
– “لبوزة”..أسد ردفان وشهيد الثورة الأول
– فيصل الشعبي ..جيفارا ثورة أكتوبر وأول من أسقط كريتر
– مهيوب الشرعبي..مهندس العمل الفدائي ضد الاستعمار
– عنتر ..وحدوي من الطراز الأول وأحد طلائع المناضلين عن ثورة سبتمبر
– فتاح.. قائد خلايا العمال السرية والمطلوب الأول لدى المستعمر
– علي شايع ..مؤسس أول نواة لتحرير الضالع
– طلق ناري داخل مظروف.. رد لبوزة على طلب المستعمر منه التعهد بعدم العودة للشمال
يحتفل اليمنيون اليوم باليوبيل الذهبي لثورة الـ14 من اكتوبر المجيدة وهو احتفال يحاول فيه الإنسان اليمني اليوم استذكار واسترجاع تلك الملاحم البطولية والنضال الاسطوري الذي سطره أولئك الرجال والذي توج برحيل الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
اليوم نقف إجلالاٍ وتعظيماٍ لتلك التضحيات التي قدمها الشهداء (راجح لبوزة فيصل الشعبي مهيوب الشرعبي علي عنتر علي شايع سالم ربيع علي قحطان الشعبي خليفة عبدالله خليفة عبدالفتاح اسماعيل المناضلة دعرة….).
دماء زكية قدمها أحرار جنوب الوطن وشماله في سبيل رحيل الاستعمار والتخلص من الحكم الإمامي. اليوم نتذكر بإعتزاز ذلك”الطلق الناري” الذي أرسله أسد ردفان “لبوزة” داخل ظرف إلى المستعمر الأجنبي كرد على طلب الأخير منه عدم العودة إلى شمال الوطن كما نتذكر مهندس العمل الفدائي في ثورة أكتوبر الشهيد مهيوب الشرعبي وهو أيضاٍ يوم تاريخي نتذكر فيه جيفارا ثورة اكتوبر فيصل الشعبي الذي أسقط كريتر وكذا علي شايع هادي مؤسس أول ثورة لتحرير الضالع وعلي عنتر الثائر البطل ورجل الوحدة من الطراز الأول.وعبدالفتاح اسماعيل قائد جبهة عدن والمناضلة دعرة المرأة الحديدية والمقاتلة العنيدة. ساحة كبيرة تكتظ بأسماء شهداء ومناضلي الثورة نقتطف منها اليوم عدداٍ من مواقف التضحية والفداء في مسيرة “نضال شعب وهزيمة إمبراطورية”.
لبوزة.. أسد ردفان
عاش طفولة قاسية فنشأ يتيما وعانى الفقر والأمية لكنه كان يعشق الحرية ويتوق العيش الكريم كان قرويا متمردا حتى على نفسه وثائرا لا يشق له غبار.حمل بندقيته فانطلق إلى جوار اخوانه يطارد الإمامة ويدافع عن الجمهوريةفكان شامخا شموخ جبال ردفانلايهاب المستعمر الأجنبي ويتوق ليوم لقائه وعندما طلب المستعمر منه ترك السلاح ودفع 500 شلن غرامة والتعهد بعدم العودة إلى الشمال لم يجد أمامه سوى طلق ناري وضعه داخل ظرف الرسالة وارسله إلى الضابط البريطاني كرد مناسب على شروطه. انه الشهيد راجح بن غالب لبوزةأسد ردفان وفارس الثورة الأكتوبرية وأول شهدائها أشعل فتيل الثورة الإكتوبرية هو ومجموعة من رفاقة يقدرون بسبعين مناضلا بعد عودتهم من شمال الوطن. حيث تم توزيعهم إلى أربع مجموعات.. قاد لبوزة وابنه بليل اثنتين منها واستطاع لبوزة ورفاقه المناضلون منع تقدم القوات البريطانية التي ترافقها الدبابات والمدافع والطائرات وأجبروها على التراجع.
ويذكر “محمد عباس ناجي الضالعي” في كتابه (حقائق جديدة عن الانطلاقة الأولى لثورة 14 أكتوبر أن القوات البريطانية لم تستطع التقدم متراٍ واحداٍ أمام ضراوة القتال والاستبسال اللذين أبداهما المرابطون في ردفان وبعد ساعات من القتال استشهد راجح لبوزة في هذه المعركة متأثراٍ بشظايا قذيفة اخترقت جسده ليكون أول شهيد في معركة الذود عن الوطن والتي انطلقت من جبال ردفان لتعم بعدها كل أرجاء جنوب الوطن اليمني المحتل.ودخلت الثورة باستشهاد لبوزة مرحلة جديدة من النضال ضد المستعمر.
أما المناضل محمد جابر ثابت رفيق الشهيد لبوزة الذي ودعه على جبل”البدوي” شهيدا فيشير- في حديث صحفي له- إلى أن الشهيد بدأ يحس أن بلاده محتلة من قبل الاستعمار البريطاني وأن عليه مقاومة هذا الاستعمار الغاشم فبدأ بتشكيل خلايا سرية من أبناء ردفان وأعدهم لمقارعة المستعمر ولكنها كانت جماعات غير منظمة شكلت بداية الانتفاضات وكان بداية عملها المسلح في عام 1942م حيث قضت على ثكنة عسكرية لجيش شبره التابع للقوات البريطانية في منطقة ردفان في جبل الحمراء الحبيلين. وفي عام 1956م ذهب إلى السخنة ومعه مجموعة من أبناء ردفان .
