في معركة جبل كهلان بصعدة خضنا معارك شرسة مع فلول الملكيين فانتصرت إرادة الجمهوريين على السلاح الثقيل والمرتزقة



, أصبت بشظية مدفعية بجبل كهلان فأجريت لي 7 عمليات جراحية على مدى 13 شهراٍ بالمستشفى العسكري بصنعاء
, لقد كان لقبائل مراد وقيفة دور كبير في دحر الملكيين من آنس وضوران ومعبر ونقيل يسلح
الفريق حسن العمري والنقيب عبدالرقيب عبدالوهاب كانا من أشجع وأبرز قيادات ومناضلي الثورة اليمنية وبفضلهما فك الحصار عن صنعاء الشيخ علي عبدربه حازب استشهد في حادثة سقوط الطائرة التي كانت تقله إلى العاصمة صنعاء لتلبية دعوة المشير السلال له
بعد صمت دام لنصف قرن وبعد فشل عشرات المحاولات لإخراجه عن صمته هذا والتي قام بها العديد من الزملاء الصحفيين استسلم مسئول التحركات في جبهات القتال بصعدة وغيرها أمام إلحاح “الثورة” عليه بإجراء حوار صحفي معه حول مشاركته في قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م ودوره في انتصار هذه الثورة الخالدة..
وقبل أن نوجه له أول ما بجعبتنا من أسئلة أوضح بأن عزوفه عن الحديث عن الثورة اليمنية ومناضليها من العسكريين والقبائل والمدنيين ورفضه للإدلاء بأي حديث أو تصريح صحفي طيلة 50 عاماٍ ناتج عن التشويه والتشويش اللذين لحقا بحقبة من التاريخ اليمني المشرق جراء ما كتبه وتحدث عنه عدد من المناضلين وعدد آخر من أدعياء النضال عبر مختلف وسائل الإعلام منذ الأشهر الأولى لقيام ثورة 26 سبتمبر حتى وقتنا الراهن وبعد انتهاء المناضل علي حسين طليان من توضيحه هذا اجرينا معه الحوار التالي:
حاوره مراد الصالحي

أين كنت ليلة اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962م¿
– في ليلة الخميس التي اندلعت فيها شرارة ثورة 26 سبتمبر كنت في الخيداد مديرية جبل مراد بمحافظة مارب وكان عمري حينذاك 16 عاماٍ وقد علمت بقيام الثورة عن طريق بعض المشايخ في قبيلة مراد وفي مقدمتهم الشيخ جاد الله علي ناصر القردعي الذي كان له ولوالده الشيخ الشهيد علي ناصر القردعي دور كبير في توعيه الناس بأهمية قيام الثورة ضد نظام الحكم الإمامي الكهنوتي والمشاركة فيها وكنت واحداٍ من الشباب الذين يتطلعون للمشاركة في هذه الثورة السبتمبرية المباركة في سبيل التخلص من الجهل والفقر والمرض والظلم الذي عانى منه أبناء شعبنا اليمني طيلة عهد بيت حميد الدين.
فرح عارم
وكيف استقبلت هذا الحدث التاريخي الهام¿
– لقد استقبلته بفرح عارم وبسرور بالغ مثلي مثل كافة الشباب اليمني المتطلع إلى مستقبل أفضل وإلى بناء وطن خالُ من العنصرية والطبقية والتعصب المذهبي والسلالي والجهوي.
