¶ آثارْها دون ترميم رغم أنها كانت عاصمة السلطنة العفرارية
¶ الشوارع الترابية تشعر المرء أنه في قرية نائية وليس في مدينة تاريخية
¶ مشكلة المياه يكتوي بها كل السكان دون التفاتة من المعنيين
¶ الكهرباء في تراجع والطاقة المشتراة لا تكفي ومهددة بالانقطاع
تحقيق/ فايز محيي الدين البخاري
في مدينة قشن كل ما تراهْ يبعثْ على الأسى والحسرة والألم.. الشوارع ترابية يتطاير من جنباتها الغبار الذي يتسبب بالعديد من الأمراض وما كان يسمى شارعاٍ اسفلتياٍ أصبحِ فيه الاسفلت في خبر كانِ! القمامة تتكدس دون أنú يلتفت إليها أحد من المعنيين ولولا الحس الحضاري العالي الذي يتميز به أبناء مدينة قشن والذي يدفعهم لتنظيف شوارعهم بأنفسهم لغرقت المدينة في القمامة دون أنú تجد مِن يغيثها حتى بعربة نقل أو عامل نظافة.. كل ذلك الإهمال في ظل حرص شديد من الجهات المعنية بالنظافة على جباية رسوم النظافة على كل شيء والمواطنون يتندرون ويقولون: الدولة حاضرة في الجباية غايبة في التنفيذ!
قشن هذه المدينة التي هي اليوم إحدى أهم مْدْن محافظة المهرة كانت إلى يوم الثلاثين من نوفمبر عام 1967م يوم الجلاء والاستقلال لجنوب الوطن عن الاحتلال البريطاني عاصمة لمحافظة المهرة وجزيرة سقطرة فقد كانت أراضي محافظة المهرة التي يقع الآن جزء كبير منها ضمن محافظة حضرموت تتبع السلطنة العفريرية أو العفرارية كما تْنطِق في اللغة العربية واللغة المهرية وكان سلطانها من آل عفرير أو عفرار يْسمى ((سْلطان سقطرى والبِر)) ويْقúصِد بالبر محافظة المهرة وكانت عاصمة السلطنة هي مدينة قشن هذه المدينة التي خفتú نجمها وقلِ صيتها وأهميتها بعد أنú تم توحيد كافة السلطنات والمشيخات في جنوب الوطن ضمن دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبعد أنú انتقلت عاصمة المحافظة إلى مدينة الغيضة وتمِ إلحاق جزيرة سقطرى بالدولة المركزية أحياناٍ وبمدينة عدن أحيان أخرى قبل أنú يتم إلحاقها مؤخراٍ بمحافظة حضرموت.
أماكن تاريخية مهملة
* هذا التغير الذي طرأِ على محافظة المهرة كان على حساب مدينة قشن كما يقول أهلْها حيث دفعتú ثمن ذلك غالياٍ إذú أصبحتú مدينة ثانوية في محافظة كانت هي مدينتها الأولى وبالتالي فقد انصرفِتú عنها أنظار الكثيرين ولم يعد الاهتمام بها كما كان في السابق وهذا تجلى واضحاٍ من خلال الإهمال الذي بدا في كل شيء فيها بما في ذلك الأماكن التاريخية والسياحية وعلى رأسها قصر السلطان الذي تهدم على مرأى ومسمع من الجميع.. ولولا الجهد الخاص الذي يقوم به حالياٍ الشيخ عبدالله بن عيسى عفرير نجل آخر سلاطين السلطنة العفريرية لما بقيِ لهذا المعلم أثر.
وقد زرنا القصر وهو في حالة ترميم ويحتاج للكثير من المال والجهد لإعادته لسابق عهده ومثله بقية المباني التاريخية التي تنعق البوم في أرجائها.
وبالنسبة لسواحل قشن رغم جمالها لم نجد حتى مشروع استثماري واحد يمكن أنú يحرك المياه الراكدة في مجال الاستثمارات التي تفتقر إليها محافظة المهرة ككل والتي يمكن أنú تستوعب الآلاف من الأيدي العاملة وتساهم بفاعلية في القضاء على البطالة الحاصلة في أوساط الشباب.
* البحر في قشن هو مصدر الدخل الرئيسي إنú لم يكن بحد ذاته هو المصدر الوحيد للغالبية من السكان الذين يعتمدون على الصيúد في عيشهم وحياتهم ورغم ذلك فسواحل قشن مستباحة على الدوام للبواخر الأجنبية التي تأتي للصيد بوسائل الجرف الجائر الذي يتلف البيئة البحرية ويقتل الأسماك الصغيرة ويدوس على بيضها في ظل صمت رسمي مشين.
إضافة لذلك لا يوجد في ميناء قشن السمكي كواسر للأمواج تمكن الصيادين من الاصطياد على مدار العام وهذا ما يجعلهم يظلون أشهْراٍ دون عمل حين يهيج البحر وتتلاطم أمواجه فيمكثون في البيوت إلا القليل ممن يسمح لهم الصيادون في ميناء نشطون السمكي بالصيد في الميناء الوحيد في المحافظة الذي يوجد به كاسر للأمواج وفي مساحة ليست بالكبيرة التي يمكنها استيعاب كل صيادي المحافظة فضلاٍ عن الصيادين الذين يأتون من المحافظات الأْخرى في موسم صيد سمك الحبار الذي صادف موسمه وقت وصولنا لمدينتي نشطون وقشن في أواخر شهر يونيو وبداية شهر يوليو.
