وزارة الداخلية : تعزيزات أمنية في العيد خصوصاٍ في المتنزهات والأسواق
, مواطنون : حمل السلاح ومواكب المسلحين كابوس يقتل فرحة العيد
, ظاهرة حمل السلاح والاختلالات الأمنية تضع وزارة الداخلية أمام مسؤولية كبرى في العيد
هكذا “شاء القضاء وتمنى القدر” أن تعيش اليمن خلال الفترة الماضية أتعس قصة عشق ممنوعة بين شفاه البنادق وصدور اليمنيين ..دونما حسيب أو رقيب من الدولة.
ومع انتشار ظاهرة الإباحية المطلقة تجاه حمل السلاح والتي تقودها مجموعات إرهابية منظمة وبعضها عشوائية … ازدادت حدة الخوف عند المواطنين خصوصاٍ في الأعياد حيث تتخذ الأسر منها موسماٍ للترفيه بينما تتخذها العصابات موسماٍ لسفك الدماء وإرهاب الناس ..ومع هذا العيد بالذات تزداد المخاوف لموافقته مناسبات أخرى …
وزارة الداخلية طمأنت المواطنين بتعزيزها للخطة الأمنية في العيد لحماية الحياة العامة خصوصاٍ المراكز التجارية والحدائق والمتنزهات لقطع دابر المتربصين …تفاصيل أكثر عن الخطة الأمنية نناقشها في التحقيق التالي ..
انفلات أمني منقطع النظير أفسح المجال للعبث بحياة الناس فالدراجات النارية تقوم بمهامها على أكمل وجه حيث تمكنت من اصطياد العشرات من ضباط الجيش والأمن وحرمت أسرهم من حق التمتع بهم ـ أيضا ـ القاعدة في شمال الوطن وجنوبه تعرف الطريق جيدا إلى المعسكرات وثكنات الجنود وعصابات آخر الزمن التي تعربد في تعز ومدن أخرى إضافة إلى كل ما سبق تبقى بعض القبائل ـ إن لم تكن أغلبها ـ رائدة السلم المسلح فإذا ما أرادت قتل شخص ما فلن يوقفها شيء إضافة إلى تجاوز صارخ للقانون والذوق العام – مثلاٍ -إشارة المرور ليصبح العيد عند أهالي الضحايا مجرد ذكرى يرون فيها دم الأضاحي فيذكرون قتلاهم كل هذا خلق جوا مشحونا بالخوف المستمر طوال السنة عند المواطنين ليبقى العيد مجرد موعد يزداد فيه خوف الناس على أسرهم بالذات عند ارتيادهم الحدائق والمتنزهات والأسواق .
عيد السلاح
يوافق عيد الأضحى المبارك لهذا العام مناسبتين الأولى عيد ثورة أكتوبر المباركة والتي اعتاد جموع الشعب الاحتفال بها والثانية ختام أعمال جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعلق عليه اليمنيون أحلامهم ..لكن رغم ذلك يبقى العيد عند البعض هو عيد حمل السلاح حيث يتباهون بالاستعراض بالأسلحة في كل الأماكن وأمام عيون الشرطة والجيش.
والموقف ليس موقفا استعراضيا بقصد ” الهنجمة والنخيط ” كما هو دأب الكثير من شباب اليوم بل إن هذه الممارسات تحمل رسائل للدولة تحاول أن تقول ” بسلاحي سآخذ ما أريد بحق أو بدون حق ” لأن الدولة لا تهتم إلا لمن بيده القوة للأسف وهو ما يفعله بعض مشايخ القبائل أثناء مرورهم في شوارع العاصمة بمواكب تفوق موكب الرئيس أحياناٍ وتكثر هذه المواكب أثناء الأعياد والمناسبات ويبدو أن هذا العيد سيكون موسماٍ للاستعراض العسكري القبلي في شوارع ومتنزهات العاصمة وذلك لإخبار مؤتمر الحوار أنهم موجودون وبكامل عدتهم وعتادهم .
الخوف يجلدهم
وللاقتراب من واقع المواطنين وموقفهم مما يشاهدوه التقينا بالعديد منهم والبداية مع طه النمري والذي يفتتح حديثه بالقول ” خليها على ربك .. صحيح الوضع لا يبشر بخير خصوصاٍ هذه الفترة مع بروز ظاهرة حمل السلاح بشكل مثير للقلق ولكن … ” ..اكتفى طه بـ”لكن” ولم يكمل .
زميله محمد الجوفي يوضح الفكرة ويقول ” سقطت هيبة الدولة وغابت وزارة الداخلية عن أداء مهامها مما اضطر الكثير إلى حمل السلاح وهو ما يخلق حالة من الخوف والهلع عند الناس ” ويعتقد الجوفي أن هذا العيد سيكون فيه الناس أكثر خوفا وأكثر حذرا من ارتياد الأماكن الترفيهية فمن يحملون السلاح لا توقفهم نقطة أمنية ومثلهم العصابات التي انتشرت مؤخراٍ مستغلة الانفلات الأمني داخل البلاد.
