شكري الحذيفي
تنتصر الرياضة حين تواجهها السياسة.. رغم تفوق الأخيرة في التكتيك والأحابيل والدهاء..
نهائي كأس خليجي 24 في الدوحة يستحق أن يطلق عليه خليجي السلام وعودة الوئام بين الأشقاء..
التأهل المزدوج للأحمر البحريني على حساب أسود الرافدين وتفوق الأخضر السعودي بالخلطة الإيطالية على منتخب أصحاب الدار العنابي بطل آسيا بهدف الحمدان كسر كل التوقعات.. وصار النهائي يجمع منتخبين لدولتين من ثلاث دول أعلنت قطع علاقاتها “السياسية” مع قطر..
خسرت قطر التأهل وربحت عودة الكُل للمشاركة حيث أن التأهل للنهائي وضع الدولتين – أعني السعودية والبحرين – في حيرة بعد مشاركتهما الاستدراكية في كأس الخليج على أراضي الدوحة..
والسؤال الذي تشكل مع نهاية صافرتي المباراتين الثالثة عشرة والرابعة عشرة من خليجي 24 في قطر: كيف سيكون شكل هذا النهائي..؟!
هل سيكتفي جمهور المنتخبين طرفي النهائي بالمتابعة عبر قناتي بي إن سبورت أو الدوري والكأس أو قناتيهما الرياضيتين أم سيضغطان على حكومتيهما ليتعاملا مع مطالب الجماهير الرياضية لكليهما بالنظرة الرياضية وجعل كلمة الرياضة هي العليا لمساندة منتخبيهما ولو كانت المباراة في بلد محاصر بقرار سياسي.. وتمت قطيعته..؟!
يقيني أن البحرين التي منحت جماهير الرياضة طائرتين لمؤازرة منتخبها أمام العراق قد بدأت بكسر الحصار.. وسيزداد نهمها بعد تأهل منتخبها على حساب أحد المرشحين لحصد اللقب وهو المنتخب العراقي فالبحرين تتوق لتحقيق منتخبها أول بطولة خليجية .. فهو منذ انطلاقها في المنامة مطلع السبعينيات لم يحرز أي لقب خليجي.. وسيكون متاحا للبحرينيين الاحتفال بتحقيق لقب تأخر موعده..
وبالمقابل فإن السعودية رغم امتلاكها بطولة خليجي عدة مرات إلا أن هذه البطولة ستكون فريدة إذ قياسا على ظروف الاستضافة والأجواء المشحونة سياسيا فإن الأخضر السعودي تمكن من تخطي الكبوة أمام الازرق الكويتي واستعاد التوازن بالفوز على البحرين وعمان على التوالي ومن ثم تجاوز الدعم القطري وهو كان فاقدا للمؤازرة الجماهيرية ..وباعتبار المباراة هي الأخيرة والحاسمة فإن الضوء الأخضر سيعطى للجماهير التي تريد مساندة منتخب بلادها لتتوجه إلى ملعب استاد خليفة الدولي لتقف خلف منتخب بلادها كي يعود باللقب الخليجي من الدوحة التي كانت حصينة .. وصعب تخطي عقبة منتخبها العنابي.. ومادام الأخضر الآن سيلعب على اللقب فأتوقع شخصيا أن تتزاحم الجماهير السعودية من خلال رحلات برية وجوية من الرياض والمدن السعودية لتحل ركابها في مطار الدوحة فنرى نهائيا جماهيريا مثاليا..
قطر.. رغم خسارتها بطولة خليجي 24 المقامة على أراضيها وخروج جماهيرها مكلومة ومحرومة من رؤية منتخب العنابي طرفا في مباراة ستكشف عن البطل إلا أن الأقدار أرادت للرياضة أن تفقأ عين السياسة وتجعلها ضريرة ثم تقودها هي الى الدرب الصحيح فتصوب لها انحرافها وتكبح انجرافها نحو هاوية التشظي وتهتك النسيج الاجتماعي واللحمة الخليجية التي وطدتها هذه البطولة بما ترمز إليه من اجتماع ولم شمل وتقارب وتجانس أمة الخليج ووحدتها للوطن الخليجي الكبير..
في اعتقادي.. أن بطولة كأس الخليج استطاعت أن تلقن السياسة درسا عظيما .. يتمثل في انتصارها عليها فأعادت ترتيب البيت الخليجي في دوحة قطر المحاصرة وستنفك عقد السياسة في ملعب الرياضة وتستعيد بطولة الخليج ألقها وبهاءها.. فنهائي هذا المحفل الرياضي الخليجي الكبير سيفرض طقوسه وتقاليده ويكسر حواجز وسدود الفرقة والحصار.. وبإذن الله ستكون كلمة الرياضة هي العليا وتذعن السياسة لناموس الرياضة الذي لقح قلوب عاشقي كرة القدم بمصل السلام ليقيهم من أدواء السياسة وأسقامها وأدرانها.
قطر.. خسرت البطولة لكنها فازت بكسر الجدار وتدمير الأسوار وتهشم جلاميد القطيعة، وسينفك عنها ولو جزئيا ذلك الحصار..