وعند انتصار ثورة 26 سبتمبر 1962م عمل الشهيد صلحاٍ بين قبائل ردفان وذلك من أجل أن يتمكنوا من الذهاب إلى شمال الوطن للدفاع عن الثورة الوليدة وانطلق لبوزة من مسقط رأسه من وادي دبسان حتى وصل منطقة «ذي ردم» حيث توجد قبيلتا الداعري والمحلاتي المتقاتلين فيما بينهما وعقد صلحاٍ فيما بينهما لمدة سنة وكان يتواجد هناك سيف مقبل عبدالله وأبناؤه حيث ذهبوا معاٍ ومجموعة كبيرة من أبناء ردفان إلى قعطبة وكانوا حوالي «150» شخصاٍ وتم ترحيلهم إلى إب ثم إلى الحديدة وهناك سلمت لهم أسلحة شخصية وذخيرةوكان الشهيد يترأس تلك المجموعةليواصل الشهيد المسير من الحديدة إلى منطقتي عبس برفقة قائد لواء إب الشهيد أحمد الكبسي وكان في استقبالهم هناك قائد القوات المصرية المرابطة في عبس والمحابشة وتم تمركز القوة التي كان يقودها الشهيد لبوزة في المحابشة في منطقة الوعلية والمفتاح الخاليتين من السكان ولاتتواجد فيهما إلا القوات المصرية الشهيد لبوزةالشهيد أحمد الكبسي وعبدالمنعم رياض قائد القوات المصرية في المحور وكانت تتواجد هناك مجاميع من القبائل المتمردة على الثورة حاصرت تلك المجاميع القبلية من أبناء ردفان والقوات المصرية حيث تقدم الشهيد لبوزة بمجموعة تتجاوز خمسين مقاتلاٍ وفكت الحصار عنهمفكان أن استشهد مجموعة من مقاتلي ردفان في تلك المعركة وبوجود الشهيد أحمد الكبيسي برفقة الشهيد لبوزة طلب من القيادة بصنعاء لكي تعود مجموعة الشهيد إلى صنعاء وذلك للالتقاء بالقيادة هناك والتشاور حول عودة المجموعة إلى ردفان وتفجير الثورة هناك لمقاومة الاستعمار البريطاني وانطلاق أول ثورة منظمة ضده وثم عودة المجموعة مع أسلحتهم الشخصيةوكان لقاء صنعاء يضم المشير عبدالله السلال رئيس الجمهورية وبرفقته قحطان محمد الشعبي ومحمد علي الصماتي وثابت علي وعبدالحميد بن ناجي وغيرهم وخرج اللقاء بقرار عودة المجموعة برئاسة الشهيد لبوزة إلى ردفان إلا أنه لم تحدد ساعة الصفر لانطلاق الثورة. ويتابع:” وترك الأمر للمجموعة لتحديد المكان والزمان المناسبين ألا أن الاقدار شاءت ذلك وذلك عندما سمع الضابط السياسي البريطاني الموجود في الحبيلين بعودة الشهيد لبوزة ومجموعته إلى ردفان مع أسلحتهم وكذلك امتلاكهم لقنابل يدويةأرسل رسالة يطلب فيها من الشهيد لبوزة ومجموعته تسليم أنفسهم وأسلحتهم إليهوعدم عودتهم إلى الشمال بضمانة قدرها خمسمائة شلن آنذاك وعندما استلم الشهيد رسالة الضابط السياسي البريطاني دعا فوراٍ إلى عقد لقاء يضم جميع العائدين من الشمال على أن يكون اللقاء في وادي عقيبة وجبال ردفان وكان اللقاء عصراٍ حضره أكثر من 200 مقاتل وتم قراءة الرسالة المرسلة من الضابط الانجليزي على الحاضرين فسأل لبوزة: ما الذي تريدونه الاستسلام أم الرد والمواجهة¿ فاختار جميع من في المجلس خيار الرد والمقاومة.. فارسل الشهيد لبوزة رسالة إلى القائد الانجليزي مظرفة وبداخلها طلقة نارية.
وعلى إثر ذلك تقدم الجيش العربي الاتحادي والبريطاني إلى وادي المصراح حيث هجموا على شخص من مجموعة لبوزة أثناء عمله في الحصاد فأخذوا سلاحه وتم حجزه وأخذوه إلى الحبيلين وأثناء ذلك دعا الداعي إلى الشهيد لبوزة ومجموعته وتحركوا ليلة 13 اكتوبر إلى جبل البدوي ووزعت المجموعة على قمة الجبل وأسفله وكانت المواجهة يوم 14 أكتوبر في معركة استمرت حتى الساعة الثانية عشرة ظهراٍ استشهد فيها المناضل لبوزة من جراء القصف المدفعي الشديد للعدو البريطاني حيث أصيب بشظية في الجانب الايمن تحت الابط اخترقت جسده حتى الجانب الايسر على موقع القلب في حين كان قابضاٍ على سلاحه يطلق النار على مؤخرة القوة.. وتم دفنه بعدها في وادي عقيبة وواصل من بعده أبناء ردفان وأبناء الجنوب مسيرة الكفاح المسلح في الريف والمدينة حتى تم اجلاء المستعمر البريطاني دون قيد أو شرط في 30 نوفمبر المجيد”.
فيصل الشعبي .. مهندس جبهة عدن!
