متفائلون بتفاعل الشعب في مكافحة الفساد مثلما تفاعلوا في مواجهة العدوان
نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد سليم السياني يؤكد في حوار خاص لـ ” الثورة “: منـذ خطـــاب الرئيس المشـــاط تلقـت الهيئــة عددا من البـلاغات والشكاوى عن الفساد
تدشين المرحلة الأولى لمكافحة الابتزاز والرشوة ملامسة للسواد الأعظم من الشعب
تم تعديل اللائحة التنفيذية للهيئة وإصدارها بقرار رئيس المجلس السياسي الأعلى
التسيب في الدوام الرسمي لمؤسسات الدولة يشكل أكبر جريمة فساد
الإرادة الثورية والسياسية لمكافحة الفساد متوفرة منذ انتصار ثورة ٢١ سبتمبر
أعطت الهيئة أولوية لإعادة البناء المؤسسي الذي دمرته الهيئة الملغية
نخطط لاسترداد الأموال المنهوبة مستقبلا من خلال الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة
أكد الأخ / سليم محمد السياني نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أن الهيئة ومنذ سماع خطاب الرئيس مهدي المشاط الأخير حول مكافحة الفساد قد تلقت عدداً من البلاغات والشكاوى وبشكل تصاعدي وذلك بوقائع فساد مختلفة وهذا دليلا قاطعا على وعي وتفاعل كبير من الجماهير مع خطاب الأخ الرئيس .. مؤكدا بأن الخطاب أعطى دفعة قوية لدى عامة الناس للبدء في مواجهة ومجابهة الفساد أينما كان ويكون .
و قال نائب رئيس الهيئة في هذا الحوار الذي أجريناه معه إن قيادة الدولة والهيئة متفائلون بتفاعل الشعب اليمني في أن يهب في مكافحة الفساد مثلما تفاعلوا في مواجهة العدوان.
و كشف الأستاذ سليم السياني بأن الهيئة تخطط مستقبلا لاسترداد الأموال المنهوبة والتي خرجت بطريق مختلفة منها ما هرب بطريقة غسيل الأموال وذلك من قبل الهاربين في الخارج من خلال القانون اليمني والفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
و أشار نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد إلى أن عدم الالتزام بالدوام الرسمي وساعاته في جميع مؤسسات الدولة فإنه يشكل أكبر جريمة فساد في أجهزة الدولة عموما، وهذا يعني أن مؤسسات الدولة لا تعمل إلا بنصف طاقتها الإنتاجية وهذا يؤثر على الناتج القومي للبلاد وعلى تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.. و تطرق الأستاذ السياني إلى عدد من القضايا الهامة والتي نتابعها في هذا الحوار:
حوار / محمد العزيزي
بداية .. تابعتم وتابع الجميع توجهات القيادة السياسية حول المعركة المفتوحة ضد الفساد .. كيف هي استعداداتكم للبدء في تنفيذ هذه المرحلة خاصة والإرادة السياسية قد توفرت؟
في البداية، نهنئ شعبنا اليمني المسلم العزيز بنجاح الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بتلك اللوحة والصورة الجميلة والمشرفة والأمواج البشرية الهادرة بالصلوات على الرسول عليه الصلاة والسلام وعلى آله فقد احتفل اليمنييون بذكرى ميلاد أعظم رجل كافح الفساد والظلم والطغيان في البشرية، سيدنا ونبينا ومولانا محمد صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وببركة التعظيم لرسول الله، والاهتداء والاقتداء به، سيتمكن شعبنا اليمني العزيز من مكافحة الفساد وتحقيق نجاحات كبيرة في هذا المجال بعون الله سبحانه وتعالى.
في الحقيقة إن الإرادة الثورية والسياسية لمكافحة الفساد متوفرة من قبل هذه المرحلة، وتحديداً من يوم انتصر الشعب اليمني في ثورته المباركة، ثورة الـ 21 سبتمبر 2014م، والتي كان من أبرز أهدافها مكافحة الفساد، وقد تكرر ذلك في خطابات قائد الثورة السيد القائد / عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله.
فالإرادة السياسية متوفرة، وقد تم اتخاذ خطوات عملية قبل هذه المرحلة في سياق هذه الإرادة، والتي من أهمها تشكيل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد في فبراير 2019م بعد جهود كبيرة بذلها مجلس الشورى ومجلس النواب والمجلس السياسي الأعلى وعلى رأسهم الأخ الرئيس / مهدي المشاط، لكي يتم تشكيل الهيئة بطريقة قانونية صحيحة، وتكون قوية وفاعلة في مكافحة الفساد.
وقد سارعت الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد منذ تشكيلها في فبراير إلى تصحيح وضعها المؤسسي الداخلي، حيث والهيئة كانت شبه معطلة لمدة خمس سنوات (2013م –2018م)، وذلك بسبب صدور أحكام قضائية قضت ببطلان قرار تشكيلها الذي أصدره عبدربه منصور هادي في عام 2013م بالمخالفة للقانون، وقد صدرت هذه الأحكام بعد أشهر قليلة، بسبب عدم اتباع الإجراءات القانونية اللازمة لتشكيلها، وظلت الهيئة طيلت الخمس السنوات الماضية ضعيفة الصلاحيات وضعيفة الحضور في مجال مكافحة الفساد، هذا إضافة إلى ما نالها من تدمير مؤسسي داخلي من قبل قيادات الهيئة الملغية التي أتضح في الأخير أنها كانت موالية للعدوان.
وقد نجحت الهيئة بحمد الله في وضع هيكل تنظيمي جديد، تم فيه فصل مجلس الهيئة، والذي هو معني بالقيادة العامة والتخطيط الاستراتيجي والرقابة العامة، عن الجهاز التنفيذي للهيئة. وقد تم تعديل اللائحة التنفيذية للهيئة بقرار من قبل رئيس المجلس السياسي الأعلى، وكذلك اللائحة التنظيمية، وتم تعيين أمين عام للهيئة، وجميع هذه القرارات صدرت في منتصف أكتوبر 2019م.
كذلك قدمت الهيئة خطتها للتعافي والصمود للفترة 2019م – 2020م في إطار الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، والتي تم إعدادها وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وأدلتها التنفيذية والإرشادية والتقييمية، ووفقاً لقانون مكافحة الفساد، ووفقاً للآلية التنفيذية للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.
كما ودشنت الهيئة في شهر أكتوبر 2019م لجنة مراجعة وتقييم التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد بالشراكة مع أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة، وذلك لمراجعة التشريعات الهامة لتقييم مدى مواكبتها لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وكذلك لتقييم مدى كفاءتها وفاعليتها في مكافحة الفساد.
وبالنسبة لدور الهيئة في تفعيل القانون رقم (30) لسنة 2006م بشأن الإقرار بالذمة المالية، شرعت الهيئة في التعميم على المستويات العليا في الدولة بطلب إقرارات الذمة المالية، وقد تلقت الهيئة عدداً من إقرارات الذمة المالية من شاغلي وظائف السلطة العليا.
والتحدي الآن الذي تواجهه الهيئة هو في ملئ الهيكل التنظيمي الجديد بالكفاءات الإدارية والفنية، خصوصاً وأن التعيينات السابقة في الهيئة لم تتم بشفافية، بل إن معظم الموظفين هم عبارة عن عوائل وأقارب وأصدقاء أعضاء الهيئة السابقة (2007م – 2012م)، والهيئة الملغية (2013م – 2018م)، ومعظمهم غير فنيين، حيث ومعظمهم إما مدراء مكاتب، سكرتارية، طباعين، مراسلين، سائقين، وشؤون مالية وإدارية وحسابات ومشتريات وأمنيين وعلاقات عامة وغيرها. وفي هذا الخصوص، فإن الهيئة تخطط للإعلان مستقبلاً عن الوظائف الفنية الهامة في الهيكل التنظيمي الجديد، واختيار الكادر من خلال إجراءات شفافة وتنافسية.
توجه حقيقي
يتساءل البعض هل إعلان القيادة السياسية مكافحة الفساد تخدير للشعب أم هو توجه حقيقي لاستئصال شأفة الفساد؟
خلافاً لما تعودنا عليه في خطابات قيادات الأنظمة السابقة، والتي كانت عبارة عن خطابات وإعلانات وتصريحات إعلامية ، والتي كانت في الحقيقة تخدير للشعب كما ورد في سؤالكم، جاء خطاب الأخ الرئيس / مهدي المشاط الأخير مترافقاً معه إجراءات عملية، فخطابه كان تدشين لمشروع عملي تم تصميمه وتجهيزه والإعداد له بأحدث الطرق والوسائل المتعارف عليها.