الحاجة أم عادل 70 عاماٍ تقعد في البيت طوال أيام السنة وأصبحت لا تعرف إلا أرض غرفتها وسماءها وانحصرت حركتها بين سجادتها وفرشها ومع بداية إجازة هذا العيد وبالتحديد يوم الجمعة أصر أحفادها الأربعة الذي عمر أكبرهم لا يتجاوز اثني عشر عاما أن تخرج معهم إلى الحديقة لتغير الجو وليفرحوا بالعيد وبجدتهم “الطيبة” وبعد ركوبهم تاكسي “نشب خلاف بين مجموعة من الشباب في المكان الذي تواجدوا فيه وبدأت الاتهامات تتصاعد بينهم والمشادات ولم تنته إلا بإخراج السلاح “مسدس” من قبل اثنين من الشباب من الطرفين ليشهره كل واحد منهم في وجه الآخر ولولا لطف الله وحنكة زملائهم لقتل أحدهم الآخر .
هنا انهارت قوى الحاجة وسالت دموعها خوفاٍ على أولادها أما الأطفال فتدافعوا إلى حضن جدتهم ومن لم يبق له مكان تشبث بثياب أخيه وهم يرقبون الموقف بعدها قررت أم عادل أن لا تذهب إلى الحديقة ولن تبرح سجادتها وسِتْلزم أبناءها ألا يخرجوا بالأطفال إلى الحدائق في هذا العيد وعادت إلى البيت ولسانها يلهج بـ(لا حول ولا قوة إلا بالله).
مملكة الطفولة
الأطفال ببراءتهم يعيشون في عالمهم الخاص لا يعرفون خطوطاٍ حمراء سواء مشايخ أو انفلات أمني أو غير ذلك.. ولا يهتمون لمسألة هل هناك خطة أمنية أم لم توجد فكل هذا لن يوقفهم عن أخذ حقهم من اللعب في الحدائق والمتنزهات وحتى الشوارع الفرعية للمدن وأمام هذه المفارقة يْخير الكثير من الناس ــ المدركين لخطورة الوضع ــ بين أمرين أحدهما أمر من الآخر الأول رغبته الشديدة في إسعاد أسرته بالخروج معهم إلى الحدائق والمتنزهات لاسيما وأن العيد فرصة للتنزه قلما تتكرر وبين الأمر الثاني الجلوس في المنزل مع عائلته خوفا من الانفلات الأمني الذي لا يعي الأطفال مدى خطورته فإن هو اختار الأول يكون قد غامر “والساتر يستر” وإن اختار الثاني فسيقلب الأطفال العيد إلى جحيم ببكائهم المستمر والحالة النفسية التي قد ترافقهم لفترة طويلة .
مواطنون آخرون لم يكترثوا لأمر السلاح والمسلحين وقرروا أن يكون العيد أفضل الأعياد لأن الإجازة طويلة وفي نفس الوقت العيد فرصة لأطفالهم ليأخذوا قسطا من الراحة .
الخطة الأمنية
وزارة الداخلية رسمت خطة أمنية بداية السنة وعلى الرغم من أن هذه الخطة فيها الكثير من القصور كونها لم تستطع حماية أفراد الأمن والجيش ابتداء ..
إلا أن العميد محمد القاعدي مدير عام التوجيه المعنوي بوزارة الداخلية أكد أن الخطة الأمنية في العيد هي نفسها خطة باقي الأيام مع تعزيزات هنا وهناك لحماية المواطن وتسهيل أموره وتستهدف هذه التعزيزات الحدائق والمتنزهات والأسواق والشوارع .
وأوضح القاعدي أن القوة الأمنية بعناصرها في جاهزية عالية لكبح جماح قوى التطرف والإرهاب وستعمل على إفشال المخططات التي تستهدف المواطنين سواء كانت العمليات منظمة أو فردية .
وبين أن الاختلالات الأمنية الموجودة هي نتاج قصور في المؤسسات الحكومية بما فيها الداخلية وذلك بسبب الأزمة السياسية في اليمن .
من جهة أخرى أطلق بعض الخبراء والمحللين السياسيين ونشطاء حقوقيين تحذيرات بشأن تساهل وزارة الداخلية في ضبط المسلحين داخل المدن الرئيسية حتى لا تعم الفوضى ويكونوا سبباٍ في قتل فرحة العيد واعتبروا أن حمل السلاح سبب رئيس في إقلاق السكينة العامة خصوصاٍ في الأوقات التي يتمنى الكل أن يرسموا فيه البسمة على وجوه أسرهم .
الشيء العجيب
يوم الخميس الماضي الساعة الثامنة صباحاٍ وأنا في طريقي إلى وزارة الداخلية لمقابلة أحد المسئولين ليطلعنا على تفاصيل الخطة الأمنية الخاصة بالعيد وهناك وجدت العجب وكنت أنظر إلى الموقف وكأنني في حلم إنها حملة أمنية جبارة ممتدة على الطريق الرئيسي ولا تزيد المسافة بين الجندي وزميله بضعة أمتار ووسط هذه الحملة مسلحون يروحون ويغدون وكأنهم يؤدون مهام حماية الجنود.!!
ختاماٍ
التساهل الحاصل تجاه ضبط المسلحين والمخربين بالتأكيد يجعل كثيرين يفكرون بانتهاج الفوضى كمشروع ناجح سيدر عليهم رزقا وفيرا ماداموا يلقون من يحتويهم ويتساهل معهم والسؤال ..هل سيتحول العيد إلى مسرح مفتوح لاستعراض عضلات المسلحين بكل تخصصاتهم من إرهاب وعصابات ومشايخ وشباب فقدوا الأخلاق أم أن الخطة الأمنية التي أعدتها الداخلية بتعزيزاتها الأمنية ستوقف كل من يحاول قتل فرحة العيد عند الناس ..قريباٍ سنجد الإجابة .. لأن ساعات العيد اقتربت.