عبدالفتاح علي البنوس
52عاما على جلاء آخر جندي بريطاني من جنوب الوطن الغالي ، ففي الثلاثين من نوفمبر من العام 1967م تحقق الاستقلال الوطني التام ، برحيل آخر جندي بريطاني بعد أربع سنوات من قيام ثورة 14أكتوبر 1963، حيث تطهرت الأرض اليمنية في الجنوب الغالي من دنس المحتل البريطاني الذي جثم على صدور أبناء المحافظات الجنوبية قرابة 129من الاحتلال البريطاني البغيض ، الذي قارعه أبناء الجنوب الأحرار ، منذ اللحظة الأولى ، وعملوا على مقاومته بغية الوصول إلى اللحظة الفارقة التي يتحرر الجنوب اليمني من براثن الاحتلال ، ويستقل قراره السياسي ، وينهي أكثر من قرن وربع من الاحتلال والقمع والتسلط والاستعباد ، ليجد المحتل البريطاني بعد نجاح ثورة 14أكتوبر مضطرا للانسحاب من الجنوب في 30 نوفمبر 1967م بعد أن تعاظمت الضربات وتزايدت العمليات التي نفذها أبطال المقاومة الجنوبية ، فخرجوا يجرون أذيال الهزيمة والاندحار والذل والهوان ليسقط علم المحتل ، ويرتفع علم الجنوب ، ويسدل الستار عن حقبة الاحتلال طويلة الأمد ، التي نحتفل اليوم بذكراها الـ52 .
يأتي احتفالنا اليوم بالعيد الـ52 للاستقلال المجيد وجنوب الوطن الغالي يقبع تحت وطأة محتلين جدد ، استقدمهم حثالة الجنوب المرتزقة الخونة العملاء الذين باعوا أنفسهم للشيطان الرجيم وتحولوا إلى أدوات رخيصة للسعودي والإماراتي ، من جاءوا تحت يافطات وشعارات ظاهرها التحرير والتطوير والتحديث والبناء والتعمير ، وباطنها الاحتلال والاستعمار والامتهان والإذلال لأبناء الجنوب ، والاستغلال والسيطرة على ثرواته ، ونهب مقدراته ، مستخدمين أكذوبة دعم الشرعية المزعومة ، لتبرير تواجدهم الاستعماري وتدخلاتهم السافرة الحقيرة التي وصلت إلى حد استباحة الدماء ، وانتهاك الأعراض ، واعتقال وتعسف المواطنين المعارضين للتواجد الخارجي والتدخلات الخارجية في المحافظات الجنوبية والشرقية .
والمضحك هنا أن تجد هؤلاء العملاء الخونة أحذية المحتل السعودي والإماراتي يتغنون بالنشيد الوطني للجمهورية اليمنية ويتشدقون بالوطنية ، ويرفعون شعار لن ترى الدنيا على أرضي وصيا ، وفوق ذلك يحتفلون بذكرى الجلاء (عيد الاستقلال) وهم من جلبوا المحتلين الجدد ، وهم من باعوا لهم الجنوب ، ووقفوا إلى صفهم ، وقاتلوا من أجل تمرير أجندتهم وتحقيق أهدافهم ومطامعهم ، فكيف لمرتزق عميل يعد بمثابة حذاء ينتعلها السعودي والإماراتي أن يحتفل بعيد الاستقلال ، وهو من فتح الباب على مصراعيه أمام المحتلين الجدد لاحتلال أرضهم واستباحة أعراضهم ونهب ثرواتهم ؟!!
لا فرق بين محتل الأمس ومحتل اليوم ، فكلاهما أعداء للوطن والشعب اليمني ، والمحتل الإماراتي والسعودي هما صنيعة المحتل البريطاني ، وكان الأحرى بمرتزقة الجنوب أن يسيروا على نهج الآباء والأجداد في مقارعتهم للمحتل ووقوفهم في وجهه ، والنضال والمقاومة للتحرر من المحتل البريطاني ، لا أن يتحالفوا ويساندوا ويمكنوا الغزاة الجدد من احتلال أرضهم ونهب ثرواتهم وفرض الوصاية عليهم ، من لا يقبل بالوصاية لا يقبل بالاحتلال ، ومن يتغنى بالوطنية لا يتاجر بالوطن ويجعل منه لقمة سائغة للغزاة والمحتلين مهما كانت المغريات ، ومن يريد أن يحتفل باستقلال وجلاء المحتل البريطاني من الجنوب ، لا يحتفل ويحتفي ويتغنى ويدافع عن المحتل الإماراتي والسعودي ويبرر لهما تدخلاتهما السافرة ، وممارساتهما الاستبدادية الاستعمارية الاستغلالية القذرة .
بالمختصر المفيد، الأحرار الشرفاء الكرماء الغيارى على الأرض والعرض والسيادة والشرف والكرامة من أبناء هذا الوطن المعطاء من شماله إلى جنوبه ، ومن شرقه إلى غربه ، الذائدون عن الحمى ، المناهضون لقوى العدوان والغزو والاحتلال ، الواقفون وقفة رجل واحد في جبهة الوطن العصية الصامدة ، الثابتون على مواقفهم الوطنية ، الذين لم تغرهم ريالات السعودية ولا دراهم الإمارات ، المرابطون في الجبهات ، المناصرون في القرى والمدن والمحافظات ، هم وحدهم من يحق لهم الاحتفال بعيد الاستقلال المجيد ، بكل شموخ وعزة وكبرياء ، أما الخونة العملاء المرتزقة فعليهم أن يدسوا رؤوسهم في التراب من الخزي والعار ، عليهم أن يبتلعوا ألسنتهم قبل أن يفكروا بالحديث عن الوطن والحرية والاستقلال ، عليهم أن يخجلوا على أنفسهم ويتواروا عن الأنظار ، فهم والله العار كل العار ، والفضيحة كل الفضيحة ، والسقوط كل السقوط ، والخزي كل الخزي .
الرحمة والخلود للشهداء ، الشفاء للجرحى ، الحرية للأسرى ، العزة والنصر والتمكين لجيشنا ولجاننا ولشعبنا العظيم ، والعزة والشموخ والشرف والكرامة لكل الشرفاء الأحرار على امتداد هذا الوطن المعطاء ، ولا نامت أعين الخونة المرتزقة العملاء .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .