ضرورات المرحلة 

جاءت توجيهات فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للحكومة يوم أمس بشأن اعتماد خطة عملية ودراسة دقيقة حول سياسة دعم المشتقات النفطية والتي تصل فاتورتها السنوية إلى نحو 510 مليارات ريال¡ وكذا إعادة النظر في الاتفاقية الخاصة ببيع الغاز اليمني المسال بما يتواكب مع متغيرات أسعار السوق العالمية¡ مستلهمة متطلبات وضرورات تأمين الاستقرار الاقتصادي لارتباط ذلك بتحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين وإنجاح الجهود المبذولة من أجل التغلب على إفرازات وتحديات معضلتي الفقر والبطالة.
وبالقدر الذي أبرزت فيه هذه التوجيهات حقيقة أن ما تصبو إليه قيادتنا السياسية من وراء أي توجه أو قرارات¡ هو توفير الحياة الهانئة والمستقرة والعيش الكريم للمواطن¡ فإنها أيضا◌ٍ قد أكدت على أهمية التعامل مع كافة القضايا وفق منظور مدروس وبمنهجية علمية تراعي العلاقة الجدلية بين الازدهار الاقتصادي والحاجة إلى تنمية الوعي السياسي وبما يجعل من الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي والتعبير رافعة للاقتصاد ومرتكزا◌ٍ من مرتكزات تنامي حجم مساهمة المجتمع في ميادين التنمية وتهيئة البيئة المحفزة على جذب المزيد من الاستثمارات الخارجية إلى اليمن.
وإدراكا◌ٍ لأهمية التلازم بين السياسة والاقتصاد¡ فقد جدد فخامة الأخ الرئيس دعوته لكافة الأحزاب والفعاليات السياسية إلى حوار وطني جاد ومسؤول لمناقشة مختلف القضايا والخروج برؤى موحدة تتضمن الحلول والمعالجات وتحقيق الاصطفاف والتوافق الوطني وبما يفضي إلى الشراكة الفاعلة والإيجابية في تحمل مسؤولية بناء الوطن¡ خاصة وأن مثل هذه المسؤولية لا تقع على عاتق طرف بعينه حتى وإن كان الحزب الحاكم أو صاحب الأغلبية البرلمانية أو السلطة المحلية¡ لأن من يحكم معني بتنفيذ برنامجه الانتخابي¡ أما القضايا المتصلة بالبناء الشامل والمستدام والنهوض بالوطن فإنها من الواجبات التي ينبغي أن يتشارك في تأديتها جميع أبناء الوطن¡ سلطة ومعارضة¡ أفرادا◌ٍ وأحزابا◌ٍ.
ذلك أن النهوض الاقتصادي لا يمكن أن يتحقق إن لم يحرص الجميع وقبل المطالبة بحقوقهم على أن يؤدي كل منهم واجباته في كل ما من شأنه تسريع وتائر البناء التنموي وإحلال وتكريس عوامل الأمن والاستقرار والسكينة العامة في المجتمع.
والحال نفسه ينطبق على الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تطالب الحكومة باتخاذ خطوات اقتصادية متقدمة تنعكس إيجابا◌ٍ على حياة المواطنين¡ فيما الحاصل أن هذه الأحزاب تمارس شططا◌ٍ سياسيا◌ٍ يعيق توجهات التطور¡ بل ويعمل على تعطيل مسارات التنمية وإفشال خطوات النهوض الاقتصادي¡ وتتجلى أهم شواهد ذلك في اندفاع البعض إلى التحريض على أعمال الشغب والعنف والتخريب وإظهار اليمن في وسائل الإعلام الخارجية كبلد غير مستقر¡ ولا يتوقف الأمر عند ذلك بل أن من يقومون بتسميم الحياة السياسية ويفتعلون الأزمات ويعمدون إلى تصفية حساباتهم السياسية عن طريق التبرير للممارسات المخلة بالأمن والاستقرار¡ لاشك وأنهم يلحقون الضرر البالغ بالاقتصاد الوطني وحركة الاستثمار وخطط التنمية!.
وإذا ما أضفنا إلى ذلك حالة الهدر الناتجة عن سياسة الدعم للمشتقات النفطية¡ التي أصبحت نافذة للفساد والإفساد¡ سنجد أننا جميعا◌ٍ مطالبون اليوم بالوقوف صفا◌ٍ واحدا◌ٍ في مواجهة التحديات التي تعترض مسيرة الوطن¡ والعمل على إنجاح كل خطوة تهدف إلى خلق الأجواء المواتية لإنعاش الواقع الاقتصادي وتنمية الحياة السياسية والحزبية وإضفاء الطابع المؤسسي على العمل الحزبي وبما يؤدي إلى ترسيخ الاستقرار السياسي الذي يفتح المجال أمام الانتعاش الاقتصادي والتنموي الذي يعود بخيره على كل أبناء الوطن إن الكرة الآن في ملعبنا جميعا◌ٍ¡ وعلينا أن نثبت أننا كبار بكبر الوطن¡ وأن ما يهمنا هو رفعة هذا الوطن وازدهاره ونماؤه¡ وأمن◌ْه واستقراره¡ والانتصار لمصالحه العليا أينما كانت ومهما تطلبت من تضحيات¡ وأننا في مستوى هذا الرهان الذي يجعل من اليمن أولا◌ٍ وثانيا◌ٍ وأبدا◌ٍ.

قد يعجبك ايضا