عبدالرحمن الزبيب
يعتبر الإنتاج الوطني من أهم أعمدة وركائز بناء الدول وتعزيز السيادة والاستقلال الوطني ولتحقيق ذلك يستوجب أن يكون الانتاج الوطني يغطي أولويات الاحتياج في السوق الوطنية بسلع ذات جودة عالية واسعار مناسبة ومنافسة للسلع المستوردة ولكن؟
يلاحظ أن الانتاج الوطني في السوق المحلية يعاني من تدهور وانفلات مريع يعود الى غياب الإدارة الجيدة لهذا الموضوع بشكل مهني فني ابداعي يعزز من دور المنتج الوطني ويجعل منه سلعة تنافسية في السوق المحلية وحتى إمكانية التنافسية في السوق العالمية إذا توافر منتج وطني ذو جودة عالية وتكلفة أقل وسعر منخفض ليكون منافساً بلا منازع وإمكانية تغطية احتياجات السوق المحلية كخطوة أولى تحافظ على إمكانيات الوطن من العملات الأجنبية وخطوة ثانية امكانية تصديره للخارج لرفد الاقتصاد الوطني بالعملات الأجنبية من التصدير للمنتجات الوطنية التي يتم تصديرها وبيعها بالعملات الأجنبية.
هناك اجراءات في جميع دول العالم لحماية المنتجات الوطنية ومنها رفع الضرائب والجمارك على السلع المستوردة في مجالات محددة لإفساح المجال للمنتج الوطني للانتشار والمنافسة بمميزات الاعفاءات الجمركية والضريبية والرسوم ويركز العالم على حماية المنتج الوطني الزراعي حيث أن معظم دول العالم تحمي المزارع الوطني وترفض المنتجات الزراعية المستوردة وتقيدها بقيود وضرائب وجمارك ورسوم باهظة يعود ريعها لتشيجع وتحفيز المنتج الوطني وهذا ما تم في وطني حيث تم اصدار قرار بمنع استيراد منتجات الفواكه الخارجية ومنها التفاح لإفساح المجال للفواكه الوطنية وهذا بالفعل عزز من انتاج التفاح الوطني وتغطية احتياج السوق الوطنية منها ولكن؟
لا يكفي أن يصدر قرار بمنع استيراد المنتجات من الخارج لإفساح المجال للمنتج الوطني لاحتكار السوق الوطنية بل يجب أن يصاحب هذا القرار اجراءات لتحسين المنتج الوطني وتخفيض التكلفة لأن الاحتكار يقتل التطوير للمنتج الوطني ويفترض ان يكون لفترة محدده حتى يقف المنتج الوطني كمنافس ويحسن من جودته وسعره.
يلاحظ أن قرار منع استيراد التفاح من الخارج صاحبه اجراءات خاطئة وعكسية قد تنشر إغراق السوق الوطنية بتفاح خارجي مهرب بسبب عدم تحسين جودة المنتج الوطني والمغالاة في أسعار ويتسبب ذلك في عزوف المستهلك عن شرائه واللجوء لشراء التفاح الخارجي لجودته وسعره المقارب من سعر المنتج الوطني ذي الجودة المنخفضة والسعر المرتفع.
قبل تفعيل قرار منع استيراد التفاح الخارجي كان سعر السلة التفاح المحلي _ وزن 20 كيلوجراماً – بما لا يزيد عن 2 دولار وبعد قرار منع استيراد التفاح الخارجي واحتكار الانتاج الوطني للسوق المحلية ارتفع السعر بشكل مبالغ فيه حتى اصبح سعر الكيلو جرام الواحد من التفاح المحلي 2 دولار بمعنى ان سعر الكيلو ارتفع ليوازي سعر العشرين كليو قبل قرار المنع واحتكار الانتاج المحلي له.
هذا الاجراء خاطئ جداً ويستوجب ان يتم تفعيل منظومة متكاملة يحسن من جودة المنتج الوطني ويخفض تكلفة الانتاج لتخفيض سعره للمستهلك بتخفيض فوارق الأسعار في مراحل الانتاج والتسوق.
وهكذا جميع السلع والمنتجات الوطنية تتعطل بسبب تلك الأخطاء
نحن مقتنعون بأهمية تشجيع المنتج الوطني ولكن بتحسين جودته وتخفيض سعره وليس العكس.
وللمساهمة في تحسين وتشجيع المنتج الوطني يستوجب دراسة اسباب ضعف تنافسية الانتاج الوطني مقارنة بالمنتج المستورد والشروع في معالجة شاملة لتلك المسببات لتحسين المنتج الوطني ورفع مستوى تنافسيته للمنتجات المستوردة نوجز أهم تلك الأسباب والمعالجات المفترضة في النقاط التالية :
1 – انخفاض جودة السلع المحلية بالمقارنة بالمستوردة مما يجعلها خياراً غير جيد للمستهلكين
2 – ارتفاع اسعار السلع المحلية وانفلات اسعارها بشكل جنوني مما يعزز من تهريب سلع مستوردة بأرباح كبيرة
3 – احتكار انتاج وتسويق المنتجات المحلية على اشخاص أو شركات محدودة مما يرفع اسعارها ويخفض جودتها بسبب غياب روح التنافس الإيجابي.
