وكيل الجهاز المركزي للإحصاء فارس علي الجهمي لـ “الثورة “: لا نستطيع تنفيذ تعداد سكاني في الوقت الراهن .. والعـاصمة صنعـــاء تشهـــد ازدحامــاً كبــــيراً
أكد وكيل الجهاز المركزي للإحصاء أن آخر تعداد سكاني نُفذ في الجمهورية اليمنية كان في العام 2004م وأن العدوان والحصار على اليمن أدى إلى توقف التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت، حيث أن الجهاز قدم كافة الوثائق لتنفيذ حصر شامل بالأضرار المادية والبشرية التي تسبب فيها العدوان على مستوى الوطن إلا أن عدم وجود التمويل اللازم هو ما يحد من تنفيذ المسح ميدانياً، مشيراً إلى أن تكلفة تنفيذ الحصر والتعداد تقارب (ملياراً و400 مليون)، مؤكداً أهمية هذا المسح لأنه بمثابة إثبات حالة للوطن الذي يتعرض للعدوان والتدمير في كافة المجالات ، إضافة إلى التدهور الاقتصادي والخسائر المباشرة وغير المباشرة التي تنعكس على معيشة المواطن نفسه قبل أن تكون على مقدرات البنية التحتية للبلد.
تفاصيل أكثر في اللقاء الذي أجرته “الثورة” مع وكيل الجهاز المركزي للإحصاء- فارس علي الجهمي، فإلى الحصيلة:
لقاء/
رجاء عاطف
في البداية أعطونا نبذة عن الجهاز المركزي للإحصاء، وما المهام التي يقوم بها؟
– تأسس الجهاز المركزي للإحصاء بعد قيام الوحدة اليمنية في العام 1990م، حيث كان قبلها كيانين إحصائيين منفصلين، وأدت الوحدة بين الشطرين إلى دمج الجهازين الإحصائيين وإنشاء جهاز مركزي إحصائي موحد جديد بموجب القرار الجمهوري لسنة 1990م، وتولى مهمة إنشاء النظام الإحصائي الوطني في اليمن، وفي العام 1995م تم إصدار قانون الإحصاء رقم (28) الذي مثل الإطار القانوني للنظام الإحصائي اليمني، وعليه فإن الجهاز المركزي للإحصاء هو الجهة الرسمية والمسؤولة في اليمن عن جمع البيانات والمعلومات الإحصائية وإعدادها وتجهيزها ونشرها وإعطاء الطبيعة الرسمية للأرقام الإحصائية في الجمهورية اليمنية، كما أنه المعني بتنفيذ عمليات الإحصاء وجمع البيانات بمختلف أنواعها وتخصصاتها ومستوياتها وينفذ الكثير من (التعدادات العامة والمسوحات الإحصائية) وله إصدارات خاصة بنتائج تلك التعدادات والمسوحات ويصدر كتاب الإحصاء السنوي عن اليمن نهاية كل عام والذي يتضمن أحدث الإحصاءات والمؤشرات.
قانون الإحصاء حدد إحدى المهام الرئيسية للجهاز والمتمثلة في توفير إحصاءات رسمية حول الظروف الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية بمصداقية وحيادية واستقلالية تامة وفقاً لأحدث التوصيات والمعايير الدولية لخدمة جميع المواطنين والمؤسسات المختلفة على حدٍ سواء، بالإضافة إلى الجانب الإلزامي لجمع البيانات الإحصائية مع ضمان سرية المعلومات وتحديد حقوق وواجبات المستجيبين والمستفيدين.