يجمع الباحثون الكتاب على أن المناضل فيصل عبد اللطيف الشعبي كان احد أهم رجالات الثورة والتحرير فهو يعود له الفضل في فتح جبهة عدن بل هو أول من دخلها عام 1965م بهدف إعادة ترتيب وضع الفدائيين ولاسيما بعد اعتقال 43 فدائيا عام 1965م. وهو الأول في ترتيب أوضاع الجبهة القومية وقيادات الريف والراعي لاجتماع قيادات الريف عام 1964 الذي أعلن فيه نقل القتال من الريف إلى قلب المستعمرة عدن ليقينه بان ذلك سوف ينقل للعالم بان هناك ثوره في الجنوب وليس تمردا قبليا في ردفان . لهذا فقد تحقق لـ”جيفارا ثورة أكتوبر” -كما يحب للكثير من الكتاب أن يطلقوا عليه-هذا الهدف حيث أسقط في 20 يونيو 1967 مدينه كريتر واول من دخلها في الساعة الخامسة عصرا إلى عدن يوم20 يونيو67م. وهو بحسب عبد العزيز مصعبين من نجح في احتواء الخلاف الذي كان دائرا بين فدائيي الجبهة القومية والتنظيم الشعبي للقوى الثوريه الذين معظمهم كانوا من فدائيي الجبهة القومية قائلا لهم: “امامنا جميعا النضال من اجل طرد الاستعمار اولا” وفعلا امتثل الجميع له واستلم بعض من فدائيي الجبهة القومية السلاح مساعدة لهم من التنظيم الشعبي للقوى الثورية.
“عبود “الشرعبي..مخطط العمل الفدائي
مهيوب علي غالب الشرعبي الشهير بـ” عبود” يعد مخطط ومهندس العمل الفدائي ضد المستعمر الأجنبي نفذ وقاد عمليات فدائية كبيرة في كل مستعمرة عدن أغلبها في حي المعلا وخور مكسر في عمليات فدائية في أخطر وأهم المواقع البريطانية في عدن وتمكن الشهيد بفضل قدراته ومواهبه وروح الإقدام والإخلاص والاستعداد للتضحية والسرعة في الحركة والدقة في التخطيط والشجاعة العالية فقد تمكن من تنفيذ العمليات الفدائية الجسورة والخطيرة وبحسب العديد من الشهادات التي أدلى بها مناضلون وثوار فإن هذه المزايا مكنته من الإفلات من الوقوع في أيدي سلطات الاحتلال وأجهزتها الاستعمارية كما مكنته من تبوء مواقع قيادية فدائية هامة في قيادة الجبهة القومية وثورة 14 اكتوبر التحررية المسلحة.والشهيد مهيوب علي غالب الشرعبي من مواليد عام 1945م في قرية “الجبانة” عزلة “الدعيبسة” شرعب الرونة وقد عانى من اليتم صغيراٍ فقد توفى والده وعمره ثلاث سنوات. وبعد وفاة والده انتقل الى عزلة “الشحنة” شرعب الرونة وعاش مع والدته في بيت خاله عبدالله حسن. في عام 1955م انتقل الشهيد الى عدن التحق التحقا بالمدرسة الأهلية في التواهي وعند استكمال المرحلة الابتدائية ولظروف مادية صعبة لم يتمكن الشهيد من مواصلة الدراسة الإعدادية المنتظمة حيث التحق بالعمل في محل لبيع الخضروات والفواكه في مدينة التواهي في عدن. إلا أن هذا لم يفت في عضده فواصل الدراسة المسائية حتى أكمل المرحلة الإعدادية. ووفقا لشهادة اللواء سالم علي بن حلبوب فقد التحق الشهيد عام 1961م بدراسة قواعد اللغة العربية في نادي الأعروق بمدينة المعلا في عدن وأثناء الدراسة في النادي تعرف الشهيد على مبادئ وأهداف حركة القوميين العرب وذلك من خلال الأستاذ عبدالرزاق شائف الذي قام بترتيب أمر التحاق الشهيد مع رفيق دربه في عضوية وصفوف الحركة و في نهاية عام 1961م وأدى الشهيد القسم التنظيمي على يد الأستاذ عبدالرزاق شائف والفقيد عبدالوارث الإبي. حيث رتب وضع تنظيمي للشهيد في إطار القطاعات التنظيمية لحركة القوميين العرب في عدن.
وبانطلاقة ثورة 14 اكتوبر التحررية المسلحة في عام 1963م لتحرير الجنوب اليمني المحتل رتب وضع الشهيد عبود بحيث صار عضواٍ في الجبهة القومية وضمن قيادة العمل السياسي والفدائي في عدن. وفي مطلع عام 1964م سافر الشهيد عبود مع مجموعة من الفدائيين والمناضلين الى مدينة (تعز) للإلتحاق بدورة تدريب عسكرية وبعد إكمال الدورة عاد الشهيد مع مجموعته الى عدن وعلى الفور بدأت العمليات الفدائية وبدأت عدن تشهد عملاٍ فدائياٍ واسعاٍ وقوياٍ ضد قوات الاحتلال البريطاني وكان يوم توقيت فتح جبهة عدن في يوم 2 اغسطس 1964م ونفذ وقاد الشهيد عمليات فدائية كبيرة في كل مستعمرة عدن أغلبها في حي المعلا وخور مكسر.
