الحوار.. وضمانات النجاح!! 

يترقب الشارع اليمني قيام الأحزاب الموقعة على اتفاق “17 يوليو” خلال الساعات – وربما الأيام- القليلة القادمة بالانتقال إلى الخطوات التنفيذية لبنود ذلك الاتفاق والذي يتكئ على نقطتين جوهريتين:
الأولى تنفيذ “اتفاق فبراير 2009م” والثانية الاحتكام إلى الحوار الشامل والمسئول لحل الخلافات والتوافق على الحلول والمعالجات للقضايا التي تهم الوطن¡ وبما يفضي إلى شراكة حقيقية بين مختلف ألوان الطيف السياسي¡ تسهم في تحقيق التقارب وتعزيز الثقة والتفاهم وتعميق روح الصفاء والمحبة والوئام¡ وتعمل على الارتقاء بالواقع السياسي والممارسة الديمقراطية ودور المصفوفة الحزبية في ميادين البناء والتنمية والتقدم بالوطن نحو غاياته المنشودة.
وما يأمله كل مواطن من طرفي الحوار: المؤتمر الشعبي العام¡ وأحزاب اللقاء المشترك هو استشعارهما لحساسية الظروف التي يمر بها الوطن والتحديات التي تجابهه في الوقت الراهن¡ الأمر الذي يستدعي منهما أن يجعلا من الحوار أساسا◌ٍ لجمع الكلمة وتوحيد الصف وتقوية تماسك الجبهة الداخلية وتعميق قيم الولاء للوطن وتغليب مصالحه العليا وأمنه واستقراره على أية مصالح أخرى.
بل لابد وأن يدرك الجميع أن تجاوز كل تلك التحديات مرهون بمدى استيعاب هذه الأحزاب لضرورات التوافق¡ وحرصها على إنجاح الحوار واكسابه طابع الجدية¡ وذلك لن يتأتى إلاø من خلال النأي بالحوار عن مؤثرات النزق السياسي والأطروحات التصادمية والنوايا المبيتة التي تؤدي إلى إهدار الوقت والجهود في جدل بيزنطي على شاكلة “أيهما كان الأسبق.. البيضة أم الدجاجة¿”!!.
ونعتقد أن من أهم ضمانات النجاح لهذا الحوار طي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة تسمو فوق الصغائر والأهواء والحسابات الضيقة والأنانية. ولا نظن أن أحدا◌ٍ من طرفي الحوار تغيب عنه حقيقة أنه لا مجال قطعيا◌ٍ لخيار آخر غير خيار التوافق والمضي سويا◌ٍ في خوض غمار الاستحقاق الديمقراطي القادم المتمثل بالانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في الـ27 من ابريل 2011م. خاصة وأنه يصعب حد الاستحالة تأجيل ذلك الاستحقاق الدستوري أو التملص من موعده تحت أي مبرر من المبررات.
وما يبعث على التفاؤل فعلا◌ٍ هذه المرة¡ هو أن طرفي الحوار قد تعززت لديهما القناعة الأكيدة بأن لابديل عن الحوار والخروج بتوافق حول مجمل القضايا وهو ما يوحي به اتفاقهما في الـ17 من يوليو الجاري والذي لم يكن اتفاقا◌ٍ تكتيكيا◌ٍ أو لمجرد المجاملة وتنفيس الاحتقان السياسي¡ بل أن العكس هو الصحيح¡ فقد جاء ذلك الاتفاق كحصيلة طبيعية لتلك القناعة التي عكست وعي الجميع بمخاطر استمرار الاحتقان السياسي في الساحة الوطنية على حاضر ومستقبل اليمن ومسارات التجربة الديمقراطية وحالة الأمن والاستقرار¡ واستيعاب “المؤتمر” و”المشترك” أن السلطة والمعارضة وجميع من في هذا الوطن في سفينة واحدة وعليهم كما قال فخامة الرئيس علي عبدالله صالح أن يبحروا سويا◌ٍ بهذه السفينة إلى بر الأمان وأن يحافظوا عليها من كل الأنواء والأعاصير والأمواج المتلاطمة وأن يصلوا بها إلى غاياتها المنشودة.
وما من شك أن هذا الحالة من الوعي والنضج تشيع أجواء◌ٍ من الاطمئنان لدى الشارع اليمني حيال ما يتصل باستشعار طرفي الحوار لمسئولياتهما الوطنية في هذه المرحلة التي يواجه فيها الوطن معركة شرسة مع الإرهاب وعناصره المتطرفة من تنظيم “القاعدة” التي برهنت العديد من المؤشرات أن هذا التنظيم الإرهابي والإجرامي قد وضع من بين أهدافه تحويل الساحة اليمنية إلى ساحة لتصفية حساباته مع بعض القوى الإقليمية والدولية مستغلا◌ٍ الظروف الاقتصادية التي تمر بها بلادنا لتمرير مخططاته العدوانية¡ انطلاقا◌ٍ من محاولاته زعزعة الأمن والاستقرار وضرب البنية الأساسية واستهداف المنشآت الاقتصادية وإثارة المخاوف لدى الأفواج السياحية والتأثير على تدفق الاستثمارات إلى اليمن.
ومعركتنا في اليمن مع تنظيم “القاعدة” الإرهابي لا يمكن فصلها عن مخططات التفتيت التي تواجه أكثر من قطر عربي¡ وهناك العديد من الشواهد التي يمكن الاستفادة من دروسها واكتشاف مراميها وأهدافها المشبوهة. والواجب الاتعاظ من كل ذلك والفهم العميق أن هذا الوطن أمانة في أعناقنا وعلينا أن نكون في مستوى هذه الأمانة.

قد يعجبك ايضا