وما هي أبرز أدواركم النضالية في هذه الثورة¿
لم يمض سوى أيام معدودة على قيام الثورة إلا وقد اتجهت مع العديد من المقاتلين المتطوعين من قبيلة مراد بقيادة الشيخ جار الله القردعي إلى جبهات القتال في ورخة مديرية الجوبة لمشاركة المقاتلين الجمهوريين من قوات الجيش والقبائل في الحرب ضد فلول الملكية وقد استمرت المعركة مع الملكيين في ورخة ومناطق أخرى في الجوبة حوالي شهرين تمكنا خلالها وبعون من الله من سحقهم في هذه المعركة وبعد الانتهاء من المعركة التي انتصرنا فيها تم استدعاؤنا من قبل قائد الثورة الرئيس عبدالله السلال إلى صنعاء ومن ثم أمرنا بالتوجه إلى ذمار وحينذاك اجتمعنا مع بني ضبيان واتجهنا إلى ذمار وكان المحافظ في ذلك الوقت هو القاضي عبدالله الحجري وقد كان الملكيون احتلوا بعض المناطق في ذمار بعد قيام الثورة بنحو ثلاثة أشهر تقريباٍ ومن تلك المناطق التي احتلها الملكيون ضوران والمنشية ونقيل يسلح فقمنا عقب وصولنا إلى مقربة من مدينة معبر بالاشتباك معهم ودارت حرب شرسة بيننا وبين الملكيين استمرت أسبوعاٍ كاملاٍ حتى تمكنا من طردهم من مدينة معبر والمناطق التي حولها وواصلنا السير حتى وصلنا ضوران والمنشية وكان ذلك بقيادة محمد عكارب واذكر في ذلك الوقت أن حكومة الجمهورية استدعت الشيخ أحمد السلامي والقاضي الأكوع اللذين كانا يعملان مع الإمام وفي هاتين المنطقتين “ضوران – المنشية” خضنا المعارك مع فلول الملكيين ودحرناها من أنس ومن ثم اتجهنا إلى نقيل يسلح لمشاركة القوات المسلحة في مواجهة الملكيين هنالك وقد كان يومها نقيل يسلح تحت سيطرة الملكيين وبعد القتال الشرس الذي خضناه جنباٍ إلى جنب مع أبناء القوات المسلحة تمكنا من السيطرة على النقيل وواصلنا ملاحقة الملكيين حتى وصلنا إلى منطقة وعلان وهنالك وقعنا في الحصار من قبل فلول الملكيين الذين تمركزوا في جهتي شرق وغرب وعلان وأثناء الحرب والحصار بين الطرفين الجمهوري والملكي استشهد قائد الحملة النقيب محمد الكبسي وجاءت بعدها القوات المصرية ومعها المدرعات والدبابات لدعمنا وفك الحصار عنا أما الملكيون فكان معهم أسلحة شرمة بكتيارس وبعد استشهاد الكبسي استمر القصف على أماكن الملكيين من قبل القوات المصرية حتى تم دحرهم فقامت القوات المصرية بوضع مدرعتين في نقيل يسلح وأصبحت منطقة وعلان بأيدي قوات الجمهورية وبعدها طلبت الحكومة من المقاتلين الجمهوريين من أبناء قبيلة مراد وبقية القبائل المشاركة بعد انتهاء المعركة أخذ إجازة والذهاب إلى قراهم أو الدخول إلى صنعاء ففضلت التوجه لقريتي في جبل مراد للاطمئنان على أفراد أسرتي وأهلي وأصحابي.
بدلاٍ من العودة إلى قريتي توجهت إلى حريب
إلا أنه وقبل أن أدخل قريتي بجبل مراد كانت حريب تشهد معارك بين الملكيين والجمهوريين وحينها فضلت أن لا أذهب إلى بيتي وقريتي قبل أن أقوم بواجبي في مواجهة الملكيين وانضممت إلى صفوف المقاتلين الجمهوريين وكان عددنا يصل إلى نحو(300 – 400)مقاتل وكنا بقيادة الشيخ علي عبدربه حازب الذي كان يقود الجمهوريين من قبيلة مراد وكان عبدالله بن الحسن يقود القوات الملكية في هذه المعركة واستمرت المعارك بيننا وبين الملكيين في حريب حوالي 8 أشهر وكان يأتي للملكيين دعم من شريف بيحان بشبوة غير أن هدف تحقيق الثورة السبتمبرية شد من عزائم المقاتلين الجمهوريين فاستطعنا طردهم من حريب وانسحب الأمير عبدالله بن الحسن ومن معه وقد كانت تصلنا الإمدادات للمناطق الشرقية حريب وورخة وغيرها بواسطة الطائرات لأن الملكيين كان لهم قوة في هذه المناطق وكان صعباٍ الوصول بهذه الإمدادات والمؤن الغذائية إلا عبر الطائرات وفي إحدى المرات أقلعت إحدى تلك الطائرات من الجوبة وعلى متنها الشيخ علي عبدربه حازب ومعه شخص من الأشراف واثنين مصريين بعد أن وصل استدعاء للشيخ حازب من الرئىس السلال إلا أن الطائرة وبسبب خلل فني سقطت في منطقة خولان واستشهد كل من كان على متنها.
