بغداد/وكالات
خرجت في العاصمة العراقية بغداد مسيرة مليونية تدعو إلى استنهاض المشاعر المعادية للولايات المتحدة وطرد القوات الاجنبية من كافة الأراضي العراقية.. حشود ضخمة من العراقيين منذ الصباح الباكر تجمعوا وسط العاصمة، ورفعوا لافتات تندد بالوجود الأمريكي على الأراضي العراقية، والأعلام العراقية، وارتدوا الأكفان في ظل إجراءات أمنية مشددة وانتشار كبير لقوات الحشد الشعبي والشرطة الاتحادية والجيش والأجهزة الاستخبارية لتأمين الشوارع.
وفي هذا السياق، ذكرت العديد من التقارير الاخبارية أن زعيم التيار الصدري في العراق “مقتدى الصدر” دعا أنصاره إلى المشاركة الواسعة في المظاهرات التي خرجت وجابت العديد من شوارع العاصمة بغداد وذلك من أجل المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وفي تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” قال السيد الصدر، “لقد دقت ساعة الاستقلال والسيادة، فهل أنتم عاشقون للوطن؟”.. وأضاف “يا عشاق الوطن، هبوا لنصرة المعشوق فهو يستصرخكم”.. وكتب مخاطبا أتباعه “أبشروا بعراق مستقل يحكمه الصالحون، لا فساد فيه ولا غزاة، فهمم العشاق تزيل الطغاة”.
ولفتت تلك التقارير الاخبارية إلى أن هذه المسيرة المليونية جاءت عقب قيام القوات الامريكية باستباحة الاراضي والاجواء العراقية وقيامها قبل نحو ثلاثة أسابيع في اعتداء غاشم وخبيث باستهداف سيارة قائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في العراق الشهيد أبو مهدي المهندس وعدد من رجال محور المقاومة في العاصمة العراقية بغداد وهذه الجريمة البشعة التي استهدفت عدداً من رموز محور المقاومة أثارت سخط الملايين من أبناء الامة الاسلامية والعربية.. ولفتت تلك التقارير الاخبارية إلى أن السيد “الصدر” شارك هو وعدد من القادة والمسؤولين العراقيين في هذه المظاهرة المليونية، بعد أن حددت الجهات الداعمة لهذه المظاهرة ساحة “الحسنين” في حي “الكرادة” الواقعة بالقرب من أحد مداخل المنطقة الخضراء، لتنظيم المظاهرة التي انطلقت وسط إجراءات أمنية مشددة.
وقد بدأت الاجهزة الامنية بإغلاق الطرق ونشر القوات في التقاطعات المرورية وتهيئة الشوارع القريبة من مكان المظاهرة لمرور المشاركين فيها.. وكشفت العديد من المصادر الاخبارية أن السفارة الأمريكية في العاصمة العراقية بغداد علَّقت الخميس ملصقاً تحذيرياً على جدار اسمنتي يقع أمام مجمعها المحصن بشدة، قبل يوم من تظاهرة مليونية مناهضة لوجود واشنطن في العراق، وجاء في التحذير:” لا تتجاوز هذه النقطة.. سنتخذ بحقك إجراءات رادعة في حالة محاولتك التجاوز”، وربما تحاول سفارة الولايات المتحدة من وراء هذا التحذير تجنب سيناريو اقتحام حرمها.
وفي هذا السياق، قال الشيخ “صلاح العبيدي” المتحدث باسم السيد “مقتدى الصدر” قبل بدء المظاهرات إن “بغداد ستشهد مظاهرات مليونية بدعوة من الصدر وترفع شعار إخراج القوات الأجنبية من العراق، ولا يرفع فيها شعارات لأي جهة سياسية وحزبية أو فصائلية والذي يرفض ذلك لا نطلب منه المشاركة”.. وأضاف إن “ما يشاع حول تظاهرات الجمعة، بأنها تستهدف التظاهرات التي سبقتها أمر غير صحيح خصوصاً أن تعليمات السيد الصدر كانت واضحة بعدم السماح بالمساس بمتظاهري تشرين”.. وتابع المتحدث باسم السيد “الصدر”، قائلا: “لدينا متابعة دقيقة لجميع الاعتراضات في ساحة التظاهرات، وسمعنا شتائم كثيرة من بعض الجهات في بعض الساحات”، مبيناً أن “وجود بعض المندسين لم يمنع التيار الصدري من تأييد التظاهرات لأنها تعمل على طرد وإبعاد الفاسدين”.