فهناك صفحة إلكترونية لتلقي الشكاوى، وقد دخلتها أنا بنفسي، وتقدمت بشكوى حقيقية، وجاءني رد إيجابي وبسرعة. كذلك يوجد خط ساخن مجاني لتلقي الاتصالات من عامة المواطنين. والأهم هنا أنه تم إلزام جميع الجهات بعمل آليات شكاوى يسبقها إعلان مسبق واضح وبارز في بوابة كل جهة عن الخدمات وتفاصيلها وأسعارها.
ولذلك نحن نلمس أن هناك توجهاً حقيقياً، وبمشروع عملي حقيقي، لمكافحة الفساد في مجال الخدمات التي تمس المواطن وهذه هي المرحلة الأولى في سياق مراحل قادمة.
البناء المؤسسي لمكافحة الفساد
كم عدد القضايا التي حققت فيها الهيئة خلال العامين المنصرمين وكذا الأشهر الماضية من العام الحالي 2019م؟ وأيضاً القضايا التي تم إحالتها إلى القضاء؟
كما أوضحت في إجابتي على سؤالكم الأول، كانت الهيئة الملغية (2013م – 2018م) في وضع ضعيف بسبب صدور أحكام قضائية ببطلان قرار تشكيلها، وظلت الهيئة طيلت الخمس السنوات ضعيفة الصلاحيات وضعيفة الحضور في مجال مكافحة الفساد ولذلك لم تتعدى القضايا التي تم إحالتها إلى القضاء 30 قضية، بينما ناقشت الهيئة السابقة (2007م – 2012م) عدد 484 بلاغا وشكوى، وقامت بإحالة عدد 74 قضية الى القضاء.
ومنذ تشكيل الهيئة الحالية في فبراير 2019م، وكما شرحت سابقاً، أعطت الهيئة أولوية لإعادة البناء المؤسسي والتي تم تدميره في عهد الهيئة الملغية، وأهمها إيقاف العمل بالأنظمة الإلكترونية الخاصة بإدارة البلاغات والشكاوى والقضايا، وعدم وجود هيكل تنظيمي ولوائح وسياسات وإجراءات، وهو ما أثر على أدائها في مجال التحري والتحقيق. ورغم ذلك، فقد تمكنت الهيئة خلال الأشهر الماضية من التحري والتحقيق في عدد من القضايا الهامة والاستراتيجية.
نخطط لاستعادة الأموال المنهوبة
هناك أموال طائلة تم تهريبها إلى الخارج، باعتقادكم ما الإمكانيات التي تستطيعون من خلالها استعادة هذه الأموال وكذا مراقبة تهريب الأموال؟
معظم الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج تمت من قبل المرتزقة الخونة الذين انضموا إلى العدوان السعودي الأمريكي، والذين كانوا يشغلون مناصب عليا، ويدعون الوطنية، ويدعون أنهم حماة الوطن، وهم كانوا فاسدين على مدى عشرات السنين، ويملكون الان شركات واستثمارات وأرصدة كبيرة في السعودية والإمارات وتركيا وغيرها من الدول.
ولا زال هؤلاء يستنزفون الأموال ويهربونها بشكل كبير، خصوصاً بعد نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة يعاني منها البلد، فهم حقيقة يستنزفون البنك المركزي في عدن بصرفيات عبثية كبيرة جداً، ويمنعون الشعب اليمني من حقه في استلام الرواتب، هذا بالإضافة إلى الفساد الحاصل في الثروات الطبيعية في المناطق التي احتلها العدوان، خصوصاً في النفط، والمعادن، وغيرها.
هؤلاء الخونة العملاء، وعندما كانوا على رأس السلطة في صنعاء لعشرات السنين قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م، لم يقدموا إقراراتهم بالذمة المالية إلى الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد.
