تحولات كبيرة ومتسارعة في المشهد السياسي تضع مستقبل الجنوب أمام مسارات خطيرة وتحديات صعبة
2019 حصاد مُر وتخبط بين قوى متصارعة في الجنوب المحتل تسحق المواطن
لم يحصد المواطن الجنوبي في عامه الماضي سوى مزيد من الدمار والقتل والتشريد والانتهاكات اللاخلاقية التي انتهجتها قوى الاحتلال والعدوان في المحافظات الجنوبية المحتلة كوسيلة لتمرير مشاريعها التشطيرية والتدميرية الوحشية وهو ما كان متوقعا من عدو يتربص باليمن أرضاً وإنساناً ويبذل كل طاقاته وإمكانياته لتحقيق أطماع بعيدة المنال.
تزايدت وتيرة الاغتيالات والانتهاكات الصارخة ضد المواطنين المتواجدين في المحافظات المحتلة خلال العام المنصرم 2019م إلا أن الأمر ازداد تطوراً وانقلب السحر على الساحر في أغسطس من العام الماضي حينما قامت الإمارات بتصفية ما يقارب 300 فرد من قوات هادي والإصلاح في عدن وهو ما حال دون تحقيق رغبة الإصلاح في السيطرة على عدن ونزعها من أيادي المجلس الانتقالي.
سيناريوهات عديدة وأحداث صاخبة شهدتها المحافظات الجنوبية المحتلة خلال العام الماضي كانت محل تحول كبير في مسار التحالفات والمشهد السياسي برمته نسردها هنا، إلى التفاصيل:الثورة / مصطفى المنتصر
على مدى عام كان التحالف المحتل في الجنوب مع تغيرات عديدة في المشهد السياسي والعسكري وواجهت خلاله مشاكل عدة ألقت بظلالها على واقع الجنوب المحتل وأحدثت تغيراً كبيراً في مسار القضية الجنوبية التي لطالما اتخذت منها قوى الارتزاق المتصارعة ذريعة لتمرير مشاريع المحتل الهدامة ومهدت الطريق أمام المحتل لنهب وتدمير مقومات ومقدرات الوطن ناهيك عن الانتهاكات والجرائم التي مورست وبصورة يندى لها الجبين ضد أبناء الجنوب المناهضين لسياسة المحتل وأدواته.
عدن وتفاقم المعاناة
البداية كانت في عدن والتي كانت مركز الحدث والتي تعرضت لصور عديدة من الجرائم والانتهاكات بالإضافة إلى كونها تشكل المطمع الأول لمشيخة أولاد زايد وقاموا بتحويلها إلى مصلحة تابعة لهم بكامل مقوماتها ومؤسساتها وإيقاف وتدمير العديد من مؤسساتها ومقدراتها الكبيرة بهدف تجويع وإذلال المواطنين اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها وتمرير مشاريعها الخاصة على حساب أبناء شعب بأكمله تحت قوة السلاح والمليشيات الإرهابية التي اصطنعتها لتنفذ جرائمها الدامية في عدن والتي تنوعت بين عمليات اغتيال وتعذيب ونهب وسطو مسلح وغيرها من الجرائم الأخرى التي برزت بشكل كبير خلال العام الماضية ولاسيما عام 2019 م الذي شهدت في عدن أكثر من 100 جريمة اغتيال للأئمة مساجد وقادة عسكريين وقيادات بارزة في الدولة بهدف السيطرة الكاملة على الأوضاع وتحقيق الأهداف المراد تحقيقها.
اضطلعت قوى الشر الإماراتية بالقيام بجرائمها الفاضحة والبشعة في الجنوب بكل سلاسة وأريحية دون أي أدنى رقابة يمكن أن يوقفها عند حدها أو نسمع أي تحرك لإيقاف هذه الجرائم والاغتيالات التي نفذت بحق يمنيين الأمر الذي يشير بالبنان إلى وجود الإمارات وأدواتها وراء هذا المسلسل الدامي في عدن وغيرها من المحافظات الجنوبية المحتلة التي شهدت عدداً كبيراً من هذه الأحداث والمآسي وكشفت بزيفها حقيقة المحتل وأدواته الرخيصة.
2019م كان عام التحولات المتسارعة في المشهد الجنوبي فقد كشف القناع عن المؤامرة الخليجية التي تديرها الإمارات والسعودية بل وتعرت تماما بعد أن قصفت جنود قوات هادي وقتلت المئات منهم بدم بارد وبصورة مريبة وهم من رحبوا بها وفرشوا لها الأرض حين قدومها لكنها ما لبثت أن سحقتهم عندما ارتبط الأمر بمصالحها ووجودها وقصفت اليمنيين في أرضهم تحت ذريعة حماية مصالحها وأي مصلحة تعلو فوق مصلحة اليمنيين في أرضهم.
