حروب أمريكا الخاسرة من فيتنام الى سوريا واليمن

أحمد الحبيشي
لماذا تتجه أطماع حكام الإمارات الى موانئ خليج عدن وموانئ الساحل الغربي لمحافظة الحديدة والموانئ اليمنية في البحر الأحمر بدعم أمريكي وبريطاني وإسرائيلي؟ وما علاقة هذه الأطماع بصفقة القرن الصهيونية؟
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بدون التعرف على العناوين الرئيسية لصفقة القرن التي لم يتم الكشف عنها حتى الآن ، لكن ارهاصاتها تبدو واضحة في الروائح العفنة التي ينشرها الذباب الألكتروني لتحالف العدوان على اليمن في مواقع التواصل الاجتماعي ، بالتوازي مع ما تكتبه بعض الصحف الإسرائيلية والأمريكية.
تعتبر ما تُسمّى ( قوميات أرض التوراة) عنوانا رئيسيا لما تسمى (صفقة القرن) التي تبشر بها الصهيونية المسيحية في البيت الأبيض الأمريكي .
وبموجب هذه الصفقة ستكون القدس عاصمة إسرائيل كدولة يهودية كبرى في الشرق الأوسط الجديد .. ولن تكون هناك فلسطين اطلاقا ، بل ستنشأ على أنقاضها دولة كنعان التي ستضم أجزاء من خليج العقبة وتيران وصنافير وصحراء سيناء وصحراء النقب وغزة وسيتم تسليم هذه الكيانات للجماعات السلفية التلمودية التي بشرت بها التوراة ، بالإضافة إلى قوميات محلية أخرى تتمتع فيها إسرائيل كدولة يهودية كبرى بنفوذ روحي ، يشمل قوميات أرض التوراة التي لا زالت تحتفظ بإرث الحضارات اليهودية القديمة في مصر والعراق والجزيرة العربية وشمال أفريقيا وساحل الخليج وصلالة والمهرة وحضرموت ومارب والجوف وخليج عدن ومهوى الجَند وساحل تهامة وجبل قدس ، بحسب ما جاء في التوراة وتم تفصيله في التلمود.
في إطار تهيئة البيئة الثقافية لما تُسمى (صفقة القرن) ، يجري الترويج لإصطلاح (أقيال اليمن) الذين تحدث عنهم كتاب التلمود ، وتتحدث عنهم الفلسفة الصهيونية المسيحية الأمريكية في سياق التعريف بما تُسمى الحضارات اليهودية القديمة لكبار ملوك اليهود الحميريين والكنعانيين في (الشرق الأوسط القديم) ، بمن فيهم أقيال مملكة سبأ القديمة ، بعد أن تزوجت ملكة سبأ من الملك سليمان ـــ أحد مشاهير ملوك بني إسرائيل القُدامى ـــ الذي يبحث الصهاينة عن هيكله تحت المسجد الأقصى في القدس المحتلة!!
ويجب الحذر من التعاطي مع اصطلاح القومية اليمنية والقومية الأشورية والقومية الفرعونية والقومية الفينيقية والقومية الكنعانية ، لأنه اختراع صهيوني جديد ابتكره الفيلسوف الصهيوني البريطاني الأمريكي الراحل برنارد لويس في إطار مخطط تقسيم الشرق الأوسط (الجديد) إلى قوميات (تابعة) تاريخيا لحضارات ما تسمى أرض (التوراة) في الدول اليهودية القديمة ذات الصلة بالهوية اليهودية لإسرائيل الكبرى المُتخيّلة .
رؤية أمريكية لطموحات الإمارات
كتب السفير الأمريكي الأسبق في اليمن ونائب الرئيس التنفيذي لمعهد دول الخليج العربية في واشنطن ستيفن سيتش بحثاً نشره على موقع المعهد ، قال فيه : ( إن السعودية التي نظمت التدخل العسكري في الحرب اليمنية لإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي تجنبت حتى اللحظة مناقشة الاستراتيجية التي ينفذها الإماراتيون في الجنوب وطرح أسئلة حول تصرفاتها بشأن مستقبل دولة يمنية موحدة ودعم هادي).
