57عاما من العطاء الإعلامي المميز وموقفها المناهض للعدوان أثبت نهجها المبدئي في مناصرة الوطن ومصالح أبنائه

كانت وليدة الثورة السبتمبرية المجيدة منذ ساعاتها الأولى:” الثورة ” مسيرة حافلة من النضال الوطني والتعبير عن مشاعر وتطلعات الجماهير

 

 

باحثون ومهتمون: تأسيس صحيفة الثورة نقطة تحول في مسار الصحافة اليمنية ومثلت على الدوام شعاع الأمل والحرية والانفتاح اليمني على العالم

ارتبطت صحيفة الثورة الرسمية الصادرة عن مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر في العاصمة صنعاء ارتباطا وثيقا بثورة الـ26من سبتمبر من العام 1962م والتي أطاحت بواحد من أكثر الأنظمة السياسية استبدادا وتخلفا في تاريخ اليمن الحديث.
هذه الصحيفة كانت بحق الوليد الشرعي لهذه الثورة المجيدة وظلت على الدوام طيلة هذه العقود الطويلة تعكس النبض الحي للثورة السبتمبرية التي احتفل اليمنيون يوم الخميس الماضي بحلول ذكراها الـسنوية الـ57لتحتفي الثورة الصحيفة بعد ثلاثة أيام فقط من هذه المناسبة الوطنية الغالية على نفوس اليمنيين بذكرى ميلادها الـ57هي الأخرى لتمضيا سويا في هذه المسيرة الوطنية الظافرة حاملتان أحلام وتطلعات الجماهير اليمنية في التحرر الكامل والاستقلال التام من كل أشكال التبعية والوصاية والارتهان للخارج في معركة متجددة لا تعرف غير الانتصار للإرادة الوطنية.
الثورة/حمدي دوبلة