وفي نهاية عام 1964م تفرغ الشهيد عبود الشرعبي للعمل الفدائي لقيادة وتخطيط وتنفيذ العمل الفدائي حيث تبوأ الشهيد مواقع قيادية في اطار قيادة القطاع الفدائية للجبهة القومية في مدينة عدن وصار من أبرز قادة القطاع الفدائي للجبهة القومية في مستعمرة عدن.
وفي عام 1965م وفي شهر يناير تحديداٍ وفي الساعة السادسة صباحاٍ اعتقلت القوات البريطانية الشهيد عبود وهو خارج من منزل رفيقه الدائم أحمد قاسم سعيد في فناء مستشفى الملكة (الجمهورية) وذلك بإيعاز من عملاء بريطانيين رصدوه وهو يدخل المنزل وأودع معتقل المنصورة لمدة ستة أشهر تعرض خلالها لتعذيب جسدي ونفسي شديدين وبسبب التعذيب بترت احدى أصابع يده وحكم عليه بالتسفير الى مدينة تعز.
وفي مدينة تعز بعثته قيادة الجبهة القومية المتواجدة هناك الى الخارج في دورة تدريبية على أساليب طرق قيادة حرب العصابات والعمل الفدائي في المدن وعند إكماله لدراسته في حرب العصابات في المدن والمعسكرات منح من عناصر الجبهة القومية في جيش اتحاد الجنوب العربي والبوليس بطاقات قائد عسكري مما مكنه من القيادة والتخطيط والتنفيذ لعمليات فدائية في أخطر وأهم المواقع البريطانية في عدن وتمكن الشهيد بفضل قدراته ومواهبه وروح الإقدام والإخلاص والاستعداد للتضحية والسرعة في الحركة والدقة في التخطيط والشجاعة العالية تمكن من تنفيذ العمليات الفدائية الجسورة والخطيرة وهذه المزايا مكنته من الإفلات من الوقوع في أيدي سلطات الاحتلال وأجهزتها الاستعمارية كما مكنته من تبوء مواقع قيادية فدائية هامة في قيادة الجبهة القومية وثورة 14 اكتوبر التحررية المسلحة.وكان للشهيد دور في دعم ومساندة جمهورية 26 سبتمبر في الشمال حيث أشترك مع رفيق دربه وزملاء آخرين ضمن فرق شكلت في عدن لجمع التبرعات المالية وتعبئة المواطنين والمتطوعين وإرسالهم للالتحاق بالحرس الوطني والجيش الجمهوري للدفاع عن الجمهورية هذا الى جانب التعقب والمطاردة لفلول الملكيين الذين كانوا يحاربون الجمهورية من مناطق الجنوب وخصوصاٍ من عدن وبيحان.
استشهاد عبود..شهيد الثورة والتحرير
وفي يوم السبت 11 فبراير 1967م استيقظ الشهيد عبود الشرعبي من نومه مبكراٍ وكان نائماٍ في منزل المناضل احمد قاسم وركب سيارته نوع ( أو ستن ميني) بيضاء اللون والتي كانت معبأة بالألغام وتوجه الى مدينة الاتحاد (الشعب) وكان في انتظاره هناك الشهيد الدوح وآخرون حيث قاموا بزرع الألغام في ميدان الاتحاد الذي كان مقرراٍ ان يقام فيه الاحتفال بعيد الاتحاد الفيدرالي الثامن والذي تأسس في 11 فبراير 1959م وحضر كل السلاطين ووزراء حكومة الاتحاد الفيدرالي والقادة والمسؤولون البريطانيون وعند حضور المندوب السامي البريطاني وقائد القوات البريطانية في الشرق الأوسط بطائرة مروحية تم اكتشاف بان ميدان الاحتفال مزروع بالالغام فلم تهبط الطائرة وقفلت عائدة من حيث أتت الى حي التواهي وانفض الاحتفال.
وخلال هروب السلاطين والعملاء والضباط البريطانيين فتح الشهيد النار مع رفاقه ورموهم بقذائف المدفعية المختلفة الأنواع وسقط عدد كبير من ضباط وجنود الاحتلال البريطاني وعملائهم صرعى واستشهد من فدائيي الجبهة القومية الشهيد الدوح.وفي نفس اليوم اشتعلت أول معارك ضارية في كل أنحاء المستعمرة عدن وانتقل الشهيد عبود الشرعبي من مدينة الاتحاد الى مدينة الشيخ عثمان وقاد المعارك بنفسه ليستشهد (عبود) في عملية فدائية نوعية فقد قفز على سطح ناقلة جنود بريطانية والقى بقنبلة يدوية في فتحتها في الأعلى لتنفجر محدثة اصابات كبيرة بين قتلى وجرحى من الجنود البريطانيين ومن ثم جرى خلال سوق البلدية في الشيخ عثمان ورصده جندي بريطاني كان متمركزاٍ مع ثلة من الجنود فوق سطح عمارة البنك القريب من مسجد النور وأطلق عليه النار ليسقط شهيد الثورة والتحرر. لتشهد عدن أكبر وأضخم جنازة في تاريخيها .
