تهديدات ترامب للعراق وإرادة الشعوب
عبدالله سلام الحكيمي
بغض النظر عن التهويل التهريجي للرئيس الأمريكي ترامب ضد العراق وتهديده بالويل والثبور وعظائم الأمور، دون حاجة لإيرادها هنا تفصيلا، في حالة مطالبته بإخراج القوات الأمريكية من العراق، فمن الضروري أن نذكر الحقائق الرئيسية التالية:
* ان العراق تعرض لعدوان وغزو واحتلال أمريكي وحلفاء أمريكا عام 2003 أدى إلى سقوط أكثر من مليون عراقي بين شهيد وجريح وهناك عشرات آلاف الولادات العراقية المشوهة التي لاتزال تخرج إلى الحياة حتى اليوم في حالة إعاقة مأساوية نتيجة استخدام أمريكا لأسلحة محرمة دوليا على أرض العراق لسنوات بعد عام 2003.
* ان سقوط كل ذرائع ومبررات أمريكا لغزو العراق يجعل من القوات الأمريكية منذ ذلك التاريخ قوات احتلال واستعمار بالقوة المسلحة لدولة ذات سيادة.
* ان اختراع أجهزة الاستخبارات الأمريكية لـ “فرانكشتاين” داعش في العراق وسوريا وبلدان أخرى، باعترافات كبار مسؤولي الإدارات الأمريكية وخاصة الرئيس الحالي ترامب، واستخدامه كأداة لتدمير البلدان واشاعة الفوضى والقتل فيها، يحمل أمريكا كامل تبعات ما احدثته من مآس وكوارث وخاصة في العراق.
* ان القوات الأمريكية التي انسحبت في العام 2011 انسحبت بطلب من السلطات العراقية وبموجب اتفاقية معقودة بين البلدين، وستنسحب القوات الأمريكية التي عادت إلى العراق مجددا عام 2014 بموجب اتفاقية تحت ضغط “فرانكشتاين” أمريكا داعش، وبدعاوى الحرب على الإرهاب الموظف، رغم حقيقة انتهاك امريكا لتلك الاتفاقية وخروجها تماما عن نصوصها وارتكبت اعمالا عدائية عسكرية ضد المصالح العراقية منتهكة السيادة العراقية في عدة مجالات، كما انسحبت ذات القوات من قبل، والا اعتبرت قوات احتلال عسكري أجنبي من الواجب مقاومتها وطنيا بكل السبل والوسائل.
* ان العراق هو وحده الذي يحق له المطالبة بتعويضات مالية هائلة للدمار والقتل والمآسي والكوارث التي سببتها له أمريكا لسنوات طويلة ،وكذا ايجارات القواعد والمعسكرات التي استخدمتها قواتها في العراق، اذ ليس في الاتفاقيتين اللتين وقعهما العراق مع أمريكا ما يفيد بان العراق قد قام باستئجار القوات الاميركية كمرتزقة للعمل معه مقابل اجر!
ان العراق سيجد نفسه اليوم أمام معركة قانونية ديبلوماسية عالمية طويلة وشاقة، لتثبيت سيادته واستقلاله الوطني وإخراج القوات الأمريكية من أرضه في ظروف وحقائق دولية واقليمية هي اليوم بالنسبة للعراق افضل واكثر ملاءمة مما كان عليه الحال في العام 2003ومابعده،فالولايات المتحدة لم تعد كما قبل متسيدة للموقف الدولي والأمم المتحدة، فعلى سبيل المثال ليس بمقدور أمريكا ان تنقل العراق من بعض مواد الفصل السادس الرازح تحت احكامها، لتعيده مرة أخرى إلى الخضوع لأحكام الفصل السابع، كما تهدد بذلك إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، فهناك الصين وروسيا ،وقد بينت لهما مسار الاحداث وتطوراتها، ان سوريا والعراق وايران واليمن وافغانستان والمضائق المائية في خطوط الملاحة الدولية ماهي الا محطات وقلاع لتأمين الظهر والمؤخرة وصلا إلى تخومهما، كأحد أهم الأهداف للإمبريالية الاميركية وحلفائها، في صراعها الاستراتيجي لبسط سيطرتها الاحادية على العالم!
وقبل كل ذلك وبعده واهم منه فان للعراق شعب ضارب بجذوره في اعماق التاريخ اثبت ويثبت قدرة فذة على الانتصار لحريته وسيادته وكرامته وعزته الوطنية ،وآخر من اختبر العراقيين وذاق علقم باسهم الشديد امريكا نفسها في احتلالها الاول للعراق عام 2003ومابعده،ويبدو ان ترامب لايحسن قراءة التاريخ وان احسن حساب الصفقات ،لكن التجارة وارقامها غير التاريخ وفلسفته!!