ميلاد الثورة “الصحيفة”
في مثل هذا اليوم الـ29من سبتمبر من العام 1962م صدر العدد رقم 1من صحيفة الثورة ليمثل هذا الحدث برأي المهتمين والباحثين في الشأن الإعلامي نقطة تحول هامة وفاصلة في مسيرة الصحافة اليمنية
ويقول الزميل عبدالحليم سيف الذي شغل منصب مدير عام الأخبار بالصحيفة لسنوات طويلة بأن العدد الأول من صحيفة الثورة صدر بمدينة تعز يوم السبت 29سبتمبر 1962م الموافق الأول من جمادى الأولى من العام 1382ه ويضيف الزميل سيف في كتابه 40سنة صحافة -الثورة النشأة والتطور – الصادر عن مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر عام 2002م : إن الشارع اليمني استقبل بعد مرور يومين فقط على اندلاع ثورة 26سبتمبر العدد الأول من صحيفة الثورة التي وُلدت فكرتها في نفس الساعات التي لمع فيها ” البرق اليماني” ليضيء بنور ايلول المجيد سماء الوطن بعد ليل حالك السواد .
ويستطرد” كان يوما فاصلا لنهاية نظام إمامي كهنوتي وإشراقه عهد جديد من النظام الجمهوري لذلك ليس غريبا أن صحيفة اقترن اسمها بالثورة الحدث أن تعبر بحرارة لا حدود لها عن دلالة الانتصار العظيم وتنقل للعالم أخبار الميلاد اليماني وبيانات ثورته المجيدة ومظاهر الفرح والابتهاج وقد عمت أرجاء الوطن من أقصاه إلى أقصاه ومن شماله إلى جنوبه ومن غربه حتى شرقه”.
صعوبة البدايات
لم يكن الطريق مفروشا بالورود أمام “الثورة” الصحيفة شأنها في ذلك شأن ثورة الـ26من سبتمبر والتي واجهت مصاعب جمة والكثير من التحديات الكبرى قبل أن تستتب الأمور وبحسب الزميل عبدالحليم سيف فان صحيفة الثورة وُلدت في واقع ثقافي واجتماعي واقتصادي شديد القسوة والتخلف بسبب عقلية عهود الظلام والاستبداد لذا بدأت الصحيفة مرحلتها الأولى بإمكانيات مادية وفنية شحيحة ان لم تكن منعدمة وجاءت في بداية الأمر كصحيفة أسبوعية في أربع صفحات بمقاس 30في 43سم وتوزع مابين 1500الى ألفي نسخة وما لبثت ان زاد عدد الصفحات الى ثماني صفحات اعتبارا من العدد السادس وبحجم اكبر قليلا من السابق.
بدا شكل الصحيفة في بداياتها متواضعا وكانت تفتقر إلى التبويب والفنون الصحفية وكثير من الإمكانيات الفنية والمهنية وذلك لأنها بدأت من الصفر ولم ترث اي تقاليد صحافية أو مهنية ومع ذلك كانت بحق بمثابة النافذة المفتوحة التي اطل اليمنيون منها على العالم كما كانت وفقا لآراء الباحثين والمهتمين المدرسة والجامعة التي غرست في أذهان اليمنيين اتقاد المشاعر وجذوة الحماس الوطني للبناء والنهوض لمعانقة المستقبل.
لم ينتظم صدور صحيفة الثورة بشكل أسبوعي أو يومي خلال العامين الأولين لصدورها لأول مرة بل صدرت خلال الفترة 1962 – 1964م يومي السبت والاثنين كما ظهرت أحياناً يوم الخميس وظلت على هذا التذبذب فترة ليست بالقصيرة حيث لم ينتظم صدورها اليومي الا في العام 1967م وبعد قرابة ثلاث سنوات من انتقالها الى العاصمة صنعاء ويقول عبدالحليم سيف في كتابه 40سنة صحافة بان صحيفة الثورة خطت في 1967م خطوة هامة في اتجاه توثيق وتعزيز تواصلها مع جماهير القراء وبالتحديد منذ عددها 151حيث تحولت إلى الصدور اليومي لأول مرة في تاريخها وجاءت حينها في أربع صفحات لكن للأسف لم تمض أسابيع على انتظام صدورها اليومي حتى توقفت عن الصدور بسبب الحرب إلا أنها عادت من جديد لتستأنف ظهورها مع العدد 220الصادر في 7 ديسمبر من العام 1967م الموافق 6رمضان 1387 ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف الصحيفة ولم تغب عن القارئ إلا في أيام محدودة لا تكاد تذكر حيث واصلت الصدور في أحلك الظروف والمواقف ولعل أسوأ ما واجهته الصحيفة في مسيرتها الطويلة هو الحريق الذي شب في مبناها بصنعاء والتهم مطبعتها وذلك يوم الأحد الـ17من شهر مايو عام 1976م ورغم هذا الحادث الفاجع صدرت الصحيفة في اليوم التالي بعددها رقم 2602.
المسيرة الحافلة
ظلت صحيفة الثورة طيلة العقود الخمسة الماضية وفية لمبادئها الوطنية وكانت في كل المراحل بمثابة النبض المعبر عن الثورة السبتمبرية والترجمان الحقيقي لمشاعر وتطلعات الجماهير اليمنية وكانت على الدوام المصاحب الأمين للوطن وقضاياه ومصالحه العليا وهاهي تتوج مواقفها المشرفة خلال السنوات الخمس الأخيرة بالانحياز إلى صف الوطن والمواطن وتسطر مواقفها بأحرف من ذهب في التصدي الباسل لاعتى عدوان يتعرض له الوطن اليمني في تاريخه العريق.
كانت صحيفة الثورة كعادتها في طليعة الصف الوطني المناهض للعدوان السعودي الأمريكي الصهيوني وواجهت بشجاعة ولا تزال آلة الإجرام لتحالف العدوان وإمبراطوريته الإعلامية الضخمة وساهمت مع وسائل الإعلام الوطنية في كشف جرائم العدوان وفضح القتلة أمام الرأي العالمي رغم الإمكانيات المتواضعة وعلى الرغم من العراقيل والعقبات التي وضعها التحالف العدواني ومحاولاته المتكررة لاستنساخ الصحيفة والإساءة لدورها وتاريخها الوطني الكبير ناهيك عن الاستهداف الممنهج لوسائل الإعلام الرسمي والوطني لتخويف الكادر الصحفي إلا أن الثورة تمكنت باقتدار من مواجهة كل تلك التحديات الهائلة لتنتصر للوطن ولتاريخها الوطني الكبير وبقيت على عهدها في التعبير عن المشاعر الوطنية لأبناء اليمن في مختلف المراحل والعصور.

قد يعجبك ايضا