ولفت إلى أنه وعلى الرغم من وضوح جدول أعمال الإمارات “الطموح” في الجنوب اليمني إلا أن الاختلافات بين الإمارات وحكومة هادي “المنفي” أصبحت تتزايد بل وبكثير من الفزع لدى هادي.
وقال السفير: إن محللا بارزا في الخليج قال إن الرياض لا تصر على خروج اليمن من الصراع الحالي كدولة موحدة ، ولكنها لا تملك رؤية بعد أن طالت الحرب وتغيّرت المعادلات وموازين القوى في كل الاتجاهات!!
وفي المقابل، يرى السفير أن هذا الحديث يتناقض مع وجهة نظر هادي في المسألة، وقام من جانبه بالرد على خصومه المحليين من خلال مراسيم أطاحت بعدد من المسؤولين المرتبطين بدولة الإمارات ، يما يظهر انزعاجه من تعاونهم الظاهري مع الإمارات بشأن مسائل داخلية.
ويشير السفير: إلى أن استثمارات الإمارات ـــ وعلى الرغم من الأزمة مع هادي ـــ تواصل جذب الانتباه في جنوب اليمن، لافتا إلى قيام الإمارات بإنشاء مهبط طائرات على جزيرة بريم وسط باب المندب الاستراتيجي والذي يمر من خلاله قرابة 4 ملايين برميل نفط يوميا.
ويقول السفير إن القوات الخاصة الإماراتية أنشأت وجودا عسكريا عام 2015 في عدن، ويبدو أن السعوديين وافقوا بالفعل على تحمل الجنوبيين لمسؤولية إدارة مناطقهم بالتنسيق مع الإمارات.
وعلى صعيد استثمارات الإمارات في الجنوب، قال السفير: إن أبو ظبي قامت بتشييد أبنية ممتدة في جميع الموانئ اليمنية الرئيسية من المكلا شرقا إلى المخا على ساحل البحر الأحمر لتسخير كافة الإمكانات الاقتصادية كجزء من عملية بناء امبراطورية بحرية أوسع نطاقا على المدى الطويل.
وبهذا الصدد أشار السفير الأمريكي الأسبق إلى حماس الإمارات لهجوم برمائي على ميناء الحديدة الاستراتيجي لانتزاعه بأي وسيلة سلمية أو عسكرية حتى لو ظهر أنه غير مدرج ضمن أي عملية عسكرية وشيكة.
ويخلص السفير إلى أنه وعلى الرغم من استمرار الحرب وعدم ظهور ملامح واضحة في الأفق، يبدو أن الإماراتيين مصممون على تحويل تركيزهم في اليمن من العمل التكتيكي قصير الأجل، إلى امبراطورية بحرية استراتيجية طويلة المدى.
وأضاف: “يبدو أن الركود السائد في المعارك يخفي خططا تسير عليها الإمارات لدعم استثمار أطول أجلا في اليمن قد يتضمن إعادة رسم خارطة البلد”.
لماذا تتحرش الإمارات بسلطنة عمان؟
تشهد محافظة المهرة في أقصى شرق اليمن صراعا شديدا بين سلطنة عمان المحاذية لها، وبين دولة الإمارات، في واحدة من أبرز محطات الصراع على النفوذ بين الدولتين الجارتين خارج أراضيهما.
ورغم بقاء المهرة خارج دائرة الصراع الدائر منذ أكثر من عامين في اليمن ، لكن وضعها الاستثنائي لم يبق طويلا، بل دخل في دائرة طموح توسعي إماراتي أثار حفيظة عُمان، التي ترى في المهرة مركز نفوذ تقليدي لها. في ظل خلافات تنام على رماد من تحته نار، كان آخرها “الكشف عن شبكة تجسس وتظاهرات في العام 2011، تقول مسقط إن الإمارات كانت تقف وراءها”، حيث تدخّل في حينها أمير الكويت لاحتواء الأزمة.
