جلال الرويشان
يعتقد البعض أن الإيمان بثورة 21 سبتمبر 2014 م وتأييدها يتعارض مع السير في الطريق الذي رسمته أهداف الثورة الأم 26 سبتمبر 1962 م .. وهذا اعتقاد خاطئ . وتحليل غير منطقي لسياق الأحداث وحيثيات التاريخ اليمني المعاصر ..
كانت ثورة 26 سبتمبر 1962 م ضرورة حتمية للتحرر من الظلم والاستبداد الذي انتهجه النظام السياسي الذي قامت الثورة ضده والمتمثل في حكم بيت حميدالدين .. ومن يحلل أو يقف على الـ57 عاماً التي انقضت منذ قيام الثورة عام 1962 م وحتى الآن يكتشف بسهولة أن الثورة نجحت في التحول السياسي لمنظومة الحكم دون أن تتمكن من تحقيق أهدافها كاملة بسبب أن بلادنا بموقعها الجيوسياسي المتميز بين محيط تابع يطفح بالمال والثروات ويتمثل بالسعودية وبعض دول الخليج ومحيط تائه يعاني الفقر وشحة الموارد ويتمثل في القرن الإفريقي وصراعاته المتعددة الدوافع والنزعات .. كان أحد الأسباب الرئيسية لأن تبقى بلادنا مطمعاً للآخرين ومرتعاً خصباً لسياساتهم وصراعاتهم .. وقد انعكست هذه السياسات والصراعات على الأوضاع الداخلية لليمن بشطريه قبل عام 1990 م وللجمهورية اليمنية الموحدة بعد ذلك العام .. فنحن كشطرين خضنا حروباً وصراعات بالوكالة تارة عن قوى اقليمية وتارةً أخرى عن قوى دولية . وفي قضايا وأزمنة أخرى كان يلتقي الاقليمي بالدولي في هدف واحد هو أن تبقى بلادنا ميداناً للصراعات وتصفية الحسابات ..
وإلى اشكالية الموقع الجيوسياسي أُضيفت إشكالية أخرى .. فالسعودية كانت ولا زالت ترى في كل خطوة تخطوها اليمن أو حتى تخطط لها للتحرر من تبعية القرار السياسي والندية المتوازنة القائمة على قاعدة المصالح المشتركة واحترام حق الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .. كانت تراها خروجاً عن سياساتها وتمرداً عليها .. ولم تدرك السعودية – وهي بالتأكيد لن تدرك – أن السياسة الدولية والنظام العالمي الجديد والسماوات المفتوحة تتطلب الأمن القومي المشترك والمصالح والعلاقات الدولية المتكافئة والمتكاملة أكثر مما تتطلب علاقة التبعية والتابع والمتبوع التي لم يعد لها مكان في علم السياسة الحديث ..
ظلت السعودية تعامل اليمن واليمنيين بنفس الوسائل والآليات والسياسات التي استخدمتها في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي . وحاولت في أكثر من منعطف تاريخي معاصر أن تُدير اليمن بالأزمات وكانت الظروف والمتغيرات الدولية والصراعات الداخلية تساعدها في خلق المناخ المطلوب والبيئة المناسبة لتمرير اجنداتها وتنفيذ سياساتها بعيداً عن مصالح اليمن والشعب اليمني .
ومن هذا المنطلق جاءت ثورة 21 سبتمبر 2014 م ليست كبديل لثورة 26 سبتمبر 1962 م ولا لتحل محلها ولا لتصحح مسارها كما يقول البعض وإنما لتضيف نقطة قوة أخرى إلى أهداف ومبادئ ثورة 26 سبتمبر ولتواجه وتقاوم هذا العداء والتكالب الاقليمي والدولي الذي ظل ومازال يحارب الثورة الأم 26 سبتمبر ويعرقل مسارها ويحاول تعطيل وتفريغ مضامينها وأهدافها ..
وخلاصة القول أن 26 سبتمبر ثورة على الطغيان والفساد السياسي والاستبداد وثورة 21 سبتمبر ثورة على الوصاية والهيمنة الخارجية ..
وأن الثورتين مجتمعتان هما خلاصة نضالات شعب يمني مؤمن بعدالة قضاياه ويتوق إلى الحرية والتخلص من الهيمنة وبناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على العدالة والمساواة وسيادة القانون ولديه الاستعداد للتضحية في سبيل هذه المبادئ حتى يحققها أو يهلك دونها .
رحم الله الشهداء
وشفى الله الجرحى
وحفظ الله اليمن
نائب رئيس الوزراء لشؤون الأمن والدفاع