* “زنجبار أبين” و”حوطة لحج” و”شبام حضرموت” عاشت مدنية القرون الوسطى
* تحالف الأئمة مع المستعمرين وراء تخلف وعزلة وتمزق الشمال و “محميات” الجنوب
* شاهدت في صباي مزارعي ” دلتا أبين ” يقاومون استغلال الانجليز والسلاطين للقطن
* ظهور النقابات والأحزاب في عدن الخمسينيات دلالة كبيرة لوحدوية الجيل المؤسس
* عشقت الصحافة في “فتاة الجزيرة” و”الأيام” وجذبتني السياسة.. و”الدحان” أعجبني
* بحثت عن أنصار “عبدالناصر” في اليمن فقادني “الخامري” إلى مخبأ “فيصل” في “الهاشمي”
* عدن أيام الاحتلال البريطاني مدينة للتعايش الإنساني بين مختلف جنسيات ولغات العالم
* فيضان من المشاعر في شوارع عدن يوم استقبال ثورة 26 سبتمبر ..وأصابت بالذهول
الأستاذ الكبير سالم محمد باجميل..ليس بحاجة إلى مقدمة تقليدية للتعريف به فلشخصيته جانبان في مسيرة حياته الطويلة والشاقة أولهما مناضل فكراٍ وممارسة º منذ بدء انشغاله بالقضية الوطنية ºعندما كان طالباٍ في عدن بعد منتصف الخمسينيات ثم انخراطه المبكر في” تنظيم حركة القوميين العرب” في اليمن مطلع ستينيات القرن المنصرم º ليصبح عضواٍ في الجبهة القومية عند قيامها في تعز عام 1963م وهو أيضا أحد الثوار الذين شاركوا في معارك تحرير جنوب الوطن اليمني من الاحتلال البريطاني وتعرض للاعتقال غير مرة .
والجانب الآخر لباجميل انصرافه إلى السياسة بعد الاستقلال (1967) فقد عاش تفاصيل الخلافات داخل الجبهة القومية قبل وأثناء وبعد مؤتمرها الرابع في زنجبار وتداعيات قراراته التي أدت إلى انقسام ” التنظيم والسلطة “في عدن إلى تيارين أو جناحين سياسيين عرف إعلاميا بـ” اليمين” و”اليسار”º وهو ذات الصراع الذي قاد إلى ما وصف بـ “انتفاضة 14 مايو68 ” بقيادة “سالمين ” وكان باجميل مشاركا فيها. والذي قال إن تلك الانتفاضة جاءت ردا على “انقلاب العقداء” الذي جرى في 20 مارس من نفس العام ضد نتائج مؤتمر زنجبار.
وبعد حركة 22 يونيو 1969 التي أطاحت بالرئيس قحطان محمد الشعبي لمع أسم سالم باجميل في المشهد السياسي والصحفي والنقابي ولموقعه ذاك وجد نفسه وسط عواصف عاتية وصراعات خطيرة وتحولات عديدة غيرت مصير الوطن اليمني º وكان الرجل شاهدا على تلك المرحلة “الثورية الديمقراطية” بكل تطوراتها وتفاعلاتها .. ايجابياتها وسلبياتها.. انتصاراتها وانكساراتها.
وهكذا نرى..إذا ذكرت مرحلة ما بعد الاستقلال وذكر فيصل عبد اللطيف الشعبي وسالم ربيع علي وعبد الفتاح إسماعيل وعلى ناصر محمد وعلي أحمد عنتر.. وسواهم من المناضلين والثوارº فلابد أن يذكر اسم سالم محمد باجميل الذي احتفظ بصلة وعلاقة طيبة مع الجميع كما قال لي وإن كان أكثر قرباٍ إلى أستاذه “سالمين”.
واليوم..وفي العيد الذهبي لثورة 14 أكتوبر المجيدة وبعد كل هذه السنوات الطويلة مازالت هناك الكثير من الأحداث المجهولة يستحق أن يروى º ونحوها من تفاصيل أثير اللغط حولها وهي بحاجة إلى معرفة الحقيقة والكشف عن جوانبها.. ولأن الأستاذ باجميل لديه من الحقائق والأوراق ويعرف الكثير مما جرى ..حاولنا الحصول منه على ما يسمح به حجم ومساحات الحوار القادم.
اللقاء الأول
وليسمح لي القارئ أن أعود به إلى أجواء لقائي الأول بالأستاذ باجميل.. فقد كان الدخول في أعماقه صعبا بالنسبة ليº ففي نهاية شهر رمضان المبارك وبعد صلاة التراويح ذهبت إليه في منزله في صنعاء..وعرضت عليه فكرة الحوار وضعت أمامه جهاز التسجيل وقلت له :”ما رأيك نبدأ الحور” قال :” لا.. ليس الليلة فدعنا نتحدث عما تريد” قلت:” لدى مائة سؤال وسؤال” ..قال:” لمن كل هذه ¿ “قلت : “إنها موجهة لك ..وهي بمناسبة العيد الـ51 لثورة 26 سبتمبر واليوبيل الذهبي لثورة 14 أكتوبر…” قاطعني وقال بنبرة مشحونة بالحزن والأسى : ” معد شي ثورة ..ما الذي بقى من الثورة اليمنية ¿ ومن تضحيات الآباء والمناضلين الذين قدموا رؤوسهم قرابين في محراب الحرية والاستقلال والوحدة..ألا تسمع اليوم بعض الأصوات المتطفلة على الواقع وهي تدعو إلى الانفصال في الجنوب والشمال.. يبدو أن أصحاب هذه المشاريع العرجاء والمشبوهة لا تعرف تاريخ اليمن و لماذا قام الآباء بثورات وانتفاضات ..وليسوا على دراية بالمستقبل وماذا يريد الشعب…والمضحك تسمع اليوم البعض يوصف للثورة بدون مصادر رئيسية أو ثانوية ودون أن يعيش الحدث …” قلت :”يا أستاذ سالم من الطبيعي أن ترتفع تلك الأصوات وقد أصبحت نجوما على الفضائيات ومتصدرة للمشهد السياسي ..تنظر وتخطط وتدار بالريموت كنترول من غرف عمليات أصحاب المصالح.. لأن الأغلبية مازالت صائمة عن الكلام والذين يعرفون الحقائق غيبوا أو أنهم فضلوا الصمت ولا يريدون الحديث” . قال:” ليت الذي جرى ما جرى من صراعات وحروب على مدى نصف قرن وكأننا عدنا إلى نقطة الصفر” قلت: ألا توافقني يا أستاذ أن الذي حدث يعود إلى غياب الثقافة الوطنية وعدم الوعي بحقائق التاريخ ..اليوم دول الهيمنة تحكمنا بالعلم والتاريخ وخبرتنا يحكمون بالجهل والتفخيخ …”هز رأسه بإيماءة وكأنه يوافق ما قلت..ثم عدت وقلت له: “ولهذا السبب جئت إليك لمعرفة شهادتك عما جرى..وطبعاٍ للتاريخ لا أكثر “.
وعلى هذا المنوال دار بيني وبينه حوار استمر قرابة ثلاث ساعات ولكن دون تسجيل .. قال لي :”خلاص ضع الأسئلة ..” .قلت :”الحوار وجهاٍ لوجه أفضل “. قال :” وأنا أحب أن يكون كذلك …” لينتهي اللقاء على أمل أن نتواصل بعد إجازة عيد الفطر.. فدارت الأيام ..واتصلت به فإذا هو يحدثني من عدن حيث يعمل رئيساٍ لتحرير صحيفة” 22مايو “.. اتفقنا على أن أبعث له بالأسئلة .. وهو سيرد .. وهذا ما كان .. لكني لم اكتف بهذه الطريقة فكنت أتواصل معه هاتفيا بشكل شبه يومي خاصة عندما يولد سؤالا بسؤال أو البحث عن تفاصيل لإجابة .. وكان آخر اتصال لي بالأستاذ باجميل يوم الأحد الماضي ..ومما قاله لي: شوف يا عبد الحليم أنا أجبت على خمسة في المائة مما أعرفه.. وطبعا نحن بشر منا من يصيب ومنا من يخطئ وقد يكون ذلك تحت وطأة ظروف سياسية قاهرة أو بسبب الأنانية أحياناٍ لكن لابد للإنسان أيا كان أن يقول الحقيقة التي يعرفها ” .. وهكذا دار الحوار الذي لم يكتمل بعد وقد رأينا نشره على ثلاث حلقات.. وإليكم الأولى :
قاع “المساكين”
* أستاذ سالم با جميل..أسمح لي أن أبدأ معك حوار الذكريات بسؤال تقليدي..عن الميلاد.. الطفولة.. والمكان¿
* أنا من مواليد عام 1945م من قاع يعرف باسم “المساكين” تقع إلى جنوب مدينة زنجبار في أبين عاصمة ” آل فضل” في ذلك الزمان ..عشت طفولتي وصباي في تلك البقعة الطيبة التي تعد إحدى جنان أبين الخضراء..وهكذا ترى أنني قد نشأت وترعرعت في بيئة زراعية فلا عتب عليِ إذا ما أحببت الزرع والأشجار والإبل والأغنام والأبقار والخيول والحمير وازعم أنني عشت بالأفراح والأتراح.. وزنجبار التي رأيتها في طفولتي كانت عبارة عن شارعين ترابيين يحتل المركز الرئيسي منها في منطقة الوسط “بيت الله” وتقع الشرطة في الجنوب وسكرتارية “السلطنة الفضلية ” في الشمال ومعظم المنازل والمتاجر مكونة من فروع الأشجار وأغصانها والطين.. والناس هنا على قلة دخولهم كانوا يعيشون في محبة ووئام ويتميزون بنظافة الظاهر والباطن وذلك على اختلاف أشكالهم وألوانهم برغم أنهم جاؤوا إليها من سائر مدن وقرى الوطن اليمني.
