فعاليات مناهضة.. ومسيرات في رام الله تأكيداً للصمود
الفلسطينيون يرفضون مؤتمر البحرين والسلام الاقتصادي المزعوم
عواصم / وكالات
رغم الوعود باستثمارات مالية ضخمة في الضفة الغربية وقطاع غزة -التي ستعلنها الإدارة الأميركية في “ورشة السلام من أجل الازدهار” المزمع عقدها في العاصمة البحرينية الشهر المقبل- أعلن الفلسطينيون رفضهم القاطع للاجتماع، وقالوا “السلام الاقتصادي رؤية إسرائيلية” لن تجلب الأمن ولا تشكل حلا سياسيا ينهي الاحتلال.
وأعلن رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتيه أمس الرفض المطلق “لورشة البحرين” التي ستناقش الأوضاع الاقتصادية والاستثمارات بالمنطقة، بما فيها فلسطين كفصل أول مما يسمى “صفقة القرن”.
وقال اشتيه إن حل الصراع في فلسطين سياسي ومتعلق بإنهاء الاحتلال وبإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس، وتطبيق حق العودة للاجئين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي.
وأضاف أن الفلسطينيين لا يبحثون عن الرفاهية الاقتصادية تحت الاحتلال. وكشف عن أن “القيادة الفلسطينية لم تُستشر حول الورشة لا من ناحية المدخلات ولا المخرجات ولا التوصيات ولا حتى الشكل والمضمون”.
وقال رئيس الوزراء “الأزمة المالية التي يعيشها الفلسطينيون نتاج الحرب المالية التي تُشن عليهم بهدف الابتزاز السياسي. إنهم لن يرضخوا لهذا الابتزاز”.
كما قالت الخارجية الفلسطينية إن بيان البيت الأبيض بشأن ما يسمى “الشق الاقتصادي لصفقة القرن” لم يكن مفاجئاً ولم يأت بجديد حول حقيقة الحراك الأميركي في ساحة الصراع مع إسرائيل. واعتبرته محاولة من “فريق ترامب” لخلق رؤية جديدة للصراع بحلول اقتصادية وبشكل يساهم في القضاء على مبدأ حل الدولتين وتقويض إقامة دولة فلسطينية.
وشددت على أن غالبية عناصر الصفقة قد نفذت دون أثمان وبتوافق بين فريق ترامب ونتنياهو لحسم تدريجي لكافة قضايا الحل النهائي من طرف واحد ولصالح الاحتلال، بدءا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ومحاولة تفكيك قضية اللاجئين ووكالة غوثهم الدولية (أونروا) وتمرير قضية الاستيطان عندما أكد السفير الأميركي ديفيد فريدمان “الحق اليهودي التاريخي بالبناء في وطنهم”.
من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي إن الفلسطينيين يرفضون “السلام الاقتصادي” الذي ستطرحه “ورشة البحرين” لأنه فكرة إسرائيلية طرحها نتنياهو منذ زمن، وهي أول إعلانات بدء “صفقة القرن” الأميركية، وهدفها تصفية القضية الفلسطينية.
وقال “إن ترامب ومجموعاته المتطرفة في إسرائيل يخصمون على الفلسطينيين وأونروا 850 مليون دولار ويجوعون شعبنا ويضغطون على الدول العربية والغربية لوقف مساعداتها، كما يحرضون على رواتب ذوي الشهداء والأسرى الفلسطينيين، ثم يتحدثون عن تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينيين”.
ولم تُبحث “ورشة البحرين” في اجتماع قيادي فلسطيني، لكن زكي قال إن هناك توافقا ضمنيا على رفض أي مخططات تمس بالحقوق وإن هذا الرفض يحظى بدعم عربي وإسلامي أيضا.
وقال زكي إن على الفلسطينيين الآن ترتيب أولوياتهم وتنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير المقرة منذ عام 2015، بإعادة صياغة العلاقة الاقتصادية والأمنية والسياسية مع إسرائيل ردا على محاولة فرض الخطط الأميركية عليهم.
وتابع: التنكر للحق الفلسطيني يترك الخيارات مفتوحة أمامنا. وأضاف: يجب علينا ألا نبقى محكومين لوهم السلام.
