عودة الاستعمار القديم
عبدالله الأحمدي
عزز الامريكان والفرنسيون تواجدهم في السعودية والخليج بعد الضربة التي وجهها الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى مملكة داعش في ابقيق وخريص، إذ أرسل ترامب أكثر من 3000 جندي إلى المملكة لحماية حكم أسرة بني سعود بعد أن تكفلت السعودية بتكاليف هذا التواجد العسكري الأمريكي وأودعت المليارات في الخزينة الأمريكية.
كما أرسل الفرنسيون منظومة صاروخية إلى المنطقة الشرقية من المملكة بعد أن فشلت المنظومات الامريكية في التصدي للصواريخ والطيران اليمني. اليونانيون هم الآخرون لم تفتهم الفرصة، فقد ارسلوا منظومة دفاع جوي إلى المملكة.
صارت مملكة داعش حاضناً لجند النصارى الذين يستبيحون أرض وعرض ومقدسات الإسلام والمسلمين في بلاد الحرمين.
الغرب الإمبريالي اتخذ من الحرب في اليمن والتصعيد ضد الجمهورية الإسلامية فرصة لنهب وابتزاز أموال السعودية والخليج عن طريق بيع منتجات الأسلحة والمعدات، وتخويف دويلات البتر/دولار من اجتياح ايران لها، رغم ان ايران ليست في وارد ذلك، وقد أرسلت أكثر من رسالة بذلك.
الغواصات والمدمرات الفرنسية والأمريكية والبريطانية تجوب مياه الخليج والمتوسط لحماية اليهود في فلسطين والرياض وابو ظبي وبقية إمارات النفط في الخليج من غضب وثورات الشعوب العربية.
المنطقة العربية من العراق إلى الخليج والسعودية والأردن امتداداً إلى افغانستان وتركيا واقعة تحت نفوذ وهيمنة الاحتلال الامريكي والغربي بتمويل عربي من دويلات وإمارات النفط.
القواعد الأمريكية في السعودية والعراق والبحرين والكويت وقطر وعمان وتركيا وأفغانستان تخنق شعوب المنطقة، وتتخذ من هذه البلدان منطلقا للعدوان على شعوب الأمتين العربية والإسلامية وقمع حركات التحرر الوطني.
السعودية والإمارات وتركيا يلعبون لصالح الأمريكان ضمن مربعات حلف الناتو العدواني، وبالذات تركيا أردوغان الذي يقفز من قطر إلى آخر؛ من سوريا إلى قطر وأخيراً ليبيا. السعودية والامارات غرقتا في سوريا واليمن وفي ليبيا وكلها أوامر امريكية لتنفيذ مشاريع التقسيم والتفتيت والدمار وإعادة التموضع لمصالح الامبريالية المتوحشة.
الغرب الامبريالي يكشِّر عن أنيابه بقوة تجاه الشرق؛ حشود عسكرية واساطيل لغزو الشرق، وتنصل من اتفاقيات أممية، كما هو الحال في خروج أمريكا من عديد اتفاقيات على رأسها الاتفاق النووي مع ايران، وتراجع الدول الغربية عن التزامها نحو هذا الاتفاق، ومحاولة الاصطفاف مع الامريكي بإعادة التفاوض مع ايران لابتزازها في الجانب الدفاعي وفرض أجندات غربية عليها.
الغطرسة الامريكية بلغت أوجها بفرض حصار اقتصادي على كثير من الأمم، ومنها ايران، بل إن هذه الغطرسة وصلت إلى حد انتهاك سيادة الشعوب واحتلال أراضيها إنْ بواسطة جيوش الغرب الامبريالي، أو عبر أدواته في المنطقة، كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن.
الرأسمالية المتوحشة تعود بقوة إلى المنطقة متجاوزة كل قيم حقوق الانسان ومبادئ السيادة والاستقلال واحترام حرية الشعوب.
ويبدو أن هذه المبادئ ما هي الا شعارات لتخدير شعوب العالم الذي كان يسمى ثالثا والذي كان مرتعا للقوى الاستعمارية ولشركات الاستغلال العابرة للقارات، والتي تعود اليوم أكثر شراسة وعدوانية وهمجية، ضاربة بتلك الشعارات الأممية عرض الحائط.
قوى التحرر انزوت، بل وتقزمت، وتعرضت للتفتيت بفعل السياسة الامبريالية التي ضربت وحدة النسيج الاجتماعي بالفعل الطائفي والاثني والجهوي، وصناعة ما يسمى بالإسلام السياسي الذي اشتغلت عليه طوال أكثر من نصف قرن، ثم تعطيل التنمية في البلدان المستقلة عن الاستعمار ومحاربة المشاريع الوطنية والوحدوية وقواها الحداثية.
وللوقوف في وجه الهجمة الامبريالية القادمة لا بد من اصطفاف وطني وثوري يبدأ بإسقاط الانظمة العميلة وتحرير الانسان من ثقافة الانهزام والتبعية والخنوع، كما لا بد من تحرير الثروات العربية ومنها النفط الذي يُستغل لتمويل المشاريع الرجعية والامبريالية المعادية للشعوب.