> مقومات الدولة لم تتوفر في الماضي والحاضر .. وفي مقدمتها سيادة الدستور ونفاذ النظام والقانون
> القضاء لم يكن مرتبطاٍ بالسياسة فكان أكثر استقلالية وأصدر أحكاما ضد الإمام وأمرائه وتراجعت الثارات
> الدستوريون قتلوا الإمام من دون امتلاك أدوات تنفيذ دستورهم فقيل: قتلنا المقدس وتركنا الشيطان
> ثورة سبتمبر أخفقت في تغيير النظام الاجتماعي وافتقدت الفكر الحضاري فجارت نظام الإمام عقودا
> تعثر تحقيق أهداف الثورة الستة كما ينبغي يعني أن القائمين عليها لم يكونوا مقتنعين بها كما يجب
> الحمدي كان لديه توجه لبناء دولة وقلص عسكريا هيمنة المشايخ من دون إيجاد قوى مدنية بديلة
> الرئيس سالمين كانت نواياه طيبة لكن شمولية الحزب الواحد وقِبúيِلة الجيش أحبطت مشروعه المدني
> بناء الدولة المدنية المنتخبة المتوازنة سيحل كل القضايا لأنها ظواهر لغياب الدولة والحكم الرشيد
> إذا لم تبن الدولة المدنية الديمقراطية العادلة أولاٍ فلن تنفذ مخرجات الحوار وسيستمر الصراع
تطرح أن اليمن بعد الثورة استبدل الدولة بالسلطة.. فما هي مقومات الدولة قبل الثورة¿
-الدولة أساسها الدستور وسيادة القانون. وهذا لم يتوفر في الماضي أيضاٍ لكن كان الشيء الجيد في الماضي هو وجود قضاء مستقل جعل الناس يلجأون إليه ويجدون منه إنصافاٍ فكانت الثارات قليلة ومحدودة. لكن بعد الثورة القضاء انعدم وإلى اليوم للأسف الشديد وهذا من الأخطاء الكبيرة جداٍ أصبح القضاء غير عادل ولم يعد القبائل يشعرون أنه سينصفهم وكل واحد يْقدم على قتل غريمه فكثرت الثارات.
> هل يعني هذا شيوع العدل في ذلك العهد وانعدام القوى النافذة والمتسلطة¿
-لا.. كان القضاء في الماضي مختصاٍ بقضايا الناس بالخلافات والنزاعات بين الناس ولا علاقة له بالعمل السياسي والقضايا السياسية. لكن بعد الثورة أو في المراحل الأخيرة القضاء ارتبط بالسياسة وارتبطت به السياسة فضعف. أصبح القضاء جزءاٍ من العمل السياسي وصار له دور في مسألة البرلمان وفي القوانين وغير ذلك فأصبح محل تنافس كبير بين القوى السياسية.
> هل كان القضاء يطال بسطوته القوى النافذة في المجتمع¿
– هناك أحكام نفذت على الإمام يحيى نفسه ويمكنك أن تسأل الكثيرين في هذا الشأن خصوصاٍ من عاصروا تلك الحقبة ويعرفون ما هي القضايا التي صدرت فيها هذه الأحكام.
> وهل يعني هذا أن مظاهر مقومات الدولة كانت متوفرة قبل الثورة¿
-لا .. مقومات الدولة لم تتوفر بكل ما تعنيه الكلمة ولم يكن هناك سيادة للقانون لا في الماضي ولا بعد الثورة.. لم يكن هناك دستور كان الحاكم يتصرف كما يريد والقضايا الإدارية أيضاٍ لم تكن تحكم بسيادة القانون بل كانت تحكم بمزاج الحاكم فكان الإمام هو الذي يعين الحاكم (المحافظ) وهو الذي يعين العامل (مدير ناحية) ويعين القاضي إلى آخر ذلك.
إخفاقات الثورة
> إذن كيف تقيم مسار ثورة سبتمبر إجمالاٍ .. هل نجحت¿
– معلوم أن الإنسان حين يثور أو يقوم بثورة يفعل لكي يحقق أهدافاٍ محددة.. والسؤال: هل الأهداف الستة التي كان مطلوباٍ أن تتحقق هل تحققت.