* علاقتك مع تعلم الحرف متى.. وأين بدأت ¿
* كنت صغيرا عندما أخذني والدي -رحمة الله عليه- إلى إحدى كتاتيب القرية.. وبدأت أتعلم القراءة والكتابة ولم ابلغ الـ 12 من عمري إلاِ و قد حفظت القرآن ولكن من دون فهم لمعانيه أو معرفة لدلالاته .. ثم ذهبت للدراسة في المدارس الحكومية في مدينة زنجبار.
دلتا أبين
* كيف تصف ملامح الحياة في أبين أيام الطفولة.. وما الصور التي ما تزال عالقة في ذاكرتك¿.
* أبين أيام زمان كانت مخلاف من مخاليف الزراعة..تربتها خصبة جدا ووافرة الخيرات اشتهرت بزراعة الحبوب والقطن والخضروات والفواكه.. فما أكثر الصور التي لا تزال عالقة في ذاكرتي عن أبين.. وهل للمرء أن ينسى أنظر وأحلى سني عمره..طفولته وصباه..ولهذا تجدني كثيرا ما اردد قول الشاعر الكبير المرحوم أبو بكر بن محمد العندي وهو يشدو بقوله:
ليت ساري المزن من واحدى مني
بان عن عيني فيسقى أبينا
واستهلت با لرقيطا ادمع
منه تستضحك تلك الدمنا
وتراءت لشاعرنا صوراٍ من صباه في أبين وهو بالحجاز ..ومما قاله:
وطن اللهو الذي حر الصبا
فيه أذيال الهوى مستوطنا
تلك أرض لم أزل صباٍ بها
هائماٍ في حبها مرتهنا
ومن شعراء أبين المجيدين : السلطان عبد القادر وتابعه أحمد أمبارك والقائد حويدري وعوض عنقوش ومحمد حبيب وأحمد «الصوملي» باجميل والسيد سالم «أبو جنية» والسلطان عبدالله عثمان وغيرهم كثر..ومن الصور التي ما تزال عالقة في ذاكرتي وليس بمقدوري أن انسىاها ليالي أسمار زنجبار المتنوعة ابتداءٍ “بالساحلي” ومروراٍ “بالدحيف “و “الهبيش” وانتهاءٍ “باللوعة “التي كانت تقام في الأعياد وأفراح الأعراس وأيام الحصاد وجني القطن.. إن مدينتي زنجبار وخنفر تحتلان قلب دلتا أبين ومنها تنبعث أفراح وأتراح أهلها.
إلى عدن
* وفي أي ظرف تركت زنجبار إلى عدن¿
* كانت عدن هي المحطة الثانية في حياتي وبامتياز..حدث ذلك في منتصف الخمسينيات تقريبا. حينذاك تعد عدن نافذة اليمن على العالم أجمع شرقه وغربه شماله وجنوبه لما بها من أسباب التمدن الحضاري والثقافي والاقتصادي.. وشخصيا اعتبر زنجبار والحوطة ضاحيتي مدينة عدن وشريانيين مهمين من شرايين حياتها في كل الأوقات ..وذهابي إلى عدن كان بهدف مواصلة الدراسة بعد أن أكملت تعليمي الابتدائي والمتوسط في زنجبار .
* ما طبيعة التعليم في عدن في تلك المرحلة ¿
* التعليم في عدن وقتذاك انحصر في نمطين تقليديين عصري ومقيد .. النمط الأول يتمثل في الكتاتيب والمساجد وزوايا أهل التصوف بلا حدود إلاِ أن هذا النوع من التعليم كان في معظمه مقتصراٍ على حفظ القرآن الكريم.. أما النمط الثاني فهو ما يقدم للتلاميذ والطلاب في المدارس الحكومية والأهلية ذات الطابع المعاصر وهو محدود ومقيد في أعداد منتسبيه لحاجة الإدارة البريطانية لإشغال بعض الوظائف من الدرجة الثالثة والرابعة.
* ماذا درست ¿ ومن أبرز زملائك ¿.
* رشحت للانتساب إلى معهد المعلمين في مدينة عدن وكان معي من (زنجبار) محمد بن محمد بانافع وآخرين.. ومن(عدن) جميل غانم وآخرين .. ومن (الحوطة) محمد حسن عقربي وغيره .. ومن(بيرأحمد) عبدالله علان وآخرين.. ومن(خنفر) عبدالله ناصر وآخرين.. ومن (العوالق) عبدالله أحمد الشهير بالضمة وآخرين.. ومن (دثينة) العرجي وغيره من زملاء أعزاء لا تحضرني أسماؤهم واطلب منهم ومن أبنائهم المعذرة.