ما المشاريع والمسوح التي ينفذها الجهاز المركزي للإحصاء؟
– المشاريع والمسوح التي ينفذها الجهاز تتلخص في ( التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت 2014م ومشروع نظام معلومات الأمن الغذائي، مشروع تطوير كتاب الإحصاء السنوي واليمن في أرقام، وأيضاً مشروع خارطة الخدمات الأساسية ومشروع تحديث الخرائط، وكذلك مشروع الخطة الاستراتيجية، ومشروع الأهداف الإنمائية للألفية، إلى جانب مشروع تطوير الحسابات القومية، ومشروع تطوير إحصاءات التجارة الخارجية، وكذا مشروع الناتج المحلي، ومشروع الحسابات القومية الربعية، ومشروع الانتقال لنظام (sna 2008 )، بالإضافة إلى مشروع الأرقام القياسية لأسعار المنتجين، ومشروع الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، كما نفذ الجهاز مسح التجارة الدولية في الخدمات والاستثمار الأجنبي المباشر ومسح التجارة الداخلية، وأيضا مسح ميزانية الأسرة متعددة الأغراض، ومسح القوى العاملة، ونفذ مسح الخدمات الشخصية، ومسح الصحة والعمل الاجتماعي، ومسح التعليم، ومسح الاتصالات وتقنية المعلومات، ومسح الانشطة العقارية، ومسح النقل المنظم، وكذلك مسح النقل غير المنظم ومسح الفنادق ومسح المطاعم، والمسح الصناعي، ونفذنا مسح البناء والتشييد، والنفايات الخطرة، ومسح الاستهلاك المنزلي للطاقة، ومسح عمالة الأطفال، وأخيراً المسح القاعدي لصحة الأم والطفل، ومسح سيدات الأعمال، ومسح العنف ضد المرأة.
متى كان آخر تعداد سكاني قام به الجهاز ؟
– آخر تعداد نُفذ في الجمهورية اليمنية كان في العام 2004م وكنا قد حضِّرنا لتعداد عام 2014م، وانتهى التحضير للنزول الميداني إلا أن العدوان والحصار على اليمن أدى إلى توقف التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت.
ما العوائق التي تواجه عمل الجهاز المركزي للإحصاء؟
– في البداية واجهنا في تعداد 2014م على المستوى الوطني عدم توفر الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذه رغم أن الدولة قد رصدت المبالغ، إلا أنه كان هناك بوادر عدوان وحرب على اليمن وبالتالي توقف الدعم وفعلا حصل العدوان ما اضطرنا لتوقيف التعداد بشكل عام، فكانت الناحيتان المالية والأمنية أكبر العوائق التي تواجه تنفيذ التعداد على الرغم من أن الجهاز المركزي للإحصاء قام بعملية التحزيم (تقسيم الحضر وفصل الحضر عن الريف) والقيام بعملية إسقاط البيانات الحديثة على الخرائط الخاصة بالتوسعات العمرانية التي حصلت خلال العشر السنوات ما بين 2004م – 2014م وكانت عملية التحزيم ناجحة 100% وساعدتنا على معرفة حجم التوسع العمراني الكبير في المدن الرئيسية والثانوية وفي عواصم المحافظات والمديريات وكذلك في القرى الكبيرة، وقمنا بإسقاط البيانات لعدد الأسر وعدد المساكن والمباني على الأطر والخرائط وتحديث البيانات لدينا لكن لم تتم عملية الحصر التي تعتبر من أهم العمليات التعدادية التي يتم فيها حصر المساكن والمباني والمنشآت والأسر ،وتعطي الجهاز المركزي للإحصاء إطاراً حديثاً تستطيع من خلاله الدولة وجميع الجهات الحكومية أن تتبنى خططها وبرامجها لعشر سنوات وحتى تعداد لاحق، فتوقف مرحلة الحصر كان بسبب الإمكانيات المالية في ذاك الوقت، إلى جانب عدم توفر تكلفة الحصر لدى البنك المركزي، كما أن للعدوان والحصار أثر كبير في توقف التعداد بشكل عام.
كم تبلغ تكلفة تنفيذ الحصر والتعداد؟
– التكلفة تقريباً هي (مليار و400 مليون) ونحن نرى أن هذا المبلغ بسيط جدا مقارنة بالوضع السائد في البلد لأننا بحاجة إلى ما لا يقل عن 2000 باحث إحصائي و2000 مهندس متخصص لتقدير الأضرار وكم حجم التعويضات اللازمة لكل من تضرر على مستوى الوطن بشكل عام، وإذا تم حسابها بالدولار فهي تكلفة بسيطة بينما نتوقع أن يكون حجم التعويضات المطلوبة لتقديمها نتيجة الأضرار التي لحقت بالشعب اليمني مبلغاً كبيراً، حيث لازلنا نتابع وزارة المالية منذ العام 2016م وقد تعاقب على رئاستها حوالي خمسة وزراء مالية ،ولم نستطع الحصول على المبلغ نتيجة للظروف التي تمر بها البلاد.
