تحظى محافظة الحديدة بأهمية كبيرة¡ باعتبارها منطلقا◌ٍ لأهم محطات الثورة اليمنية¡ ورافدا◌ٍ من روافد دعم تحقيق الثورة وانتصار الجمهورية فإلى ميناء الحديدة وصلت الأسلحة التي فجøر بها جيشنا اليمني البطل ثورته الخالدة.
ومن طريقها ع◌ِب◌ِر◌ِ عتاد الجيش وحاجيات المواطنين وفي “زبيد” عاصمتها العلمية الشهيرة بمدارسها الإسلامية والتاريخية تخرج أهم علماء وأدباء وعظماء اليمن.
وتعتبر محافظة الحديدة¡ أو “لواء الحديدة” كما كانت تسمى¡ حاضنة الثوار والرؤساء والقادة السياسيين والمناضلين الوطنيين في المقاومة الشعبية كما شهدت لقاءات إعادة الوحدة اليمنية.
علاوة◌ٍ على أن “عروس البحر الأحمر” تتمتع بموقع سياحي متميز¡ وشكلت بمزاياها المتنوعة موردا◌ٍ من موارد الاقتصاد في بلادنا.
لم تكن ظروفها في ثمانينيات القرن العشرين¡ تختلف عن مثيلاتها من المحافظات اليمنية¡ لكن خصائصها الاستراتيجية تفرض الاهتمام بتحسينها وتطويرها على نحو يتلاءم مع أهميتها.
لذلك¡ بعد تسلمي مهام عملي محافظا◌ٍ للمحافظة¡ ركزت اهتمامي على إحداث نقلة نوعية داخل المحافظة وعاصمتها ومديرياتها¡ بالتعاون مع المواطنين كافة والقطاع الخاص خاصة¡ للذهاب في مسار إحداث شراكة مجتمعية شاملة لكل الجوانب¡ منطلقين معا◌ٍ من وعينا وإدراكنا الجمعي للمسئولية الجماعية تجاه بناء الوطن.
تلك الشراكة المجتمعية الناجحة خلال “سنوات الحديدة” بفضل تكامل الاهتمام بالمحافظة بين مواطنيها وأبنائها وقيادة المحافظة والقيادة السياسية¡ ي◌ْستدل عليها بما تحقق من منجزات على طول الحديدة وعرضها.. وتجدها مع شهادة أبنائها الأوفياء¡ شاهدا◌ٍ على تلك الفترة وما خلفته من آثار ظاهرة وقائمة حتى الآن تتمثل في المتنفسات العامة كالكورنيش والحدائق العامة وانتظام التشجير¡ وإنشاء الملعب الرياضي المزروع زراعة طبيعية.. مع النظافة التي كانت حينذاك مضرب المثل.
كما يضرب المثل في محافظة الحديدة باستباقنا منذ ما يقارب ثلث قرن¡ كمحافظة من محافظات الجمهورية¡ بل وفي منطقة الجزيرة العربية أيضا◌ٍ¡ إلى تدشين المهرجانات التراثية والسياحية كمهرجان “الحسينية” وسباق الهجن.
كان إنجاز تلك الأعمال في ظل المناخ “التهامي” إضافة جديدة من محافظة الحديدة إلى رصيد التنمية والتطوير والسياحة والتراث الوطني والإدارة العامة في الجمهورية اليمنية¡ وقد نالت بعض ما تستحق من التقدير والعطاء¡ جزاء ما تقدمه هذه المحافظة وأهلها الطيبون.
ولئن أفنينا شطرا◌ٍ من أعمارنا بخدمة هذه المحافظة التي تستحق كل اهتمام وإنصاف ورعاية وعطاء¡ فلسنا بذلك إلا ملتزمين أداء الخدمة الوطنية التي نجد أنفسنا فيها¡ متمنين وعاملين على أن نرى وطننا في أحسن حال.
ختاما◌ٍ¡ لا تفوتني الإشارة إلى ضرورة العناية بتراث وآثار هذه المحافظة¡ مع التنويه بما تعالى من الأصوات المنادية بالحقوق والمطالب المشروعة في محافظة الحديدة وسهول تهامة¡ والتي يجدر بالقوى الوطنية الفاعلة والمخلصة أن تعتني عناية جادة بها قبل أن تتضخم إلى حد يعجز معه كل علاج.
رئيس مجلس الشورى
(محافظ محافظة الحديدة
1985م – 1994م)