الذهنية والعصبية”. وبحسب تقرير طبي موثق صادر عن مستشفى الثورة الحكومي أصيب أحمد بانفصام في الشخصية نتيجة لتناوله القات بشكل مفرط الأمر الذي جعله عدوانيا إلى درجة خطيرة.
وكشف استبيان وزعه كاتبا التحقيق على 2000 طالب و400 طالبة في ست مدارس منها مدرستان إعداديتان في صنعاء أن 62 % من الطلاب المبحوثين يتناولون القات مقابل 3 % فقط من الطالبات وأن ثمانية أشخاص من كل عشرة متناولين يعانون السهر والخمول والقلق إلى جانب آلام في البطن بعد الانتهاء من تناول القات كل يوم.
ويتهم 38 % من المبحوثين (في استبيان كاتبي التحقيق) الذين لا يتناولون القات هذه الشجرة بأنها السبب في إصابة زملائهم بالعديد من الأمراض العضوية والنفسية. وأظهرت نتائج الاستبيان أن ستة طلاب من كل عشرة يتناولون القات اعتادوا عليه عن طريق أصدقائهم بينما تسبب الآباء والأقرباء في إدمان أربعة من كل عشرة طلاب.
ولا يجد 84 % ممن لا يتناولون القات صعوبة في الحصول عليه أو توفير قيمته إذ يؤمن ولي الأمر القات للابن وقد يحصل عليه من المزرعة الخاصة بالأسرة وخصوصا في الريف فيما يواجه 16% صعوبة في تأمين القات ولذلك لا يتناولونه إلا إذا منحهم إياه أحد الأصدقاء أو تمكنوا من توفير قيمته من أجور أعمال ينفذونها بعد انتهاء اليوم الدراسي أو في الإجازة الصيفية نهاية كل عام.
النسبة التي كشفها الاستبيان تعد “كارثية” بحسب وصف الباحث الاجتماعي إبراهيم صالح عباد خاصة إذا قورنت بدراسة نفذها الباحث نهاية تسعينيات القرن الماضي على 800 طالب وأظهرت أن نسبة المتناولين للقات من طلاب المدارس لا تتجاوز 20 % من المبحوثين حينها.
وعادة ما يتناول اليمنيون القات في جلسات يومية بعد انتهاء الدوام الرسمي في المدارس ومرافق العمل وبعد تناول الغداء. وتعمد غالبية الأسر اليمنية إلى تشجع الأبناء أو السماح لهم بتناول القات يقول محمد ص. ن (55 عاما) والذي وجدنا ابنه عبد الله (13 عاما) يتناول القات إلى جواره: “أريده أن يكون راجل”.
وتتراوح أسعار القات (للجلسة الواحدة) بين (200 و10000 ريال) ما يعادل (1 إلى 50 دولارا). يعود السبب في تفاوت الأسعار بحسب البائع حسين علي (25 عاما) إلى “كمية القات ونوعيته”. ويضيف قائلا: “توجد عشرات الأنواع وفي كل نوع مستويات متفاوتة الجودة ولهذا يوجد الرخيص والمتوسط والغالي الثمن وكل شخص يشتري حسب قدرته”.
لست مجنونا
في ساحة مستشفى الأمل للأمراض النفسية كان الشاب عمر صالح -ذو السابعة عشرة- والذي يتناول القات منذ ست سنوات يعارك الأطباء للإفلات منهم وهو يصرخ “أنا لست مجنونا”. وتقول والدته التي كانت إلى جواره: “عمر ليس مجنونا بالفعل ولكنه يعاني من أوهام وشكوك بأن أسرته تريد قتله”.
ويعتقد شقيقه الأكبر (محمد) أن القات والسهر هما اللذان أوصلاه إلى هذه الحالة.
أخصائي الأمراض النفسية في المستشفى الدكتور محمد عامر ذمران يكشف أن “تناول القات يجعل الطالب يبالغ في الهموم والمشاكل والأوهام ويزيد من القلق والاكتئاب والشكوك”.
ومن خلال الملاحظة السريرية للمرضى طوال عشر سنوات يؤكد الدكتور ذمران أن “معظم المرضى النفسيين من ص