كيف أثَّر العدوان على عمل الجهاز المركزي للإحصاء ؟
– العدوان أثِّر على كل الجهات والقطاعات والمواطنين على امتداد اليمن شماله وجنوبه وتسبب في أضرار كبيرة على واقعنا الاقتصادي وحياتنا كبشر في جميع المجالات اقتصاديا واجتماعيا وديمغرافيا، ولم يكتف فقط بتدمير المباني والمساكن بل خلّف الكثير من الضحايا المدنيين وغيرهم والكثير من المصابين، وأدى أيضا إلى تدهور الأوضاع الصحية والبيئية في بلادنا التي أثرت على مختلف شرائح المجتمع، إلى جانب الإشكالات التي خلّفها العدوان في المجالات الصحية والتعليم والكهرباء والمياه وفي معيشة الإنسان بشكل عام، وهناك أضرار أكبر .. في معظم دول العالم لا تكتفي بحصر الأضرار المادية والبشرية والمباني بل يحسبون أيضا الأضرار التي لحقت بالمعاناة المعنوية وجودة الخدمات الحياتية.
هل يقوم الجهاز بحصر الأضرار التي خلَّفها العدوان ؟
– الجهاز المركزي للإحصاء منذ عام 2016م قدم كافة الوثائق لتنفيذ حصر شامل على مستوى الوطن بشكل عام فيما يتعلق بالأضرار المادية والبشرية وتم إقرارها في مجلس الوزراء وكذلك مناقشتها في مجلس حكومة الإنقاذ الوطني، وتم إقرار المشروع وتشكيل لجنة إشرافيه وفنية لتنفيذ العمل وقام الجهاز بالعمل الجاد والتواصل مع كافة المنظمات الدولية في الداخل والخارج لتجهيز المسح ليكون بالمستوى اللائق كي يتم الاعتراف بنتائجه محلياً وإقليمياً ودولياً، وتم وضع الوثائق بشكل حِرفي ومهني وعرض مخرجات العمل على اللجنة الإشرافية والفنية، لكن واجهتنا مشكلة التمويل نتيجة الظروف التي يعاني منها البلد، وحتى الآن لم نستطع الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ المسح ميدانيا، فالجهاز المركزي للإحصاء قام بكافة الخطوات اللازمة لتنفيذ هذا العمل الذي يعتبر العمود الأساسي والذي سوف تبنى عليه خطط البلاد وأيضا خطط وبرامج الدولة كلها على الأقل خلال الـ 15 سنة القادمة وذلك من خلال العمل على مسح الأضرار وأيضا نتائج مسح الأضرار، وكذلك ما يتعلق بالإنعاش وإعادة الإعمار وإعادة خطوات أو عجلة التنمية إلى الأمام.
ما فائدة مسح هذه الأضرار مستقبلاً؟
– هذا المسح له فوائد كبيره جداً، وهو بمثابة إثبات حالة للوطن الذي يتعرض لعدوان وتدمير كافة المجالات وتدهور اقتصادي والمعاناة وخسائر مباشرة وغير مباشرة والتي تنعكس أساسا على معيشة المواطن نفسه قبل أن تكون على مقدرات البنية التحتية للبلد.
هل هناك أي تعاون من أي جهة حكومية أو منظمات لتقديم الدعم للجهاز؟
– حتى الآن لازلنا نبحث عن تمويل رغم أن بعض المنظمات أبدت استعدادها لتمويل جزء من المسح لأن المسح يعتمد على طريقتين، الأولى: هي حصر شامل لكافة الأضرار المادية والبشرية المباشرة ،والطريقة الثانية: هي المسح بالعينة، وهنا معظم المنظمات الدولية لا تهتم بقضية تدمير مبنى أو مؤسسة أو منشأة حكومية أو خاصة ولا تدعم مثل هذه المجالات إنما تبحث عن الجوانب الإنسانية، بالتالي هي مستعدة لتمويل ودعم الجزء الثاني من المسح بالعينة وهو اختيار عينة عشوائية من الأُسر ليتم إجراء بحث شامل عليها حول الأضرار الذي لحقت بها بشكل مباشر أو غير مباشر مثل (الأضرار في الدخل والإنفاق والكهرباء والمياه والسكن …إلخ)، لكن الأضرار المباشرة في المباني وتدمير المباني والمنشآت، وفي الضحايا المدنيين وغير المدنيين، فهذه يفترض أن تمولها الدولة والحكومة لأنه عمل سيادي بدرجة رئيسية، ولازلنا ننتظر التمويل اللازم لتنفيذ هذا المسح.
