الانجليز أدخلوا الرياضة لإلهاء الشباب .. فأصبحت زاد الثورة وعصاها!


عيد أكتوبر يذكرنا بالدماء التي سفكت .. وعلى الشباب مواصلة المشوار

المدرعات كانت تنتشر أثناء المباريات .. و(الكره) هو السائد

حاوره/ محمد عبدالواحد الخميسي

تمر الأيام وتعقبها السنين .. ولكن الأحداث والذكريات الوطنية لا تمر .. بل تقف في لحظة شموخ لتروي قصص أبطال اشبعوا الأرض سقيا بدمائهم الزكية .. وارسوا مبادئ وأهدافاٍ يسعى الجميع لمواصلتها.
خمس سنوات وثمانية عشر يوما هي المدة الفاصلة بين الثورة السبتمبرية والأكتوبرية .. الثورتان اللتان تحررت فيهما اليمن من الظلم والاستبداد..
خمسون عاما .. مرت على اندلاع شرارة الثورة لإخراج المستعمر البريطاني من الأراضي اليمنية .. وها نحن نحتفل باليوبيل الذهبي لهذه الذكرى العظيمة التي تجسد لنا عظمة الذكرى وعظمة المناضلين.
هنا .. استضفنا المناضل الأستاذ حسن عبدالحميد من أبناء محافظة الضالع وأحد الأشخاص الذين عاشوا فترة الاستعمار البريطاني وعايش الحدث ليروي لنا الأدوار النضالية التي قام بها شباب ورياضيو الضالع ولحج ويحكي لنا عن الرياضة ليضعنا في قلب الحدث من خلال السطور التالية.

