البشير.. من الرئاسة إلى الزنزانة
عبدالفتاح علي البنوس
كما كان متوقعاً انقلب السحر على الساحر ، ووقع القاتل السفاح الأجير المرتزق عمر البشير في شر أعماله ، وأذله الله وأخزاه في الدنيا قبل الآخرة ، لم تشفع له عمالته للسعودية والإمارات وانبطاحه للأمريكان ، وتقاربه مع الكيان الصهيوني المحتل ، الكل تخلى عنه ، رغم الوعود التي منحوه إياها مقابل متاجرته بأرواح الجنود السودانيين الذين قام بتأجيرهم لحساب الإمارات والسعودية في حربهم العدوانية وتحالفهم الإجرامي ضد يمن الحكمة والإيمان طمعا في أموالهما ، ونزولا عند رغبتهما ، حيث ظن البشير أن ذلك سيمنحه رضا أمريكا والسعودية والإمارات وسيضمنون له البقاء على كرسي السلطة من خلال دعمه في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي كان ينوي الترشح فيها ، رغم سياسة الإفقار والتجويع التي أدار بها السودان طيلة فترة حكمه ، وحجم الفساد الذي مارسه وحكوماته المتعاقبة الذي أوصل السودان إلى حالة لا تحسد عليها ، وزاد الطين بلة بتورطه في تقسيم السودان وتفكيكه وفصل جنوبه عن باقي المناطق السودانية .. وكل ذلك من أجل إيجاد دويلة في جنوب السودان موالية للكيان الإسرائيلي ومطَّبعه معه ومساندة له ، تسهم إلى حد كبير في خدمة المصالح الصهيونية وتنفيذ مخططاتها وتحقيق أهدافها .
سقط البشير سقوط الخونة العملاء وزج به في المعتقل بعد أن أشعل أحرار السودان فتيل الثورة التي خرجت لإسقاطه وانقاذ البلاد من بطشه وعصابته الحاكمة التي كانت تتعامل مع السودان وثرواته ومقدراته على أنها ملكية خاصة بهم ، يعبثون بها ويتاجرون بها ويسخرونها لخدمة مصالحهم وتنمية ثرواتهم وحساباتهم الخاصة ، وتم الزج به في المعتقل مع حاشيته الرئاسية بحسب بيان الجيش السوداني ، في سيناريو يشبه إلى حد كبير السيناريو المصري ، وإن كنت أشك في أن ما أعلن عنه الجيش السوداني عبارة عن مسرحية هزلية من انتاج قيادة الجيش والحزب الحاكم في السودان تهدف إلى الخروج من الأزمة التي تعصف بالبلاد ، وتحفظ ماء وجه البشير الذي أدرك أخيرا أن الشعب السوداني حسم قراره وأعلن عدم القبول به رئيسا مهما كانت التضحيات ، وأن لا تراجع عن مسار التحرر من نظام البشير الفاسد المجرم المستبد ، وعلى الرغم من إعلان الجيش اعتقال البشير وقيامه بإدارة البلاد خلال مرحلة انتقالية تستمر لمدة عامين يتم خلالها الإعداد والتحضير لانتخابات رئاسية ، إلا أن الثوار أعلنوا رفضهم لهذا القرار وجددوا مطالبتهم بسقوط كافة أركان نظام البشير بما نفيهم وزير الدفاع الذي يبدو منذ الوهلة الأولى أنه يسير على خطى عبدالفتاح السيسي في عسكرة السودان .
بالمختصر المفيد : نحن في اليمن مشكلتنا مع البشير ونظامه المأجور ، لا مع الشعب السوداني الشقيق المغلوب على أمره ، الذي لا ذنب له ، مشكلتنا مع من أرسل جنود بلاده لقتالنا وانتهاك سيادتنا واستباحة أعراضنا والنيل من كرامتنا من أجل المال المشبوه وطمعا في السلطة الزائلة ، لذا فإن خبر اعتقال البشير بالنسبة لنا يمثل انتصارا للمظلومية اليمنية ، وللدم اليمني المستباح ، وللأرض اليمنية المنتهكة سيادتها ، ولا يعني ذلك تأييدنا لحكم العسكر وقبولنا بما ورد في البيان الصادر عنهم ، فما يعنينا هو رؤية ومشاهدة نهاية الطواغيت والفراعنة والمستبدين والمتجبرين والقتلة المأجورين أمثال السفاح البشير ومن على شاكلته ، ونتطلع للحظة الفارقة في تاريخ السودان يتم فيها إعلان انسحابها من تحالف البعران على بلادنا وسحب مرتزقة الجيش السوداني الذين يقاتلون تحت لواءي السعودية والإمارات ، ومشاهدة العدالة الدنيوية في السفاح البشير وهو يخضع للمحاكمة جراء ما اقترفه من مجازر وانتهاكات في حق أبناء السودان ، وأبناء شعبنا اليمني ليكتمل المشهد على ثقة وإيمان مطلق بأن العدالة الإلهية سترينا في آل سعود وآل نهيان وبقية الطواغيت ما يفرحنا ويسعدنا ويشعرنا بالارتياح والاطمئنان .
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله .