سعاد الشامي
تطل علينا الذكرى الخامسة لثورة الواحد والعشرين من سبتمبر الخالدة ونحن نعيش أغلى لحظات النصر والعزة والقوة من فيض منجزاتها وعظيم عطائها ، فآخر عملية هجومية نوعية ضربت بها وحدة الطيران المسيّر القلب النابض للنظام السعودي والعصب المحرِّك لعدوانهم في بقيق وهجرة خريص والمتمثل بأكبر حقل نفطي وأكبر مجمع صناعي للزيت ومشتقاته بالعالم ليهتز هذا العالم من قوة بأسها ودقة تصويبها.
وهنا يجب علينا أن نعود بذاكرتنا إلى ما قبل هذه الثورة المباركة لنستذكر ما كان عليه حال هذا الشعب اليمني ؛ وما استدعى قيام مثل هذه الثورة..
سياسياً .. كان الشعب مسلوب الإرادة مهدور الكرامة ، لا سيادة له في اتخاذ قراراته ، تسلط عليه نظام عميل وخائن قابع تحت الوصاية الخارجية، ومنفذ لأجندتها على أرض الوطن وفقا لتوجيهات السفير السعودي والسفير الأمريكي، ليصل الحال المأساوي من التفريط في سيادة الوطن إلى جلب المارينز الأمريكي، وبرعاية من حكومة العمالة ليجولوا ويجوبوا سواحل ومنافذ ومدن اليمن ؛ والطائرات بلا طيار الأمريكية تقصف وتقتل اليمنيين بذريعة ملاحقة القاعدة وهي صناعتها وعيونها الاستخبارية داخل اليمن!.
اقتصادياً …كانت مقدراتنا وثرواتنا موزعة بين قوى النفوذ الرسمي والحزبي والقبلي ، فلا ميزانية دولة كفيلة بنهوض الوطن، ولا اقتصاد قائم يحمي كيان واستقلال البلاد ؛ فقط قروض ومعونات دولية وشعب محروم من حقوقه ومن خيرات وطنه .
أمنياً …كانت قوى الإرهاب المدعومة من أعداء اليمن وبإشراف السفير الامريكي تعبث بأمن الوطن، وتغتال خيرة رجاله وتحصد مئات الأنفس بعمليات وتفجيرات إرهابية هنا وهناك كل يوم وآخر ؛ وقد أعطتها السلطة العميلة الضوء الأخضر لتلك الممارسات.
عسكرياً.. كانت مهمة الجيش اليمني تقتصر على حماية أصحاب النفوذ والكراسي والمحافظة على إبقائهم لأطول فترة ممكنة حتى اختصر الوطن في شخص الرئيس ؛ وسعت الأجندة العميلة إلى تسليم الجو للطائرات الأمريكية والمعسكرات للقاعدة ودمرت القوة الصاروخية واغتالت القيادات العسكرية، وتبنت هيكلة الجيش وتفكيكه ليصبح مجرد هيكل عسكري خالٍ من منظومة الدفاع الوطني.
جغرافياً.. كانت أيادي الوصاية قد أوشكت على تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم تمهيداً لإدخاله في أتون صراع لا ينتهي؛ ليثبتوا دعائم الاحتلال عبر سياسة فرق تسد ليخلو لهم الجو في نهب مقدرات اليمن وخيراته .
إعلامياً.. كانت وسائل الإعلام تقود أعظم حملة لتجهيل الشعب اليمني وتدجينه بعيداً عن كل قيمه الأصيلة ومبادئه الدينية وهويته الإيمانية ، ولم تحمل القنوات الرسمية هموم الوطن ولكنها سعت لتبرير التدخل الأمريكي باليمن وأجل ما يهمها هو متابعة تحركات وأخبار السفير الأمريكي لتشيد بها في نشرة أخبارها !
إجتماعياً.. كانت أبواق التضليل تبث سموم الكراهية بين أبناء الشعب اليمني المتآخي عبر القرون عن طريق إثارة النزعات العصبية والمذهبية والمناطقية حتى يصلوا إلى مرحلة التناحر والاقتتال الداخلي .
وفي ظل تلك الأوضاع لم يكن الشرفاء من أبناء هذا الشعب في غفلة عن كل ما يدور وما يجري. بل كان شعب الأنصار بقيادته الإيمانية ومشروعه القرآني يرصد عن كثب كل حركاتهم ، ويراقب المشهد بعناية وتركيز؛ وكانت صرخة الموت لأمريكا تتعالى في كل شارع وساحة، وكان أبطالها يشقون الطريق نحو أهداف رصدت لينسفوها ، وأركان خائنة حددت ليهدموها ويخلصوا الشعب من أخطبوط العمالة والانبطاح ومن براغيث الفساد وفيروسات الخنوع.
وبفضل الله انطلقت هذه الثورة الخالدة من رحم المظلومية وانتفض رجالها كالأسود الجامحة متوكلين على ربهم ومتمسكين بحبله وماضين على نهجه للحفاظ على حرية واستقلال وطنهم ، وعندما أيدّهم الله بنصره جن جنون أمريكا وحلفائها وأظهرت خبايا أهدافها علناً ، وشنت عدوانها بكل وحشية وإجرام على يمن الإيمان ، ولكن لأن أنصار الله وعشاق الحرية والاستقلال كانوا في مواجهتها خابت مساعيها الاستعمارية، وجرت وراءها أذيال الهزيمة النكراء ، وخلال خمسة أعوام ها هو اليمن ينتقل من أدنى مواطن الضعف إلى أعلى درجات القوة والتمكين؛ ومن أحقر مواضع الذل والهوان إلى أعظم منازل العزة والكرامة.
Prev Post
Next Post