وطبقا لما تناولته وسائل إعلام عربية وعالمية، يمكن القول إن ثّمة تحركات إماراتية أثارت مخاوف وشكوك سلطنة عُمان، حيث تشهد محافظة المهرة الحدودية مع عُمان محاولات إماراتية لإيجاد موطئ قدم فيها ، رغم ما يشكله هذا التحرك من إزعاج للسلطنة تُفسِّر الزيارات التي قام بها السيد يوسف بن علوي وزير خارجية عُمان لكل من إيران وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وتؤكد المعلومات الواردة من المهرة أن الطرفين العماني والإماراتي يخوضان سباقا قويا على استقطاب وحشد الأنصار والولاءات، حيث بدأ الإماراتيون بحشد وشراء ولاءات شخصيات رسمية وحزبية وعسكرية وأمنية وقبلية عبر جمعية “الهلال الأحمر” التابعة لها. والتي تتميز بالخلط بين المهام الإنسانية والسياسية والعسكرية، في إطار نشاط جمعية “الهلال الأحمر”، الذي يواجه صعوبة في حيازة النفوذ الأكبر في هذه المدينة، نظرا لحجم النفوذ العماني فيها.
وعلى الرغم من أن مطامع الإمارات تتخفّى خلف النشاطات الخيرية لجمعية (الهلال الأحمر) ، إلا أن مخططات حاكم (أبو ظبي) ذهبت به أبعد من ذلك، حيث قامت هذه المنظمة التي يشرف عليها ضباط استخبارات عسكرية إماراتيون بزرع بذور الفتنة بين قبائل المهرة وقبيلتي “الكثيري والرواشد”، اللتين تقطنان في محافظة حضرموت على تخوم المهرة، حيث اتجهت قبيلتا “الكثيري والرواشد” بإيعاز من ضباط الإمارات إلى “أعمال البناء واستملاك أراض في المهرة المحاذية لحضرموت من جهة الصحراء”، الأمر الذي خلق شرخا اجتماعيا وحالة من الغضب لدى القبائل المهرية إزاء هذا الزحف على أراضيهم.
المعروف ان سَلْطَنَة عُمان دولة تقع في غرب آسيا وتشكل المرتبة الثالثة من حيث المساحة في شبه الجزيرة العربية وتحتل الموقع الجنوبي الشرقي إذ تبلغ مساحتها حوالي 309.500 كيلو متر مربع يحدها من الشمال المملكة العربية السعودية و من الغرب الجمهورية اليمنية ومن الشمال الشرقي دولة الإمارات العربية المتحدة وتشترك في حدودها البحرية مع إيران وباكستان والإمارات واليمن، ولديها ساحل جنوبي مطل على بحر العرب وبحر عُمان من الشمال الشرقي .
كانت سلطنة عمان في أواخر القرن السابع عشر إمبراطورية بحرية قوية تتنافس مع المملكة المتحدة والبرتغال على النفوذ في منطقة الخليج الفارسي والمحيط الهندي ، ووصل هذا التنافس ذروته في بدايات القرن الثامن عشر حيث امتد النفوذ العُماني عبر مضيق باب السلام إلى الإمارات وباكستان وإيران وجنوباً حتى زنجبار .
وتراجعت قوة سلطنة عُمان بعد ذلك تحت تأثير الصراعات الداخلية والتدخلات الاستعمارية البريطانية ، بعد أن كانت مسقط الميناء التجاري الرئيسي في منطقة الخليج تاريخياً ، ومن بين أهم الموانئ التجارية في المحيط الهندي .
منذ سبعينيات القرن العشرين ظلت سلطنة عمان تتمتع بوضع سياسي واقتصادي مستقر في العموم ، إذ أنها تحتل المرتبة 23 في احتياطيات النفط على مستوى العالم والمرتبة 27 في احتياطيات الغاز.. كما تحتل السلطنة المرتبة 64 من بين أكبر اقتصادات العالم .
وقد أسهم حصار ومقاطعة قطر من قبل أربع دول هي: السعودية والإمارات والبحرين ومصر في إعادة فتح دور الإمارات ممثلة بمحمد بن زايد في زعزعة استقرار جارتها سلطنة عمان قبل ست سنوات من الآن وبالتحديد في مطلع عام 2011م ، حين أحبطت سلطنة عمان شبكة تجسسية كانت الإمارات تسعى من خلالها الى ضم سلطنة عمان بعد وفاة السلطان قابوس بن سعيد.. مع العلم أن أراضي الإمارات كانت تابعة لساحل عمان، وكانت الشبكة التجسسية بمثابة الصدمة لدى العمانيين.
وحسب مصادر خليجية مطلعة فإن هناك أكثر من مجرد أزمة كانت تشوب العلاقات بين سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، إثر نجاح المخابرات العمانية في تفكيك شبكة تجسس واسعة تقف وراءها أجهزة الاستخبارات العسكرية لدولة الإمارات.