> ماذا ترى أنت .. أين نجحت ثورة سبتمبر وأين أخفقت¿
-خذ هذه الأهداف واحداٍ واحداٍ من إقامة حكم جمهوري عادل مروراٍ بإنشاء مجتمع ديمقراطي… هل الديمقراطية تحققت.. هل انتهى التسلط الفردي. وإن كان انتهى لماذا اختلف مثلاٍ السلال والزبيري والنعمان وعقدوا مؤتمر عمران ثم مؤتمر خمر. الشيء الآخر أنت تقول أن الإمام كان يحكم بالديكتاتورية هذا صحيح لكن هل أنت أيضاٍ كنت تحكم بالديمقراطية¿!.
> ماذا عن العدل وإلغاء إعدام المعارضين والتمايزات الطبقية والسلالية¿
-في هذا أيضاٍ أنت تقول كان الإمام يقتل من دون أحكام قضائية. طيب الأشخاص الذين قتلوا بعد الثورة حوالي سبعين أو مائة شخص هل قتلوا بأحكام قضائية¿!!. الواقع أنهم سألوا السلال فقال لهم بشرط: مِن زقمناه (أمسكنا به) قتلناه فإن رجعوا بيت حميد الدين لن نبقي على أحد وإن لم يرجعوا نكون قد تخلصنا منهم!!.
الخطأ الأكبر أيضاٍ أنهم وكي لا يقال أنهم يصفون الهاشميين قتلوا وزير التربية عامور الذي كان من علماء الحديدة ولا ذنب له عدا أنه ليس هاشمياٍ فقتلوه لتأكيد أنهم لا يقتلون الهاشميين فقط وكذلك عبدالرحمن السياغي قتلوه فقط لكي يبرروا التصفية فهل هذه قيم أخلاقية للثورة¿!.
أخطاء التقليد!
> البعض قد يعتبر مثل هذه الأخطاء واردة في الثورات¿
– لا تنسى أن السلال خريج العراق وكانت تلك الفترة هي فترة ثورة قاسم وكانت ثورة عنيفة. ولهذا فقد كان فيها (ثورة سبتمبر) تقليد.. وإلا لماذا مثلاٍ تولى الأمر عسكري بينما كان عندنا الزبيري وكان عندنا النعمان وكان فيه عبدالرحمن الارياني وكان عندنا عدد من العلماء.. لماذا لم يتولوا هم المسؤولية¿!.. لازم يتولى عسكري.
> قد يبدو هذا طبيعياٍ باعتبار أن الثورة نفذها تنظيم الضباط الأحرار¿
– بالضبط جاءت على شاكلة ثورات عسكرية وبالتالي كانت تلك الأخطاء فالدولة الحضارية لابد أن تقيمها عناصر حضارية.
غياب الرؤية
> إذن هل ترى أن ثورة سبتمبر أخفقت في تحقيق هدف بناء الدولة الحضارية¿
– بهذا المعنى.. لماذا لم تتحقق.. هل كان الذين يتولون المسؤولية غير مقتنعين بها¿. السؤال الآخر الذين يتولون السلطة ما هي مفاهيمهم.. هل كان النظام السابق (للثورة) بالنسبة لهم نموذجاٍ.. فكثير منهم أراد أن يقلد الإمام في القيادات.
> هل تقصد أن منفذي الثورة لم تكن لديهم رؤية لبناء الدولة والحكم بعد الإمام¿
– في عام 48م عملوا الميثاق المقدس الحورش والمسمري والمطاع والزبيري والنعمان وآل الوزير وكل هؤلاء ثم جاء فضيل الورتلاني وقال لهم ما رأيكم تتخلصوا من الإمام يحيى اقتلوه وتغدوا به قبل ما يتعشى بكم. فقتلوه من دون أدوات ما هي أدوات التنفيذ ولهذا قال محمد الفسيل: قتلنا المقدس وتركنا الشيطان.
هذه من الأخطاء طبعاٍ تواصلت العملية جاءت ثورة خمسة وخمسين العسكر ساروا هاجموا في الحوبان قتلوا عدداٍ من الفلاحين وخربوا بيوتاٍ وخافوا من الإمام فقرروا يعملوا انقلاب ومسكين راح فيها الثلايا وابن عبدالقادر وعدد من المساكين لا كانوا يريدون يفعلوا ثورة ولا لهم فيها في هذه القضية ثم جاءت اثنين وستين.
هيمنة المشايخ
> لكن ثورة سبتمبر كانت أكثر نضجاٍ¿
– يعني راح السلال وجاء الارياني محكوما بعناصر مشايخية كانوا أيضاٍ قد استولوا على الجيش كان الجيش قد تولاه عدد من أولاد (الشيخ سنان) أبو لحوم وتولى مجاهد أبو شوارب وعدد من المشايخ في هذا الموضوع فكان الارياني لا يدري ماذا يفعل.
