على طريق الاحتفال بالمولد النبوي”8 “
عبدالفتاح علي البنوس
قال تعالى ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُون) يخبرنا الخالق جل في علاه في محكم أياته بأننا أمة محمد خير الأمم ، هذا التكريم الإلهي لأمة محمد لم يأت من أجل ما نقوم به من طاعات وعبادات وما نقدمه من قربات نتقرب بها إلى الله ، ولكنه مرتبط بقيامنا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا المبدأ الهام الذي يمثل معيار الخيرية التي حباها الله لأمة محمد سيد الخلق أجمعين .
لم يقل الله عز وجل كنتم خير أمة أخرجت للناس بكثرة صلاتكم وقيامكم وصيامكم وتأديتكم للزكاة وقيامكم بأداء فريضة الحج وكثرة تسبيحكم واستغفاركم ، رغم أنها من أركان الإسلام ومن الواجبات الدينية التي يأثم تاركها ويؤجر مؤديها ، ولكنه خص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي ضوء ذلك تضمنت الشريعة المحمدية والهدي النبوي الكثير من الأحاديث النبوية التي تحث على هذا المبدأ الإسلامي الذي يمثل تفعيله وتطبيقه على أرض الواقع سببا في التوفيق والفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة .
حيث كان الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم القدوة والمثل الأعلى في تفعيل هذا المبدأ والعمل به ، فكانت مواقفه متسمة بالجرأة والصراحة ، لا يخاف في الله لومة لائم ، ينقد الباطل ويقارع أدواته ويعلن البراءة منهم ، حتى مع أقرب المقربين منه ، فكان صلوات ربي وسلامه عليه أول من أعلن محاربته للفساد ، فهو من قال ( والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) فاطمة الزهراء فلذة كبد المصطفى وخامسة أهل الكساء ، من قال عنها عليه الصلاة والسلام (فاطمة بضعة مني) في دلالة على مدى حبه لها وتعلقه بها ، ورغم ذلك قال لو أنها سرقت لقطع يدها ، في رسالة تربية للأمة بتوخي الحذر والإبتعاد عن الوقوع في أي مستنقع من مستنقعات الفساد الكثيرة والمتعددة ، والتي باتت روائحها في عصرنا الراهن تزكم الأنوف ، وصار الفساد في نظر الكثيرين (رجاله وشطارة ) وصار الفاسد (أحمر عين ، ذيب الرجال ، مفحوس) وغيرها من الألقاب والأوصاف .
الرئيس المشاط وعلى هامش الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف أعلن عن توجهات صارمة تصب في جانب مكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين وهو توجه إيجابي نأمل ترجمته على أرض الواقع ، بحيث يكون الفساد عدو كل اليمنيين ، ويشترك كل الشرفاء والأحرار مع القيادة في محاربة الفاسدين وتطهير مؤسسات الدولة من فسادهم المقرف ، بحيث لا تكون هنالك انتقائية أو استثناءات في ذلك ، بحيث يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم القدوة في هذا الجانب ، في حديثه سالف الذكر عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها ، حينها سنحصد ثمرة محاربة الفساد ، وسيطمئن الشعب وتتعزز ثقته بالقيادة ، ويصبح الجميع شركاء في مكافحة الفساد ومحاربة الفاسدين .
بالمختصر المفيد، محاربة الفساد بكافة صوره وأشكاله كانت من أولويات وأساسيات الشريعة المحمدية والمنهج النبوي الذي أرساه الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلينا ونحن نحتفل بمولده الشريف أن نكون أكثر جدية ومصداقية وشفافية في هذا الجانب ، وأن نكون عونا للقيادة في معركتها وحربها على الفساد والفاسدين ، المهم لا نجعل الأمر نكاية بالآخرين ، وفرصة لتشويه سمعتهم والإساءة إليهم تصفية لحسابات ضيقة وممقوتة ، نريد أن نتقي الله ونكون من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ولعمري ما من منكر بعد العدوان والحصار السعودي السلولي على بلادنا ، إلا الفساد وأدواته القذرة الذي يمثل عدوانا داخليا مساندا للعدوان الخارجي .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .