ذكرى فاجعة العزاء الأخير
عبدالفتاح علي البنوس
في مثل هذا اليوم الثامن من أكتوبر (تشرين الأول ) من العام 2016 كانت طائرات التحالف السعودي السلولي تحوم في أجواء العاصمة صنعاء ، منتظرة الأوامر من غرفة العمليات المركزية لتنفيذ المهمة الموكلة إليها ، والتي تتمثل في الإغارة على صالة عزاء والد وزير الداخلية حينذاك اللواء جلال الرويشان الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن ، حيث كان الوزير الرويشان وآل الرويشان يستقبلون جموع المعزين في الصالة الكبرى بشارع الخمسين بأمانة العاصمة ، قيادات بارزة في الدولة مدنية وعسكرية ، وعدد من الوجاهات والشخصيات الاجتماعية من مختلف المحافظات كانت حاضرة داخل صالة العزاء عندما باغتتها صواريخ الغدر والإجرام السعودية اليهودية والتي تساقطت عليها الواحد تلو الآخر.. مشاهد كارثية مؤلمة لمئات الجثث المحترقة والمبتورة الأعضاء ، الحريق التهم الصالة ، بعد الصاروخ الأول تدافع العديد من المرافقين والأولاد الذين كانوا على متن السيارات لإنقاذ وإسعاف آبائهم ومسؤوليهم ، قبل أن يباغتهم الصاروخ الثاني الذي أتى على حياة العديد منهم ، حالة من الذهول والرعب خيم على المكان بعد الصاروخ الثالث ، والذي زاد المشهد مأساوية تدمي القلوب ، جثث لم يتم العثور عليها ، ولولا عناية الله ولطفه لكان حصاد الجريمة أضعاف ما حصدته هذه المذبحة البشرية ، قرابة 750شهيدا وجريحا حصيلة تلكم الجريمة والمذبحة الكبرى التي شهدتها الصالة الكبرى ، مستشفيات العاصمة أعلنت حالة الطوارئ ، ساعات حرجة عاشتها الأسر التي كان أقاربها في الصالة ، وهم يتنقلون بين المستشفيات يبحثون عنهم ، جموع المواطنين من مختلف المحافظات بدأت بالتدفق إلى العاصمة للاطمئنان على ذويهم وأقاربهم ، ساعات مشبعة بالحزن والحسرة والأسى خيمت على العاصمة ، الكل في حالة ذهول من هول الجريمة وفداحتها ، وعلى الرغم من معرفتنا بإجرام ووحشية وغدر آل سعود من خلال الجرائم والمذابح التي ارتكبها منذ فجر 26مارس 2015م إلى بعد ظهر الـ 8 من أكتوبر 2016م، إلا أن الكثير من الحاضرين صالة العزاء والكثير من المواطنين لم يكونوا يتوقعون أن يصل الحقد والإجرام السعودي إلى هذا المستوى الذي تستهدف فيه صالة عزاء مليئة بآلاف من البشر ، القاتل السفاح حاول التنصل عن جريمته ، بادعاء عدم قيامه بأي عمليات جوية فوق العاصمة ، وعدم صلته بالجريمة ، وجندوا أبواقهم ومرتزقتهم لتوجيه الاتهام لأنصار الله ، ونسجوا القصص والروايات ، في محاولة منهم لإرباك المشهد السياسي اليمني وخلخلة الصف الوطني والنيل من تماسك الجبهة الداخلية ، ولكن الله فضحهم وأظهرت مشاهد مصورة بواسطة هاتف نقال لحظات سقوط الصاروخين الثاني والثالث ، ومعها لم تستطع السعودية وناطقها العسيري إلا الاعتراف بالجريمة وادعاء تنفيذها على خلفية معلومات وبلاغات كاذبة ، والحديث عن فتح تحقيق بشأنها ، وهي مغالطة مفضوحة ، تعودنا عليها عقب كل جريمة يرتكبها التحالف السعودي السلولي ، ليبتلع طابور النفاق والارتزاق ألسنتهم ، بعد أن دافعوا عن السعودي ونفوا أي صلة له بالجريمة وحاولوا إلصاقها بأنصار الله.
بالمختصر المفيد، اليوم وفي الذكرى الثالثة لهذه المجزرة والمذبحة البشرية الكبرى ، والتي ما تزال شواهدها وآثارها حاضرة في المكان ، وما تزال انعكاساتها وآثارها محفورة في ذاكرة كل اليمنيين وفي مقدمتهم أهالي الشهداء والجرحى ، حيث يتجدد الحزن على الفاجعة الكبرى التي تعرضوا لها في صالة العزاء الأخير ، التي سلبتهم أغلى ما يملكون ، وحرمتهم من السعادة والبهجة التي كانت تحيط بهم والتي كانوا ينعمون بها ، وهي مناسبة تتجدد لديهم ولدى كل الشرفاء الأحرار من اليمنيين الرغبة في القصاص من القتلة ، وتذويقهم المر ، جزاء ما ارتكبوه من جريمة نكراء يندى لها جبين الإنسانية ، والعهود من الجميع بالثأر لأرواح الشهداء ودماء وأنين الجرحى ومعاناة أسرهم وذويهم ، ورد الصاع صاعين ، هناك في جبهات الشرف والكرامة ، وداخل العمق السعودي والإماراتي من خلال عمليات توازن الردع النوعية.
الرحمة والخلود للشهداء ، الشفاء للجرحى ، الحرية للأسرى ، الخزي والعار للقتلة وأذنابهم وأدواتهم من العملاء الخونة المرتزقة المنافقين ، والنصر والتمكين لليمن واليمنيين. هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.