وقالت هذه المصادر إن ضبط السلطات العمانية لشبكة التجسس الإماراتية كشف عن ان مهمة هذه الشبكة هي اكثر من جمع المعلومات العسكرية والامنية والسياسية والاقتصادية عن سلطنة عمان ، وإنما هدفها كسب ولاءات ضباط وسياسيين عمانيين، لدولة الإمارات لخدمة مشروع استراتيجي وهو التحضير لمرحلة ما بعد السلطان قابوس من اجل احتواء سلطنة عمان والتمهيد لضمها لدولة الإمارات في مشروع كونفدرالي .
وحسب هذه المصادر، فإن هذا المخطط الإماراتي ضد سلطنة عمان يستند الى خلفية أمنية قديمة أسس لها رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد آل نهيان ، حيث أمر في منتصف السبعينات ، بتشكيل خلايا في صفوف العمانيين من قبيلة ” الشحوح ” وكسب ولاءاتهم واستمالة بعضهم بإغراءات كبيرة للتخلي عن الجنسية العمانية وحمل الجنسية الإماراتية خاصة أبناء قبيلة الشحوح المقيمين في المناطق المجاورة لإمارة رأس الخيمة “.
وتشير المعلومات إلى أن حكام إمارة (ابو ظبي) يمثلون الصقور من بين حكام الإمارات، وهم الذين يقودون مشروعا أمنيا وسياسيا خطيرا ضد نظام السلطان قابوس ، وأبناء الشيخ زايد يتفقون على ضرورة إحداث تغيير كبير في مرحلة ما بعد رحيل السلطان قابوس ، لضمان كسب شخصيات قيادية في سلطنة عمان يكونون واقعين تحت تأثير القرار السياسي في دولة الإمارات ، تمهيدا لضم سلطنة عمان الى دولة الإمارات في كيان كونفدرالي أو فيدرالي موحد.
وأكدت هذه المصادر حينها أن العمانيين يدركون أن ولي عهد حاكم “ابو ظبي” ونائب القائد العام للقوات المسلحة محمد بن زايد هما من يقف وراء المشروع الامني والسياسي المعد لسلطنة عمان لضمان مساحات نفوذ وتحكم بالقرار السياسي والأمني في سلطنة عمان ما بعد مرحلة سلطان عمان ، وهناك معلومات مازالت غير موثقة من قبل المسؤولين العمانيين ، أن المخطط الحقيقي الذي يسعى إليه مشروع شبكة التجسس الإماراتية هو العمل للتمهيد من أجل دفع شخصيات موالية لدولة الإمارات الى اعلى المناصب في السلطنة ، تمهيدا لاستثمار نفوذهم ، وللتأثير في صناعة القرار بانضمام سلطنة عمان الى اتحاد كونفدرالي مع الإمارات.
وتضيف هذه المصادر: ” أن السلطان قابوس والمقربين منه يدركون أن التسلح الإماراتي بهذا الشكل الكثيف الذي يصفه العمانيون (بجنون التسلح) يشكل تهديدا مباشرا لسلطنة عمان بالرغم من أن المسؤولين الإماراتيين ابلغوا العمانيين في رسائل مطمئنة أن هذا التسلح ليس موجها الى سلطنة عمان، وإنما لمواجهة إيران .. لكن السلطان قابوس يعلم أن ترسانة السلاح المتطور لدى الإمارات يشكل خطرا حقيقيا على بلاده مستقبلا مهما كانت العهود والمواثيق التي يقدمها الإماراتيون، وهذه الترسانة ستسهل اغراء أبناء الشيخ زايد الذين يتحكمون بثروات “ابو ظبي” النفطية الهائلة ، ليتصرفوا مع سلطنة عمان باعتبارها صيدا سهلا لاحتوائها أو السيطرة عليها مستقبلا“.
