
اعتقال ومحاكمة محمد سالم علي كان بمثابة شرارة عارمة ألهبت الثوار بعدن
,السلطان العوذلي توسط لي للالتحاق بالبوليس وكنت من أوائل الدفعة المتخرجة من برمنجهام
لايزال العميد محمد عبدالله البكير يتذكر أخاه احمد الذي استشهد في احدى المظاهرات بعدن وكيف كان متحمساٍ ومندفعاٍ مع الكثير من الشباب والثوار في الجنوب للتحرر من الاستعمار البريطاني في تلك الفترة المرحلة الفارقة في تاريخ اليمن .
ويصف الضابط في البحث الجنائي بالتواهي بعدن الذي يعد احد افراد الدفعة الاولى “للبوليس” اليمني التي تخرجت من برمنجهام في بريطانيا تلك المرحلة بالمشهودة والتي افرزت ثورة 14 اكتوبر العظيمة .
ويروي العميد البكير في حواره الهام الذي خص به “الثورة” ولأول مرة حقائق ومعلومات نوعية حول الحراك الثوري ضد الاستعمار في عدن وقصة اعتقال محمد سالم علي عضو المجلس التشريعي في ذلك الوقت وتبعات ذلك في تنامي المد الثوري والحركة القومية العربية في الشطر الجنوبي من الوطن بالإضافة للعديد من المواضيع المرتبطة بدور الاجهزة الامنية وكيف تعاملت مع الثوار في عدن وغير ذلك من القضايا التي نترككم تستكشفونها في هذا الحوار.
* في البداية ممكن نعرف من هو محمد البكير ¿
– محمد عبدالله البكير من مواليد 1935م ورتبتي عميد سافرت الى عدن للبحث عن عمل ووجدت فرصة عمل في البوليس ايام الاستعمار البريطاني .
* هل تم قبولك مباشرة في البوليس ¿
– لم يقبلوني بشكل مباشر بل بوساطة السلطان محمد حسين العوذلي سلطان مكيراس وكان السلطان محمد يعرف والدي في البيضاء والدي كان مع النقيب صالح بن هادي الرويشان وكانوا يعملون في ماكان يسمى ذلك الوقت “يثمروا” اموال الزكاة أي الواجبات الآن .
دخلت اول ما التحقت مدرسة التدريب في البليس بعدن وكان عمري حينذاك 22 سنة وقد كنت اقرأ واكتب لأن والدي كان فقية وقد علمنا القراءة والكتابة
كان الوضع في عدن جيداٍ في ذلك الوقت وكان اليمنيون يتوافدون للعمل فيها من كل مكان وكانت هناك حركة اقتصادية نشطة.
تدريب
* بالنسبة للتدريب ..كيف تم تدريبكم ومن الذي أشرف عليكم ¿
– تدربنا في مدرسة تدريب البوليس بعدن لمدة سنة وكان هناك العديد من المشرفين علينا منهم محسن بلال وغلام حسن وهو جنسيته هندي وأتذكر شخصاٍ آخر كان اسمه الجاوي.
كنا دفعة كبيرة تصل الى نحو 64 شخصاٍ من اغلب مناطق اليمن في الشمال والجنوب ولم تكن هناك تفرقة على الاطلاق واقصد التفرقة المناطقية حيث لم تكن هناك نغمة هذا شمالي وهذا جنوبي.
* ماذا عملت بعد التخرج ¿
– تخرجت بعد ذلك والتحقت في (سي أي دي) (c.i.d) والذي كما هو معروف باسم البحث الجنائي وكنا بعد التخرج نجيد اللغة الانجليزية وتم الحاقنا بدورة عليا في مدينة برمنجهام في بريطانيا واستمرت هذه الدورة التدريبية في برمنجهام حوالي ثلاثة اشهر .
بعد عودتنا من بريطانيا التحقت بالبحث الجنائي في التواهي بعدن وكان يتم توزيعنا باستمرار حيث عملت في المعلا وخور مكسر .
اعتقال محمد سالم
* ما طبيعة القضايا التي كانت تواجهكم في تلك الفترة ¿
– كانت قضايا بسيطة لكن الأهم أن الناس بدأت تتحرر وتتحرك وتنشط في كل مكان وكانت هناك مظاهرات وارتفعت وتيرة هذا الحراك الثوري والمظاهرات بشكل خاص عندما تم محاكمة محمد سالم علي وذلك في العام 58م .