وتخطط الهيئة لاسترداد جميع هذه الأموال مستقبلاً من خلال الفصل الخامس من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
سيتفاعلون مع القيادة
المواطن اليمني متفائل بإعلان القيادة السياسية تدشين المرحلة الأولى من مكافحة الفساد .. كيف تتوقعون مدى تفاعل عموم الناس في هذا الموضوع؟ وهل قدمت إلكم شكاوى حول قضايا فساد؟
هناك شريحة مميزة من عموم الناس، هم من سيتفاعلون في مكافحة الفساد، مثلما تفاعلوا في مواجهة العدوان، فعندما انضم البعض إلى صف العدوان بالترغيب أو الترهيب، وعندما تخاذل البعض في مواجهة هذا العدوان تحت مسميات الحياد أو الكسل أو غيرها، برزت شريحة من عامة الناس، وواجهوا العدوان وصمدوا في وجهة لأكثر من خمس سنوات، وبدأوا يوقعون في العدو هزائم كبيرة جداً، والمتوقع أن هذه الشريحة من هذا المجتمع ومن عموم الناس ستواجه وتكافح وتحارب الفساد، وسيتفاعلون مع إعلان القيادة السياسية، تماماً مثلما تصدوا للعدوان.
وحقيقة هناك تنام وتزايد في عدد البلاغات والشكاوى التي تلقتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد منذ خطاب الأخ الرئيس / مهدي المشاط، وبشكل تصاعدي، وهذا يعد مؤشر إيجابي، ويدل على وجود درجة عالية من الوعي والتفاعل من قبل المواطنين.
أكثر من عشرين جهة
ماذا عن تعاون منظومة وشركاء مكافحة الفساد الحكومية منها أو منظمات المجتمع المدني؟ ومستوى هذا التعاون؟
تعمل الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد على تعزيز الشراكة مع ما يعرف بأطراف المنظومة الوطنية للنزاهة، حيث والهيئة قانوناً هي المعنية بتنسيق جميع جهود مكافحة الفساد الرسمية والشعبية في الجمهورية اليمنية.
حيث قطعت الهيئة السابقة (2007م – 2012م) شوطاً في هذا الخصوص من خلال إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد (2010م – 2014م)، والتي شارك في إعدادها أكثر من عشرين جهة، إلا أن هذه الاستراتيجية لم تنفذ بسبب انتهاء فترة الهيئة السابقة (2007م – 2012م) ومجيئ الهيئة الملغية (2013م – 2018م) والتي تسبب إلغائها بالأحكام القضائية إلى ضعف الهيئة، وبالتالي تسبب في ضعف قدرتها على تحريك المنظومة الوطنية للنزاهة.
كذلك كانت الهيئة السابقة (2007م – 2012م) قد شكلت لجنة خاصة لمراجعة وتقييم التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد بالشراكة مع أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة، ولكنها توقفت عن العمل تماماً في عهد الهيئة الملغية (2013م – 2018م) لنفس الأسباب المذكورة سابقاً.
ومنذ تشكيل الهيئة الحالية، فقد دعت الهيئة شركاءها من الأجهزة الرقابية إلى اجتماع في يوليو 2019م لمناقشة منهجية إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بموجب الأدلة الإرشادية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وقد خرج الاجتماع بضرورة أن تتوافق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد مع التقسيمات الزمنية للرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، وأن يتم إعداد الاستراتيجية بالتعاون مع الشركاء في المنظومة الوطنية للنزاهة خلال فترة التعافي والصمود (2019م – 2020م) على أن تغطي الاستراتيجية الفترة (2021م – 2025م).
كذلك دشنت الهيئة في شهر أكتوبر 2019م لجنة مراجعة وتقييم التشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد بالشراكة مع أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة، وذلك لمراجعة التشريعات الهامة لتقييم مدى مواكبتها لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وكذلك لتقييم مدى كفاءتها وفاعليتها في مكافحة الفساد.
حتى ولو كان صغيرا
برأيك .. ما مدى حجم الفساد في ظل الوضع الراهن والبلاد تمر بحالة عدوان؟ وما نوع الفساد الذي ممكن أن يمارس في مثل هكذا وضع؟
– في الحقيقة أن حجم الفساد من حيث القيمة قد انخفض بشكل كبير نظراً للحالة الاقتصادية التي نعيشها تحت ظل العدوان، وذلك بسبب انخفاض موارد الدولة بشكل عام.