* ومن أساتذتك ¿
* أهم أساتذتي في معهد المعلمين كان الأستاذ زين الحازمي والأستاذ لطفي جعفر أمان والأستاذ أحمد حيدر وهناك أساتذة آخرون من السودان الشقيق ..وفي تلك المرحلة كان مدير المعهد انجليزياٍ يدعى المستر «جرنفيل».. وتخرجنا بشهادة الإجازة العامة في التربية وطرق التدريس وعلم النفس.
مركز إشعاع
* لو عدنا قليلاٍ إلى الماضي أو التاريخ ..نجد عدن منذ عشرينيات القرن العشرين وقد بدأت تتحول لتكون فيما بعد مركز إشعاع في الجزيرة العربية.. وقبلة لأبناء اليمن من الجنوب والشمال..هلا حدثتنا عن حياة المدينة والناس والسياسة والصحافة والسينما التي لا يعرفها كثيرون من جيل اليوم¿.
* عدن في عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين كانت مجرد ميناء «ترانزيت» لبضائع اليمن والجزيرة العربية وشرق أفريقيا ونقطة تموين البواخر التجارية بين بريطانيا ومستعمراتها في المنطقة والهند درة التاج البريطاني آنذاك..وكانت عدن فعلا مركز إشعاع تجاري واجتماعي في ذلك الوقت تتهيأ للإقدام لأخذ دورها المرموق في المنطقة ولم ترق إلى ذلك الدور المطلوب إلاِ في أواخر الثلاثينيات من القرن المذكور. تواجدت فيها حياة بحد أدنى من الحرية والمدنية في نهاية الحرب العالمية الثانية حيث عرفت عدن وأهلها السينما والصحافة والنقابات والأحزاب السياسية ..وهذه المظاهر العصرية شكلت عاملاٍ من عوامل انتشار الوعي الوطني والقومي فيما بعد في اليمن بخاصة وجزيرة العرب بعامة.
الصحافة والسياسة
* وما تأثير تلك الحياة على تكوينك ونشأتك وكغيرك من أبناء جيلك¿.
* طبعاٍ عدن لها الفضل الأول للكثير من أبناء اليمن من جيل الأربعينيات والخمسينيات وما بعد هذه السنوات .. لأنها أي عدن فتحت عقول الشباب والمثقفين على أمور وأشياء حديثة لا يعرفها اليمنيون في المحميات أو في الشمال.. وفي تلك الأيام الباكرة من عمري عشقت الصحافة وجذبتني السياسة..ومع مطلع الستينيات كنت من المتحدثين في المنتديات والجمعيات الأدبية.. وفي صحيفة «فتاة الجزيرة» لمؤسسها ورئيس تحريرها الأستاذ المرحوم محمد علي لقمان المحامي..وفي صحيفة «الأيام» لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ المرحوم محمد علي باشراحيل ..بدأت اكتب مقالات وتعليقات في السياسة ولكن تحت أسماء مستعارة منها “فيصل” الذي أصبح أسمي الحركي أيام الكفاح المسلح ..ولا أنسى هنا أن أشير إلى أنني كنت شديد الإعجاب بالصحفي الكبير صالح عبدالله الدحان رحمة الله عليه .
القرون الوسطى
* طيب أستاذ سالم باجميل ..قلت إن الحياة في عدن زمن الاستعمار كانت على قدر من العصرية.. فهل لك أن تعطي جيل اليوم صورة مكثفة عن أوضاع ما كان يسمى بالمحميات الشرقية والغربية¿.
* نعم الحياة في عدن تختلف عما هو سائد في عموم ما كان يسمى بالمحميات ومنها “سلطنة الفضلي”..ففي عدن قدر لا بأس به من العصرية يتمحور حول الحريات الشخصية والعامة وكان يوجد في عدن تطبيق ملموس لفكرة أنت حر ما لم تضر السياسة البريطانية.. وفيها مهن جديدة وكانت تستهوينى ملابس الطيران المدني وملابس عمال الميناء والمرشدين.. ويكفي أن يعرف جيل اليوم أن عدن انفردت عن غيرها من مدن اليمن بالتنوع الثقافي والسكاني من مختلف الجنسيات واللغات وكان حق العيش والمواطنة مكفولين لمن لا يسيئ إلى قوانين الحكومة.. وكان الجنس والدين لا يشكلان متاعب لأهلهما..أما الحياة في سائر المحميات الغربية والشرقية كانت متروكة هائمة على وجوهها في شعاب التخلف الفظيع باستثناء زنجبار أبين.. وحوطة لحج.. ومدينة المكلا وشبام وبعض مدن الوادي بحضرموت كان فيها قدر من تمدن القرون الوسطى إن جاز لي التعبير وذلك طبعاٍ بالنسبة لما حولها من البداوة المتوحشة والمتخلفة.
