انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.. من المسؤول عن الإفلات من العقاب؟

عبدالرحمن علي الزبيب
تتفاقم أوضاع حقوق الإنسان في اليمن وتتدهور بشكل مريع في جميع المحافظات والمناطق، وبحسب التقارير الصادرة من الجهات الرسمية أو من منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني نلاحظ ارتفاع انتهاكات حقوق الإنسان وسقوط ضحايا جدد كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة.
وأكبر انتهاك لحقوق الإنسان حرب العدوان المنفلتة من ضوابط القانون الدولي الإنساني، تلك الحرب التي تستهدف المدنيين والمنشآت المدنية والطرق والمستشفيات والمدارس، وجميع المنشآت المدنية تحت القصف والتدمير.
حضرنا قبل أيام مضت مؤتمراً صحفياً لإعلان تقرير وضع حقوق الإنسان في اليمن وطالعنا احصائيات مهولة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، فطالبنا وطالب الجميع بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في تلك الاحصائيات والتحقيق في جميع وقائع انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لعلها توقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتمنع إفلات المنتهكين من العقاب وتحافظ على حقوق الضحايا من الضياع.
وبالرغم من الأعداد المهولة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن خلال هذا العام 2019م والذي يعتبر عاماً أسود كئيباً على الشعب اليمني لكثرة الضحايا من المدنيين والأطفال والنساء والمنشآت المدنية التي تم تدميرها والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.. ولكن ؟
نؤكد أن هذه الأرقام المهولة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ليست إلا جزءاً بسيطاً من الكارثة التي تعاني منها اليمن، فكل ضحية تم رصدها في التقارير خلفها على الاقل عشر ضحايا أخرى لم يتم رصدها إما بسبب قصور آليات الرصد والتوثيق أو لأي أسباب أخرى بمعنى أن الكارثة الحقيقية لانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن – على الأقل – أنها أكثر من أرقام الاحصائيات المنشورة بعشرة أضعاف.
بينما الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر ومجلس حقوق الإنسان صامتون تماماً وعاجزون عن تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في جميع وقائع انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن.
يطالب الشعب اليمني باستمرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان في جميع محافظات ومناطق اليمن لعلها تكبح جماح حرب العدوان المجنونة والانتهاكات المسعورة لحقوق الإنسان.
للأسف الشديد ان الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر وكافة المنظومات الحقوقية والإنسانية العالمية فاشلة في القيام بواجباتها القانونية والإنسانية وعاجزة حتى عن تشكيل لجنة تحقيق مستقله للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان على الاقل ليعرف ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان من الذي انتهك حقوقهم و كرامتهم الإنسانية ويحلمون بأن يتم التحقيق ومحاكمة جميع من انتهكوا حقوقهم بلا تمييز ولا استثناء وأن لا يفلتوا من العقاب.
الشعب اليمني يعرف من ينتهك حقوقه الإنسانية.. الشعب اليمني يعرف أن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر هي المسؤول الاول عن استمرارية انتهاكات حقوق الإنسان والمحفز لاستمرارية تدهور حقوق الإنسان في اليمن بعجزها وفشلها في تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة.
