عضو الوفد الوطني في المفاوضات عبدالملك العجري في لقاء ببيروت
الموقف العربي في الصراع مع إسرائيل شهد تراجعاً خطيراً وتنكراً للاستحقاقات العربية والإسلامية
قال عضو الوفد الوطني في المفاوضات عبدالملك العجري بأنه لم يكن يتصور أي إنسان عربي أن يأتي اليوم الذي ينبري فيه ممثل للدول العربية في الأمم المتحدة للدفاع عن إسرائيل وعن حقها “المزعوم” في الرد على الاعتداءات الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية.
وأضاف العجري في كلمته في اللقاء الذي عقد في بيروت مطلع يونيو الحالي تحت عنوان “متحدون ضد صفقة القرن” بأن مراجعة الموقف العربي ومواقع الدول العربية على خارطة الصراع الإقليمي بين حجم التراجع الخطير للنظام العربي والانقلاب على الذات والتنكر للاستحقاقات العربية والإسلامية.
وفي ما يلي نص كلمة العجري أمام لقاء بيروت
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخوة رؤساء وامناء عموم /
المؤتمر القومي العربي
المؤتمر القومي الإسلامي
المؤتمر العام للأحزاب العربية
مؤسسة القدس الدولية
السادة الحاضرون جميعا
السلام عليكم ورحمة وبركاته
أيها الاخوة :
إن رمزية القضية الفلسطينية ورمزية القدس ليست رمزية مكانية أو روحية مصدرها التعلق الروحي للمسلمين بالقدس فحسب إنما تمتد الى فضاءات اوسع تشمل كل الجغرافيا العربية والإسلامية فهي البوصلة التي تؤشر إلى وجهة النظام العربي والاسلامي صعودا وهبوطا ,والمكثف الذي يختبر سلامة وصحة موقفه, وحدة قياس صادقة في تحديد تموضع الدول العربية على خارطة الصراع وقياس مسافة قربها وبعدها من قضايا الأمتين العربية والإسلامية.
واذا ما اردنا ان نختبر سلامة الموقف العربي ومواقع الدول العربية على خارطة الصراع الإقليمي باستخدام وحدة القياس الفلسطينية هذه ندرك حجم التراجع الخطير للنظام العربي على كل المستويات والانقلاب على الذات والتنكر للاستحقاقات العربية والإسلامية
أيها الاخوة :
ربما لم يكن يدر بخلد أحد ان يأتي اليوم الذي يتطوع مندوب دول عربية في الأمم المتحد بالدفاع عن إسرائيل والدفاع عن حقها في رد العدوان الفلسطيني على الأراضي الإسرائيلية وان يتولى الرد علي هذا العربي مندوب دولة من دول أمريكيا اللاتينية .وفي اليومين الماضيين استنفرت الدول العربية لعقد ثلاث قمم دفعة واحدة لان أنبوب نفط انفجر وقليلاً من البترول انسكب بينما شلالات الدماء في فلسطين واليمن وسوريا لم تستنفرهم لعقد قمة واحدة ,اعلن ترامب القدس عاصمة لإسرائيل وضم الجولان السوري للكيان الإسرائيلي ولم نشهد حالة الاستنفار التي شهدناها خلال الأيام الماضية .. هذه مجرد شواهد بسيطة تكشف لنا حجم التدهور في الموقف العربي حتى صرنا نترحم على الجيل الأول من المطبعين!!
كان خطاب المطبعين السابقين يتناول مفاهيم مثل الأرض مقابل السلام , الحق في إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس حق العودة.. في حين يتحدث المطبعون الجدد عن المساومات لا المفاوضات والصفقات لا الحقوق عن وطن اقتصادي لا دولة مستقلة ..ومن هنا ندرك مغزي محاولة إدارة ترامب التمهيد لما يسمى صفقة القرن بتنظيم ورشة اقتصادية في المنامة قبل الإفصاح عن مضمون الترتيبات السياسية لصفقة القرن ..المسالة واضحة انه مزاد علني للمساومة والمقايضة وليس للمفاوضة على مضامين صفقة القرن . تاجر العقارات ترامب وحلفاؤه من الاعراب الأغنياء والاغبياء أيضا لا ينظرون للعالم إلاّ بصفته سوقا ولا لقضايانا الا باعتبارها سلعا قابلة للمساومة والبيع والشراء ورصدوا لها مبالغ ضخمة تمنى الفلسطينيين بفراديس أرضية تغنيهم عن القدس والدولة والعودة .