* ما أشرت إليه في سياق حديثك يقودنا للسؤال عن العلاقة القائمة وقتذاك بين السلطنات والإمارات والمشيخات..فما حالها ¿.
* في واقع الأمر كانت تتواجد على مساحة جنوب الوطن اليمني إبان وجود الاستعمار البريطاني قرابة خمسة وعشرين وحدة إدارية تتكون من سلطنات وإمارات ومشيخات.. عاشت كل وحدة إدارية مغلقة في وجوه غير أهلها من أهل المنطقة إلى أن حان قيام اتحاد الجنوب العربي في أواخر النصف الثاني من عقد خمسينيات القرن العشرين.. في ذلك الحين سمح للمواطنين بالتنقل شبه الآمن وألغيت الجمارك في مطلع عام 1960م..وهكذا احتفظ كل من المتحدين بمورثه من التخلف في ظل الاتحاد إلى يوم الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م.
* ما هدف الاستعمار البريطاني من جعل تلك المحميات أسيرة للتخلف والفرقة والجهل¿.
* في تقديري أن الهدف المباشر لجعل المحميات تبقى طوال عهد الاستعمار البريطاني أسيرة التخلف والفرقة والجهل والعزلة هو أن يتمكن من تطبيق سياسة «فرق تسد» من جهة بحيث تبدو مستعمرة عدن في عيون الناس مثالاٍ طيباٍ لوجوده من جهة ثانية..ولكي يكون هناك توازن بين وضع الشعب اليمني في الشمال والجنوب تقتضيه ضرورات البقاء والهيمنة في الحكم للاستعمار البريطاني والإمامة معا..ولنا في المثل اليمني القائل: «الأعمى تسهل سرقته» خير دليل إذا أردنا أن نعرف عن كثب لماذا ترك الشعب اليمني بأغلبيته في ظلمات الجهل والتخلف والمرض.
وحدوية المؤسسين
* دعني أعود بالحديث معك إلى عدن النقابات والأحزاب السياسية..يقول الأستاذ المرحوم عمر الجاوي في مقالة له منشورة في مجلة الثقافة الجديدة الصادرة في ديسمبر 1989م.. أن «الأحزاب والنقابات في عدن تأسست بمنظور وطني وحدوي بغض النظر عن جنوبية هذا أو شمالية ذاك»..ما دلالة هذه المقولة برأيك في ضوء ما نسمعه اليوم¿.
* رحم الله الأستاذ عمر الجاوي ..من يريد أن يعرف دلالات استنتاجه الوطني عليه أن ينظر في تركيب قيادات وقواعد التشكيلات النقابية والحزبية حتى تتجلى في وعيه حقائق ودلالات ما ذهب إليه المرحوم الأستاذ عمر الجاوي حيث أن تشكيلات قيادات وقواعد النقابات والأحزاب كانت تتكون من أبناء مدن وقرى اليمن ولا يستطيع أحد أن يقول عكس ذلك..باختصار شديد إن في قول القائل: إن الأحزاب والنقابات في عدن تأسست بمنظور وطني يمني وحدوي بغض النظر عن جنوبية هذا أو شمالية ذاك يحمل دلالات دامغة على وطنية ووحدوية الجيل المؤسس ومدى اعتزازه باليمن..يمن التاريخ والحضارة والثقافة.. يمن الأرض والإنسان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
* وكيف نفهم ظهور النقابات في عدن قبل الأحزاب¿.
* النقابات ظاهرة من ظواهر النظام الرأسمالي تهدف إلى تنظيم العلاقة بين العمال وأرباب الأعمال أفراداٍ وشركات..ولما كانت عدن ثغر اليمن في ذلك العهد تمثل مركزا جديدا للرأسمال العالمي تواجد فيها مع الأيام شيئاٍ فشيئاٍ فروع وكالات لشركات أجنبية ووطنية لمزاولة تجارة الترانزيت وتقديم الخدمات وكان لابد أن يسبق تشكيل النقابات قيام الأحزاب..أما الأحزاب فهدفها كما تعلم المشاركة السياسية في الحكم..والحكم كان محتكراٍ في شمال الوطن للأئمة وأعوانهم وفي جنوبه أحتكره الاستعمار البريطاني وعملاؤه ولهذا كانت الرقابة موجودة على العمل السياسي الحزبي بشكل أو بآخر ولكن العمل النقابي الشكلي كان مفتوحاٍ ولهذا شكل مدخلاٍ تمهيدياٍ للسياسة الوطنية في اليمن.. وهذه هي إحدى خصوصيات تطور الحركة الوطنية.
مقاومة الاستعمار
* ما أبرز الأحداث النضالية التي عشتها هناك خلال النصف الثاني من العقد الخمسيني¿.