وفي سياق متصل، أعرب “حيدر الحداد”، أحد الواصلين إلى العاصمة العراقية بغداد للمشاركة في المليونية إن “معتصمي مدينة بابل على الطريق السريع رحبوا بنا كترحابهم بزوار الامام الحسين خلال الزيارة الحسينية”، مشيراً إلى أن “ما شاهدناه اليوم على الطريق السريع اسكت الاصوات الخبيثة التي تحاول زرع الفتنة بين ابناء الشعب العراقي الواحد”، وأردف قائلا، إن “الشعب العراقي ادرك حقيقة واحدة هي الخلاص من المتاهة السياسية التي صنعتها الولايات المتحدة، وغذتها إرادات الخارج بأيديها الممتدة إلى داخل احزاب الفساد والمحاصصة الطائفية”.
وبيّن أن “العراقيين يعيشون اليوم هيستيريا الوطن ولا شيء في مخيلتهم سوى الوطن، فيما يظل الفاسدون عالقون في زوايا الخوف وقد عاينوا الخزي والندامة”.. من جهته قال سيف البديري -أحد منسقي التظاهرات على الطريق السريع في مدينة الديوانية- إن “الالاف من متظاهري الديوانية حضروا إلى العاصمة بغداد للمشاركة في مظاهرات الصدر المليونية الرافضة للتواجد الامريكي في العراق”. لافتا إلى أن “هناك تعاونا كبيرا بين الجميع ولا يوجد ما يمنع عبور الاخوة المتظاهرين بل العكس قام متظاهرو الديوانية بتوزيع العصائر والماء على الاخوة المارين والدين ينوون المشاركة في التظاهرات التي دعا لها السيد الصدر”.
إن قصة الاحتجاجات في العراق تعتبر قصة من قصص ألف ليلة وليلة وذلك لأن التطورات الميدانية الأخيرة في هذا البلد تؤكد أن تلك الاحتجاجات لن تنتهي في العاجل القريب.. يذكر أن تلك الاحتجاجات تكرر نفسها في دورة منتظمة وفي أوقات مختلفة، ولقد بدأت تلك الاحتجاجات عندما تجمّع عدد من الشباب العاطلين عن العمل في الأول من أكتوبر 2019م في ميدان التحرير للاحتجاج على البطالة والفساد السائد في المجتمع السياسي العراقي، الأمر الذي أدّى لخروج احتجاجات عارمة في بغداد وغيرها من المدن العراقية.
وفي الآونة الاخيرة وعقب قيام القوات الامريكية باستباحة الاراضي والاجواء العراقية وقيامها باغتيال العديد من رموز محور المقاومة حدث تغّير ملفت في مطالب المحتجين، فبالإضافة إلى المطالب بتحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية وخلق فرص عمل للشباب العراقيين، تمت المطالبة أيضا بطرد كافة القوات الاجنبية من الاراضي والمدن العراقية وعلى رأسها القوات الامريكية التي ارتكبت الكثير من الجرائم خلال السنوات الماضية في العديد من مدن العراق.. ولهذا فلقد باتت مسألة وجود القوات الأمريكية مطروحة على أجندة السياسيين في العراق، إذ طالب بعضهم بخروجها وأقر البرلمان قرارا غير يدعو إلى انسحاب القوات الأجنبية من العراق، ولقي القرار دعما من رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي.