بيروت/طهران
من الصعب أن ننعي الارهاب التكفيري بمجرد مقتل زعيمه ابو بكر البغدادي، فالإرهاب التكفيري كما اثبتت التجربة التاريخية للمنطقة على مدى القرن الماضي، “ضرورة” امريكية غربية، لحماية الكيان الاسرائيلي، فهذا الارهاب باق مادام هذا الكيان موجودا في منطقتنا.
قبل زرع الكيان الاسرائيلي في قلب العالم العالم الاسلامي، وفي مرحلة الاستعمار تحديدا، بدأ المستعمر ، وخاصة البريطاني، باستخراج القراءات المشوهة والمغلوطة عن الاسلام وإفساح المجال أمامها للظهور، كما في قراءة ابن تيمية التي تجسدت أفضل تجسيد في الوهابية التي أصبحت “الدين” الرسمي للكيان السعودي الذي أسسه المستعمر البريطاني في جزيرة العرب.
الهدف من وراء بعث الحياة في القراءات التكفيرية والمشوهة للإسلام من قبل المستعمر كان من أجل توجيه “زخم” عداء العرب والمسلمين للمستعمر والأنظمة العربية التي اقامها المستعمر، نحو العداء للعرب والمسلمين أنفسهم، فالوهابية التي تحمل عداء مرضيا لكل المسلمين وتكفرهم عن بكرة ابيهم، كانت أرضا خصبة لظهور جماعات تذبح المسلمين “قربة الى الله” ، بينما لا أثر فيها لأي عداء للمستعمر، ولا للكيان الصهيوني فيما بعد.
الفكر التكفيري الوهابي، تحول على مدى 100 عام الى امضى سلاح بيد البريطانيين ومن ثم الامريكيين، لضرب حركات التحرر الوطني والقومي في البلدان العربية والاسلامية ، بذريعة انها “كفر” و “إلحاد” و “ارتداد”، بل تحول الى سلاح بيد الغرب في مواجهة الاتحاد السوفيتي السابق خلال الحرب الباردة، بعد ان تم تفريخ القاعدة من “مفارخ” الوهابية على يد “القابلة المأذونة” أمريكا.
بعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران وشعور الغرب أن أمن الكيان الاسرائيلي بات مهددا، على ضوء ولادة حركات مقاومة مثل حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين وأنصار الله في اليمن والحشد الشعبي في العراق ، شرعت مفارخ الوهابية بتفريخ نسخ أخرى أكثر قسوة ووحشية من القاعدة ، مثل “مجلس شورى المجاهدين” بزعامة السفاح ابو مصعب الزرقاوي، و “دولة العراق الاسلامية” بزعامة السفاح ابو عمر البغدادي” و، دولة العراق والشام” (داعش) بزعامة السفاح ابو بكر البغدادي، وهي عصابات ارهابية وهابية، كان هدفها الأول والأخير حرف بوصلة الإنسان العربي والمسلم، من العداء للكيان الصهيوني والقوات الامريكية الغازية لأرض العرب والمسلمين، نحو العداء لأخوته في الدين والوطن، تحت عناوين محاربة “الشيعة” و”الروافض” و”المجوس” ، ونصر “السنة والجماعة”، فسالت دماء المسلمين أنهارا في العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين وافغانستان وباكستان والصومال ومالي نيجيريا و..، دون أن يصاب “اسرائيلي” أو امريكي بخدش صغير.
لذا ما دام الكيان الاسرائيلي موجودا، ومادامت الوهابية التكفيرية موجودة، وما دام المال السعودي موجودا ، وما دام الجهل والتعصب ينخر في عقول السذج من العرب والمسلمين، وما دامت أمريكا لا يهمها إلا أمن الكيان الاسرائيلي، ومصالحها غير المشروعة، فلن يكون من الصعب تفريخ ابو بكر بغدادي آخر، كما تم تفريخ ابن لادن والظواهري والزرقاوي وابو عمر البغدادي و ابو محمد الجولاني وزهران علوش وابو بكر الشكوي والملا عمر وحكيم الله مسعود و..، من مفارخ الوهابية.
من جانب آخر، اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، مقتل زعيم جماعة “داعش” الارهابية بأنه ليس نهاية “داعش” والارهاب، وقال انه من المحتمل أن يتم تنظيم بقاياهم من قبل الامريكيين أنفسهم للقيام بعمليات تخريبية في المنطقة.
وقال موسوي في تصريح ادلى به لوكالة أنباء الإذاعة والتلفزيون الايرانية أمس إن شباب المقاومة وشعبي وحكومتي سوريا والعراق وشعوب المنطقة الأخرى وبدعم لوجيستي من الجمهورية الاسلامية الايرانية قد قضوا على “داعش”، إلا أن الداعشية والفكر الارهابي والطائفية والتطرف مازالت قائمة وتعد على الدوام ضمن أدوات تستخدمها بعض الدول مثل أمريكا.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية: بأننا لا نعتبر مقتل البغدادي نهاية الارهاب و “داعش” ، محذرا من أن “هذا الفكر مازال حيا ومن الممكن أن يتم تنظيم بقاياهم مجددا من قبل الأمريكيين أنفسهم للقيام بعمليات تخريبية في المنطقة”.
ولفت موسوي الى أننا لا نعتبر هذه الخطوة الامريكية المترافقة مع الكثير من الضجيج العجيب والغريب خطوة كبرى وأضاف، إنه كلما اقترب موعد الانتخابات يكشفون عن واحدة من أوراقهم هذه للاستهلاك الداخلي ونحن نعتقد بأن هذه الخطوة لم تكن خطوة كبرى لأن “داعش ” كان قد تم دحره من قبلنا ودول المنطقة ولكن ينبغي التريث لنرى ما يحمله أعداء المنطقة من مخططات لمستقبل المنطقة.