بين حذاء الشهيد ورأس ترامب
عبد العزيز البغدادي
تنويه: العنوان مستفز بالتأكيد ولكني أعتقد أن أي عاقل في هذا العالم يدرك بأنه أقل استفزازاً من عملية ترامب الجبانة!
في اليوم التالي لاغتيال الشهيد المجاهد قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني والشهيد المجاهد أبو مهدي المهندس نائب قائد الحشد الشعبي في العراق قرأت لأحد المحسوبين من قيادات التقدميين الذين حضروا مؤتمر الرياض لمباركة العدوان السعودي الإماراتي الصهيو أمريكي على اليمن وطنهم المفترض والمقيم حالياً في عاصمة الضباب كما يصفها عشاقها يعتاشون على فتات ما ينهبه العدوان من وطنهم ، ويستمتعون بمشاهدة أشلاء أطفال اليمن خاصة إن كان هؤلاء الأطفال من منطقة أو طائفة معينة !، هكذا تحس وأنت تقرأ كلمات هذا التقدمي التي تقطر حقداً وشماتة فرحا بهذا الاغتيال الجبان لأن هذين القائدين الشهيدين عبرا مراراً عن استيائهما لما يقوم به تحالف العدوان الغادر على وطنهم ؛
هذا المرض الخبيث أنتج تحالف هو الأغرب من نوعه جمع بين داعش والصهيونية والرجعية العربية وبعض المحسوبين على التقدم في جبهة واحدة بل وتحت قيادة هذه الرجعية التي كشرت عن أنيابها وإظهار وجهها القبيح مع بداية العدوان على اليمن في 26 / 3/ 2015 باسم الدفاع عن الشرعية وبإشراف الشيطان الأكبر (أمريكا).
وهذا الانتقال مما يشبه السر إلى العلن لم يكن مفاجئاً لا في أدواته ولا في تحركاته التي دخلت مرحلة جديدة بعد مسرحية 11سبتمبر2001 التي كانت بمثابة حفل تدشين لما يسمى الحرب على الإرهاب التي قال بوش حينها بأنها قد بدأت ذلك اليوم ولا يعلم متى ستنتهي لتثبت الأحداث في ما بعد بصورة أوضح أن أمريكا قد بدأت حربها المفتوحة ضد شعوب المنطقة وأنها بلا أدنى شك صانع الإرهاب والفساد بكل أسمائه وتفاصيله وهي التي تديره ولا ينكر هذا إلا منافق أو شريك ، ولعل استهداف المجاهد الشهيد قاسم سليماني والمهندس اللذين كانا ، رأس حربة في قهر داعش وصاحب الدور الأساس في القضاء عليها في العراق وسوريا ، هذا الاستهداف بكل هذه الجرأة يكشف مستوى انزعاج أمريكا من افتضاح مشروعها الإرهابي الذي خططت لاستمراره طويلاً حسب تصريح الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مايكل موريل نقله موقع المسلة في بغداد في 10/3 / 2016 وجاء فيه : (بأن مشاركة الولايات المتحدة في الحرب ضد عناصر تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق قد يستمر عشرة إلى عشرين سنة ) وفي هذا الاتجاه تأتي تحركات القوات الأمريكية دائماً لحماية داعش ومن قبلها القاعدة باستهداف من يلاحقهما وتعمل على تزويدهما بالمعدات من أقرب القواعد إلى أقرب مواقعهما وتغطية ذلك غالباً باستهداف المدنيين سواء في اليمن أو العراق أو سوريا مدعية أنه كان خطأً وهو عمل إرهابي ممنهج ومنظم ، ولأن الأنظمة في كثير من البلدان تقع تحت هيمنة هذه الاستخبارات فقد تم إخلاء مواقع بعض الوحدات العسكرية في مناطق كثيرة في اليمن مثلاً وتسليمها للقاعدة أو داعش والنصرة ومختلف التنظيمات في حضرموت والبيضاء وغيرهما ، وحين بدأت الحرب الجادة على الإرهاب ، بدأت المخابرات الأمريكية بإعادة خلط الأوراق ومحاولة غسل دورها القذر في صناعة الإرهاب وتوجيهه باتجاه ضرب الاستقرار في المنطقة وتجديد آليات تحركها لتستمر أسباب ومبررات التدخل باسم محاربة الإرهاب.
لقد مثل الشهيدان عنوانين بارزين من عناوين المكافحة الجادة للإرهاب وفضح المشاريع الأمريكية في المنطقة وبدأت هذه المعركة الحقيقية تؤتي ثمارها ما يعني انتهاء الهدف المعلن للوجود العسكري الأمريكي الذي يخفي الهدف الحقيقي وهو نهب خيرات المنطقة وثرواتها .
لهذا فإن من هلل لهذه العملية الجبانة بلا كرامة ولا شرف وعليه ألا يفرح لأن الجهاد رسالة يحملها أبطال يسعون للشهادة ويتلقفها أبطال شعارهم قوله تعالى:
(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).
إلى مهرولي التطبيع: لستم من تحتاج إليهم الأمة فالتحالف بين إيران والعراق واليمن وسوريا لو وجد كفيل بإخراج القوات الأمريكية من المنطقة وهي البداية لاستعادة شرف الأمة وكرامتها .
وإلى من يدعي التقدمية وهو في صف الصهيونية والرجعية: ليس من الصعب على من يريد التمييز بين حذاء الشهيد ورأس ترامب ولا قيمة لأي إنسان بلا موقف إنساني وأي شريف حر التفكير يدرك بأن الشهيدين وكل من حارب الإرهاب بشجاعة وصدق ليس مناطقياً ولا مذهبياً في آفاق تفكيره مهما كان منطلقه وليس لصاً ولا فاسداً أو قاتلاً وإنما مقاتل بشرف سعى لحماية الجميع من الجماعات التي شوهت صورة الإسلام .
ومن فرحوا بقيام أمريكا باستهداف خصومهم إنما هم عجزة بل أموات وإن بدا أنهم على قيد الحياة أما الشهداء فهم أحياءٌ عند ربهم يرزقون وعليهم سلام الله رغم أنف أمريكا التي حان موعد مغادرتها المنطقة فالشرعية للشعوب والمقاومة وليس للمعتدين والقتلة واللصوص.
درب الشهادة مزهرٌ
روح الشهيد تعانق الأرواح
قبحت يا رمز المذلة والمهانة والغرور
البون شاسع بين عقائد الموتى وأحلام الشهيدْ