علي شايع ..وأول نواة لتحرير الضالع
نشأ في أسرة فلاحية فقيرة وحرم من حنان ابيه منذ نعومة أظفاره وقد تلقى دراسته الابتدائية خلال الفترة 1952-1956 في مدينة قعطبة وعاد إلى قريته الصغيرة في أحداث انتفاضة 1956 المشهورة. اندفع بقوة للمشاركة في صفوف المقاتلين من ثوار اكتوبر رغم حداثة سنه. إنه الشهيد البطل علي شايع هادي الذي التحق في مطلع ستينيات القرن الماضي بصفوف حركة القوميين العرب ضمن الخلايا الأولى التي نظمها الشهيد علي أحمد ناصر عنتر وكانت بداية ممارسة العمل السياسي والوطني المنظم للشهيد علي شايع في مشوار نضاله العام والخاص. وقد شارك الشهيد علي شايع هادي خلال الفترة الممتدة من 14 أكتوبر 1963 يوم انطلاق الثورة حتى 24 يوليو 1964 (وهو تاريخ فتح الجبهة العسكرية الثانية في الضالع) في نقل الأسلحة والذخائر وتموين ثوار الجبهة القومية في ردفان وكان هذا العمل مصحوبا بعمله مع رفاقه في الإعداد العسكري الشامل لفتح جبهة الضالع حيث شارك في تأسيس أول نواة لجيش التحرير في الضالع وترأس أول مجموعة عسكرية أرسلت للتدريب في مدينة تعز معسكر (صالة) لمدة أسبوعين.كما شارك الشهيد علي شايع في أول هجوم عسكري ضد الوجود البريطاني في منطقة الضالع ليلة 24 يوليو 1964 كما شارك في عمليات أخرى كانت إحداها في العام 1965 وأصيب في تلك المعركة بطلقتين في الفم وثالثة في الذراع الأيمن.والشهيد علي شايع هادي حاصل على عدد من الأوسمة الوطنية والميداليات أبرزها (وسام 14 أكتوبر)ولقي الشهيد علي شايع هادي نحبه في أحداث 13 يناير 1986 المؤسفة.
علي عنتر ..وحدوي من الطراز الاول
الشهيد البطل علي أحمد ناصر عنتر مناضل وحدوي من الطراز الأول كان في طليعة صفوف المناضلين عن ثورة سبتمبر حكم عليه المستمعر الأجنبي بالموت وفي كل مرة كان يكتب له عمر جديد.. إنه الشهيد البطل علي احمد ناصر عنتر. يعود اليه الفضل في انطلاق الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني وأعوانه في إمارة الضالع بتاريخ 24 يوليو 1964م عقب عودة عدد من الشباب من تعز الذين خضعوا فيها لدورة تدريبية عسكرية دامت شهرين لينظموا إلى صفوف الرجال العائدين من شمال الوطن بعد مشاركتهم في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر في صفوف الحرس الوطني. كما قاد معارك التحرر ضد قوات الاحتلال البريطاني في الضالع حتى اندلاع ثورة 14 اكتوبر من جبال ردفان وخاض مع رفاقه في جيش التحرير القتال الضاري في الكفاح المسلح لمدة 4 سنوات اجترح الملاحم والمآثر البطولية حتى تحقق لشعبنا اليمني في جنوب اليمن العزيز آنذاك استقلاله الوطني في 30نوفمبر 1967م.
لقد بدأ نجم الشهيد عنتر يلمع منذ انتفاضة 1956م فنظرا لعدم حصوله على سلاح حمل عصا واتجه بها مباشرة صوب ساحة المعركة في انتفاضة 56م وبإصراره حصل بدل العصا على بندقية قديمة. فكانت جواز سفر عبر بها البطل عنتر إلى ساحة النضال الفدائي فانظم إلى مجموعة مسلحة قامت بنصب كمين لدورية بريطانية في منطقة الضالع ثم أظهر بسالة وشجاعة عالية أثناء مهاجمته لموقع الضابط السياسي البريطاني في منطقة” الصفراء” وهو ما استدعى اشادة المناضل الشهيد راجح لبوزة بشجاعته. إلا أن معركة” جحاف” 1957م التي استمرت 14 يوما هي أم المعارك بالنسبة للشهيد علي عنتر فقد كان احد أبطال هذه المعركة. حيث تبنى خطة أبطل من خلالها مفعول الطيران البريطاني من القصف على موقع الثوار.وهو ما استدعى من سلطات الاحتلال الحكم عليه بالموت وبسبب الملاحقة قرر السفر إلى الكويت نهاية 1958م حيث شكلت تجربة هجرته عن الوطن نقطة تحول ثوري في تاريخه النضالي ضد الاستعمار الأجنبي. فعمل على تشكيل خلايا سرية هناك تؤمن وتحن للعودة إلى الوطن وتحريره فعاد عام 1961م مع تلك العناصر وتنبنوا جميعا فكرة الكفاح المسلح ضد المستعمر. وفي منطقة قعطبة تمكن من اغتيال ضابط بريطاني وإصابة آخرين وهو ما اجبر امير الضالع بقبول عودته إلى الضالع شريطة ان يكون مواطنا صالحا.