للأسف الشديد تكتفي الأمم المتحدة بتشكيل لجان خبراء خارج اليمن يقيمون في فنادق سياحية فاخره ليشاهدوا كارثة انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن ليتم تجميعها من وسائل الاعلام وإصدار تقارير بها بعد مناقشتها في شاليهات فاخرة أو على سفن سياحية مجهزة بكافة أنواع الفخامة بالإضافة الى مصروفات ونفقات مالية باهظة يتم دفعها للجان الخبراء ومصاريف باهظة لتنقلات سياحية الى اليمن كل فترة وأخرى لالتقاط بعض الصور التذكارية على خلفية أشلاء أطفال ونساء اليمن وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ليتم ضم تلك الصور التذكارية للتقرير، ليتم في نهاية العام وقبل انتهاء قرار تكليف لجان الخبراء من مجلس حقوق الإنسان للضغط على المجلس لاصدار قرار تمديد للجان الخبراء ليستمروا في جولاتهم السياحية دون أي إجراءات لإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان ويتم تخصيص جزء من تقرير لجنة الخبراء لمجلس الأمن الدولي كتقرير سري ممنوع نشره يتضمن اسماء الاشخاص والجهات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان ليس من أجل إحالتهم للتحقيق والمحاكمة بل ليستمر هذا الملف السري جداً وقد يتم نشره بعد انتهاء الحرب بسنوات طويلة وبعد أن يغادر المنتهكون لحقوق الإنسان الحياة ليتم بناء نُصب تذكاري لهم ويتم في الأخير إغلاق ملف انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن لوفاة الفاعل.
لماذا لا يتم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن ؟!
من المعرقل لتشكيل لجنة التحقيق المستقلة، ولماذا ؟!
لماذا لا يتم تقييم اداء لجان الخبراء وتقييم مخرجاتها ؟
لماذا لا يتم تنفيذ مخرجات تقارير لجان الخبراء قبل إصدار قرارات بتمديد عملها ؟
وفي الأخير :
نعبِّر عن شجبنا واستنكارنا للدور الضعيف للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر وجميع المنظومات القانونية والحقوقية والإنسانية العالمية في الوقت الذي يسقط فيه الكثير من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن بسبب ضعف الاجراءات القانونية الرادعة لإيقاف استمرار انفلات حرب العدوان وانتهاكات حقوق الإنسان، ولن تتوقف تلك الانتهاكات ربما إلا بإجراءات عاجلة أهمها تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتحقيق في جميع انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن واستكمال الاجراءات القانونية في جميع الانتهاكات لإنصاف الضحايا وردع المنتهكين وذلك لن يتحقق إلا بضمان عدم افلات منتهكي حقوق الإنسان من العقاب العادل والمنصف عبر اجراءات قانونية وقضائية شفافة ونزيهة يحتكم الجميع فيها بثقة ومصداقية كاملة لتحقيق الانصاف للضحايا والعدالة للجميع.
لا يكفي اصدار التقارير والاحصائيات بحجم الضحايا المهول وجسامة انتهاكات حقوق الإنسان يجب أن تبدأ إجراءات قانونية حقيقية وعادلة لكبح جماح انتهاكات حقوق الإنسان والحد من استمرارها وتفاقمها.
اولى الخطوات باتجاه ذلك اذا كانت هناك إرادة حقيقية هي كشف غطاء السرية عن تقارير لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة وخصوصاً اسماء وبيانات المتهمين في انتهاكات حقوق الإنسان واحالة الملف للعدالة.
تتلوها خطوة إيقاف التمديد للجان خبراء الأمم المتحدة واستبدالها بلجنة تحقيق دولية ومستقلة ذات صلاحيات كاملة للتحقيق في جميع وقائع انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن بلا تمييز ولا استثناء لعل منتهكي حقوق الإنسان يتوقفون عن الايغال في دماء وكرامة الإنسان اليمني خوفاً من التحقيق معهم عبر تلك اللجان.
وهذا لا يعني افلاتهم من العقاب إزاء الجرائم والانتهاكات التي ارتكبوها قبل تشكيل لجنة التحقيق المستقلة فانتهاكات حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم وستظل تلاحق مرتكبيها ولن يفلتوا من العقاب، فالعدالة مهما تأخرت ستأتي لتنصف الضحايا وتعاقب منتهكي حقوق الإنسان.
ورغم كل ذلك سنظل وسيستمر الشعب اليمني يطالب باستمرار ويبحث عن جواب التساؤل الكبير المعروفة إجابته لدى الجميع عن منتهكي حقوق الإنسان في اليمن ومن المسؤول عن إفلاتهم من العقاب ؟
law771553482@yahoo.com

قد يعجبك ايضا