4 – ضعف وسوء تغليف وتخزين المنتجات المحلية مما يعرضها للتلف السريع وخفض جودتها ورونقها ويفترض أن يتم افساح المجال للمستثمرين الوطنيين والعالميين للاستثمار في مجال انتاج مواد وتجهيزات التغليف للمنتجات الوطنية ومنحهم اعفاءات ومميزات للاستثمار في هذا المجال.
5 – غياب التشجيع والمميزات للمنتج المحلي بل على العكس بعض المنتجات المحلية يتم فرض رسوم وضرائب طائلة ومنها مثلاً السجائر في ظل تقاعس الأجهزة الرسمية في ضبط التهريب والسلع المهربة والمفترض منح المنتجات الوطنية اعفاءات ومميزات وليس العكس.
6 – الروتين الطويل والممل لإجراءات تسجيل العلامات التجارية للمنتجات الوطنية وضعف وتطويل اجراءات الحصول على تراخيص العمل والتسويق والانتاج ويفترض تسريع وتسهيل اجراءات التصاريح اللازمة للمنتجات الوطنية.
7 – ارتفاع فوارق الأسعار في مراحل انتاج السلع المحلية ومراحل تسويقها مما يقلص الاستفادة منها على اشخاص محددين وحرمان الجميع من الاستفادة من قيمة السلعة ويفترض أن يتم ضبط فوارق الأسعار في مراحل الإنتاج والتسويق في جميع مراحلها بحيث يكون بنسب محددة وفي إطار المعقول دون مغالاة ولاتبخيس بحيث يصل المنتج الوطني للمستهلك بسعر مناسب ومنافس بدون مغالاة.
8 – غياب إدارة المنتجات الوطنية وتوزيع الإمكانيات لتغطية كافة مجالات الاحتياجات حيث يتسبب هذا في العشوائية والتخبط في تركز المشاريع الإنتاجية في اصناف محدده حتى تغرق السوق وينخفض جدواها ويفترض دارسة احتياج السوق وتوسيع مجالات الاستثمار لتغطية كافة الاحتياجات الوطنية بشكل متناسب ومتوازن دون اخلال او اختلال.
9 – ضعف وسوء جودة المدخلات الأولية للمنتجات الوطنية مما يجعل من المنتج رديء وغير مناسب وغير تنافسي للمنتجات المستوردة بالإضافة إلى ملاحظة ارتفاع اسعار المدخلات الأولية للمنتجات الوطنية مما يجعل التكلفة كبيرة والمنتج غير تنافسي ويفترض تحسين المدخلات للمنتجات الوطنية وضبط اسعار المدخلات لتخفيض التكلفة.
10 – ضعف وعدم الاهتمام بمراكز الأبحاث والتطوير للمنتجات الوطنية يلاحظ غياب تام للمراكز البحثية والتطوير للمنتجات الوطنية مما يجعل منها متأخرة جداً وغير تنافسية وذات جودة منخفضة وأسعار مرتفعة ومراكز التطوير هامة لتطوير المنتج وجودته وتحسينها وتحسين المدخلات وتخفيض التكلفة.
وفي الأخير :
نؤكد اهتمامنا وايماننا بأهمية تشجيع المنتج الوطني ليغطي احتياجات السوق الوطنية بما يعزز من سيادة واستقلال وطننا والحفاظ على الإمكانيات المالية من العملات الأجنبية التي يتم استنزافها لشراء سلع ومنتجات مستوردة كان بالإمكان تغطية الاحتياج الوطني منها بالمنتجات الوطني إذا ما تم تسحين جودة المنتج الوطني وضبط أسعاره ليكون اكثر تنافسية في السوق المحلية ويعطل أي جهود لتهريب السلع المستوردة أو إغراق السوق المحلية بمنتجات مستوردة ما كانت لتغرق السوق الوطنية إذا كان هناك منتج وطني منافس بجودة عالية وسعر جيد بلامغالاة ولاتبخيس بالإضافة إلى أهمية منح المنتج الوطني مميزات وحوافز واعفاءات وتفعيل مراكز البحوث والتطوير للمنتجات المحلية وتحسين مدخلاتها وآليات الإنتاج بشكل جيد يخفض التكلفة يوخفض سعرها بالإضافة إلى اهمية تفعيل إدارة توزيع الإمكانيات الوطنية لتوزيعها لتغطية متوازنة لاحتياجات السوق وبما يضمن عدم تركيز الانتاج الوطني في مجال واحد وإغفال بقية المجالات مما يستبب في إغراق السوق الوطنية بمنتجات محلية تفيض عن حاجه السوق وتخفض سعره وتعطل جدواه وتفسح المجال لمنتجات مستوردة للمنافسة في المجالات الأخرى الذي كان بالإمكان تغطيتها بالإمكانيات الوطنية إذا وجدت الإرادة والإدارة الجيدة والحقيقية لتحسين المنتج الوطني وتجويده وتخفيض وضبط أسعاره ليكون منافساً للمنتجات الأخرى ليس في السوق الوطنية بل حتى في السوق العالمية وامكانية تصديره في المستقبل إذا كان ذا جودة مرتفعة وسعر منخفض كون تشجيع الانتاج الوطني يكون بتجويده و تخفيض أسعاره لا بالمغالاة والاحتكار.