أَعْيَدَتْ
محمد أحمد المؤيد
يعتبر العيد من أهم وأعظم وأجل الهبات والهدايا والعطايا الربانية التي حبا الله بها بني آدم على وجه الخصوص , إذا أنه من ضمن تلك الشعائر التي يحب الله أن يبجلها عباده المؤمنون ويعظموها كسائر الطاعات والفرائض التي شرعت من لدنه ” وهو الحكيم العليم ” في نهج حياتهم وسائر توجهاتهم , ولذا كان لزاما ًعلى كل مسلم ومسلمة أن يعظما ويبجلا هذا اليوم – يوم العيد – على وجه الخصوص والأيام التي تتلوه – كما في أيام التشريق مثلا – , إذ يُسَّن في يوم العيد الإكثار من التكبير والتهليل منذ الصباح الباكر ” أي من بعد الفجر وحتى بعد شروق الشمس ويظل الفرد يسبح ويكبر الله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام , وهو بهذا العمل أو اللهج والترديد يكون في قمة الطاعة لله والانصياع لأوامره، بل يعتبر يوم العيد من تمام طاعة الله، وهو يوم يباهي الله فيه بعباده المؤمنين الموحدين بين ملائكته وجميع خلقه , وكأنه سبحانه يباهي ويقول لملائكته هؤلاء عبادي الذين صاموا شهر رمضان أو لبوا دعوتي ليوم الحج الأكبر يتهافتون ويتوافدون فرحاً وسعداً بإتمام طاعتهم لي , ففي هذا اليوم يكون الجزاء من جنس العمل , فمن أيقظ همته لطاعة الله طيلة الشهر الكريم أيقظ الله له فيه السعادة طيلة أيام العيد , كما أن صلاة العيد وخطبتيها هي شعيرة تعبِّر عن اجتماع المسلمين لذكر الله واستفتاح يومهم العظيم هذا بذكر الله وتكبيره وحمده وشكره , ثم إذا ذهب كل واحد منهم لزيارة الأهل والأصدقاء والأحباب فلا بأس بعد صلاة وخطبتي العيد , ولكي نقف عند الغاية الأساسية من تشريع الله لهذا اليوم فسنجد هذا الكلام في سنة النبي المصطفى محمد رسول الله صلوات الله عليه وآله وصحبه عندما سن تغيير الطريق منذ الانتهاء من أداء شعيرة الصلاة والخطبتين , وبذا فتغيير الطريق معناه تغيير الروتين والمسار اليومي الذي اعتاد الفرد عمله طيلة أيام السنة.
لو تأملنا سنجد أن العيد هو فرحة أتت لتعلِّمنا كيف نفرح أنفسنا والآخرين من حولنا , كون كل فرد في هذه الحياة لديه ما لديه من المهام والروتين الرتيب والممل , ويكاد كثير من الناس لا ينفك عن روتين حياته إلا بصعوبة أو فيما ندر , فيصبح المرء حينها متقوقعاً في مربع حياتي ممل ومفرط فيه , ولذا فالعيد هو هبة ونعمة ربانية يمكن للشخص من خلالها أن يكسر روتين ورتابة حياته المملة وغير المتنوعة والمتشكلة , فهناك من يعاني من قضايا ومشاكل وإشكاليات في حياته جعلت منه شخصاً رتيباً وغير اجتماعي وغير مرغوب فيه أحيانا ًبين قرنائه , وذلك من شدة تحجره وتقوقعه عند مسائل نكدت حياته وعيشته مع نفسه والناس من حوله , وهناك من يعمل في المدينة تاركاً أهله في مسقط رأسه , ومنهم من لديه (دكان) أو محل عمل يستلزم عدم التفريط في وقته ومواعيده , لكن العيد جاء كمتنفس رباني للترويح على كافة أبناء المجتمع , فقد يكون الاحتفال بالتخرج أو العرس أو الخطوبة أو ما إلى ذلك أو ما شابهه من الأفراح والمناسبات , لكونها تمر بالإنسان من وقت إلى وقت وتزاوره بين عجلة الزمان والأيام , لكنها جميعها تكون فرحة منزوية أو مقصورة ومحصورة على حي أو فئة أو جماعة أو أسرة بعينها , غير أن العيد يبقى هبة ربانية تتعدى حاجز الأحياء السكنية والأسر والجماعات وتدخل في إطار بلدان ومجتمعات بأسرها، فيبقى جميع الناس في حالة من الاستكانة