بدوره، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف إن الموقف الفلسطيني يرفض كافة المسارات التي تتخذها الإدارة الأميركية في إطار ما يسمى “صفقة القرن” والتي بدأت عمليا منذ إعلان نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
وقال “إدارة ترامب فشلت فشلا ذريعا في إعلان تفاصيل الخطة، رغم أن جزءا كبيرا منها قد تم تنفيذه على أرض الواقع وخاصة فيما يتعلق بالقدس وحق عودة اللاجئين واستهداف وكالة الغوث وإعطاء ضوء أخضر لمزيد من التوسع الاستيطاني”.
وقال أبو يوسف إن الفلسطينيين يرفضون “ورشة البحرين” لأنها ستكون مدخلا لتبني مواقف حكومة نتنياهو المتطرفة التي تحدثت عن عدم إمكانية حل سياسي وإنما تسهيلات اقتصادية وإنسانية، في حين يتمسك الفلسطينيون بالحل السياسي على أساس إنهاء الاحتلال والاعتراف بحقوقهم التاريخية.
ورأى أبو يوسف أن حضور “ورشة البحرين” سيعمل على تجميل وجه الإدارة الأميركية وإنجاح مخططاتها التي من المتوقع أن تفشل. وقال “أميركا وإسرائيل تدركان أنه دون وصول الشعب الفلسطيني إلى حقوقه لن يكون هنا أمن ولا سلام”.
وحول ما يدور الحديث عن دعوات شخصية توجَّه إلى رجال أعمال فلسطينيين لحضور ورشة البحرين، قال “إن أي شخصية قد تحضر ستكون معزولة عن الموقف الفلسطيني الوطني”.
قاسم أعلن رفض أية مشاريع اقتصادية على أراضي قطاع غزة كمدخل اقتصادي على حساب الحقوق الفلسطينية
من ناحيتها، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة في غزة أنه “لا لمقايضة الحقوق بالاستثمارات الاقتصادية” ورفضت “ورشة البحرين” واعتبرتها “طعنة في خاصرة الأمة”.
وشدد المتحدث باسمها حازم قاسم على رفض حركته التعاطي بأي شكل مع نتائج ومخرجات “الورشة” ورفض أي تسهيلات أو مشاريع اقتصادية على أراضي قطاع غزة كمدخل اقتصادي على حساب الحقوق والثوابت والمقدسات الفلسطينية.
وقال قاسم إن موقف حماس ومعها فصائل المقاومة في غزة ثابت وهو “رفض مقايضة الحقوق بالاستثمارات”.
واستهجن تنظيم الورشة على أرض عربية، مما يشجع واشنطن على المضي قدماً في طرح المشاريع التي تنتقص من الحقوق الفلسطينية من جانب، وتشجع الاحتلال من جانب آخر على الاستمرار في عدوانه “بدلاً من معاقبته على ذلك تتم مكافأته بالتطبيع المجاني”.
وأكد المسؤول الفلسطيني أن قضية بلاده تمر بمرحلة خطيرة جراء الاصطفاف الأميركي الكبير مع إسرائيل وإصرار واشنطن على تمرير صفقة القرن المشبوهة، داعياً الكل الوطني إلى الوحدة وإنهاء الانقسام لمجابهة الصفقة وإسقاطها.
من جهته، قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش إن “الورشة” تهدف إلى كي الوعي العربي، وتصفية القضية الفلسطينية. وشدد على أن الأخيرة ليست “قضية استثمارات وملء بطون، وإنما حقوق وثوابت، والأوطان لا تستبدل بالأموال وبأراضٍ بديلة”.
واعتبر البطش تنظيم هذه الورشة على أرض عربية “طعنة في خاصرة الأمة وتنازلاً منظماً عن القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة، وفتح الباب على مصراعيه أمام التطبيع، وفتح أبواب العواصم العربية ليرتع فيها الاحتلال”.
ورفض بشكل قاطع أي حديث عن وطن بديل عن فلسطين، أو مشاريع أو استثمارات الهدف منها “رشوة اقتصادية” لتمرير “صفقة القرن”.
أما عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة، فاعتبر أن قمة البحرين تمثل خطوة أميركية لاستكمال “صفقة القرن” التي نفذت فعليا 70% من بنودها الجوهرية.
ودعا قيادة منظمة التحرير والسلطة الوطنية إلى التصلب والوحدة واتخاذ قرار وطني واضح برفض المشاركة بالورشة وكل الحلول البديلة، بما يغلق الطريق أمام التلاعب بالتمثيل الفلسطيني، على أن تشمل المقاطعة السياسيين والاقتصاديين ورجال الأعمال.