ولهذا كان سنان أبو لحوم معه مادام محسن العيني هو رئيس وزراء وعندما أبعد محسن العيني وعين حسن العمري زعل سنان أبو لحوم وكان الشيخ عبدالله قد هو زعلان من البداية لأنه كان يريد الحجري رئيساٍ للوزراء فقالوا له (للإرياني) مع السلامة وأتوا بإبراهيم الحمدي.
> ماذا عن تجربة الرئيس الحمدي في إعادة الاعتبار للثورة وإحياء مشروع بناء الدولة¿
– إبراهيم الحمدي في الأساس من بيت علم وقضاء وكان في ذمار قد بدأ يقوم بالحكم بدلاٍ عن أبيه الحاكم وكان أيضاٍ من القوات المسلحة. وأراد أن يستخدم القوات المسلحة ليحد من هيمنة المشايخ. لكنه لم يستخدم قوى أخرى مدنية قادرة أن تشكل له قاعدة دعم فأتوا له بالغشمي وغدوه وانتهوا منه.
وجاء الغشمي وطار الغشمي وجاء علي عبدالله صالح وأراد أن يعمل بطريقة ذكية جداٍ يعني استخدم المشايخ. ولكنه وقد قلت هذا لعلي عبدالله صالح قلت له أنت متكتك من الطراز الأول عندما تحس بمشكلة تهرب بكرسيك من بقعه إلى بقعة وفي مثل هذه الحال ما كل مرة تسلم الجرة فما رأيك أن تكون رجلاٍ استراتيجياٍ تبني دولة. لكن طبعاٍ هي الثقافة وخلفيته الثقافية في هذا الموضوع.
افتقاد القناعة والخبرة
> إذن.. ما الذي أعاق استكمال مشروع بناء الدولة المدنية في اليمن طوال 50 عاماٍ¿
-أخبرتك لم يكن الذين يحضرون لها مقتنعين بها.. كان نموذج الإمام هو الذي في رؤوسهم فكانوا يقلدون الإمام يحكمون مثل الإمام.. نظروا كيف كان الإمام يحكم وقرروا يحكموا مثله نتيجة للتخلف لأنه ما كان به شي.
> هل يشمل هذا أيضاٍ الرئيس إبراهيم الحمدي¿
– كانت تجربته محدودة.. وأتذكر أنهم كانوا يتساءلون عن باقي مراكز القوى بعدما خرج الشيخ عبدالله الأحمر من صنعاء فالتقيت محمد الحمدي وقال أن مراكز قوى جديدة بدأت تظهر فسألته: مثل من¿. قال مثل عبدالله بركات.. قلت له: بركات مركز قوى من يصعده. قال أنه بدأ يجمع ناس في صنعاء فقلت له ليس لديه سلاح.
وخرجنا نتفاهم حول مركز القوى وأخبرته أن مركز القوى هو من يقدر أن يحرك حزب أو الجماهير أو واحد يمتلك القوات المسلحة أو واحد يمتلك قبيلة وقوات مسلحة وقوى خارجية وضربت له مثلاٍ الغشمي. وبعد الحادثة ذكرته فقال: إبراهيم لم يكن يصدق عندما يتم الكلام عن أي من أصحابه يقول أنه يريد أن يفتن بينهم. فكان لا يزال يفتقد الخبرة والتجربة وإلا كان لديه اتجاه لبناء دولة رحمه الله.
> وسالمين.. الرئيس سالم ربيع علي في الجنوب.. هل كان يفتقد الخبرة أيضاٍ¿
– سالمين كانت نواياه طيبة كثيراٍ ولكن هم أيضاٍ نفس الكلام عملوا حزب (الاشتراكي اليمني) وظلوا يتقاتلون داخله من يتولى قيادته بسبب التخلف نفسه. حتى الحركة القبلية كانوا قضوا عليها لكنهم أدخلوهم في القوات المسلحة ولهذا في الثمانينيات كانوا يتقاتلون بالبطاقة هذا من ابين وذاك من الضالع.