وفي 2019م أيضاً أعلنت الإمارات حربها وبشكل صريح ضد حكومة هادي التي اعتبرتها شريكاً رئيسياً في التحالف لحماية الشرعية إلا أن الدفاع المستميت بالتحالف والتبرير له على مدى أعوام من الاحتلال والعدوان على اليمن أصبح اليمن محل ندم وحسرة من قبل مرتزقة العدوان بعد أن تعرضوا للذل والمهانة والتهجير من قبل المحتل الإماراتي وعندما أراد المرتزقة أن يستعيدوا ما سلب منهم قوبلت تحركاتهم بردع صارم من قبل المحتل واعتلى صراخهم وعويلهم دون جدوى.
سقطرى طموحات صبيانية
سقطرى هي الأخرى لم تكن بمعزلٍ عن هذه التطورات بل شهدت هي الأخرى مظاهر عديدة ومختلفة من الانتهاكات والتطورات المثيرة حيث برز الدور الإماراتي هناك في نهب ونقل الثروات واستحداث مشاريع خدمية تخص دولة الإمارات مثل شبكة الاتصالات واستخدام مطارها كوسيلة خاصة لها لنقل منهوبات الجزيرة ومنع الموظفين من ممارسة أعمالهم فيها بالإضافة إلى ممارستها وأنشطتها المشبوها في تحويل الجزيرة إلى ثكنة عسكرية وتحويلها عن مسارها التاريخي والحضاري العريق لكونها محمية طبيعية يحرم فيها استحداث أنشطة عسكرية.
لا تكفي المساحة لسرد كافة الجرائم والانتهاكات بشكلها التفصيلي والممل إلا أن الحقيقة التي اتضحت للجميع أن مشيخة الإمارات سخرت كل طاقتها وإمكانياتها في هدم اليمن ونهبها وسحق طموحات شبابها الطامح للحياة بعزة وكرامة وقد بينت مدى حقدها الدفين لليمن واليمنيين على مر العصور وجسدته على أرض الواقع بوجودها المسعور في المحافظات اليمنية المحتلة الأمر الذي جعل منها مثالاً للاحتقار في مختلف المحافل الدولية ولدى مختلف الأمم وهي المكانة التي تستحقها على الدوام.
شبوة عصية على المؤامرة
وبالحديث عن شبوة نجد أن صراعات المحتل تتفاقم يوما بعد يوم لاسيما مع تعالي الأصوات الرفضة للتواجد الإماراتي والمحاولات السعودية للسيطرة على المشهد بصورة أخرى الأمر الذي يجعل منها مستنقعاً جديداً لصراع سعودي إماراتي بدلاً من عدن ولاسيما مع احتدام الصراع مؤخراً بين طرفي الارتزاق واتساع رقعة الصراع بينهما للسيطرة على المحافظة التي تحمل أهمية استراتيجية لقوى الاحتلال السعودي الإماراتي.
ومع بداية عام جديد نجد أن الجنوب اليوم بات أمام مفترق طرق الأمر الذي دفع بالسعودية للظهور للواجهة واستلام الملف الجنوبي بدلاً عن الإمارات التي تعالت الأصوات الرافضة والمنددة لتواجدها المزري على المستوى المحلي والدولي إلا أنها لازلت تعبث بأذيالها التي مكنتهم من السيطرة على مقدرات الوطن ودعمتهم بالمال والسلاح وهو ما يفاقم من حدة التحديات التي تواجه المشهد الجنوبي اليوم مع المخاوف التي يعيشها الجنوبيون في ظل الإدارة السعودية المتعطشة للاستحواذ والسيطرة على مفاصل الدولة ومقدرات اليمن لتنهب ما تبقى من الثروات.
اتفاق هزلي
اتفاق الرياض كان هو الآخر مسرحية هزلية أنتجها المحتل وكان أبطالها المستعارون دمية يحركها المعد والممول بغية تحقيق نجاح سياسي يذكر بعد أن مثلت الأحداث العسكرية المتسارعة خطراً كبيراً على مستقبل المحتل ومشاريعه الصغيرة والوضيعة الأمر الذي دفع المرتزقة إلى الانصياع وراء الإملاءات الخارجية دون دراية بمضامينها الأساسية التي في الأصل تعزز من قوة المحتل في السيطرة على القرار والتحكم بالأدوات حسب رغبته ومصالحه.
كان التوقيع الإجباري للاتفاق محل صدمة للطرفين إلا أن الرغبة في كسب رضا أسيادهم كان سبب جرهم لهذا المسار الأمر الذي عزز من حدة التوتر في المحافظات الجنوبية في الفترة ما بعد التوقيع وكان نتاجه توسع نطاق المعركة في عدة جبهات أخرى شهدت مداً وجزراً من الطرفين وحصدت فيها عشرات الأرواح من المقاتلين والمدنيين الذي باتوا اليوم وقوداً لمعارك عبثية لا تخدم سوى المحتل وتحقق رغباته.