اضاع المطبعون الجدد البوصلة ويهرولون هرولة نحو إسرائيل بدون كوابح متجاوزين كل الخطوط الحمراء بذريعة البحث عن الامن والاستقرار والسلام بعد أن أقنعوهم ان المنطقة صارت مسكونة بالأخطار والأشرار الذين يتربصون بالدول الغنية شرا ويتامرون لإلحاق الأذى بهم وبأنظمتهم ولا حل لمعضلتهم الأمنية الا عبر البوابة الإسرائيلية .
وفي سبيل ذلك عملوا على احداث تغييرات جوهرية على معادلة الصراع العربي الإسرائيلي التي ارساها النظام العربي ومواثيق الجامعة العربية في منتصف القرن الماضي وذلك بإزاحة إسرائيل عن موقعها بصفتها العدو المركزي في الصراع الإقليمي واحلال إيران محلها وإعادة توطين إسرائيل كدولة صديقة وحليفة وفرض نظام إقليمي جديد برعاية أمريكية وزعامة كتلة تضم إسرائيل والسعودية والامارات إضافة لمحاولة ضم مصر ,و توحيد خلاف هذه الدول مع ايران في ملف واحد مع إسرائيل وما اقتضاه ذلك من إعادة فرز تصنيف الأعداء والأصدقاء او الحلفاء وربط كل من يتمسك بالقضية الفلسطينية بإيران وجمعهم في سلة واحدة واعلانهم في قائمة الأعداء (اثناء زيارة ترامب للقدس العام الماضي صرح وزير الداخلية الاسرائيلي أنّ ترامب نجح في جعل الجميع يوقعون على محاربة الإرهاب، المتمثل بإيران وحزب الله وحماس وسوريا، وهم جميعاً الأعداء الأكثر قساوة)
والحرب الشاملة والمتنوعة التي تستهدف حركات ودول المقاومة التي تحملها أمريكا مسؤولية إفشال وإعاقة كل مشاريعها لفرض نظام إقليمي وفقا للمنظور الأمريكي الإسرائيلي من أوسلو الى الشرق الأوسط الجديد والكبير كلها تأتي في سياق التوطئة والتمهيد لصفقة القرن وليست الحرب العدوانية السعودية الامريكية على اليمن من ذلك ببعيد ومحاولة ربط انصار الله سلوكا ووجودا بإيران الهدف منه -كما قال السيد عبدالملك الحوثي-هو الضغط علينا وارهابنا كي لا يجرؤ أحدٌ على المجاهرة بالعداء لإسرائيل.
أيها الاخوة :
الوضع خطير ومقلق فعلا الا اننا نراهن على وعي الشعوب وعلى دول وحركات المقاومة الإسلامية والوطنية وكما فشلت مشاريعهم السابقة سترتد بإذنه تعالى صفقة كوشنير صفعة مدوية لأصحابها ومؤيديها.
وبهذا الصدد نؤكد وقوفنا مع كل الأحرار في المنطقة ومع كل دول وحركات المقاومة في مواجهة المشاريع التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية واخرها صفقة كوشنير بكل السبل والوسائل المتاحة , ويمكنني ان أقول وانا مطمئن ان هذا ليس موقفاً يخص انصار الله بل موقف كل الشعب اليمني وقواه الوطنية التي توافقت في مؤتمر الحوار الوطني قبل الحرب العدوانية على إدراج بند في الدستور الجديد ينص على تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي ولا عبرة بمن حضروا مؤتمر وارسو فهؤلاء لا يمثلون الشعب اليمني ويتم تسييرهم كروبوتات رديئة من قبل دول العدوان .
وموقفنا هذا نابع من كون اليمن دولة عربية وإسلامية وهي جزء لا يتجزأ من القضايا العربية والإسلامية وعلى راسها القضية الفلسطينية وفي قلبها الصراع العربي الإسرائيلي , وانتماؤنا لهذه القضايا ليس انتماء لإيران بل انتماء لذاتنا وهويتنا العربية والإسلامية و اختيار ايران الثورة الانحياز لهذه القضايا لا يغير من حقيقتها ولا يجعلها قضايا منسوخة, بل يجب ان تشكر على تمسكها بالقضية الفلسطينية وانحيازها لقضايانا العربية والإسلامية .
ندعو الدول العربية والإسلامية خصوصا الدول الفاعلة إلى حل خلافاتها البينية بالحوار وتجنيب المنطقة حرباً مدمرة تستنزف مواردهم وطاقاتهم في معارك وخلافات داخلية ,وصراعات لا يمكن أن تصل بالأمة إلى الاستقرار الداخلي ولا علاقة لها بالأمن القومي العربي , وضرورة فصل ملف خلاف بعض الدول الخليجية مع ايران عن ملف الصراع مع إسرائيل فالصراع مع إسرائيل صراع وجود وليس صراع نفوذ.