* شهدت في صباي أحداث نضالات مزارعي دلتا أبين..وكيف كانت تتآمر على مطالبهم المشروعة دوائر الاستشارة البريطانية وتماليهم في هذا التآمر والظلم سلطنتا الفضلي واليافعي (يافع السفلى) وشهدت بعض اجتماعاتهم مع زعماء الرابطة محمد علي الجفري وشيخان الحبشي ومن أبين الأمير الحافي أحمد عبدالله حيدرة والأستاذ عبدالله أحمد الحاج مؤسس التربية والتعليم في أبين وعلي سالم شدادي البريكي وغيرهم.. وكانت مطالب المزارعين على ما أذكر محددة في إعادة النظر في أسعار القطن وتقديم التسهيلات للمزارعين وإصلاح السدود وقنوات الري.. ولازلت أذكر طلقات الرصاص عندما رفع الأستاذ عبدالله أحمد الحاج منديلاٍ أبيض لوح به أمام عيون الحاضرين قائلاٍ: انظروا نصاعة بياض هذا المنديل إنه من قطنكم.
من بوابة “القوميين”
* وما قصة دخولك الميدان السياسي¿
* البداية تعود إلى مطلع ستينيات القرن الماضي ودخلت هذا الحقل من بوابة حركة القوميين العرب في عدن .. ولهذا الانضمام قصة ظريفة أود أن أرويها باختصار على النحو التالي ..كنت من عشاق ومحبي الزعيم جمال عبدالناصر ولا أفوت الاستماع عبر المذياع إلى خطاب من خطاباته.. وكنت من الحريصين على قراءة سلسلة «اخترنا لك» وهي عبارة عن كراريس كانت تصدر أثناء وبعد إعداد ميثاق العمل الوطني للشعب العامل في مصر.. وكان يلاحظني أحد أقربائي الذين سبقوني في الانضمام لحركة القوميين العرب فأشار عليِ قائلاٍ: ما دمت تحب الزعيم جمال عبدالناصر إلى هذا الحد لماذا لا تنضم إلى أصدقائه أنصاره في اليمن¿! قلت: ومن أين لي أن أعرفهم¿!. قال: أنا واحد منهم وسأدلك على من هو مؤهلاٍ أكثر مني لمساعدتك. قلت له: أوافقك ولك مني المحبة يا محمد.. وفي مساء ذات يوم من أيام يناير عام 1962م أخذني محمد سالم محوري وكان أحد طلاب كلية الاتحاد ليقدمني إلى الأخ المناضل عبدالله الخامري .. وهذا بعد أن دردش معي حول الوحدة العربية قال لي: إني أراك جاهزاٍ للانتماء إلى الحركة.. ودارت الأيام وما دريت إلاِ والخامري يقول لي: آن الأوان الآن أن آخذك إلى مسئول كبير في حركة القوميين العرب في اليمن الذين هم أنصار وأصدقاء الرئيس جمال عبدالناصر قلت من فوري: يا حبذا هذا الخبر وهذه الساعة.
وهكذا أخذني المناضل عبدالله الخامري إلى كافتيريا هاشم الشعبي التي كانت تقع في حافة الهاشمي في مدينة الشيخ عثمان جلسنا هناك نشرب عصير الليم ..فما أن ذهب الزبائن حتى وجدت الخامري يصعد بي إلى مخبأ داخل الكافتيريا نفسها لنجد أنفسنا وجهاٍ لوجه أمام شاب يبدو في العقد الثلاثيني من العمر استقبلنا بابتسامة عريضة مرحباٍ بنا : أهلاٍ وسهلاٍ بكما. قال لي الخامري وهو يشير نحوه : هذا هو قائدنا الأستاذ المناضل فيصل عبداللطيف الشعبي. فقلت من فوري حصل لي الشرف.. ثم قدمني الخامري إليه قائلاٍ: هذا الرفيق سالم الذي حدثتك عنه بالأمس. فهش وبش في وجهي مبدداٍ مهابتي بقوله: كيف أحوالك الشخصية وأحوال المزارعين والموظفين في أبين¿!
قلت: إننا جميعاٍ بخير وقلوبنا مع الزعيم جمال عبدالناصر وأنصاره وأصدقائه في اليمن. قال: هذا كلام كبير يا سالم وسيكلفك من العناء والجهد في المستقبل الشيء الكثير. قلت: بداهة من يخطب الحسناء لا يهم مهرها. فشد على يدي ودعا لي بالتوفيق ثم قال: موعدنا في الغد في نفس المكان والزمان إن شاء الله. قلت: وهو كذلك ثم انصرفنا كلا إلى سبيله فقال لي الخامري: مبروك أصبحت واحداٍ من أصدقاء وأنصار عبدالناصر في اليمن يهمنا ما يهمك ولا شك سيهمك ما يهمنا حتى النصر أو الشهادة. صدقني يا عبدالحليم لو قلت لك أنني لم أنم تلك الليلة وبقيت ساهراٍ حتى الصباح وأنا أفكر في شرف الانتماء إلى أصدقاء وأنصار الزعيم جمال عبدالناصر.
