ظاهرة التجسس

نشأت الجاسوسية كنتيجة طبيعية لأعمال اليهود خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية¡ حيث أنشأوا عددا◌ٍ من شبكات التجسس في الدول التي كانوا يتواجدون فيها ووجهوا تلك الشبكات لخدمتهم ولإثارة القلاقل والفتن بين الدول وتحقيق الأهداف المرجوة لهم.
وصارت ظاهرة التجسس حالة شائعة في السياسة الدولية وكانت إلى فترة قريبة من الأعمال المجرمة بالقانون الدولي ولكنها أصبحت في الظرف الراهن محطة أنظار العالم وموضوعا◌ٍ للتباهي¡ رغم أنها أداة تخريب للعلاقات الدولية وهي خلافا◌ٍ للاستخبارات ذات الصلاحيات الوطنية.
وتأتي الولايات المتحدة الأميركية في طليعة الدول التي تمارس الجاسوسية بحسب مراقبين التي تعرضت مؤخرا◌ٍ لانتقادات شديدة على أعمال التجسس التي تقوم بها مع حلفائها الأوروبيين (وتحسبهم جميعا◌ٍ وقلوبهم شتى) وما كان لتلك الدول أن تقدم لها مبادرة أوروبية لاستعادة الثقة مع واشنطن بعد فضيحة التجسس على دول أوروبية لولا جهد اللوبي الصهيوني في أميركا والذي يوازي نفس الجهد القائم على التجسس في الدول الأوروبية.
وقد أتخذت تلك الظاهرة أبعادا◌ٍ وجوانب مختلفة وتضررت منها العلاقات الدولية وصار الجواسيس الدوليون والأجهزة المعنية بذلك في دول الغرب إحدى أهم الأدوات المخربة للعلاقات بين الشعوب والدول مما أدى إلى اضطرابات في تلك العلاقات وأصبح الجواسيس مصدرا◌ٍ أساسيا◌ٍ لرسم مسار العلاقات بين البلدان دون الأخذ للاعتبارات الخاصة بالسياسة الخارجية لكل دولة من الدول المعنية.
وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تمارس التجسس على دول أوروبا فإن تلك الدول ايضا◌ٍ تمارس التجسس على معظم الدول وخاصة الدول النامية حتى أن الأوروبيين في أنشطة التجسس المختلفة سيما مع البلدان النامية ركزوا على جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية وأنشأوا مراكز ومنظمات على أنها بالظاهر هيئات مدنية معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان فيما هي في الحقيقة أوكار تجسس تقوم بإعداد التقارير عن مختلف الجوانب والأوضاع القائمة وقد شكلت تلك التقارير مصدرا◌ٍ أساسيا◌ٍ للسياسة الأوروبية في تعاملاتها مع الدول النامية بذريعة أنها تقارير تحظى باحترام حقوق الإنسان والحريات العامة .. لكنها في حقيقة الأمر أبحاث تحض على الجاسوسية وتوسع حالة الاختلال القائم في العلاقات بين دول أوروبا والدول التي تمارس عليها الأنشطة الجاسوسية إلى حد صارت هذه الظاهرة سمة بارزة للسياستين الأوروبية والأميركية وقد اتسعت أبعادها في ظل ثورة تكنولوجيا المعلومات وشملت دول عديدة تأتي في المقدمة كما اشرنا الولايات المتحدة التي تواجه فضيحة التجسس ضد حلفائها الأوروبيين.
ولا يمكن إيقاف تلك الظاهرة وإنهاء آثارها السلبية ونتائجها التي أثرت على العلاقات الدولية إلا من خلال معاهدة دولية تضم جميع الأطراف الفاعلة خاصة أمريكا ومعها الأوروبيين¡ فقد أظهرت الوقائع والأدلة أن الجواسيس الدوليين هم السبب الحقيقي وراء الاضطرابات التي تشهدها العلاقات الدولية وكذلك شبكات التجسس المختلفة.

قد يعجبك ايضا