عنتر وثورة 26 سبتمبر
عند انفجار ثورة الـ 26من سبتمبر عام 1962م في شمال الوطن واشتداد الهجمات المضادة في محاولة يائسة لوصول الثورة الوليدة الى مهدها بررت الضرورة الملحة للاسهام في الدفاع عن الثورة أمام عنتر ورفاقه باعتبارها اهم وأنبل مهمة نضالية تقع على عاتق المناضلين الشرفاء في الشطرين وازاء هذه المستجدات الجديدة وبرئاسة عنتر عقد ابرز قادة حركة القوميين العرب في الضالع اجتماعهم في منزل الشهيد المناضل علي شائع هادي حيث تم في الاجتماع تدارس الخطة للاسهام المباشر في الدفاع عن ثورة 26سبتمبر بكل الامكانيات المتاحة وبمختلف الطرق كما انه ناقش امكانية الثورة في الشطر الجنوبي من الوطن بعد ان توفر له اهم طرف موضوعي لذلك وعقب الاجتماع تحرك عدد كبير من الفدائيين مع اخوانهم من الجنوب للدفاع عن الجمهورية الفتية ولم يقتصردور عنتر ورفاقه على هذا الجانب بل انه لعب دوراٍ كبيراٍ في اقناع عدد من ابناء الشطر الشمالي الذين فروا الى الضالع عقب الثورة بالتوقف عن معاداتها وخدمة أهداف الاستعمار حيث استطاع اقناع جزء كبير منهم بالعودة الى ديارهم والمساهمة في الدفاع عن الجمهورية وقد قال لهم عبارته الثورية الصادقة التي رواها رفيقه ناصر في حديث صحفي له «الثورة قامت من اجلكم ولن تعود الامامة بعد اليوم”.
وقد شارك عنتر ورفاقه بمن فيهم المغتربون العائدون في العديد من المعارك أبرزها معركة الجميمة بالقرب من قعطبة وفي اثناء ذلك قام ورفاقه باحباط تهريب مجموعة من الدبابات من قعطبة الى الضالع فقد ابلغه احد رفاقه القريبين من الضابط السياسي والأمير بالخطة حينها فتحرك الى قعطبة لمقابلة القائد العسكري وابلاغه بذلك فلم يجد الا نائبه الذي وجده جالساٍ مع مجموعة من ضباط الدبابات وعندما ابلغه بالنبأ وسلمه رسالة بذلك مد يده نحو مسدسه بطريقة لا ارادية لكن عنتر وبسرعة مذهلة فتح امان بندقيته وبعد تأكده أن ملامح نائب القائد تدل على انه متورط فسحب منه الرسالة واسرع لاشعار رفيقه المجعلي فذهبا معاٍ الى عامل قعطبة الذي ابلغ زيفاٍ ان رجال الدبابات سيتحركون الساعة التاسعة صباحاٍ الى تعز وحينها زودهما العامل بألغام قاموا بزرعها في الطريق المؤدية الى الضالع لتفجير الدبابات اذا تمت عملية التهريب لكن مدبري الخطة شعروا ان خطتهم قد انكشفت ولم يجرؤوا على تنفيذها بعدها شارك عنتر ورفاقه في الدفاع عن جمهورية سبتمبر في العديد من الجبهات في المحابشة وصنعاء وصرواح وغيرها وكانت قيادته لمعركة صرواح في السبعينيات وهو مسؤول بارز في الشطر الجنوبي تدل على رفاقه وتقديسه لواحدية الثورة اليمنية حيث تم تطهير صرواح من أعداء الجمهورية بعد تلك المعركة.
عنتر وثورة 14اكتوبر
تؤكد العديد من الوثائق والكتابات والشهادات على ان دور علي عنتر ورفاقة برز اكثر عند انطلاق الثورة في ردفان وذلك في توضيح عظمة جبهة ردفان واهمية الثورة ومع اشتداد الضغط على هذه الجبهة وعقب لقاء سري مع المناضل المرحوم الرئيس قحطان الشعبي وفخري عامر ومندوب القيادة المصرية في الشمال تبنى عنتر مسألة ايصال التعزيزات بدون اية تكاليف وبالفعل كلف عنتر مجاميع من رفاقه بمهمة نقل الذخائر والأسلحة على ظهور الحمير والجمال من قعطبة الى جبال منطقة «شقع» واقترن ذلك العمل المكثف لفتح جبهة الضالع وكان زواج عنتر من رفيقة دربه فاطمة قد تحول الى لقاء موسع للمناضلين وبعد ايام من زواجهما قال لهم «انا مكلف بقيادة العمل الفدائي في الضالع وقد قررنا تفجير الثورة في جبهة الضالع وسوف اصعد الجبل اذا سأل احد عني قولوا له ان عنتر هرب الى صنعاء ليسافر إلى الغرب.
وفي يوم 20 يونيو 64م وبعد استكمال المجاميع الفدائية تدريباتها في تعز بدأ الاستعداد للعودة لتفجير جبهة الضالع ومع بداية الدقائق الأولى من الساعة الثانية بعد منتصف الليل وصبيحة 24يونيو 1964م كانت الطلقات الأولى هجوم على معسكر الانجليز ومقر الضابط السياسي في الضالع ونسف محطة تموين القوات البريطانية بالمياه وبهذا تم الإعلان عن فتح ثاني جبهة بعد جبهة ردفان دشن بها مرحلة جديدة من حرب العصابات المنظمة التي لا تعرف التوقف أو التهدئة أو الرحمة ولا تعرف حدوداٍ للزمان والمكان ولا حصراٍ للطرق والأساليب.