اللقاء مع “فيصل”
* وما الذي حدث بعد هذا اللقاء¿
* حدث ما كنت ابحث عنه..ففي الموعد المحدد ذهبت إلى الرفيق فيصل عبداللطيف الشعبي بمفردي حيث وجدته بنفس المكان السابق يستقبلني بذات البشاشة والابتسامة ومما قاله لي : فرصة طيبة أنك جئت قبل الموعد بحوالي عشر دقائق .. قلت: أنا اطلب المعذرة لأن هاشم هو من أمرني بالدخول عليك.. قال: لا بالعكس كم أسعدني مجيئك مبكراٍ ودعنا نستفيد من الوقت حتى يأتي أخونا الذي سيكون مسئولك التنظيمي .. قلت له : تحت أمرك يا أستاذ. ثم سألني: هل لديك صديق من شمال الوطن¿! قلت: لا.. أنا قادم من زنجبار أبين.. وأنت تعلم كم هي مغلقة في وجه غير أبنائها ..في حين يتواجد الناس في عدن من كل أنحاء اليمن للحصول على الأعمال والمعارف الإنسانية الجديدة. قال: صدقت ولكن إذا لم يكن لديك صديق من شمال الوطن اليمني فمعنا الكثير منهم .. وقطع الحديث دخول شخص علينا لم أكن على معرفة سابقة به .. بعد أن سلم علينا أخذ مكانه بجانب فيصل الذي قال له : هذا سالم محمد باجميل رفيق جديد لديه معارف ثورية وقومية أرجو أن تهتم به وتنضم معارفه حتى يغدو واحداٍ منا.. قال الرجل : ابشر سيكون لك ذلك وأكثر. ثم عاد فيصل ليوجه حديثه نحوى : عفوا أنا دخلت بك في صلب الموضوع قبل أن أعرفك بالرفيق نور الدين قاسم.. قلت: لا بأس حصل خير إن شاء الله. وانتهى اللقاء عند هذه النقطة لكنه لم ينقطع مع نور الدين قاسم مسئولي التنظيمي الأول في حركة القوميين العرب وكانت لي معه وغيره قصة تثقيف ذاتي وتربية سياسية لازماني طوال سني عمري وحتى اليوم.
* وما العمل بعد ذلك¿
– بقيت في عدن حتى أنهيت دراستي في معهد المعلمين ثم عدت إلى مدينة زنجبار مملؤاٍ بالشباب والخواطر عن رؤى الحاضر والمستقبل تغمرني السعادة والزهو بالشعور إلى اكتشاف حب الانتماء الواعي إلى اليمن وإلى حركة القوميين العرب.
“الزحف المقدس”
* لو عدنا إلى عدن وتحديداٍ ما شهدته كريتر في يومي 23 و24 سبتمبر 1962م من وقائع مسيرة «الزحف المقدس» لإسقاط المجلس التشريعي للاتحاد .. فماذا بقي في ذاكرتك من صور تلك الأحداث¿ وأين تقرأ دلالاتها.. خاصة أنها جاءت قبل يومين من قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 في شمال الوطن¿.
* طبعاٍ عشت ما جرى في تلك الأيام الخالدة من انتفاضة جماهيرية ضد سياسة المستعمرين رأيت كيف توحد شعبنا واسمع قضيته للعالم وأن لا بديل عن الحرية والاستقلال..وبقى في ذهني من مشاهد «الزحف المقدس» لإسقاط المجلس التشريعي الكثير أهمها.. مهابة من غضب الشعب.. وكيف ينبغي على الحكام أن يتقوه مهما بلغوا من القوة.. زحف وهتاف ودماء وشهداء وكأنما طلقات الرصاص لا تعني شيئاٍ للجموع الثائرة.. قراءتي لدلالاتها المستقبلية في تلك المرحلة تكمن في أنها انعكست بقوة في تأييد ودعم ثورة 26 سبتمبر 1962م التي قامت بعد يومين من ذلك الحدث الثوري الجماهيري في عدن وفي احتضان عدن والعدنيين لثورة 14 أكتوبر عام 1963م في ما بعد.. وإن العدنيين ناصروا الثورة والثوار وأعطوهم مددا معنويا وماديا على امتداد تاريخ نضال الثورة اليمنية.
