من رسالة الفار “هادي” إلى دعوة إعصار “تشابالا”: أربع سنوات من الاحتلال والتدمير الإماراتي لجزيرة سقطرى

 

الثورة /خاص
عندما تضع بلدك على طاولة المراهنات السياسية وتتنازل عن سيادتك وحقك في امتلاك القرار السياسي وتقبل الخضوع للإملاءات وتتحول إلى أداة تنفذ مخططات وأجندات توسعية فلن يجد الطامعون صعوبة في إيجاد الأسباب والمبررات في التدخل في شؤونك الداخلية سياسيا وعسكريا واقتصاديا.
وسواءً ادعى الطامعون تلقيهم رسالة من الفار “هادي” تدعوهم للتدخل وشن عدوان على الشعب اليمني كما فعلت السعودية التي شكلت تحالفا دوليا لتلبية دعوة العدوان التي حملتها رسالة لا يعلمها “هادي” نفسه، أو التدخل تحت غطاء إنساني اعتمد الطامعون فيها على دعوة أطلقتها الطبيعة وإعصار “تشابالا” وما كان عليهم إلا تلبيتها كما فعلت الإمارات –قبل أربع سنوات- في جزيرة سقطرى التي سرعان ما تحولت قوافل المساعدات إلى قوات عسكرية وتحول مقر الهلال الأحمر الإماراتي إلى مقر لقوات الاحتلال ومكتب لحاكم دولة الاحتلال في الأرخبيل الذي لم يكن لإعصار “تشابالا” أن يدمر فردوس اليمن في المحيط الهندي كما يدمرها الاحتلال الإماراتي اليوم.
• دعوة تشابالا
بدأت الإمارات التواجد على الجزيرة عقب إعصارين ضربا الجزيرة في أكتوبر 2015م، من أجل إغاثة السكان، لكن الإمارات وتحت عنوان المساعدات اتخذت الهلال الأحمر ومؤسسة الشيخ خليفة كغطاء لتمددها داخل جزيرة سقطرى والسيطرة عليها وإيجاد نفوذ وسط السكان الفقراء الذين يعتمدون على الصيد وتربية الحيوانات، والقليل من الزراعة.
وفي فبراير 2016م عقدت حكومة الفنادق التي كان يرأسها آنذاك خالد بحاح مؤتمراً صحفياً في الجزيرة إلى جانب الهلال الأحمر الإماراتي؛ مُعلناً عن توقيع عقود مع الجهة الإماراتية لإعادة إعمار جزيرة سقطرى، وبعد حوالي 40 يوماً من هذا المؤتمر الصحافي تمت إقالة “بحاح” الأمر الذي سبب توترا في العلاقات بين أبوظبي والفار “هادي”، وفي مايو 2018م ومع تصاعد الأزمة بشأن الجزيرة نفى خالد بحاح أنّ يكون قد قام بتأجير الجزيرة للإمارات لمدة (99) عاماً.
• شراء الأراضي ومبررات الإمارات
في الوقت الذي كانت حكومة الفنادق توقع عقوداً مع المنظَّمات الإماراتية تحت مسميات إنسانية وإغاثية انتقل القائد العسكري الاماراتي (أبو سيف) من المكلا في حضرموت إلى سقطرى وقامت أبوظبي بافتتاح قاعدة عسكرية وتسجيل قرابة 5000 مجند من أبناء الجزيرة ضمن قوات الإمارات براتب500 درهم اماراتي.
وبعد إقالة “بحاح”، اتجهت أبوظبي لشراء الأراضي وقامت بتعيين المدعو أبومبارك المزروعي حاكماً على الجزيرة، والذي كان يقوم بدفع مبالغ طائلة للسكان الفقراء لشراء أراض في الجزيرة من أجل الاستثمار، وكان بعض السكان طمعاً في المال والخروج من دائرة الفقر يقومون ببيع أراض في الجزيرة، وعند سؤال الإماراتيين عن سبب وجود قاعدة عسكرية تبعد عن أقرب نقطة اشتباك عسكرية أكثر من ألف كم، لا يستطيعون الرد ويقدمون مبررات غبية ويتحدثون عن “التهريب، وحماية الجزيرة من محاولات السيطرة على الجزيرة.
ورغم انكشاف مخططات الإمارات وأطماعها إلا انها ما تزال تبرر وجودها في “سقطرى” لتقديم أعمال الإغاثة التي رحب بها سكان الجزيرة عقب إعصاري 2015م في البداية لكن السكان سرعان ما اكتشفوا أن الإغاثة الإماراتية لم تكن سوى عنوان يخفي وراءه الكثير من الأطماع، وهو ما بدا لهم جليا عندما شاهدوا أعمال البناء والجرافات الإماراتية التي استهدفت الجزيرة واقتلعت الأشجار النادرة لبناء منازل لشيوخ أبوظبي وقادتها السياسيين.
• سقطرى الإمارة الثامنة
ذهبت الإمارات إلى أبعد من قاعدتها العسكرية في الجزيرة بل أصبحت تفاوض باسم الجزيرة وفي ابريل 2017م حيث تحدثت تسريبات عن اتفاق بين ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد والرئيس الروسي حول منح قاعدة عسكرية لروسيا في سقطرى تحديداً، بعد أن فشلت موسكو في الحصول على قاعدة في القرن الإفريقي لرفض دولها وجود قوة روسية في ظل وجود قواعد عسكرية لباقي دول العالم- حسبما أفاد في ذلك الوقت مركز ذا اتلانتك كاونسل للدراسات.
تأكد السكان أنهم على موعد مع محاولة “استعمارية” وانكشف لهم نشاط الهلال الأحمر الإماراتي وجمعية خليفة الإنسانية تحولها من الأنشطة الإنسانية إلى نشاط مخابراتي من خلال جمع معلومات عن القبائل وشيوخها، والفقراء ومناطقهم تواجدهم، وبدأت في تقديم خدمات مثل الكهرباء بأسعار مضاعفة تثقل كاهل المواطنين، ثم تقوم بإعفاء بعض من يقومون بمعاونتهم على البقاء، إضافة إلى خدمة الاتصالات في معظم أنحاء الجزيرة التي أصبحت إماراتية.
كما بدأت الإمارات بتسيير الرحلات من وإلى الجزيرة دون تأشيرة أو مرور عبر السلطات المحلية، فزادت من تحكمها وسيطرتها، خاصة بعد أن بدأ المندوب الإماراتي -أو ما يصفه السكان بـ”الحاكم العسكري”- العمل بحماس من أجل استقطاب عشرات الشخصيات الاجتماعية في أنحاء الجريرة، وقد سهل المال واعتماد مرتبات للشخصيات الموالية من مهمته، ومنح دخول مطلق للسقطريين من أجل العلاج أو الدراسة دون تأشيرة إلى الإمارات.
ومن متارس وخنادق العمل الإغاثي أصبحت أبوظبي صاحبة النفوذ، وتحولت الجزيرة اليمنية إلى إمارة ثامنة تديرها أبوظبي، وأصبح ضابط المخابرات الإماراتي العقيد خلفان المزروعي – الذي بنى لنفسه قصراً في الجزيرة- صاحب الكلمة الأخيرة في الأرخبيل، كما قام بالاستعانة بالهنود والبنغال من أجل خدمته وتدمير المحميات والمستوطنات البيئية ونقل تراث الجزيرة وأشجارها وحتى طيورها إلى أبوظبي.

قد يعجبك ايضا