وفي صبيحة 22يونيو 1967م شهدت الضالع اكبر مسيرة جماهيرية قادها عنتر ورفاقه ومن على متن إحدى الدبابات البريطانية القي الشهيد المناضل الثائر علي عنتر خطاباٍ سياسياٍ هاماٍ وخاطب الجماهير المتحمسة للثورة والتحرر قائلاٍ:«ايها الرفاق تحقق النصر وتحررت منطقة الضالع من المستعمرين والانتصار صنعته هذه الجماهير الغفيرة بفضل تضحياتها الكبيرة من اجل الحرية والاستقلال.وفي سبتمبر بدأت مسيرة التحرك نحو عدن عبر عدة جبهات حيث وصل الى البريقة في نوفمبر ليحتفل مع الشعب اليمني كله بعيد الاستقلال لجنوب الوطن 30نوفمبر 67م.هذا وقد استشهد المناضل الشهيد علي أحمد ناصر عنتر في 13 يناير 86م.
فتاح..المطلوب الاول للمستعمر
ينتمي عبد الفتاح إسماعيل إلى أسرة انتقل عائلها من الجوف واستقر في قرية “الاشعاب” أغابرة مديرية حيفان محافظة تعز حيث ولد فيها في 28 يوليو 1939م.اكمل تعليمه في عدن موظفا في مصافي عدن ومحرضا ضد القوات البريطانية ومطلوبا لديها. احد مؤسسى جبهة التحرير لجنوب اليمن رئيس الوفد المفاوض لنيل الاستقلال عن بريطانيا عام 1967م. مؤسس الحزب الاشتراكى اليمني رأس مجلس الرئاسة في دولة جنوب اليمن لفترات متقطعة. ارتبطت حياته بريف الشمال التي كانت لا تختلف عن حياة القرون الوسطى وتلقى تعليمه الأولي على يد والده إسماعيل الذي كان عالماٍ ويزاول مهنة القضاء ومعلماٍ يدرس في مسجد القرية ويقوم فيه وحين أصبح صبياٍ ترك القرية عندما استدعاه أخوه محمد إسماعيل الذي كان قد استقر عمله في عدن كي يواصل دراسته هناك حيث أنهى دراسته الابتدائية والمتوسطة في المدرسة الأهلية بالتواهي في عدن.
ومن أبرز معالم تلك الحياة هي تداخل الأوضاع التي كانت قائمة في ريف الشمال وحياة المدينة في عدن ولأنه لم يكن باستطاعته مواصلة دراسته فهو آخر أبناء إسماعيل لذا اختار الالتحاق بمدرسة تدريب العمال لمصافي الزيت البريطانية (BP) وكان له ذلك بعد أن اجتاز الامتحان ونجح من بين عدد كبير من المتقدمين وأثناء امتداد الحركة القومية إلى الشمال وعدن بالذات اختار عبد الفتاح الانضمام إلى حركة القوميين العرب مع نهاية عام 1959م في وقت كان تنظيمها السري قد اتسعت حلقاته بين مجموعة من المثقفين والعمال.
اتسم عبد الفتاح إسماعيل بالنضج الفكري وعمق المعارف النظرية لنهمه في البحث عن المعرفة من خلال القراءة واكتسب تجربة العمل النقابي شارك في الإضراب العمالي لعمال المصافي الذي استمر أشهر. وفي أبريل عام 1960م ورغم تدخل الشرطة وتوزع فرق الجيش البريطاني لحماية منشآت المصافي تصدر عبد الفتاح إنزال منشور يحمل مطالب العمال ويحثهم على الصمود وبعد تدخل الاتحاد الدولي للنقابات حقق عمال المصافي جزءاٍ كبيراٍ من مطالبهم لكن نشطاء العمال تعرضوا إلى الاعتقال والتحقيق وتعرض عبد الفتاح إسماعيل إلى جانب ذلك إلى الفصل.
في أواخر 1960م عمل مدرساٍ في مدرسة الحسوة لفترة قصيرة ثم انتقل إلى مدرسة النهضة وخلال هذه الفترة برز كعنصر قيادي في حركة القوميين العرب وعاد إلى عدن الصغرى متردداٍ على مقر عمله ولكن عودته هذه كانت لقيادة خلايا العمال السرية التابعة للحركة.ومن ضمن الإعداد لجبهة عدن تلقى عبد الفتاح إسماعيل دورة تدريبية على السلاح كما وأنه تولى الإعداد لفتح جبهة عدن من خلال إيفاد عناصر من الخلايا السرية التي كانت في إطار حركة القوميين العرب إلى تعز على شكل فرق لا يزيد عدد أعضائها عن خمسة أفراد حيث كان يتم تدريبهم على يد ضباط مصريين أوفدتهم القيادة المصرية لدعم نضال الشعب في الجنوب وبعد انتهاء الدورة التدريبية يعود كل منهم إلى مقر عمله ومن ضمن الإعداد تولى عبد الفتاح الإشراف على تسريب الأسلحة والذخائر إلى عدن وخزنها.
في تلك الأثناء وفي بداية 1964م عين عبد الفتاح المسؤول الأول عن العمل العسكري الفدائي والسياسي لجبهة عدن وأصبح اسمه التنظيمي (عمر) خلفاٍ لفيصل عبد اللطيف الذي أصبح عضو المجلس التنفيذي للجبهة القومية والمسؤول التنظيمي.
ترك عبد الفتاح عمله كمدرس وتفرغ لقيادة جبهة عدن وكي لا يلفت النظر إليه عمل مع أخيه المهندس عبد الجليل إسماعيل والذي كان يعمل مقاولاٍ.
كان عمله شكلياٍ للتغطية وبحكم إمكانية أخيه وفر له سيارة وسكن لذا خلال ستة أشهر كما يقول -عبد الفتاح إسماعيل- تمكن مع رفاقه أعضاء قيادة عدن من وضع بنية تحتية للعمل الفدائي فإلى جانب الإمكانات المادية التي وفرها المجلس التنفيذي للجبهة القومية من المساعدات التي توفرت من مصر عبدالناصر لدعم نضال جنوب اليمن.