من جانب آخر ، أكدت صحف إسرائيلية أن “الإسرائيليين الذين استطاعوا ان يوجدوا موطئ قدم لهم في دولة الإمارات من خلال مستشارين أمنيين وعاملين في مشاريع أمنية ، اكتشفوا أن الفرصة متاحة لتقديم تصورات استراتيجية لبعض الشخصيات المتنفذة في ابو ظبي فيما يتعلق بضمان الامن الاستراتيجي لدولة الإمارات ، وأوصوا أن انضمام سلطنة عمان الى دولة الإمارات هو “المفتاح السري الاستراتيجي “ كي تتحول الإمارات الى كيان سياسي قوي له منافذ على الخليج وعلى بحر العرب والمحيط الهادئ وصولا الى الحدود اليمنية ، وإن هذا التغيير في الجغرافيا السياسية والديمغرافية من شأنه ان يعزز فكرة خلق قوة أمنية وسياسية في المنطقة لمواجهة إيران وخلق تحدٍ حقيقي في مواجهتهاو.
وكانت مصادر عمانية وصفت بانها واسعة الاطلاع قد اكدت وقتذاك انها اكتشفت شبكة عُمانية تمولها وترعاها شخصية إماراتية نافذة، وأضافت أن السلطات العمانية تكتمت على الأمر ريثما تنهي كل التحقيقات.
وكشفت المصادر أن العملية غير مسبوقة في العلاقات بين دول مجلس التعاون، حيث اختُرقت جميع الأجهزة الأمنية المرتبطة بالقصر، وخصوصاً الحرس السلطاني، وقالت المصادر إن السلطنة نفذت عمليات اعتقال واسعة شملت العديد من مسؤولي الأجهزة الأمنية العمانية، وأوضحت أن الشبكة لم تصل إلى مسؤولي الصف الأول، واقتصرت على كوادر من الصف الثاني.
ويسود الاعتقاد بأن أهداف عملية اختراق الأجهزة العمانية تتجاوز العلاقات الثنائية إلى أبعاد إقليمية ودولية، تتعلق في صورة خاصة بالعلاقات العمانية، الإيرانية التي حافظت على توازن وتميز افتقدتهما علاقات طهران مع بقية عواصم مجلس التعاون، وبالتحديد في ما يخص الملف النووي والعقوبات المفروضة على إيران وقضية أمن الخليج حينها.
وعاد حينها الصراع إلى الواجهة الاستخبارية بشكل لم يسبق له مثيل بعد الكشف عن خلية التجسس الإماراتية في عُمان، ومع أنه لم تصدر بيانات حكومية رسمية من الجانبين إلا أن حرباً كلامية وتعبئة شعبية قد استعرت عبر وسائل الإعلام بدأها الجانب العماني بإدارة استخبارية، كما يؤكد المطلعون على شؤون البلدين الذين يرون في نفس الوقت أن تصريحاً لأحد أعضاء مجلس الشورى العماني- وهو هيئة منتخبة من دون صلاحيات تشريعية ورقابية -يعتبر بياناً رسمياً من مسقط تؤكد فيه بشكل قاطع الاتهام العماني للإمارات بزرع خلية تجسس تكونت من مسؤولين مدنيين وقادة عسكريين وأمنيين كبار.
لكن الواقعة طويت ولم تأخذ المدى الذي أخذته خلية التجسس الإماراتية التي يتهم العمانيون محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات، بالوقوف وراءها، ويبرؤون منها الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة.
الجدير بالذكر ان بين الشعبين في سلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وشائج قربى وصلات اجتماعية وثيقة، وأربعة عقود من الخلافات والتصالحات السياسية، ومصالح اقتصادية وتجارية يومية، وتداخلات جغرافية حدودية شديدة الخصوصية أدت إلى وجود عدد كبير من المعابر الحدودية بين البلدين، كما أدت مراراً إلى أزمات صامتة وشبه صامتة، بالرغم من توقيع سلسلة من اتفاقيات الحدود.
وكان آخر تلك الأزمات في منتصف 2008م عندما أغلقت دولة الإمارات معبراً حدودياً حيوياً يصل بين مدينتي البريمي العمانية والعين الإماراتية، وأدى الإغلاق من الجانب الإماراتي -بالرغم من التوسلات العمانية للتراجع عنه- إلى سخط عماني شعبي مزدوج ضد الحكومتين ترجمته احتجاجات سلمية، وتحركات لشيوخ المناطق المتضررة من ذلك الإغلاق على الجانبين، فأعيد فتح المعبر بعد مرور وقت قصير.

قد يعجبك ايضا