• كيف بدأت الحركة الرياضية في الضالع¿
– بدأت الحركة الرياضية في الضالع في وقت مبكر في 1950م وكان ذلك بتأسيس نادي شباب الضالع الذي كان يلعب العديد من المباريات مع الفرق الإنجليزية بسبب وجود المعسكرات في الضالع فكانت المباريات تقام مع فرق الجيش والتي كانت تسمى سابقا بــ(الليوي) حيث كانت تتميز فرقهم بوجود بعض الجنود الذين يمتلكون مستوى عال في كرة القدم ولم يكونوا جنودا فقط وأعتقد أنهم كانوا يقومون بواجب الخدمة بعد الدراسة.
• أبرز الرياضيين الذين أنجبتهم الضالع ولحج¿
– هناك العديد من مؤسسي الرياضة من الضالع وكانوا على مستوى جيد أمثال أحمد محمد عبيد وصالح علي المسمى بـ(العراسي) وناجي القطيش وصالح علي راجح الذي استغربنا من لعبه والمهارات التي اكتسبها رغم عدم وجود التلفزيون في تلك الفترة ولا احتكاك بل كانت فطرة وقبلهم سيف ناجي وغيره من الأسماء التي مارست الرياضة من قبل أن تنظم مباريات ضد الاستعمار البريطاني وكان من ضمن مؤسسي الحركة الرياضية والداعمين أيضا الشيخ عبدالهادي شايف الذي شغل قبل أن يتقاعد منصب مدير عام البنك الأهلي التجاري السعودي ومن الأسماء التي أبرزت الرياضة أيضا عبدالله علي مثنى وأخويه محسن وأحمد وكنا نسميهم الثلاثة بـ(العراسي) لتميزهم باللعب وتيمنا بلاعب ماهر في عدن اسمه العراسي ومحسن صالح حسين وتعتبر تلك الفترة أفضل فترة في الضالع رياضيا أما بالنسبة للحج فكان هناك لاعبون جيدون منهم عبدالله عوض الذي كان يطلق عليه (بيلية لحج) والحسيني وعبدالحميد عبدالمجيد وغيرها من الأسماء التي اشتهرت وقد لا أستطيع ذكر أسماء أكثر من الذين برزوا.
• ماذا عنك¿
– لعبت حارس مرمى ولاعب وسط مع نادي شباب الضالع والصمود لاحقا وفي عام 1967 لم أشارك في مباريات ضد الانجليز بسبب البنية الجسمانية القوية لهم فكنا نختار الأفضل والأقوى مننا في الضالع والبقية نقوم بعملية التشجيع.
• ما هي أبرز محطاتك الرياضية أثناء الاستعمار وبعده¿
– أثناء الاستعمار كنا نهتم بالدراسة وكنا نمارس الرياضة على مستوى المدارس حيث كان هناك دوري منتظم في المدارس يساعد على اكتشاف اللاعبين الذين انضموا إلى الأندية بعكس الآن فأنا كنت أدرس في مدرسة الشعب وكانت كل المستلزمات الرياضية متوفرة في المدرسة بالمجان من أحذية وبدلات رياضية ومضارب تنس الميدان وكرات لكن الممارسة كانت قليلة بسبب طبيعة المواطن وغيرته على وطنه وأنه كونه مستعمراٍ لكن مجلس الشباب والرياضة استفاد بعد الاستعمار من توفير الأدوات والخدمات بشكل جيد ففي عدن كان هناك مجلس أعلى للشباب والرياضة فكانت جميع الأدوات متوفرة معه وكان النادي يذهب ليشتري وتخصم مباشرة من رصيده المقدم من المجلس والآن أصبحت الأندية تشتكي من كل شيء ومعها كل شيء.
• ماذا عن المواجهات الرياضية ضد الاستعمار¿
– بالنسبة للاحتكاك ولعب المباريات كان في عام 1967 على مستوى المحافظة الواحدة لعدم وجود التنقلات ولم يتوسع أكثر وأثناء المباريات مع المستعمر كان الحضور شعبياٍ أكثر مما كان حكومياٍ وكان لشباب الضالع دور في الكفاح المسلح حيث كانوا محبين للرياضة ووطنيين وتلقائيا يتفاعلون من دون أن يشعروا.
• كيف تم تكوين الفرق الرياضية¿
– تم تكوين الأندية الرياضية لهدف جوهري وهو من أجل تجميع الشباب وتنويرهم بالهم الوطني حتى أن السلطات البريطانية تضايقت من تلك التجمعات والأمر نفسه كان في لحج.
• كيف كانت العلاقة بين الشباب والرياضيين والاستعمار البريطاني¿
– العلاقة لم تكن جيدة كما هو حاصل الآن في كرة القدم بين الدول المختلفة فأوقات المباريات مع الاستعمار البريطاني كانت أيام الكفاح المسلح ووقتها كانت تنتشر المدرعات والحراس حول الملعب وكان الكره موجود وداخل الملعب وجدت بعض المشاكل الخفيفة.
• ماهو سبب المشاكل¿
– الجماهير متعطشة ومتعصبة وتريد الفوز بأي ثمن على المستعمر ولكننا استفدنا رياضيا منهم.
• لمن كانت الغلبة في تلك المباريات¿
– كانت سجال.
• صف لنا فرحة الانتصار¿
– بمجرد الهدف فقط كنا نحس بانتصار عظيم لأننا سجلنا على المستعمر.
– وفي حالة الخسارة¿
يحل الزعل مع الاعتراف بتفوق الرياضة الانجليزية علينا لأنهم من أدخلوها.
• ماهي أبرز الرياضات التي مارستوها¿
– كان هناك بعض الألعاب التي اهتم بها الاستعمار البريطاني في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات مثل كرة الطائرة وألعاب القوى وكانت الأدوات الرياضية حينها متوفرة.
– هل كانت هناك بطولات .. أم مجرد مباريات¿
لم تكن هناك بطولات بل كانت الرياضة متوفرة على مستوى المدارس فقط .. بعكس الآن حيث أصبحت الرياضة تمارس في كل مكان ولكن المستوى هبط بسبب الظروف الاقتصادية التي لعبت دوراٍ كبيراٍ.
• هل كانت هناك مشاركات خارجية¿
– إن لم تخني الذاكرة كانت هناك مشاركة عام 1964 م.
• كيف كانت النتائج¿
– كانت المشاركة لمجرد المشاركة وأتذكر صحفياٍ مصرياٍ يعمل في جريدة المصور كتب: الفريق العدني أشبعنا ترقيصا وأشبعناه أهدافا فكانت الموهبة والمهارة موجودة ولكنها كانت تحتاج للوقت والرعاية.