وحالياً يجري التباحث مع العديد من المنظمات الدولية لدعم تنفيذ حصر شامل للمباني والمساكن والأسر والمنشآت في الجمهورية اليمنية، وهذه يمكن أن تكون أكبر عملية إحصاء تتم في أثناء العدوان وهي العملية التي ستُبنى عليها آمال كبيرة في توفير بيانات حديثة وشاملة لأن آخر بيانات موجودة لدى الجهاز المركزي كانت في العام 2014م قبل العدوان وبالتالي وجود البيانات خلال العامين 2019م – 2020م يعتبر نقلة نوعية وستتوفر بيانات كثيرة لمتخذي القرار وجميع الباحثين والمهتمين إحصائياً ببيانات حديثة وفعلية وواقعية تُمثل الواقع وفقاً للمتغيرات التي تتم نتيجة العدوان سواء على الجانب الاقتصادي أو السكاني أو التنموي.
كم تتوقعون أن يصل عدد السكان في أمانة العاصمة مع النازحين لهذا العام؟
– حجم عدد السكان في أمانة العاصمة عام 2019م هو ( 3826000 )، لأن العاصمة تعتبر أكبر المحافظات الحاضنة والمستقبلة للنازحين ولحركة الهجرة من المحافظات الأخرى، ونحن الآن نقوم بعملية مسح شامل أو مسح العينة مع الإخوة في المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الانسانية ومع منظمة الهجرة والمفوضية السامية ومنظمة الأوتشا للقيام بعملية حصر للأسر النازحة والمهاجرين والعائدين و….إلخ، وسيكون لدينا بعد فترة بسيطة مؤشرات كافية بالعدد، فالعدد وفقا للإسقطات السكانية المبنية على أسس علمية باستخدام البديل المتوسط لاحتساب المواليد والوفيات وفقا لآخر تعدادات نُفذت في الجمهورية اليمنية ووفقا لمعدل النمو السنوي السائد في اليمن والذي تقريبا يصل إلى 3 % هو معدل النمو السنوي، لكن وفقا للمتغيرات التي حصلت نتيجة العدوان والحصار فإن حجم وحركة تنقل السكان أكثر بكثير مما وضع كإسقاط سكاني، والرقم المذكور تقريبي لأننا نرى أن هناك الكثير من المتغيرات خصوصاً في أمانة العاصمة، ومع ذلك بإمكاننا أن نشير إليه بشكل واضح بعد تنفيذ المسح الذي سيتم تنفيذه خلال الربع الأول من العام 2020م.
هل سيتم تنفيذ التعداد السكاني القادم في كافة محافظات الجمهورية، أم ماذا؟
– ذكرنا سابقا أن تعداد 2014م توقف بسبب الظروف ونتيجة العدوان والأزمات السياسية المتلاحقة في اليمن، لكن الجهاز المركزي للإحصاء بحكم أنه جهاز مستقل وجهاز فني بحت فلا تزال جميع مكاتب الإحصاء في جميع المحافظات تتبع الجهاز المركزي للإحصاء ولديه القدرة على الوصول إلى كافة المناطق وإجراء أي مسح أو تعداد في أي وقت، وهذه إحدى المزايا التي يتميز بها الجهاز المركزي للإحصاء، وحالياً لا يستطيع الجهاز تنفيذ تعداد سكاني نظراً للظروف الراهنة وتداعياتها على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
بخصوص الأمن الغذائي.. ما خطط الجهاز لتوفير البيانات المتعلقة بذلك؟
– يقوم الجهاز حالياً بالمشاركة مع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي وبرنامج الأغذية العالمي ويعض المنظمات الأخرى ذات العلاقة بالتحضير لتنفيذ مسح إحصائي حول الأمن الغذائي وسبل المعيشة وربما سيبدأ تنفيذه خلال الربع الأول من 2020م.
كلمتكم الأخيرة في هذا اللقاء؟
– الجهاز المركزي للإحصاء قدَّم خطة متكاملة لتنفيذ مرحلة الحصر وهي ما توصي به المنظمات الإحصائية للأمم المتحدة الدولية وفقاً للمبادئ الأساسية للإحصاءات الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة بأنه في حالات الدول التي تعاني أزمات وحروباً وكوارث يفضل أن لا ينفذ فيها تعداد شامل للسكان والمساكن، ولكن يكتفى بمرحلة تسمى مرحلة الحصر وهي كافية لتعبَّر عن المجتمع اليمني، وما نتمناه هو أن نحصل على التمويل اللازم في أقرب وقت لنستكمل بقية الإجراءات للبدء في التنفيذ.