رؤية لتنمية الأوقاف
حاتم شراح
تعتبر الأوقاف من المبرات التي تسهم في تنمية المجتمع من خلال استهدافها للفقراء والمساكين وطلبة العلم، والمرضى، كما تستهدف الخدمات العامة، فهي بهذا تسهم في التنمية بشكل عام من هنا لابد من تفعيل دورها في المجتمع من خلال تضمينها في الرؤية الوطنية بحيث يتم تنمية الأوقاف حتى تصبح منتجة، وتعود بالنفع أولا على من هي تحت يده، فيسعى للحفاظ عليها وبالتالي سيعود النفع بل شك على المبرات التي وضعت من أجلها، أما أن تصبح الأعيان الموقوفة مجمدة مثل الأراضي التي يتم المضاربة فيها من خلال البيع والشراء فهذا مما يضر بالعين الموقوفة من خلال عدم الجدوى الاقتصادية فالمأذونيات التي تجنيها الأوقاف مقارنة بما سيلحق بالعين الموقوفة من أضرار إن كانت أرض زراعية تعود بمردود سنوي ثابت، بينما عند البناء لن تجني الأوقاف من الإيجارات سوى قليل القليل، وهنا لابد في وزارة الأوقاف من تفعيل قطاعات الاستثمار والمشاريع، والسعي لتنمية ومتابعة الأعيان المجمدة والتي بالإمكان الاستفادة منها حسب الموقع، وكذلك دراسة وعمل قاعدة بيانات للمستأجرين ومدى القدرة على تنمية العين الموقوفة فقد تجد أن هناك من أصحاب العقارات يبني ويرفع ويطور العقارات التي لا تتبع الأوقاف بينما يترك عقارات الأوقاف التي تحت يده مهملة، وهذا ينطبق على الأرض الزراعية مما يحتم على الوزارة المتابعة لأعيان الأوقاف ومدى الجدوى الإقتصادية منها و لا مانع من فتح مجال الاستثمار في ذلك بمشاركة القطاعات المختلفة بعقود تشاركية، تسهم فيها الأوقاف بالأرض مثلا، وهكذا، كما يمكن التطوير لقطاع الأوقاف من خلال التعاون مع المستأجرين، ومنحهم قروض ميسرة لتنمية الأعيان الموقوفة مقابل التسديد مع نسبة من الربح وتعتبر الأوقاف ممولة للمستأجرين في تنمية وتطوير الأعيان الموقوفة سواءً كانت أرض زراعية أو عقارات، والأوقاف بهذا تكون شريكا من خلال متابعتها للعين المملوكة أساسا للوقف، ولكنها من خلال هذا العمل تسهم في زيادة ريع هذه العين من خلال مساعدة الأجير في تحريك جدوى هذه العين وعدم تجميده نتيجة للعجز أو الإهمال، ولن يتم ذلك إلا من خلال تشريعات وضوابط لإلزام المستأجرين بالعمل على ما نصت عليه وثيقة العقد بين المؤجر ممثلا بالوزارة وبالمستأجر للعين كطرف ثاني وهي بالنسبة للأرض الزراعية الإقامة التامة وعدم الخيانة، وكذلك العقارات بدفع الإيجارات أولا بأول وعدم المماطلة ولعل الضبط والرقابة والمتابعة كفيلان بإنجاح في أي عمل وإذا توفرت النوايا الصادقة والإخلاص واستشعار أن خدمة الأوقاف هو مشاركة للواقف في الأجر والثواب، ولا يوجد إنسان يستغني عن نيل الأجر والثواب، وأرى أن يتم ربط الوزارة بالجامعة والاستفادة من البحوث العلمية والاقتصادية والدراسات التي تستهدف تنمية هذا القطاع الهام والذي يمكن أن يحدث نقلة نوعية في الخدمات ومساعدة المحتاجين وكل المجالات التي تم استهدافها من الوقفيات التي رصدت لها، وإذا ما تم العمل الجاد وظهرت الجدوى والنتيجة للمواطن فمما لاشك فيه أن المجتمع بأكمله سيكون خصما ومعينا للوزارة ضد من يتقاعس أو يفرط في الأوقاف كون المواطن سيستفيد أصلا فمعظم المبرات تستهدف الخدمات العامة، ويصبح تسليط الضوء على هذا القطاع واجبا وطنيا كونه يعبر عن ذلك الحس الإنساني لدى من أوقفوا جزءً من أموالهم لله سبحانه وتعالى تقربا إليه وكل من يسهم في تحسين أو تطوير هذا القطاع ينال من الأجر الشيء الكثير، ولعل من الأفكار التي ربما تجد آذانا صاغية هي عمل بحوث علمية في تطوير وتحسين عمل الأوقاف وتنفيذ نتائجها ومقترحاتها وتوصياتها.