• كيف استغل الشباب والرياضيون من الضالع ولحج الرياضة للثورة على الاستعمار¿
– التجمعات الرياضية كانت أبرز مكان لإثراء الوعي الوطني وحب الولاء والانتماء حيث تجمع الشباب من كل مكان وصار لهم هدف واحد فعلى مستوى المباريات التي كانت تقام ضد المستعمر كان الفوز عليها مطلباٍ أساسياٍ جداٍ كون ذلك يعبر عن شيء ذاتي داخلي في نفوس هؤلاء الشباب الذين يريدون الفوز على الاستعمار بأي شيء حتى في الرياضة فكانت الرياضة عاملاٍ مساعداٍ لإبراز هذا الجانب التوعوي وأثره الإيجابي على الشباب.
• أثناء اندلاع الثورة ضد المستعمر البريطاني كيف كانت ردة فعل شباب ورياضيي لحج والضالع¿
– كانت ردة فعلهم قوية وتوزعت الأدوار بينهم فمنهم من ذهب للقتال واشترك في الصراع مع جبهة التحرير والجبهة القومية وأذكر منهم خالد محسن حمود – رحمة الله عليه – وكان حارس مرمى وكان له دور نضالي والأخ محسن الربوعي ومهدي أحمد هادي ومحمد علي الجعدي إلى جانب بعض الأسماء التي لا أستطيع تذكرها حاليا حيث توزعت الأدوار كما ذكرت فمنهم من كان له دور خدمي والبعض دور لوجستي وكانت جميع الأدوار مهمة تصب في هدف واحد وهو إخراج المستعمر البريطاني من الوطن.
• هل هناك مواقف بطولية تحسب للشباب والرياضيين أثناء الثورة¿
– أدوار البطولة بحد ذاتها تكمن في خدمتهم لهدف معين وهو الحرية.
• بعد نجاح الثورة بحمد الله تعالى وخروج المستعمر البريطاني كيف أصبحت – الرياضة بعد ذلك وما هي ابرز النقاط التي نفذت للشباب والرياضيين¿
– بعد الثورة ورثت البلاد ميراثاٍ رياضياٍ مهماٍ والمتمثل بتأسيس الأندية وإيجاد فرق تلعب دوراٍ منضماٍ والجميل في القيادة التي جاءت بعد الثورة أنها اهتمت بالشباب وحاولت قدر المستطاع عمل أنظمة معينة حيث أقامت مؤتمرات رياضية لرسم إستراتيجية رياضية ذات مخرجات واضحة وأيضاٍ قامت بتقليص عدد الأندية حيث كانت كثيرة أثناء فترة الاستعمار مما شكل أعباء على الدولة ولم تستطع أن تدعمها كلها فعملت على دمج الأندية واقتصارها على أندية معينة فمثلا عدن كانت تعج بالأندية وكان هناك دوري درجة أولى وثانية وثالثة وتم تقليصها إلى أربعة أندية أو يزيد بقليل وهذا ساعد على تطوير الرياضة سواء في كرة القدم أو الطائرة أو ألعاب القوى أو تنس الميدان وكانت مركزة في المدن في عدن واستفادت منها الأرياف.
• ما هي أبرز الأندية التي تم دمجها¿
– كان الدمج يتم على فترات فمثلا نادي التلال حاليا كان نادي التضامن المحمدي ونادي الأحرار ونادي شباب العيدروس ونادي القطيع وغيرها من الأسماء وفي الضالع على سبيل المثال كان هناك نادي الثورة و22يونيو والنصر وهذه أصبحت نادياٍ واحداٍ باسم نادي الصمود وفي لحج كان هناك عدة أندية فتم تقليصها إلى ناديين وهما الشرارة والطليعة وهذا أدى إلى بروز تلك الأندية وتنشيطها.
• الشباب والرياضيون كان لهم دور بارز في الثورة هل نستطيع القول أن الاستعمار أصيب بالضرر من الرياضة وإذا كان ذلك صحيحا ماذا كان هدفه وهو يعلم أن الرياضة ستعمل تكتلات وتجمعات للشباب والرياضيين¿
– لم يكن هذا تفكيرهم .. فقد كانوا يفكرون بإيجاد أشياء تلهي الشباب عن متابعة الأحداث السياسية لذا قاموا بتوفير كل وسائل الراحة من خلال الرياضة ولكن ما حدث كان العكس حيث خدمت الرياضة والتجمعات الشبابية الجانب الوطني ويمكن أن يكون هذا بالفطرة من خلال كره المحتل الأجنبي.
• كيف بإمكاننا تطوير الرياضة وتشريف اليمن في المحافل الخارجية¿
– العملية مرتبطة ارتباطا كاملا بين الدولة ووزارة الشباب والرياضيين فلابد أن يكون هناك إيمان من الدولة بالرياضة وإلا لن نستطيع أن نعمل شيئاٍ فالموارد شحيحة والدولة ليست مقتنعة بهذا الجانب وأيضا أتمنى من الإخوة في وزارة الشباب والرياضة والإخوة في اللجنة الأولمبية اليمنية أن يعوا ويفكروا في المستقبل أكثر من التفكير بالوقت الراهن فيمكن استغلال الشباب في الألعاب الجماعية والفردية وخصوصا فئتي الشباب والناشئين وأيضا لا بد من تكاتف القطاع الخاص ولا ننسى دور الشباب ورغبته في تحقيق النجاح فمها كان إسهام الوزارة واللجنة الأولمبية والاتحادات ولا يوجد اهتمام عند الطاقات البشرية فلن نقدم شيئاٍ.
• وما هو الحل¿
– لا ألوم الحكومة وألوم أنفسنا جميعا والسبب الإتكالية وكل مشاكلنا هي إدارية وللأسف نحن عارفون ولكننا لا نسعى إلى حلها ولو عدنا للخلف وفترة ما بعد الثورة كان مجلس الشباب والرياضة الأعلى اشبه بالدكان ويدير الحركة الرياضية بانتظام فإذا وجدت الإرادة من خلال العمل المؤسسي والإرادة على تحقيق النجاح تطورنا.
• كلمة أخيرة بمناسبة العيد توجهها للشباب والرياضيين¿
– هذه مناسبة كبيرة تحفزنا لمواصلة ما قام به الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم ودمائهم فيجب أن تكون دماؤهم غالية علينا وتكون حافزا لنا لتحقيق الأهداف التي كان يصبوا إليها الشهداء وأقول للشباب أن عليكم دوراٍ مهماٍ وهو تكملة ما بدأه الثوار بدون تراجع لتأكدوا وعيكم وحبكم لوطنكم.

قد يعجبك ايضا