كما انطلقت في بيروت أعمال منتدى “السيادة من أجل السلام والازدهار” رفضاً لصفقة القرن وورشة البحرين التي تنظمها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية البحرينية بمشاركة أحزاب وقوى سياسية وفعاليات.
وجاء في البيان الختامي الصادر عن المنتدى “اعتبار كل من يشارك في ورشة البحرين خائناً لفلسطين”.
وقال نائب الأمين العام لجمعية الوفاق البحرينية المعارضة الشيخ حسين الديهي للميادين إنّ “مؤتمر البحرين هو مؤتمر العار”، مضيفاً: “الاستجابة لدعواتنا من أجل مقاطعة مؤتمر البحرين لن تحصل إلا من قبل الشرفاء في هذه الأمة”.
كما أكد أنّ القضية المركزية هي فلسطين “وسنقاوم بكل الوسائل من أجل تحريرها” -على حد تعبيره.
الديهي ذكر أنه لو سُمح لشعب البحرين بالخروج إلى الشوارع لخرج بعشرات الآلاف ليدوس العلم الإسرائيلي.
وتابع: “بالرغم من القمع الأمني الذي يفوق قدرة شعب البحرين على مواجهته ستكون هناك فعاليات “.
وفي وقت سابق قال إنّ شعب البحرين ملتزم بالقضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن طرح صفقة القرن أعاد تشكيل أولويات المنطقة.
من جهته ذكر الشيخ حسن عز الدين- مسؤول العلاقات العربية في حزب الله للميادين أن موقف لبنان الرسمي بعدم المشاركة في ورشة البحرين هو موقف طبيعي انطلاقاً من مساندة لبنان المطلقة للقضية الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية.
وفي رام الله دعت حركة فتح والقوى الوطنية إلى تظاهرة مناهضة لصفقة القرن تنطلق من دوار المنارة في المدينة بمشاركة شعبية وتنظيمية لتأكيد صمود الفلسطينيين في وجه التهديدات الإسرائيلية الأميركية.
وعشية انطلاق أعمال ورشة المنامة أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن ثقته بأن الورشة لن يكتب لها النجاح لأنها بنيت على خطأ.
عباس أكّد إيقاف كلّ الاتصالات مع الادارة الأميركية، مجدّداً موقفه الرافض قيادة الولايات المتحدة لعملية التسوية.
وتوالت ردود الفعل العربية الرافضة لورشة المنامة الاقتصادية عشية انعقادها في البحرين، ونظمت قوى وأحزاب وطنية فعاليات منددة بالمؤتمر قبل أيام من انعقاده فيما خرجت تظاهرات حاشدة في مختلف المدن العربية استنكاراً للمؤتمر .
إلى ذلك ذكرت كتائب المقاومة الوطنية أنّ الشعب الفلسطيني ومقاومته موحدان في مواجهة ورشة البحرين وصفقة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأشارت في بيان إلى أنّ خيار الانتفاضة والمقاومة بكل أشكالها هو السبيل الوحيد القادر على إفشال ورشة البحرين.
كما رأت أنه لا يحق لأحد التحدث باسم الشعب الفلسطيني المتمسك بحقوقه الوطنية والرافض للمساومة عليها.
وفي سياق متصل أعرب أعضاء مجلس الأمة الكويتي في بيان أنّ الكويت مناصرة على الدوام للحقوق الثابتة والمشروعة للشعب في فلسطين المحتلة.
واعتبروا أنّ “ورشة المنامة المزمع عقدها بمشاركة صهيونية تهدف لتكريس الاحتلال وإضفاء الشرعية عليه”، مؤكدين أنّ “الموقف الشعبي الكويتي يرفض رفضاً قاطعاً أي محاولة للتطبيع مع الكيان الصهيوني”.
كما دعوا الحكومة لإعلان موقف حازم وحاسم بمقاطعة أعمال ورشة المنامة ورفض نتائج هذه الورشة التي من شأنها تضييع الحقوق التاريخية لفلسطين.
وفي رد على بيان مجلس الأمة، قال نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي إنّ “الحكومة متمسكة بالثوابت السياسية تجاه القضية الفلسطينية”.