* من هو محمد سالم علي ¿
– محمد سالم علي كان عضواٍ في المجلس التشريعي وقام الانجليز بمحاكمته بمحكمة عدن بتهمة التحريض والقومية العربية ومساعدة الثوار وكان ابوه معروفاٍ بأنه صاحب الباصات التي تنقل الثوار الى مختلف المدن في الجنوب .
* كيف كنتم تتعاملون مع الثوار الذين كانوا ينادون بالقومية العربية ويخرجون بالمظاهرات ¿
– كنا في الحقيقة نميل اليهم رغم اننا كنا في البليس وكنا نقوم بالتستر عليهم وحمايتهم.
ثورة مشهودة
* صف لنا بداية ثورة اكتوبر ومظاهرات وتحركات الشباب والثوار في ذلك الوقت في الجنوب¿
– كانت حركة عارمة وثورة مشهودة واحد إخواني استشهد هناك وهو يقود المظاهرات في عدن واسمه أحمد عبدالله البكير وكان اخي يعمل في مصنع (تي كي كولا ) للمشروبات في عدن ولا زلت اتذكره وكيف كان متحمسا للعمل الثوري التحرري من الاستعمار حتى استشهد رحمة الله عليه .
الناس في الجنوب كانوا احرار واندفعوا بحماس للثورة والتحرر في عدن وغيرها من المناطق والمدن في الجنوب كان يتم اعتقال العديد منهم لكن يتم الإفراج عنهم .
طبعا كان التعذيب ممنوع في الاجهزة الامنية وكان هناك نظام للتعامل مع مختلف هذه القضايا الامنية بدون اللجوء للتعذيب .
مرحلة
* صف لنا فترة عملك في ذلك الوقت وكيف كانت الأوضاع في تلك المرحلة ¿
– اتسمت فترة عملي في تلك المرحلة بالهدوء والمثابرة واكتساب الخبرة والمعرفة والوضع كان مستقراٍ وكان هناك نظام وقانون المسؤولية مشتركة لك حقوق وعليك واجبات وكنت أتقاضى شهريا 800 شلن وبالمناسبة كانت الـ 100 الشلن تعادل 20 ريالاٍ الريال كان سبعة شلن “ماريا تريزا” وكان راتب الجندي في الشمال أربعة ريالات إلا ربع.
* مادام كان الوضع مستقراٍ وهناك حركة أعمال نشطة برأيك لماذا قامت الثورة ¿
– كانت الثورة ضرورة ملحة في ذلك الوقت حيث كان هناك مد كبير للقومية العربية وهناك تنامُ واسع في الوعي والحراك الثوري لتحرير الجنوب .
الانتقال للشمال
* متى انتقلت إلى الشمال وماذا عملت ¿
– انتقلت الى الشمال يوم قيام ثورة 26 سبتمبر يوم ما نادى المنادي من اذاعة صنعاء تحركنا من عدن وكنا مجموعة من ضمنهم الشيخ سنان ابولحوم والشيخ حسين كعدان وغيرهم وعندما انتقلت الى صنعاء قد كنت حصلت على رتبة ضابط ولكن رفضنا الاستمرار وانتقلنا بحماس شديد لمواكبة ثورة سبتمبر بعد عودتي الى صنعاء قابلت الرئيس السلال وكان أيضا هناك معنا الشيخ سنان ابولحوم وقد احالني الرئيس السلال للعمل في إدارة الأمن العام طبعا طلعنا مجموعة كبيرة من عدن وكانت مجموعة متعلمة ولديها خبرة وتجربة واسعة دخلنا بعد فترة وجيزة كلية الشرطة وتخرجنا منها في الدفعة الخامسة وقد تم توزيعنا على اغلب المرافق والوحدات الامنية بعد مغادرة القوات المصرية اليمن وقد عملت في مطار الرحبة واستشهد اثنان من اخواني عندما تقدمنا مع الفريق العمري الى الطويل ودخلنا في مواجهات ضد قاسم منصر واستشهد أخواي علي وحسين .