لم يكن هناك للأسف فكر مدني حقيقي وأتذكر عندما عاد علي عبدالله صالح من عدن بعد الاتفاق دعا عبدالعزيز عبدالغني المؤتمر الشعبي العام وكنت عضواٍ فيه وبدأ يحدثنا عن الاتفاق.. فقلت له يا أستاذ عبدالعزيز الوحدة عمل حضاري لا يمكن أن تتم إلا إذا تبنت مسؤولياتها ونظامها عناصر حضارية ومِن يعد لها اليوم نظام حكم شموليين ومِن يتفاوضون بشأنها عسكر ومشايخ. وكانت النتيجة ما حصل.
تقصير المتعلمين
> هل تتحمل القوى التقليدية النافذة وحدها مسؤولية تعطيل التغيير في البلاد¿
-نعم.. وكذلك القوى المتعلمة هي أيضاٍ قصرت في مسؤوليتها ولو أن أساتذة الجامعة قرروا خلال مراحل معينة أن يكون لهم موقف لكانوا صنعوا التغيير ولكن هم أيضاٍ قصروا في هذه القضية ولا يجوز أن نظلم فقط الآخرين وننسى المتعلمين أمثالنا.
> لماذا قصر المتعلمون والمثقفون برأيك¿
-لأن القوى التقليدية كانت توظف ناس متعلمين غالباٍ ويطلع هؤلاء المتعلمين ناس انتهازيين.. فالقضية ليس فقط قضية قوى نفوذ بل تخلف كامل للأسف.
> لكن المجتمع أيد هذه القوى وأكسبها واقعياٍ نفوذها بموافقته لها¿
– هذا ليس من اليوم.. هذا من أيام بلقيس فعندما قالت لهم: “ما كنت قاطعة أمراٍ حتى تشهدون”. ماذا قالوا لها: “الأمر إليك”. يعني اللي تشوفيه.
تخلف الأحزاب
> هل تذهب إلى أن الثورة نجحت مشروعاٍ وأخفقت أثراٍ في التغيير الاجتماعي الشامل¿
– عندما تقول أنت ثورة يفترض أن يعني هذا أنها انتقلت من نظام معين إلى نظام جديد.. فهل انتقلنا من الديكتاتورية إلى الديمقراطية.. هل انتقلنا إلى العدالة الاجتماعية هل انتقلنا إلى المواطنة المتساوية إلى التعددية وغيرها في هذا الموضوع.. هذه كلها إلى حد الآن لا تزال أفكاراٍ لم تنفذ فيما بعد.
> لكن التعددية بعد 1990 جسدت واحدا من أهم معالم الساحة السياسية في البلاد¿
-تعددية الأحزاب الإيديولوجية يعني هل بالله عليك من الديمقراطية أن اعتبر الرأي الأخر عدواٍ نكون أصدقاء وأصحاب ولكن بمجرد أن يكون لك رأي وأنا لي رأي أقول خلاص أنت عدوي مادام لك رأي آخر.
> إن لم تكن معي فأنت ضدي¿
– هذا تخلف لا يصح. الأولون قالوا لا الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. والإمام الشافعي قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. لكننا لم نعمل لا بما فعله الأولون ولا فعلنا بما عمله الآخرون.
> أنت ترى أن فشل مشروع الدولة المدنية في اليمن سببه داخلي وليس خارجياٍ¿
– طبعاٍ إلى التخلف الداخلي وليس التدخل الخارجي. لأن الخارجي لا يستفيد إلا من تخلف الداخلي. فالمال السايب يعلم السرقة وقد جاء في المثل المصري قولهم: امشي عدل يحتار عدوك فيك.. فهل آن الأوان أن نتعلم¿!.
قوى مؤهلة
> إذن من هي القوى الحضارية المؤهلة برأيك لبناء الدولة المدنية في اليمن الآن¿.
-الآن في رأيي الشخصي القوى التي يجب أن تتولى المسؤولية هم الشباب الآن صار لدينا شباب متعلم من كل الفئات والمستقبل هو مستقبل الشباب أما نحن فمستقبلنا قد صار وراءنا طبعاٍ..
تحرر الشباب
> لكن الشباب الأكثر فاعلية وحضوراٍ على الساحة متحزب وتابع لأحزابه¿
– الشباب يجب أن يتحرروا من كل الأيديولوجيات الفكرية ومن التبعية للأحزاب السياسية ويكونوا مستقلين ويقولوا ما هو المستقبل الذي نريده وكيف نتفق عليه وكما أشار رشيد رضا: لنتعاون فيما اتفقنا فيه وليعذر كل منا الأخر فيما اختلفنا عليه.
