فؤاد عبدالقادر
بعض الأفلام السينمائية مثل فقاعات الصابون سرعان ما تنتهي وتتبخر ولا يبقى أو يعلق منها في الذاكرة أي شيء ينطبق هذا ليس فقط على الأفلام السينمائية التي تنتجها شركات السينما العربية وهي بعددها أكثر من الهم على القلب، ولكن تنطبق أيضا على الأوروبية.. منها الجيدة ومنها الرديئة.
فيلم الأرض للمخرج القدير يوسف شاهين عن رواية الكاتب والمسرحي والشاعر عبدالرحمن الشرقاوي.. يعتبر ذروتها..
والواقع أنني كلما شاهدت فيلم “الأرض” وقد شاهدته لأكثر من مرة.. ترحمت على الزمن الجميل في كل شيء.. وعلى رأسها الثقافة السينمائية الفيلم انتجه نهاية الستينيات القطاع العام.. “الأرض” صورة كبيرة لما كان يعانيه الفلاح المصري قبل ثورة 23 يوليو 52م من الاستعمار وتحكم الباشوات والاقطاع في لقمة عيشه.. ثورة الفلاحين ورفضهم للظلم، محاولاتهم التمرد على ذلك الواقع الرديء الإنسان ومعدنه.. بين الإيجابي والسلبي صور تمكنت كاميرا ورؤية شاهين من الفلاحين.. الحياة الصعبة أن تكتشف جانبا تاريخيا هاما من حياة الشعب المصري.. محمد أبو سويلم الفلاح العجوز بحنكته وإيمانه بالأرض، تاريخه النضالي في ثورة 1919م.
ولعل اللقطة المعبرة والتي اختزلت كل ذلك.. ما حدث لمحمد أبو سويلم عندما سقط على الأرض جراء ضربة على الرأس من هراوة أحد الجنود المهاجمين على الفلاحين وهم يعملون لانتزاع الأرض.. وقد ربط على أحد الخيول.. وسحب لمسافة طويلة.. ركزت الكاميرا على أبو سويلم وهو يتشبث بالأرض وبقوة بينما ينساب التراب من بين أصابع كفه.. لقطات أخرى تصور امتهان كرامة الإنسان.
فيلم الأرض نموذج جميل.. لسينما جميلة لزمن أجمل في كل شيء كما أسلفنا..