حسن الوريث
يقول الإنجليزي “فرانسيس بيكون” فيلسوف الثورة العلمية في القرن السادس عشر: «المعرفة هي القوة» لكنني أراها قوة مجردة لا يمكن أن تصبح قوة حقيقية حتى يتم توثيقها أولاً ومن ثم تسخيرها ودراسة كيفية الاستفادة منها لتحقيق أهدافك.. ويقول الشاعر الكبير والمفكر اللبناني هنري زغيب ” وطن لا يحفظ ذاكرته ينتهي وطنا في الذاكرة ” ومن هذا المنطلق ونظراً لأهمية التوثيق في حياة الشعوب وعلى اعتبار أن التوثيق الرياضي في بلادنا مفقود فقد انبثقت فكرة إعداد وإصدار كتاب توثيقي متكامل عن الرياضة اليمنية .
هذه الفكرة ربما كانت تراود البعض لكنها لم تخرج إلى النور ربما لتكاليفها الباهضة لأنها تحتاج إلى مؤسسات تقوم بها لتغطية تكاليفها على اعتبار أنه من الصعب على شخص واحد تنفيذها، وقد شاهدنا بعض المحاولات التي لم تصل إلى المستوى المأمول وبالتأكيد أن الأهم في الموضوع وعدم خروجه إلى النور هو التفكير الضيق لدى الجهات المسؤولة عن الرياضة التي كانت تقتل أي فكرة من هذا النوع، ومن باب إسقاط الواجب كانوا يكلفون من يتقدم إليهم بطلب تنفيذها بإعداد تصورات ومن ثم يتم وضعها في الأدراج إلى أن يصاب من قدمها باليأس ويموت الحماس لديه وتنتهي كل الأفكار ويأكلها النسيان، وهكذا افتقدنا توثيق تاريخنا الرياضي وبالتأكيد أنني ومعي بعض الزملاء في الإعلام الرياضي حاولنا أكثر من مرة التذكير بأهمية التوثيق الرياضي وكتابة تاريخنا الرياضي وقلنا إن ذاكرتنا الرياضية ما تزال مثقوبة ولكن دون جدوى وكأننا نؤذن في مالطا حيث لا أحد ينتبه لك .
وقبل حوالي شهر أو أكثر بقليل اتصل بي الاستاذ العزيز مطهر تقي، وهو الإعلامي والمثقف والشخصية الرياضية والاجتماعية المعروفة يطرح فكرة إصدار كتاب توثيقي متكامل عن الرياضة اليمنية في كل محافظات الجمهورية منذ ما قبل الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر وحتى الآن لسد الفجوة والفراغ في التوثيق، ولرفد المكتبة اليمنية بأول كتاب شامل يحكي فصول تاريخ الرياضة اليمنية يخصص كل فصل منه لمرحلة محددة من تاريخها وبالفعل فقد التقيت به ومعه مجموعة من رواد الرياضة في اليمن الذين كان حماسهم منقطع النظير لدعم هذه الفكرة وتنفيذها الأمر الذي أعاد الأمل في وجود شخصيات مستنيرة يهمها تاريخ بلدها وتشعر أن غيابه هو تغييب لتاريخ اليمن الذي يريد البعض محوه والقفز عليه، وبالتأكيد أن هذه المبادرة من الاستاذ العزيز مطهر تقي وزملائه الذين نسجل لهم كل الشكر والاحترام سيتم تسجيلها بكل التقدير وسط غياب دور المؤسسات الرياضية التي تهربت من القيام بواجبها ابتداء من الوزارة مروراً بالاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية وصولاً إلى الأندية الرياضية والمؤسسات الإعلامية والثقافية .
وقد تشرفت بأن تم تكليفي برئاسة فريق الإعداد لهذا الكتاب التوثيقي لتاريخ الرياضة اليمنية وفي نفس الوقت فإن التكليف يلقي بالمسؤولية الكبيرة التي يجب أن أتحملها مع فريق الإعداد والتحرير الذي يضم عدداً من الزملاء الإعلاميين لإنجازه، وهو بلا شك يتطلب جهداً خرافياً على اعتبار أننا ربما سنبدأ من الصفر وهذا لا يعني التقليل من بعض المحاولات التي تمت من قبل زملاء سبقونا بمحاولات سنستفيد منها ومن كل التجارب في العالم في هذا الجانب، ونتمنى أن يكون عند المستوى الذي يأمله الجميع..
ومن هنا فإنني أوجه الدعوة لكافة المؤسسات الرياضية والإعلامية والثقافية وكل الشخصيات الرياضية التي تمتلك معلومات ووثائق وصور بأن يمدونا بها، حيث سيتم تشكيل فريق من الزملاء لجمع هذه المواد من كافة محافظات الوطن اليمني من المهرة إلى صعدة وسيتم التوجه إلى كل الذين عاصروا فترات الحركة الرياضية في اليمن من اللاعبين والإداريين القدماء والجدد، ومما لاشك فيه أننا نأمل تعاونهم جميعاً لإخراج هذا المشروع الكبير إلى حيز الوجود بما يحقق الهدف في توثيق تاريخ الرياضة اليمنية.