الجماعية , وهو الأمر الذي تتعطل فيه غالبية المصالح والأعمال غير الضرورية , فيبقى الجميع في حالة فراغ واستعداد تام لممارسة العادات والتقاليد الفرائحية التي تميز كل بلد عن غيره وكل سن عن السن الذي قبله أو الذي يليه وهكذا , وهذا ما يجعله أكثر حفاوة ورغبة ولهفة ليس لها مثيل من الأفراح, فيبقى الناس جميعهم أو غالبيتهم في حالة من الاستجمام والراحة والطمأنينة والهدوء , وكما يبدو أنها تكون فرصة لا تعوض إلا في السنة مناسبتين ” هما عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين ويحق للناس أن يقولوا : ” أعيدت ” ويتبادلون التهاني والتبريكات ويقول كل فرد للآخر : ” وعادكم الله من السالمين الغانمين، وحريو مقنبع أو حاج زائر ” فيرد : ” وأنت من السالمين الغانمين .. حراوة إن شاء الله ” أو ” حجاج زائرين ” المهم واحدة أو اثنتين مع بعض هههههههه كله يسبر !!.
لو نظرنا كم نحن المسلمين اليوم بحاجة لمثل هذه المناسبات العيدية العظيمة التي قد تكون فرصة لمراجعة الذات أولاً ومناقشة أوضاع الأمة الإسلامية من جهة أخرى , وكذا مناقشة أحوال بعضنا البعض , كنتدارس حلول لمشاكل حياتنا الأسرية أو المجتمعية أو الأممية , وكلها إن وجدت عقولاً نيرة وصدوراً متسعة وقلوباً مطمئنة بالأخوة والإيمان لاشك أنها ستلقي بظلالها على أحوالنا بشكل إيجابي ومباشر , على الأقل سنعقل ويفهم بعضنا البعض ونتناصح بما هو خير لنا ومستقبل أيامنا وأجيالنا إن شاء الله , ناهيك عن أن الأمة الإسلامية وخاصة اليمنية تعاني من تشرذم وحروب واقتتال وتربص من عدو أرعن , الأمر الذي يوجب على الناس أخذ قسط من الراحة والطمأنينة التي قد تجعل الناس يحسون بمعنى السعادة التي افتقدونها بسبب العدوان (السعوأمريكي) الذي ضيَّق على الناس سبل العيش , لكن نسائم العيد والأمل بالله وأن ثمة خيراً عظيماً ينتظرنا خاصة مع خلاصنا من هذا العدوان الساقط , كما أن العيد هو فرصة كبيرة للتنفيس عن أرواحنا وكواهلنا وخواطرنا وفلدات أكبادنا ونسائنا وأبنائنا وبناتنا ونفض غبار الزمن والحياة العقيمة والمملة والتنفيس عن الأهل والجيران والأصدقاء والأحباب، فسنسأل عن ذلك يوم نلقى الله لقوله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله : ” ولنفسك عليك حق ” وقوله تعالى :” وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ” وقوله سبحانه : ” وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ” وقوله جل من قائل :” اَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ” و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :” ألا أدلكم على شيء إذا عملتموه تحاببتم. ” , قالوا بلى يا رسول الله , قال (ص): ” أفشوا السلام بينكم ” وقال (ص) :” تبسمك في وجه أخيك صدقة ” أو بمعنى الأحاديث .. صدق رسول الله ..ولله عاقبة الأمور..
تنبيه..
نتذكر أنه كان احتلال عدن من قبل العدوان (السعوأمريكي) في أول يوم من أيام عيد الفطر.. لذا فهذه المقالة تختص بمن يتواجدون في أوساط مجتمعاتهم .. أما المجاهدون في خطوط التماس فعليهم باليقظة والجهوزية العالية تحسباً لأي طارئ لقوله سبحانه: ” وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ” صدق الله العظيم.. ونسأل الله أن يسدد رميتكم ويشد عزائمكم ويعلي هممكم ويكبت بفضله وجبروته عدونا وعدوكم، وهو أكرم المسؤولين الله رب العالمين.