فيضان بشري
* ونحن نتحدث عن سبتمبر..أين كنت يوم إعلان قيام ثورة سبتمبر¿وماذا فعلت مع أبناء جيلك ¿ كيف رصدت رد الفعل الجماهيري في عدن إزاء يوم كهذا ¿
* كنت في مدينة عدن.. وانتابتني موجة شعور غامرة بالفرح وخيل إلي وأنا أسير على الأرض وكأنني أطير في فضاءات مشحونة بالسعادة والسرور.. كان بالنسبة لي قيام الثورة بمثابة مفاجأة سارة أصابتني بالذهول.. ومر يوم والثاني ثم أفقت على حراك جماهيري في عدن لا مثيل له في تاريخ نضال الشعب اليمني الباسل أمواج بشرية تتدفق باتجاه شمال الوطن مفعم بالتأييد والدعم للثورة.. ورأيت بأم عيني فيما بعد كيف كان الناس يتوافدون من أجل الذهاب إلى شمال الوطن للدفاع عن الثورة.. شباب وشيوخ تجار وعمال ومن أهل السياسة والرأي يتسابقون إلى السيارات كأنهم في ماراثون أسطوري من يفوز فيه بالطلوع إلى إحدى السيارات قبل الآخر يفوز بالحياة.. وأردت أن أكون أحد هؤلاء ولكن شهادتي وأصدقائي كانوا لي بالمرصاد وحالوا دون تحقيق أمنيتي تلك.. ولما عدت إلى حيث سكني تملكتني نوبة من الحزن وظننت أنني وحدي وبكيت بحرقة وحرارة وما دريت إلاِ وأحد رفاقي في حركة القوميين العرب يقول لي: لا تبكي يا رجل وأعلم أنه ينتظرك هنا في جنوب الوطن دور اليوم أو غداٍ.. ثق بي وتحمل وسوف يتأكد لك صحة كلامي هذا..وتطلعت إليه من خلال الدموع ثم قلت له : ربنا يسمع منك يا… قال: أنا ناصر علي صدح ألم تعرفني يا سالم ¿ قلت: بلى ولكن علمي أنك بالقاهرة. قال: جئت بالأمس الأول ولما عرفت أنك هنا جئت لزيارتك.. ثم تصافحنا واقترح أن نذهب إلى الزريقي في مدينة التواهي.. وهو شاب تاجر ودمث الأخلاق قلت له: وهو كذلك. قال معلقا: مزاجك شمالي ومقامك جنوبي.. ووجدنا لدى الزريقي أخبار لا أول لها ولا آخر عن الثورة والثوار منها ما يسر وأكثرها ما يحزن.
موقف عدائي
* وكيف رأيت موقف الاحتلال البريطاني للجنوب تجاه الثورة في الشمال¿
* وقعت مفاجأة قيام ثورة سبتمبر 1962م وقوع الصاعقة على رأس سلطات الاحتلال البريطاني وعملائها في حكومة الاتحاد (العربي) المزيف.. ولكنها اكتفت إزاء رد الفعل الجماهيري المؤيد بالرصد وعدت نفسها هي وعملاءها للتدخل سياسيا وعسكريا لصالح الملكيين .. وفعلا قامت باعتداءات ضد الجمهورية اليمنية الفتية آنذاك وضربت منطقة حريب في مأرب.. كانت بريطانيا عضوا مؤسسا وفاعلا في التحالف الإقليمي الدولي المشئوم ضد ثورة شمال الوطن اليمني.
* ماذا تقول عن أصداء ثورة سبتمبر في الصحافة العدنية¿
* كانت الصحافة الصادرة عن عدن ميناء اليمن الشهير مرآة لانعكاس أخبار الثورة السبتمبرية.. وكانت في الصدارة منها (الأيام) و(فتاة الجزيرة) وصحافة مؤتمر عمال نقابات عدن.. ولاحت عدن لعيني في ذلك الوقت بمثابة مصهراٍ بشرياٍ كبيراٍ لحراك ثوري وطني منقطع النظير.
دعم سبتمبر
* من المعروف أن الأحزاب وخاصة (حركة القوميين العرب) و(الاتحاد الشعبي الديمقراطي) و(حزب الشعب الاشتراكي) والنقابات لعبت دوراٍ مهماٍ في الحشد والتعبئة لنصرة ثورة سبتمبر وجمع التبرعات وإرسال المتطوعين من الشباب للالتحاق بالحرس الوطني في صنعاء.. كيف عشت هذه التجربة وما أهميتها في مسيرة الحركة الوطنية اليمنية فيما بعد¿.
* هذه حقيقة أخرى لا غبار عليها .. لعبت الأحزاب والنقابات بلا استثناء دوراٍ بارزاٍ ومهماٍ في التعبئة والحشد لمناصرة ثورة سبتمبر وعملت على جمع المال وإرسال الشباب المتطوعين للالتحاق بالحرس الوطني في صنعاء للدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري شخصياٍ ..كنت أحد نشطاء نقابة المعلمين الذين تبرعوا لصالح الثورة وحرضوا الناس على ذلك الفعل.. دوري كان محدوداٍ في ذلك بتنفيذ ما يوكل إليِ وفي (كتاب حياتي) الذي أتوقع أن ينشر على أيدي ولدي أحمد وإخوته سيجد القارئ الكثير مما لم أتمكن من تسجيله في هذا المقام المهم.. أن ثورة سبتمبر حركت المياه الراكدة في عدن وسائر مدن وأرياف اليمن أجمع.
الأستاذ سالم /امين المحاقري ج20
14