> وهل تمكنهم الأحزاب من الخروج عن طوعها¿
-هذا ما أتحدث عنه هذا هو التخلف. الأحزاب لم ترض أن تتيح فرصة للشباب وتتركهم ليتفقوا فيما بينهم في كل الأحزاب لأن كثيراٍ من قيادات الأحزاب صارت قيادات شائخة وأنا أسميهم خيول منهكة كالمسافر في الصحراء بوجه الرياح وتحت الشمس ما أن يجد شجرة يتظلل تحتها حتى يتشبث بها ولا يبرحها.
> برأيك قيادات الأحزاب بما فيها شخصكم لم تعد تصلح للمرحلة¿
– الجميع آن الأوان أن يتيحوا الفرصة للشباب ويتخلوا عن مواقعهم ويتركوا الشباب يحلوا مشكلتهم.
قبل الحوار
> كيف ترى مجريات مؤتمر الحوار على صعيد تدارس خارطة بناء الدولة اليمنية المدنية¿
-أرى أن لدينا مؤتمر حوار ضخم ولكن افرض أن مؤتمر الحوار خرج بمقررات جميلة جداٍ مِن سينفذها في ظل غياب الدولة¿!. نحن لابد لنا من بناء دولة أولاٍ إذا لم تبن الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والتي شعارها “وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل” فلن يتم الاستقرار في اليمن ولن نهدأ وسيظل الصراع قائماٍ.
> لكن لماذا يستمر الصراع حتى بعد تشارك القوى السياسية في الحكم¿
– توازن القوى مهم جداٍ ومن دون توازن القوى لا يمكن أن تبنى ديمقراطية. لكن هذا التوازن ممكن الآن. ولهذا أكرر دائماٍ أن المؤتمر الشعبي واحد من الأحزاب المهمة لخلق توازن قوى وكذلك الأحزاب الأخرى. فإذا توازنت القوى بالإمكان أن تبقى ديمقراطية.
وهذا ما قاله الله: “ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض” هذه إرادة الله.. لكن هل لدينا اليوم استعداد لأن نبني جميعاٍ الدولة المدنية الديمقراطية العادلة والتي شعارها “وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل”.. ذلك هو السؤال.
> ما يظهر أن جميع القوى تنشد هذه الغاية لكنها تختلف في رؤاها للوسيلة¿
– لم يعد القول قولهم القول اليوم قول الجيل الجديد قولكم أنتم المستقبل مستقبلكم أنتم الشباب نحن مستقبلنا قد هو وراءنا.
> ألا يحتاج الشباب الاستفادة من تجارب وخبرات القيادات القديمة¿
-استفادة نعم لكن ليس عملية إعادة ليس عملية هيمنة. أنتم مخطئون بقبولكم الهيمنة فهذا هو الحاصل من أيام قوم بلقيس فهي تقول لهم “ما كنت قاطعة أمراٍ حتى تشهدون” وقالوا لها “الأمر إليك” لا فرق بينهم وبين شباب الأحزاب: اللي تشوفه يافندم أو يا شيخ.
> ختاماٍ أريد أن توجز أبرز المعوقات الماثلة اليوم أمام قيام الدولة المدنية الحديثة في اليمن¿
– إذا ظلت القوى التقليدية تصر على أن تمسك هي بزمام الأمور وأن تبقى هي الممسكة بزمام السلطة ولا تعطي فرصة للقوى الحضارية الشابة. الشيء الأخر إذا لم تتم عملية البناء الديمقراطي الآن ولم نبدأ العمل والاتفاق أولاٍ على بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة قبل أي شيء آخر.
> ما هي الأولويات لبناء هذه الدولة¿
– أن نناقش أولاٍ موضوع بناء القوات المسلحة ما هي الأسس لبنائها وأين تتموضع وكيف يتم اختيارها من كل مناطق اليمن وكيف نبعدها من كل القوى السياسية لتكون جيشاٍ مستقلاٍ لأجل اليمن ثم نتفق على القضاء العادل والمستقل فلا يوجد قضاء حزبي ثم نتفق على الدستور وبعدها نتفق على تنظيم الانتخابات الحرة والنزيهة والمتكافئة ونجري انتخابات ومن اختار الناس اختاروا.
