الطفل خليل حاشد أحد مرضى الفشل الكلوي ممنوع من السفر للعلاج..

 

الثورة / يحيى قاسم المدار
في العاصمة صنعاء حيث تختفي مع صخب الحياة وضجة الحياة مئات القصص المؤلمة أبطالها مرضى ألقت بهم الحياة إلى العيش مع الآلام والأوجاع.. مستشفيات العاصمة تفتقد إلى أدنى ما ينقذ الحياة لا يتوفر فيها إلا قليل من المضادات الحيوية وبعض الإسعافات الأولية بسبب العدوان وحصاره الذي أضر بكل ما في الحياة من فرح وبقية حياة وأمل بسيط للصغار والأطفال، وزرع الأرض أوجاعا وآلاما وملأ السماء اليمنية بصوت الطيران المفزعة، والأجواء بضجيج صواريخه وقنابله المتفجرة وزرع الخوف والموت في الأرجاء..
خلال خمس سنوات من القتل باستخدام أنواع الأسلحة المحرمة التي فتكت باليمنيين وسببت أكبر كارثة إنسانية على وجه البسيطة باعتراف المنظمات الإنسانية ومنها الأمم المتحدة نفسها، يحاول اليمنيون الوقوف برغم الأوجاع والآلام لكن بقاء الحصار والعدوان المفروض على الوطن يزيد من تدهور الحياة والعيش وتسوء معهما حياة المرضى والجرحى الذين يعانون الأمرّين دون رحمة من كل مدعي الإنسانية والحقوق..
هنا في العاصمة صنعاء ألقت الحياة بأكثر من خمسين مريضا يعانون من أمراض مستعصية مزمنة ناشدوا العالم قبل أشهر لإسعافهم إلى الخارج للعلاج فوعدتهم منظمة الصحة العالمية بالسفر بعد توقيع جسر طبي للحالات الإنسانية الأكثر صعوبة والتي لا يمكن علاجها في اليمن، لكن ذلك لم يكن مسموحا عند تحالف الشر والعدوان الإجرامي الذي تخلى عن كافة القيم والأخلاق، فعادوا إلى منازلهم، ثم دعوا مرة أخرى وعادوا إلى بيوتهم في قراهم، ثم دعتهم تلك المنظمة للسفر فجاءوا يحملون الألم والأمل في الخروج والسفر خارج البلاد للعلاج، لكن المفاجأة لهم بعدم السفر لرفض دول تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات، جلسوا بما يحملون في صنعاء علهم يحظون بالسفر في أي وقت تسمح ضمائر من فقدوها من دول تحالف العدوان، وهنا التقينا بعدد من أولئك المرضى الذين تسوء أحوالهم يوما بعد آخر ويموت منهم من بلغ المرض غايته، التقينا بالطفل خليل حاشد سيلان من أبناء مديرية خمر بمحافظة عمران طفل في الثانية عشرة من عمره يعاني من مرض الفشل الكلوي في كليته الوحيدة بجسمه كما يؤكد والده من خلال الفحوص التي أجراها له في العام 2014م قبل أن يقطع الفحوصات العدوان، يتحدث إلينا الطفل خليل حاشد ودموعه تنهمل منه حسرة ووجعا وما يعانيه أشد ألما، تزداد حالته النفسية والجسدية تدهورا ويفقد هو وأهله الأمل في النجاة بعد وعود إحدى منظمة الصحة بإخراجه للعلاج وامتناع دول تحالف العدوان بفتح مطار صنعاء لإخراجه وعشرات آلاف المرضى الذين يموتون يوميا جراء الحصار المفروض على اليمن، يقول – وفي حشاه حشرجة الوجع: طلعت صنعاء من أجل أن يسفرونا للخارج بعد ما وعدتنا المنظمة إن احنا نسافر للعلاج في الخارج ولما جينا إلى صنعاء قالت المنظمة إن العدوان مارضيوا يخلونا نسافر لأنهم رفضوا يفتحوا مطار صنعاء، وبعدين قالوا لنا نجلس هنية في صنعاء لما يوجدوا لنا حل واحنا جالسين أمامك، سألناه عن معاناته مع المرض؟ أجاب: والله إني مريض وأتعب قوي أشتي أمشي وأسير هنا وهناك ولكني أتعب، نفسي أسبح بين الماء ما أقدرش، ويضيف: والله إني سبحت في المسبح وبعدين مرضت وجعني قلبي وبطني ورأسي وبعدين أبي خسر عليَّ ثلاثمائة ألف ريال من جيبه لأجل يعالجني، وأنا عادني مريض من الوجع..