ثمانية أشهر في حريب
وبعد ثمانية أشهر وهي الفترة التي خضنا فيها الحرب مع الملكيين في حريب وانتصرنا عليهم ذهبت إلى قريتي واستمررت فيها حتى حصار صنعاء عام 1968م فتوجهنا للمشاركة بفك الحصار ودخلنا من جحانة سيراٍ على الأقدام حتى دخلنا صنعاء وكنا حوالي خمسين مقاتلاٍ من قبيلة مراد بمارب والتقينا العقيد حسن العمري وعدداٍ من الضباط وفي مقدمتهم عبدالرقيب عبدالوهاب رئىس الأركان العامة والذين كان لهم الفضل في فك الحصار عن صنعاء الذي استمر سبعين يوماٍ وقد كان الحصار خانقاٍ ومن كافة الاتجاهات وحينها كلفنا العمري وعبدالرقيب نحن أبناء مراد بالتوجه إلى الإذاعة لحمايتها وكان في مقدمتنا الشيخ محمد علي طالب القردعي والشيخ محمد عبدالله صالح القردعي والشيخ أحمد حسين بحيبح والشيخ علي حسين مجيديع وهم من كانوا يقودوننا وبعدها صدرت توجيهات بنقلنا من الإذاعة وكْلفنا بالتوجه إلى منطقة عصر لمواجهة الملكيين هنالك واشتبكنا مع الملكيين بقيادة حسن العمري واستمرت المعركة يومين دون أن ينتصر طرف على الآخر وبعد يومين من خروجنا من عصر عدنا إليها مجدداٍ وكنا مجموعة كبيرة تضم قوات من الجيش وقبائل مراد وقيفة وغيرها من القبائل وقمنا بالهجوم على الملكيين ولم يمض سوى يوم واحد حتى هزمنا الملكيين إلا أن الملكيين كانوا قد عوضوا هزيمتهم تلك بالاستيلاء على جبل عيبان كاملاٍ وكانوا يقصفوا علينا بالمدافع من جبل عيبان بواسطة مدفع عيار 21 أمريكي وقد أصيب جراء هذا القصف اثنان منا وكان يصل القصف إلى شارع علي عبدالمغني وشارع 26 سبتمبر وشارع جمال وبعدها استدعى العمري أبناء مراد وقيفة وعدداٍ من أفراد وضباط الجيش لنهجم على الملكيين المتواجدين والمتحصنين في جبل عيبان ولم يكن معنا نحن القبائل سوى البنادق وعند هجومنا عليهم أصيب الشيخ أحمد حسين بحيبح في المعركة واستشهد مقاتل من قيفة أيضاٍ واستعدينا في القتال من الصباح إلى ما بعد العصر دون أن نتناول أي وجبة غداء أو حتى شربة ماء وقبل أن نصل الجبل هرب الملكيون باتجاه أرتل وعند وصولنا إلى المواقع التي كان يحتلها الملكيون في جبل عيبان استولينا على بندقية عيار 21 وعيار 75 وأسلحة مختلفة خفيفة وذخائر لأسلحة ثقيلة وخفيفة وبعدها استلمت قوات الصاعقة منا الجبل واتجهنا نحو حدة وفي طريقنا إلى حدة مشطنا الجبال حتى قرية العشاش التي مكثنا فيها إلى ظهر اليوم الثاني وبعدها جاءنا طلب من حسن العمري لدخول صنعاء وعند وصولنا قمنا بتسليم الذخائر لقيادة الأركان العامة بوجود حسن العمري ورئىس الأركان العامة عبدالرقيب عبدالوهاب واسترحنا خمسة أيام بصنعاء وصرفوا لنا ذخيرة وفلوس وبعد انقضاء الخمسة الأيام طلبوا منا التوجه إلى حزيز لمواجهة الملكيين هنالك فأتجهنا بقيادة حسن العمري إلى حزيز وكان معنا الشيخ عبدالخالق الطلوع وهو أحد مشايخ خولان ودارت اشتباكات عنيفة بيننا وبين فلول الملكيين استمرت من الصباح إلى العصر وتمكن الملكيون من محاصرتنا وحفاظاٍ على سلامة الشيخ الطلوع تحايلنا عليه وذهب معه بعض المقاتلين لإخراجه من الحصار بسيارته “لاند روفر” وفي ذلك اليوم خاطر العمري بحياته وأفلت من الحصار بغية إمدادنا بالتعزيزات العسكرية وفي اليوم التالي وصل الفريق حسن العمري ومعه التعزيزات وكان برفقته عبدالرقيب ومجاميع من الضباط والأفراد فسحقنا الملكيين وفك الحصار عنا وعدنا إلى صنعاء وكلفونا بالتوجه إلى أرحب لحماية المطار لمدة أسبوع وكان الملكيون قد قاموا بقطع طريق (الحديدة – صنعاء) وفرضوا حصاراٍ خانقاٍ على صنعاء من الجهة الغربية وأتجه الشيخ أحمد عبدربه العواضي ومجاميع من المقاتلين بقيادته لفك هذا الحصار وقد تمكنوا من ذلك.