أما من ناحية الانتشار والأثر، فأي فساد في الوضع الحالي، حتى ولو كان صغيراً، وفي ظل عدم صرف الرواتب بعد نقل البنك المركزي إلى عدن، فإن الأثر على المواطن البسيط كبير جداً، فالفاسد سابقاً كان ينهب من اقتصاد، أما الآن فالفاسد يأكل من لحم وعظام ودماء عامة الناس.
وهذا ما دعا الأخ الرئيس / مهدي المشاط للإعلان عن انحيازه إلى السواد الأعظم من أبناء اليمن بكل وضوح حيث قال:
«وأجد نفسي اليوم منحازاً للسواد الأعظم من أبناء اليمن، يؤلمني ما يؤلمهم، لا أستطيع ولن أستطيع أن أتغاضى عن هموم الناس من أصغرها وحتى أكبرها».
وقد جاء تدشين المرحلة الأولى من مسار مكافحة الابتزاز والرشوة والاستغلال ملامسة للسواد الأعظم من أبناء اليمن كون المرحلة تلامس جانب الخدمات الأساسية لعامة الناس.
من يمارس الفساد مع العدوان
ألا تعتقد بأن هناك من يمارس الفساد وبشكل متعمد خدمة لأجندة داخلية وخارجية؟
– في اعتقادي وإيماني أن جميع من يمارس الفساد، أو حتى يقصر في مكافحة الفساد، هو يخدم العدوان، سواء كان متعمداً أو غير متعمد.
وحقيقة أن هناك من يمارس الفساد، وهناك من يقصر في مكافحته، وبشكل متعمد، خدمة للعدوان، وقد كان هذا حاصل في الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد نفسها، حيث تبين واتضح لاحقاً بعد هروبهم إلى مناطق العدوان، أن رئيسة الهيئة وبعض الأعضاء كانوا يدمرون الهيئة من داخلها، ويعطلون سير القضايا، ويعطلون أي عمل في الهيئة، خدمة للعدوان.
ولكن، ومن خلال العمل الجاد للأجهزة الرقابية وفي مقدمتها الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد بالتعاون مع أطراف المنظومة الوطنية للنزاهة، وكذلك التفاعل الشعبي الجاد مع المرحلة الأولى التي دشنها الأخ الرئيس / مهدي المشاط، فسيتم كشف هؤلاء الخونة ومعاقبتهم بعون الله.
قيود قانونية
لماذا لا تنتهج الهيئة مواجهة الفساد بالشفافية وكشف الفساد عبر وسائل الإعلام وطرحها للرأي العام؟
– الطابع العام أن التحريات والتحقيقات تكون سرية، وأن المحاكمات تكون علنية، وقانون مكافحة الفساد ينص على ذلك صراحة، حيث تنص المادة (38) من قانون مكافحة الفساد على التالي:
«تعتبر المراسلات والمعلومات والبلاغات المتصلة بجرائم الفساد وما يجري في شأنها من فحص أو تحقيق من الأسرار التي يجب المحافظة عليها ويجب على كل من لهم علاقة بتنفيذ هذا القانون عدم إفشائها».
وبشكل عام، فلا يصح التشهير خلال عمليات التحري والتحقيق، كون المتهم قد يكون بريئاً، ويكون كشف الفساد عبر وسائل الإعلام وطرحه للرأي العام بعد صدور الأحكام.
ولكن وفي المقابل، ما يجب أن يكون علنياً، ويتم الإعلان عنه، هي إقرارات الذمة المالية، لكي يتمكن الشعب من ممارسة دوره الرقابي على مسؤولي الدولة فيما يعرف بالرقابة الشعبية، والتبليغ عن حالات الإثراء غير المشروع، ولكن للأسف أن قانون الإقرار بالذمة المالية يتطلب أن تحاط كافة الإقرارات بالسرية التامة، والهيئة عازمة على تعديل هذه المادة، لأن الطابع العام أن تكون إقرارات الذمة المالية معلنه، لكي يستطيع الشعب مراقبة عمليات الإثراء غير المشروع.
أكبر جريمة
ما الذي تريدون طرحه وإيصاله للجميع من خلال هذا الحوار ؟
– للرئيس، نأمل أن يكون هناك اهتمام مباشر من قبل الأخ الرئيس في إنجاح هذه المرحلة التي أعلن عنها، وأن يستمر في متابعتها شخصياً، فمعركة مكافحة الفساد هي معركة مستمرة لا تنتهي ولا تتوقف.
