خيار أوروبا


ك◌ْتب الكثير عن مسيرة التوحيد الأوروبية¡ من مختلف النواحي. ويكرøس المؤرøخ والفيلسوف الهولندي¡ الذي يعمل مع أوøل رئيس لأوروبا : هرمان فان رومبي¡ عملا عن ” فترة تكوøن منظومة سياسية أوروبية موحøدة ” . يحمل الكتاب عنوان ” الانتقال إلى أوروبا”. إذ يحاول فيه¡ الإجابة عن السؤال التالي¡ الذي اختاره المؤلف كعنوان فرعي :” كيف شرعت القارøة بعملية التوحيد ¿”.
ينطلق المؤلف في تحليلاته من ملاحظة نقدية¡ مفادها ان المقولات السائدة التي تتكرر في الخطابات¡ وفي الكتب والنشرات الرسمية¡ لا تتعرøض إجمالا الى توضيح الرهانات الجوهرية للسلطة في مسيرة التوحيد الأوروبي “البطيئة والكبيرة”¡ بل ربما تحاول القفز عنها. ومن الملاحظ أن المؤلف لا يذهب بعيدا في توقعاته عن المآل الذي ستنتهي اليه مسيرة التوحيد الأوروبي.
ولا يبدي موقفا ضد أو مع هذا التوحيد. ولكنه يشرح ويحلل¡ من موقع المؤرøخ¡ الفترة الجنينية التي دفعت الأوروبيين نحو العمل على توحيد قارøتهم. ويتعرøض بالتالي¡ للمنعطفات المهمة التي عرفتها هذه المسيرة.وذلك عبر ثلاثة أقسام رئيسية¡ يجمع فيها مواد الكتاب. وتحمل هذه الأقسام العناوين التالية: سرø الطاولة¡ نزوات الثروة¡ البحث عن الجمهور.
بالتوازي مع الأقسام الثلاثة للكتاب¡ يميøز المؤلف بين ثلاث دوائر أوروبية. إنه يتحدøث عن : الدائرة الخارجية¡ جوقة الأمم¡ دائرة داخلية . كما يحظى الجانب التاريخي¡ باهتمام كبير من قبل المؤلف . إذ إنه يعود إلى استعراض التجارب التي عاشها سياسيون صاغوا مشروع التوحيد¡ على مدى 60 سنة سابقة. ولا يتعرøض المؤلف¡ إلى شرح المراحل الكبرى الحاسمة في المسيرة الأوروبية فحسب¡ ولكنه يفشي الكثير من أسرار اللقاءات¡ منذ اتفاقية روما عام 1957¡ وحتى معاهدة برشلونة. وغير ذلك الكثير.
ويذكر المؤلف في هذا السياق¡ أن نشوب الحرب الباردة بعد الحرب العالمية الثانية¡ كان أحد الدوافع للتوحيد الأوروبي في منظور امتلاك صوت له وزنه على المسرح الدولي . ثمø دفع في الاتجاه نفسه¡ الضغط الكبير الذي استجدø عالميا¡ على خلفية بعض الأحداث ـ المنعطفات¡ مثل سقوط جدار برلين عام 1989¡ وتفجيرات 11 سبتمبر عام 2001 في نيويورك وواشنطن.
ما يؤكøده المؤلف¡ أن الاتحاد الأوروبي يواجه الكثير من التحديات¡ ويعرف الكثير من الصدمات .لكنه يخرج كلø مرøة¡ أكثر قوøة¡ وهذا ما يعبøر عنه في مقدمة الكتاب بخصوص الأزمة التي واجهتها العملة الأوروبية بقوله :” إن الاتحاد الأوروبي يمتصø الصدمة ويخرøج منها متجددا بعمق ” . بل¡ ولا يبدي في مختلف تحليلاته¡ أية خشية في ما يتعلøق بـ “مغامرة ” التوحيد الأوروبي .
ويشرح المؤلف¡ أن أوروبا تعمل على أساس العلاقة التفاعلية بين ” القاعدة والحدث”. ويقصد بذلك أن أوروبا منذ أن أخذت صفة مؤسساتية¡ أظهرت قدرة استثنائية على التجدد والنهوض¡ تحت ضغط الأحداث. ومن الأوراق الرابحة التي يرى المؤلف أن أوروبا تستفيد منها في مسيرتها الجديدة¡ هناك الموقف الألماني الذي غدا يضع ثقله من أجل دفع هذه المسيرة الى لأمام¡ بعد فترة من التردد على الصعيدين: السياسي الرسمي¡
 المؤلف في سطور
 لوك فان ميدلار. مؤرøخ وفيلسوف هولندي¡ من مواليد عام 1973. عمل في الحقل الصحافة.وقدøم كتابا تحت عنوان ” قتل السياسة”. كما اشتغل مع المفوøض الأوروبي¡ ومع رئيس الوزراء الهولندي¡ ثم تفرøغ منذ عام 2010 للعمل مع أول رئيس المجلس الأوروبي: هرمان فان رومبي¡ إذ يكتب خطاباته في مختلف المناسبات.
 الكتاب: لانتقال إلى أوروبا “الموحøدة” كيف شرعت القارة في مسيرة توحيدها¿
تأليف: لوك فان ميدلار – الناشر: جامعة يال 2013 – الصفحات: 372 صفحة م – القطع: القطع : المتوسط

قد يعجبك ايضا