عن قمة كوالالمبور
أحمد يحيى الديلمي
لماذا نجحت قمة كوالالمبور الإسلامية المصغرة ؟
السؤال السابق يراود ذهنية الكثير من المسلمين المتطلعين إلى وجود إرادة إسلامية ذاتيه متحررة من التبعية ، وكل المخاوف باتت تحيط بالإسلام من كل جانب خاصة تهمة رعاية وتبني الإرهاب ، مع أن الإجابة بسيطة جدا فلقد جاء النجاح عندما وجد العزم من قبل الدولة الداعية والمضيفة للقمة ممثلة في الدكتور محاضير محمد رئيس وزراء ماليزيا (أكرر محاضير محمد لتعريف من لا يعرف بأن هذا هو اسم الرجل وهو تيمناً ببيت المحضار، وهذا للإفادة فقط).
أقول إن الرجل مثَّل ظاهرة ايجابية هامة توفرت معها عوامل النجاح لهذه القمة نتيجة غياب الدولة الراعية للإرهاب بشكل حقيقي وهي السعودية التي تبنت الجماعات الإرهابية في وقت مبكر ومدتها بالمال والزاد الفكري ونسبت العمل إلى الإسلام، فكانت الكارثة التي وظفها الآخرون للقدح في الإسلام ومحاولة النيل منه.. المهم أن السعودية لم تكتف بالمقاطعة لكنها سعت إلى منع الآخرين من الحضور بالذات أكبر دولتين إسلاميتين في جنوب شرق آسيا هما باكستان واندونيسيا، حيث وجهت تهديدات إلى كل دولة بحسب المصالح التي تربطها بها، وهنا يكمن الترف الفكري والمادي الذي توظفه السعودية دائما لاستهداف كيان الإسلام ومحاولة هدمه من داخله ، ومعاقبة أي دولة كلما أقتضى الأمر ذلك ، مع ذلك فإن قمة كوالالمبور ستمثل نقطة الانطلاق الأولى للارتقاء بأداء منظمة التعاون الإسلامي إلى مستوى طموحات المسلمين في جميع أنحاء العالم ، والتمهيد لجمع كلمة التابعين لهذا الدين العظيم ، بعد أن ظلت منذ تأسست حبيسة التوظيف السعودي المشين الذي جعلها تسير في فلك الفكر المتطرف والمنغلق على ذاته.
ورغم أن بيان القمة خلا من توجيه أي اتهام لأحد إلا أنه ركز على رسم معالم المستقبل وفق أُسس سليمة اهتمت بتطوير استراتيجية التعليم في العالم الإسلامي ليكون وفق منهجية ذاتية تعبِّر عن روح الإسلام وهويته وتستوعب ملامح الحضارة الجديدة بأفقها الواسع كي لا يُتهم الإسلام بالتخلف عن ركب التطور والحداثة ، وهي رؤية هامة سبق أن نجحت في ماليزيا الدولة المضيفة وساعدت الشعب الماليزي على النماء والتطور والارتقاء إلى مصاف الدول المتقدمة ، وهذا هو مبعث التفاؤل بهذه القمة المصغرة والنتائج التي تمخضت عنها لأنها تجاوزت الأُطر التقليدية التي حاولت السعودية سجن المنظمة فيها خلال عقدين من الزمن بحيث تحولت إلى أداة لقمع ومحاسبة من يعارض سياسة نظام آل سعود فكانت بالفعل أداة طيعة ، لأن كل أمين عام يعرف جيداً أن مخالفته إرادة السعودية تعنى الإطاحة به وتعيين آخر غيره، وهذا هو المدخل الهام الذي يؤكد أن المنظمة بعد هذه القمة ستخرج من الدائرة الضيقة وتتحول إلى إطار عام يترجم إرادة كل المسلمين، وهذا ما نأمله من الدورة التالية لهذه القمة وفق ما أفصح عنه محاضير محمد .. نـأمل ذلك كي تصبح المنظمة صوتاً للإسلام والمسلمين بالفعل لا مجرد إطار للتباكي وتنكيس الأعلام .. والله من وراء القصد.