الثورة نت:
تعيش الأسيرات الفلسطينيات حياة بالغة الصعوبة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، فهناك معاناة حقيقية للأسيرات،وظروف قاسية وانتهاك لأبسط مبادئ وحقوق الانسان والمواثيق الدولية التى تكفل للأسيرات حقوقهن، حسب ما كشفت تقارير فلسطينية.
وتقبع العشرات من الفلسطينيات في سجون الاحتلال ، يتكدسن في زنازين قاتمة لا يدخلها ضوء ولا شعاع شمس، ضمن معتقلات كالقبور، صامدات خلف القضبان الحديدية، يقضين فترات اعتقالهن التي تستمر لبعضهن سنين طويلة.
وتقول التقارير الفلسطينية إنه على مدار سنوات الصراع الطويلة مع الكيان الإسرائيلي الغاصب، تعرضت أكثر من 16.000 فلسطينية (بين مسنة وقاصر) للاعتقال في سجون الاحتلال. وقد شهدت فترة الانتفاضة الفلسطينية الأولى (انتفاضة الحجارة) التي انطلقت عام 1987م، أكبر عمليات اعتقال بحق النساء الفلسطينيات؛ إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوف النساء إلى نحو 3000 فلسطينية؛ أما خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى) التي اندلعت عام 2000م، فقد وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى نحو 900 فلسطينية.
ومنذ عام 2009 وحتى مطلع عام 2012، تراجعت حدة الاعتقالات في صفوف الفلسطينيات، لتعود بشكل متصاعد مع انطلاقة الهبة الجماهيرية الفلسطينية نهاية عام 2015، وصولًا إلى المقاومة الشعبية عند إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي بوابات المسجد الأقصى المبارك في تموز/ يوليو 2017؛ ليصل عدد الأسيرات اللواتي تعرضن للاعتقال منذ بداية الهبة الجماهيرية، وحتى الأول من تشرين الأول/ اكتوبر 2017 إلى نحو 370 حالة اعتقال؛ وبلغت ذروة التصعيد في عمليات اعتقال الفلسطينيات على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ اندلاع “هبة القدس” العاصمة الأبدية لفلسطين- بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المشؤوم في السادس من كانون الأول / ديسمبر 2017؛ واستمرت خلال عام 2018 والذي شهد ارتفاعًا في وتيرة اعتقال الفلسطينيات، وخاصة المرابطات في المسجد الأقصى، لتتواصل خلال العام 2019 حيث بلغ عدد الأسيرات رهن الاعتقال حتى تاريخ 11/12/2019 نحو 49 أسيرة .
وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات، منذ لحظة اعتقالهن على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي للضرب والإهانة والسب والشتم؛ وتتصاعد عمليات التضييق عليهن حال وصولهن مراكز التحقيق؛ حيث تمارس بحقهن كافة أساليب التحقيق، سواء النفسية منها أو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع، دون مراعاة لأنوثتهن واحتياجاتهن الخاصة.
وتتحدثت تقارير أخرى عن حالة صحية مزرية،ومعاناة حقيقية للأسيرات في سجون الاحتلال ، وعن تعرض بعض الاسيرات للغرامات والعزل في ظروف تزيد من معاناتهن لسوء.
وتقوم إدارة السجون الإسرائيلية بحرمان الأسيرات من الاحتفال بالمناسبات الدينية أو الوطنية، وتمنعهن حتى من مجرد إظهار مشاعر الفرحة بالعيد.
كما يقوم الجنود بمهاجمة السجون بشكل مفاجئ وهم مدججين بأسلحتهم ويرتدون ثياب القتال، وذلك بهدف إرهاب الأسيرات وتعنيفهن وتفتيش زنازينهن بصورة يتم خلالها إتلاف الأشياء الشخصية للأسيرات ومصادرة الكثير منها.
وتقوم إدارة السجون الإسرائيلية بحظر تواصل الأسيرات مع عالمهم خارج السجون، بمنع الزيارات عنهن بذريعة أسباب أمنية، أو بعزل الأسيرات داخل الزنازين الانفرادية لشهور طويلة. وتتيح إدارة السجون الزيارة لبعض الأسيرات مرة واحدة شهرياً في بعض الأحيان، وفي معظم الأحيان مرة واحدة كل ستة أشهر للأخريات، وغالباً ما يمنعون الزيارات منعاً باتاً.
وتزداد المعاناة وتكون أشد ألماً وأقسى توجعاً عند الأسيرة الأم التي تُحرم من لمس الأبناء والأهل، وإن سُمح لها بتلقي زيارة فعادة ما تكون خلف جدار زجاجي سميك لا ترى أحداً من عائلتها عبره بوضوح، تتحدث معهم عبر سماعات يقوم السجّان بالتشويش عليها ومراقبتها، فترى الأسيرة الأم الأبناء فلذات أكبادها يكبرون بعيداً عن حضنها وحنانها الذي يفتقدونه، ولا تستطيع حتى تقبيلهم.
وتطالب الكثير من الاسيرات الفلسطينيات بالدعم الحقوقي الكافي من قبل الجمعيات المعنية بشؤون الأسيرات، فبعضهن حكم عليهن أحكام عالية جدا وظالمة فاقت كل التوقعات.والأسيرات ليس لهن إلا مطلب واحد من ابناء الشعب الفلسطيني أجمع، الحرية، ولا شيء سوى الحرية’.
لكن رغم الظروف الكارثية التي تعيش بظلها الأسيرات الفلسطينيات، إلا إنهن صامدات بإرادة وعزيمة قوية صلبة لم يستطع السجان النيل منها ببشاعة تصرفاته.
ولم تتمكن الأوضاع الصحية والمعيشية بالغة السوء التي تعاني منها الأسيرات ، ولا الإجراءات الاستفزازية والممارسات التعسفية بحقهن من كسر إرادتهن، مما أربك إدارة السجون الإسرائيلية وجعلها عاجزة أمام هذا الصمود الأسطوري للأسيرات.