وبعد شهر وتحديداٍ في أواخر عام 1968م اتجهنا إلى صعدة لمواجهة الملكيين بقيادة العميد علي عبدربه القاضي وعند وصولنا صعدة اتجهنا لجبل كهلان وكان يعد موقع هذا الجبل من أهم المواقع على مستوى محافظة صعدة وكان الملكيون حينذاك يسيطرون عليه وبعد شهرين من المواجهة سيطرنا على الجبل وجلسنا فيه عشرين يوماٍ ونحن نواجه ونصد هجمات الملكيين وفي هذه المعارك استشهد محمد ناصر حازب وشخص ملقب بـ”العبسي” بالإضافة إلى ثلاثة شهداء من جماعة محمد صالح الكهالي وعدد من الجرحى من مراد.
وبعد عشرين يوماٍ من صمودنا في الجبل وصل الشيخ مجاهد أبو شوارب ومعه مقاتلون فاستلموا منا الجبل وطلبوا منا الذهاب لأخذ قسط من الراحة وبعد شهرين من الراحة بصعدة تم تكليفنا من قبل قيادة الجيش بالذهاب إلى منطقة الشبكة غرب صعدة وجلسنا في الشبكة شهراٍ لحمايتها والمناطق المجاورة من فلول الملكيين الذين كانوا يحاولون احتلالها ثم استدعونا للعودة إلى جبل كهلان بعد أن احتل مجدداٍ من قبل الملكيين فذهبنا لمواجهتهم مع عدد من مقاتلي اللواء الثامن صاعقة وعدد من قبائل مراد وساندتنا جبهة التحرير بقيادة مكاوي من الجهة الشمالية بجبل أحسن بالمدفعية فاتجهنا مشياٍ نحو الجبل وأثناء المواجهة مع الملكيين وبداية اندحارهم من الجبل أصبت بشظية مدفع دخلت من الجهة اليمني من بطني وسكنت في الجهة اليسرى بتاريخ 13 / 2 / 1970م وتم إسعافي بواسطة آخر طائرة حطت في مطار صعدة قبل سقوط مدينة صعدة ومطارها بيد الملكيين وتم إسعافي إلى المستشفى العسكري بصنعاء وأجريت لي عمليتان جراحيتان فور وصولي إلى المستشفى إلا أنهما فشلتا وأجريت لي بعدهما خمس عمليات جراحية على مدى 13 شهراٍ وقد تم إسعافي من قبل المقاتلين الذين كانوا معي في إحدى المواقع بجبل كهلان وهم عبدربه حسين مجيديع وعبدالله علي الطفاف وعلي حسين عامر مجيديع وأحمد علي الطفاف وشقيقي ناجي حسين طليان.
مهام قتالية
ما هي المهام التي كانت تسند لك إلى جانب مهامك القتالية¿
– من المهام التي كانت تسند لي مهمة المسئول عن فرقة التحركات بالإضافة إلى مشاورتي وأخذ بعض آرائى أوقات المعارك والتحركات الهجومية من قبل القادة الميدانيين.
ماذا عن مشاركة الجنود المصريين في ثورة 26 سبتمبر كيف تقيمونها¿
– المصريون حموا الثورة اليمنية والجمهورية من الملكيين وهم الذين خططوا ونسقوا ودعموا جبهات القتال ضد الملكيين وكان لديهم الخبرة والإمكانيات لذلك ويشكرون على مواقفهم الأخوية ومساهماتهم البطولية في انتصار الثورة ضد الطغاة من بيت حميد الدين وفلولهم.
ما هي الكلمة التي تود أن توجهها للشباب اليمني خاصة والشعب اليمني عامة ونحن نحتفل بالعيد الـ(51) لثورة 26 سبتمبر الخالدة¿
– أقول للشباب اليمني إننا في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد ننتظر منهم أن يقوموا بواجبهم الوطني كما قام به آباؤهم من قبلهم تجاه الوطن ووحدته وأمنه واستقراره كما اطالبهم بعدم الانجرار وراء الولاءات الحزبية الضيقة وأن يغلبوا مصلحة وطنهم فوق كل المصالح الشخصية والأسرية والمناطقية الضيقة وأن يسهموا في بناء هذا الوطن الغالي.
أما الكلمة التي أود أن أوجهها للشعب اليمني فهي عبارة عن دعوة صادقة إليه لاستغلال الذكرى الـ(51) لثورة 26 سبتمبر1962م العظيمة في بناء أرضية صلبة للثقة ولتعزيز روح الإخاء بينهم وإلى طي صفحات الماضي بكل مساوئها وفتح صفحة جديدة ناصعة البياض ليملؤها حب سرمدي وتعاون أخوي صادق وسلام دائم وأمن واستقرار.
وفي الأخير أتمنى أن تكون مخرجات الحوار الوطني ملبية لطموحات وتطلعات وآمال كافة أبناء شعبنا اليمني العظيم بما يضمن استقرار وأمن اليمن ووحدة أراضيه وجزره ومياهه.

قد يعجبك ايضا