فتاح وأول عملية فدائية
-وفي يوليو 1964م بدأت أول عملية فدائية على المطار العسكري ومن ذلك التاريخ استمر العمل الفدائي يتصاعد بحنكة قيادة فتاح وتضحيات رفاقه.
تجلت حنكة عبد الفتاح ويختصر اسمه بفتاح في قدرته على الحركة وساعده على ذلك احترام وحب رفاقه له فقد كان يشارك في تنفيذ العمليات وتتبعه كل صغيرة وكبيرة وخلق عوامل مساعدة هيأت أماكن للقائه بالفدائيين للتشاور وتوزيع المهام فابتدع ملابس التخفي إذ كانت بعض العمليات الفدائية يقوم بها الفدائيون بملابس ضباط الهجرة أو الجيش وملابس أخرى وقد تنكر في ملابسه أكثر من مرة بصفته بائعاٍ متجولاٍ.
أصبحت جبهة عدن من أوجع جبهات القتال ضد القوات البريطانية غير أن الاستخبارات البريطانية اخترقت جيب من جيوب الفدائيين في أبريل 1965م من خلال رجال الاستخبارات المحليين الذين يعرفون عدن أكثر من أسيادهم الإنجليز ولسد تلك الثغرة تمكن (فتاح) من عقد اجتماع موسع لقيادة جبهة عدن وتم تشكيل جهاز استخبارات للجبهة جهاز أمن الثورة وجهاز متابعة رجال الاستخبارات المحليين وكان الرد أن شن الفدائيون حملات اغتيال لأخطر العناصر العاملة مع البريطانيين بعد أن يتم إنذارها الأمر الذي قطع كل خطوط الوصول إلى مخابئ الفدائيين خاصة بعد أن طالت الاغتيالات عناصر بريطانية في قيادة الاستخبارات والاستطلاع العسكري تلاشت حرارة من كانوا يتابعون العمل الفدائي ومثل هذه المصوغات أدت إلى تأمين استمرار الكفاح الفدائي في عدن كما عجزت الاستخبارات من الوصول إلى الرأس القيادي عبد الفتاح إسماعيل رغم أنها علمت أنه من طلائع الثوار واغتيالها لأخيه المهندس عبد الجليل الذي لم يعترف رغم ما واجهه من تهديد وحصولها على صورة لعبدالفتاح إسماعيل من إدارة المرور طبعتها ووزعتها على كل نقاط التفتيش في أنحاء عدن ورصدت مبلغ نصف مليون دينار لمن يدل عليه إلا أنها عجزت أن تطاله فقد كان عبد الفتاح يتحرك بسرية وحذر وفق نظام تخفي ابتدع من وحي ظروف المعارك.
ولتوسيع نطاق المجابهة والعمل السياسي أجرى عبد الفتاح حوارات مع القوى الأخرى منها اتحاد الشعب الديمقراطي والى جانب قيادته للعمل الفدائي فقد كان في طليعة المشاركين في العمل السياسي فقد شارك في التحضير للمؤتمر العام الأول للجبهة القومية الذي انعقد في تعز في يونيو 1965م وانتخب عضواٍ في المجلس التنفيذي إذ شكل المؤتمر نقلة كبيرة في تصعيد الكفاح المسلح ففي عدن ذكرت الإحصاءات البريطانية أن الخسائر التي منيت بها بريطانيا وصلت إلى ست وثلاثين إصابة بين قتيل وجريح عام 1964م وفي عام 1965م وصلت الحوادث أي العمليات العسكرية إلى (286)حادثة تسببت في (227) إصابة بين قتيل وجريح.
وفي نوفمبر 1967م اعترفت بريطانيا إن الجبهة القومية لم تعد منظمة إرهابية واعترفت بها كممثلة لشعب الجنوب وقررت التفاوض مع قيادتها.
ترأس عبد الفتاح إسماعيل رئيس وفد الجبهة القومية في اللقاء الذي عقد مع الزعيم جمال عبد الناصر في نوفمبر 1967م. وأصبح عضواٍ في وفد الجبهة القومية المفاوض من أجل الاستقلال برئاسة المناضل قحطان الشعبي.
استمرت المفاوضات زهاء عشرة أيام في جنيف وعاد الوفد إلى عدن في 30 نوفمبر وأمام حشد جماهيري قرأ عبد الفتاح بيان الاستقلال.
تولى في أول حكومة للاستقلال وزيراٍ للإرشاد القومي وشؤون الوحدة إلى جانب عضويته في اللجنة التنفيذية وعضويتة في القيادة العامة للجبهة القومية.وفي عام 1968م عاد عبد الفتاح إسماعيل إلى تعز حيث كرس جهده مستقصياٍ الأوضاع الداخلية إذ تحول مقره من تعز إلى ملتقى العناصر القيادية فتمكن من قيادة الحوار مع رفاقه وقيادة السلطة وتوصل إلى صلح على قاعدة الاتفاق حول برنامج استكمال مرحلة التحرير الوطني وعاد إلى عدن كما عاد كل الآخرين. ختاما وجب علينا التوضيح بان هناك المئات من مناضلي وثوار ثورة اكتوبر المجيدة التي لايتسع المجال لذكرهم في هذه العجالة.