مقدمات طللية
* المشكلات في مدينة ومديرية قشن كثيرة وعلى رأسها مشكلة الكهرباء العجيبة لكن الأعجب في الأمر هو الرد الذي وجدناهْ من مدير عام مديرية قشن رئيس المجلس المحلي الأستاذ سعد سالم حسن الجدحي حين التقينا به ووضعنا عليه مجمل المشكلات وفي مقدمتها الكهرباء حسب ما سمعنا من المواطنين فما كان منه ونحن نسأله عن مشكلة الكهرباء والسْبْل الكفيلة لحلها إلا أنú أفاضِ علينا بمقدمة تاريخية طويلة عن حال الكهرباء في قشن منذ ما قبل التاريخ مستعرضاٍ فيها كل صغيرة وكبيرة مما لا تهم المواطن ولا أي قارئ بشيء فذكرني حينها بالمقدمات الغزلية والطللية في القصيدة الجاهلية!
وزادِ من غرابتي أنهْ كان يذكر الشيءِ ونقيضه في جْمِل متتالية فهو يبدأْ القول بأن دخول الـ4 ميجا وات المْشتراة من شركة السعدي وشركاه أغسطس الماضي لمديريتي قشن وسيحوت قد حلت مشكلة الانطفاءات تماماٍ ثم يعود ويقول أن الانطفاءات الحالية هي بسبب أعطال في الشبكة!!
ونحن نتساءل: هل يمكن لـ4 ميجاوات أنú تسد حاجة مديريتين بحالهم مع مدينتيهما¿¿ وكيف يمكن القبول منطقياٍ أو التوفيق بين القول بأنه لم يعد توجد انطفاءات تماماٍ وبين القول الذي يليه بأن ما هو حاصل من انطفاءات هو بسبب أعطال في الشبكة¿!!
تحلية ماء البحر
* مشكلات قشن كثيرة وخشيتها من المستقبل أكثر وقد طرحنا على مدير عام المديرية رئيس المجلس المحلي الأستاذ سعد سالم حسن الجدحي مشكلة المياه.
وسألته عن ما هو حاصل الآن من مشكلة في ندرة المياه وأريد إجابة محددة¿ بمعنى هل سيستغني المواطنون الآن عن الوايتات أو ما تسمونها هنا (البوزات)¿
-أجاب بالقول: نحن عملنا هذه المنشآت ولدينا الآن بئران سيتم حفرهما لتعزيز البئرين السابقين وقد حفرنا إلى مستوى 250م ولم نصل إلى المياه ونحن نتمنى أنú ينجح هذا المشروع لكي نرفع المعاناة عن كاهل هذه المدينة الذين هم محرومون من المياه ويوجد في كل بيت من بيوت قشن بئر ماء محفور باليد وهو شبه مالح وليس ماءٍ عذباٍ يْستخدم للأواني والغسل. وهناك الآن معمل مياه يمول المدينة بأكملها بالماء العذب الذي يستخدم للشاي والقهوة وبعض الأحيان للطبيخ والحليب. إضافة إلى مصنع تحلية آخر ولكنه من الدرجة الثانية ورغم أنهم المستفيدون إلا أننا نشكرهم أنهم مولوا البلاد بالماء ونحن لا نأخذ عليهم أية رسوم ولا ضرائب.
قبل أيام وصل فريق من الفنيين والإداريين من المؤسسة العامة للمياه برئاسة حسن شيخ وطافوا بالمدينة ورأوا مشروع مياه قشن وعملوا 3 خيارات: الأول الاعتماد على ما هو موجود في المشروع الحالي حتى ينضب والخيار الثاني حفر آبار جديدة في مديرية حصوين شمال منطقة جده والخيار الثالث تحلية المياه من البحر. وهذا الخيار الأخير اتفقت فيه المؤسسة مع الأخ المحافظ.
** وهنا أدركتْ حجم المعاناة التي يعانيها أبناء مديرية قشن وأيقنتْ أن كل الأمور عبارة عن تسويف وبيع كلام بدليل عدم ذكر خطة مرسومة لمعالجة ما هو حاصل ولا الاقتراب من سؤالي بإجابة محددة. وهنا فقط نضع الأمر برْمِته أمام السلطة المحلية بالمحافظة وهي المسئولة بدورها عن إيجاد الحلول لمشكلات مديرية قشن خاصة وأن المواطنين يقولون أن أكثر مشكلاتهم ناتجة عن عدم توافق بين رئيس المجلس المحلي وبقية أعضاء المجلس.
وما أتمناهْ من قلبي فعلاٍ أنú أعود إلى قشن وقد استْكملِ ترميم قصر السلطان والمباني التاريخية الأخرى وأنú أرى شوارعها وقد أضحتú نظيفة ومرصوفة بالشكل الذي يليق بعظمة هذه المدينة فضلاٍ عن أْمنياتي بتجاوزها لمشكلات الكهرباء والمياه والصيد العشوائي.