لمسؤولي الأجهزة الرقابية والقضائية وبقية مؤسسات الدولة، وأنا شخصياً أولهم، إنجاح الأعمال المؤسسية تحتاج إلى وقت كبير، وهمة عالية، وسهر على تحقيق أهداف هذه المؤسسات، وكذلك متابعة الشكاوى يحتاج إلى وقت وجهد، ولا يكفي أن نحضر إلى الدوام الساعة العاشرة صباحاً ونترك العمل الساعة الثانية عشر أو الواحدة ظهراً، أي بمعدل 3 إلى 4 ساعات في اليوم!!
فإذا كان الدوام الرسمي هو من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الثالثة عصراً بحسب القانون، أي بمعدل سبع ساعات في اليوم، وإذا كان المسؤول أو الموظف المهتم يداوم من التاسعة صباحاً إلى الواحدة ظهراً، أي بمعدل 4 ساعات في اليوم، حيث في الأعم الغالب لا يحظر الموظفين إلا بعد الساعة التاسعة، ويغادرون قبل الساعة الواحدة ظهراً، أي بنقص ثلاث ساعات من إجمالي وقت الدوام الرسمي، وهو ما يشكل في مجموعه 42.9% من الإنتاجية.
وإذا كان هذا هو الحال السائد في جميع مؤسسات الدولة ، فإن هذا التسيب يشكل أكبر جريمة فساد في جميع مؤسسات الدولة، إذ يعني أن مؤسسات الدولة لا تعمل إلا بنصف طاقتها الإنتاجية، وهو ما يؤثر على الناتج القومي بشكل عام وفي جميع المجالات، ويؤثر على جميع القطاعات، بما فيها القطاع الخاص والمختلط.
وهذا التسيب سيؤثر بشكل جوهري على تنفيذ الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، والتي حددت (25) مستهدفاً رئيسياً للرؤية الى عام ٢٠٣٠م، منها مؤشرات تنافسية دولية، (مثلاً : تحقيق ترتيب لليمن ضمن 70 دولة في مؤشر كفاءة المؤسسات، وإيصال اليمن في مؤشر التنافسية الدولي إلى المرتبة (100) بين دول العالم، ورفع ترتيب اليمن في مؤشر التنمية البشرية إلى المرتبة (120) بين دول العالم، والوصول إلى مستوى رضى المواطن عن الخدمات الحكومية ضمن أفضل (80) دولة) ولن تصل اليمن إلى هذه المؤشرات بدوام 3-4 ساعات فقط في اليوم الواحد .
للمواطن، والذي وصفه الرئيس في خطابه بأنه الجندي الأول في مكافحة الفساد، المتوقع من هذا المواطن الذي ينتمي إلى هذا الشعب الذي وصفه رسول الله صلوات الله عليه وآله بأنه شعب الإيمان والحكمة، بأن يتفاعل، وأن لا ييأس، ولا يتكاسل، ولا يتباطأ، فهذا أولاً هو حق من حقوقه كمواطن، وثانياً وهو الأهم، هو أمر بمعروف ونهي عن منكر.
شركاء في المعركة
ختاما .. ما الكلمة التي ترغبون في قولها في ختام هذا الحوار ؟
– أولا أشكر صحيفة الثورة على إتاحة هذه الفرصة وكذا لدورها في توعية الناس بمخاطر الفساد وأثره على المجتمع وعلى العملية التنموية، كما نعتبر صحيفة الثورة شريكا حقيقيا في مكافحة الفساد. . وثانيا أود أن أوجه دعوة لكافة أبناء الشعب اليمني أن المرحلة القادمة مرحلة مفصلية في مكافحة كل صنوف الفساد وأشكاله وأن يكون شريكاً في هذه المعركة المفتوحة ضد الفاسدين في الإبلاغ عن أي مخالفات مالية تمس المال العام أو حقوق المواطنين وممتلكاتهم وأن لا يترددون في هذا الواجب الوطني في الإبلاغ ضد أي شخص أين كان موقعه أو منصبه لأن الوطن والشعب هما الإبقاء والأهم .