وعن حياته في البلاد أجاب الطفل خليل حاشد: كنت في البلاد أدرس درست أول وثاني، كنت أدرس وبعدين يحملوني الأطفال فوق ويروحوني البيت وتعبت قوي، تعبت من أرجلي ومن أيديي وبعدين أبي أسعفني إلى المستشفى فقالوا له إن فيني (فشل كلوي) ومن بعدها بدأت أتعب ومعي يتعب والدي في الذهاب إلى المستشفيات وفعلت أكثر من ثمان عمليات من أجل الكلية، لأنهم قالوا ما بش معي إلا كلية واحدة وهذه الكلية الوحيدة في جسمي مريضة فيها فشل.. ثم يدنو برأسه إلى الأسفل مستذكرا وجعه وألمه..
يحاول الطفل خليل حاشد أن يبتسم ويضحك يتمنى أن ينعم بحياة الطفولة التي فقدها بمرضه، يحلم بالعودة إلى المدرسة لإكمال الدراسة واللعب مع أقرانه بعد أن أبعدته عنهم آلامه وأوجاعه وأكثر من ثماني عمليات جراحية أجريت له في عدد من المستشفيات، ومع كل ذلك فقد أمه منذ الصغر ويعيش مع والده وجدته، جدته هذه هي من استعدت لأن تعطي هذا الطفل كليتها بعد أن تم مطابقتها لنفس المواصفات المطلوبة لجسده الصغير..
يستمر الطفل خليل بالحديث إلينا بكل عفوية قائلا: قبل قبل أمس جاءت المنظمة وقلت لها بدكم تخرجونا خرجونا للعلاج وإذا بدكم أن تموتونا موتونا خلاص أنا تعبت المقبرة فساح، ومرة قلت لأبي واحنا بنتعشى سوى يأبه والله إني تعبت إقبرني وبس والله القبر أحسن من هذا التعب والوجع..
يختتم خليل حديثه بمناشدة الطفل الموجوع: يا منعاه يا منعاه خرجونا من هنيه نشتي نسافر نتعالج افتحوا مطار صنعاء، ما باقي معاكم إنسانية وما بقي فيكم خير..
حاولنا الحديث مع والده حاشد سيلان فكان الحديث بمرارة وغصة حاول كفكفة دموعه وإخفاء أحزانه البادية على وجهة، كل ما يتمناه رؤية ولده كبقية أطفال العالم سليما معافا فقد عمله وباع كل ممتلكاته من أجل إنقاذ فلذة كبده يقف معه للتخفيف من أوجاعه يناشد الجميع الوقوف معه لإخراجه من اليمن لمعالجة ولده، يقول: حرقة حرقة عندما تشوف فلذة كبدك يموت أمامك ولا تستطيع فعل شيء ولا تستطيع أن تفعل له شيئا والله إني بعت كل ما معي السيارة والسلاح وكل ما أملك من أجل أشوف ولدي حيا يلعب ويضحك ويتمتع بالحياة مثل بقية الأطفال ولدي تتدهور حالته مع بقائنا دون علاج في الخارج..
ويضيف: كان معي حوالى أربعمائة دولار قلنا نخليها للسفر إذا خرجنا للعلاج لكن مع الحلبطة هنية في صنعاء بسبب إغلاق المطار وجلوسنا في صنعاء أكلنا الزلط وذلحين ما عاد باقي معانا شيء، حرام ما يجوز هذا الذي بيسووه بنا ما فعلنا بهم، ثم يقول: أمانة إن أهل البلاد والناس جزاهم الله خير قد فرقوا لنا معونات ومساعدات لوما قد أنا مستحي منهم وهم كارهين لي من كثر ما قد ساعدوني في العلاج والعمليات من أجل أنقذ حياة ابني خليل، وذلحين إحنا نناشد العالم وكل المنظمات الإنسانية وكل من يدعي حقوق الإنسان أن يفتحوا لنا مطار صنعاء نخرج نتعالج نناشدهم بكل لغات العالم إذا كان باقي لديهم ذرة من إنسانية وأخلاق..
ذهبنا وصوت مناشدته ومناشدة طفله تقرع مسامعنا وتدق ناقوس الخطر منذرة بما هو أسوأ للطفل خليل إذا لم تجنح دول تحالف العدوان لنداء الإنسانية وحقوق شعب يموت أطفاله جراء الحصار والعدوان..
الطفل خليل حاشد واحد من عشرات المرضى من مختلف محافظات الجمهورية يقطنون حاليا العاصمة صنعاء بعد أن وعدوا بالسفر إلى الخارج لتلقي العلاج لكنهم اصطدموا بوعود الخيبة من تحالف تخلى عن كافة القيم الأخلاقية والإنسانية فضلا عن الإسلامية والعربية، ولنا مع بعضهم لقاء إن شاء الله وقصة مريض يتسابق مع الموت في كل لحظة تمر من عمره مع بقائه دون علاج..

قد يعجبك ايضا