> ومعالجة القضايا المتراكمة الجنوبية صعدة الخ.. أليست أولوية¿
– عندما نبني الدولة المنتخبة المتوازنة ونبني البرلمان ستبدأ كل هذه القضايا تحل. لأننا الآن نناقش ظواهر فقضية الجنوب ظاهرة وقضية الحوثي (صعدة) ظاهرة وقضية الفساد هي ظاهرة.. كلها ظواهر لغياب الدولة لغياب الحكم الرشيد.. فكيف نناقش الظواهر ولا نناقش الأساس. يجب أن نبدأ بمناقشة الأساس أن نبني الدولة المدنية لكي تتحقق كل الأشياء التي نريدها. وإلا فنحن نعيش وهماٍ.
> شكراٍ جزيلاٍ لك دكتور محمد.
-شكراٍ لكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بروفايل:
البروفسور محمد عبدالملك المتوكل أحد أعلام السياسة علماٍ ونشاطاٍ..كان مولده مطلع إبريل 1942م في بيت علم وسلطان فكان والده نائباٍ للإمام يحيى بن حميد الدين في لواء حجة وتلقى تعليمه الأولي في ما عْرف بالمعلامة أو الكْتاب وفي 1953م التحق بالمدرسة المتوسطة ثم بأرفع مدارس اليمن النظامية العليا آنذاك عام 1955م.
ومع أن شهادة دار العلوم أو المدرسة العلمية كانت تعادل الشهادة الجامعية إلا أنه حاز الشهادة الثانوية من مصر عام 1961م ثم ليسانس صحافة من جامعة القاهرة عام 1966م فالماجستير في الإعلام الإداري من الولايات المتحدة الأميركية عام 1980م ثم الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى من كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1983م .
انخرط مبكراٍ في النشاط العام مدنياٍ فساهم في: تأسيس وعضوية هيئة التعاون الأهلي لمحافظة حجة (1970-1973م) رئاسة هيئة تعاون العاصمة صنعاء (1972-1975م) تأسيس ورئاسة تعاون مسور حجة 1975م وتأسيس الاتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير منذ 1973م ورئاسة لجنة الثقافة والإعلام في الاتحاد.
ثقافياٍ شارك في عضوية اللجنة الوطنية لليونسكو وفي تأسيس ورئاسة: المسرح اليمني (1971- 1976م) وجمعية الفنون (1975م- 1976م) وفي تأسيس مركز الدراسات والبحوث اليمني وانتخب عضواٍ في مجلس إدارته (1974 ـ 1977م) وفي تأسيس المنظمة اليمنية للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية وتولى منصب نائب رئيس المنظمة.
سياسياٍ أسهم في تأسيس المؤتمر الشعبي العام وصياغة الميثاق الوطني 1982م ثم التجمع الوحدوي للمشاركة (من 7 أحز اب سياسية) 1989م وكان مقررا له ثم انتخب في يناير 2001م أميناٍ عاماٍ مساعداٍ لحزب اتحاد القوى الشعبية وساهم في إنشاء مجلس تنسيق أحزاب المعارضة عام 1999م ثم اللقاء المشترك لأحزاب المعارضة 2003م.
حكومياٍ عين سكرتيراٍ أول بسفارة الجمهورية العربية اليمنية في القاهرة ثم في وزارة الإعلام مديراٍ عاماٍ للصحافة 1968م ورئيساٍ للجنة متابعة الأحداث السياسية فمديراٍ عاماٍ للعلاقات العامة 1969م ثم رئيساٍ لمصلحة السياحة بدرجة وكيل وزارة وتولى تأسيسها عام 1970م بالتزامن مع توليه رئاسة هيئة تحرير صحيفة الثورة 1972م.
عْين عضواٍ في اللجنة العليا للتصحيح ورأس لجان: العدل الإدارة المحلية الأوقاف الخدمة المدنية المعهد القومي الخريجين واللجنة الفنية للإصلاح الإداري 1974م ثم عين نائباٍ لرئيس اللجنة العليا للتشجير الرئيس الحمدي عام 1975م فوزيراٍ للتموين والتجارة 30 يوليو 1976م فأستاذاٍ للعلوم السياسية في جامعة صنعاء منذ 1984م.
شارك في العديد من الندوات واللجان والمؤتمرات بأوراق عمل وأبحاث ومحاضرات داخل اليمن وخارجه ودِرِس مقررات أكاديمية سياسية وإعلامية وله أربعة كتب: (نشأة الصحافة اليمنية مدخل إلى الإعلام والرأي العام التنمية السياسية والحريات العامة وحقوق الإنسان) بجانب أبحاث ودراسات علمية نشرتها الصحافة وأخرى لم تنشر بعد.