لرجال اللّه.. مرابطون وأسرى ومنهم عون اللّه وصلاح

أشواق مهدي دومان
سأعتذر لرجال اللّه فقد أقدمتُ على الشّكوى من هذا البرد وكأس الشّاي ساخنا في يدي أرتشفه وأنا أستمع إلى أغنية لفيروز عن الشّتاء..
سأعتذر لهم ،فكلّما شعرت بالبرد اختبأت تحت الملابس الشّتويّة الثّقيلة ، وتناولت ما لذّ وطاب من الأكل لرفع سعرات الجسد ، وحثّ الطّاقة لمقاومة هذا الذي يباغتنا مأمورا لا يردّ للّه أمرا..
سأعتذر لهم ،وهم يفترشون تراب الأرض ويلتحفون السّماء التي تنسكب قبلاتها على جباههم الطّاهرة قطرات من النّدى أو طلّاً..
سأعتذر لهم، وكفاني من الدّفء مَن أحبّهم ، وأدري أنّي حين ألتذّ بحنان أسرتي أنّ رجال اللّه فضّلوا سبيل اللّه فالتذّوا واستشعروا اللّه في أرواحهم فأمدّهم بحنان منه ورحمة ، ودفء ولطف ، وحبّ وودّ ، وكيف لا وقد تركوا ملذّات الحياة واختاروا الهجرة إليه قتالا في سبيله ؛ لتكون كلمته هي العليا ،،
رجال اللّه .. أشعر بأنّكم تنعمون بمحبّة اللّه ما أغناكم عن آبائكم وأمهاتكم وأزواجكم وأموالكم وبنيكم وفصائلكم التي كانت تأويكم..
أؤمن بأنّكم أوفر حظّا منّي حين عشقت دربكم وتمنّيت أن أكون بينكم ولو حتّى “أكسجيناً” يتردّد بين رئاتكم فأحضر الإيمان درسا في محاريب أرواحكم ، وأستظلّ بدوحات ثقتكم باللّه ، وأرتوي من نبع صمودكم وشموخكم لو يوما كسرتني الأيام ، وجار الدّهر ،فأنتم أجمل وأسمى فرحة للرّوح..
أولم تنتصروا للمقهورين ؟
أولم تخنع تحت أقدامكم الحافية فخر صناعات المحتلين ؟
أولم تضمّدوا جراح من عذّبكم في سجونه، فدارت عليه الأيام وغدا أسيرا لديكم فعفوتم وعانقتم روحه فاندحر التّكفير من صدره ، وخجلت نظراته من أن ترتفع إلى أعينكم ..
فهذا (عون اللّه ) مثال لسماحة خلق القرآن ، و(عون اللّه ) غدا عونا للحبّ المكنون..
رجال اللّه .. أولم تجرحني دمعات ( صلاح ) ؟؟!
مَن عاد من الأسرِ فما وجد الأمّ ؟
ألم تشعل دمعتُه في الرّوح حرائق دون دخان ؟
ألم تقتلني دمعتك (صلاح) يا أسد اللّه ، فلا تحزن .. لا تألم يا نزفاً في الرّوح ، وعبقاً من عشق مكتوم ..
أولستُ من البشر أم كنتُ من الأصنام ، فأرى دمعة ليث ولا ترميني دمعته بين قفراء الحزن بكلّ جنون ؟
أولستُ أراكَ بعيني أمّك.. أولا تحسبني أمّك ، فأنا لو لم أدعَ أمّاً من قبل لتمنّيت أنّك ولدي المنتصر الليث الضّرغام..
وقد استودعتك _ صلاح _ ربّي ،فيا ربّ شفاء لصلاح ابني ، تثبياً للقلب الأطهر ، واطمئناناً ، وسكينة ، راحة بال ، فرحاً يا اللّه ،فرجالك هم خيرة خلقك، فسعادة تغمرهم دون هموم ؟!
نزعاً يا اللّه للألم وللحزن من أرواحهم .. فلا كُتْب لهم ( بعد اليوم ) القهر ، وقد قَهَروا بثباتهمُ السّجانين وعادوا أحرارا منتصرين ..
ويا روحي.. يكفيكِ بوحاً ، فلو امتلأت بكتابتك الأرض..لو امتلأ بكِ فضاء اللّه المزيون ..
لو اكتحلت عين الشّمس وقمر الليل وصادقكِ الغيث ، ونافستِ كلّ نجوم..
لن تفي حروفكِ ما كتبته في أسمى البشر ، مَن خيّب صبرُهم ثبات جبال الكون ، وعاد الصبّر بصبرهم مفتون ..
فتوقف يا حرفي المتشعّب عشقا بين سجايا الأبطال ، فستقضي نحبك لن تصل إلى مجدهم بل ستبيت أسيرا بهم ولهم ممنون .

قد يعجبك ايضا