الرئيس صالح الصماد في ذكراه نستذكر ومن محطاته نستقي وننفر
إبراهيم الحمادي
لقد واكب مسيرة اليمن ملوك وأئمة وقادة ورؤساء تعددت مسمياتهم وبرامج حكمهم في إدارة البلاد سواءً في الحروب أو في السلام، وقد واجه البعض منهم أعداء كثر ومؤامرات غربية أمريكية صهيونية بريطانية، فالبعض منهم انتصر وتجاوز تلك المؤامرات، والبعض الآخر تربص به الأعداء وحامت أسلحتهم حول أجسادهم وشعبهم سواءً بشكل مباشر، أو بشراء عديمي الضمائر العملاء من نفس البلد كأداة للتنفيذ، وهذا لما يمثله الأوفياء من الحكام لدينهم ووطنهم، فقد رأى العدو أهمية تصفية القادة الفاعلين من خصومهم لتسهيل معركتهم ضد الأمة الإسلامية وسلخها عن ثقافتها وهويتها حتى تصاب بشلل فيسهل نهب عقولها قبل ثرواتها، لأن الأعداء مهما أظهروا من ود فهم ليسوا سوى مجرمين وطواغيت، لأنهم فقدوا الرادع الإنساني والأخلاقي كما هو حال مرتزقتهم وعملائهم، وهذا هو حالياً في عصرنا ومنطقتنا حال الأنظمة الخليجية وبعض أنظمة الدول العربية التي تقدم للأعداء خيرة قادة الأمة لتصفيتهم ولو كلف ذلك أرواح الملايين من الشعوب، لأن هؤلاء العملاء ليسوا سوى خدم للأمريكي والصهيوني، للأسف فهذا هو حالهم.
إذا أتينا للواقع الذي تمر به اليمن جراء العدوان السعودي الأمريكي، فنرى أن اليمن قد مر بأبشع حرب عدوانية شنت عليه ولاتزال حتى الآن كدولة مستقلة ذات سيادة من دول العالم، ولكنها استطاعت أن تُخْرِج من بين الركام رجالاً أحراراً وعظماء أخياراً استطاعوا تغيير الموازين في قوانين الحروب، وبناء الوطن بعد جمود طاله منذ عقود، كان أحد أبرز هؤلاء القادة العسكريين والسياسيين فخامة الرئيس الشهيد صالح علي الصماد- رضوان الله عليه- الرئيس اليمني الفريد والمتميز في تاريخ اليمن.
قام هذا الشخص العظيم بدور أسطوري في إدارة معركة الدفاع عن اليمن فأصاب مجرمي التحالف الأميركي السعودي بفشل ذريع في هذه الحرب، وأدخلهم في حقيقية أن اليمن مقبرة الغزاة لا يستطيعون العودة منها الا أشلاء وفي أصعب الظروف التي تمر بها اليمن جراء عصابات الفساد والعمالة التي كانت تنخر في البلاد، استطاع أن يواجه تحالفاً أمريكياً صهيونياً سعودياً إماراتياً يملك إمكانيات ضخمة في المال والسلاح والإعلام ،وشرائه العديد من الدول ومنظمة الامم المتحدة ومجلس الأمن، بأبسط الأسلحة الدفاعية، وأفتك الأسلحة الثقافية التي تتمثل بسلاح الثقافة القرآنية.
لقد برز الرئيس الشهيد صالح الصماد واخترق قلوب اليمنيين بشخصيته وأخلاقه وتواضعه ورؤيته العميقة في تحقيق السيادة والحياة الرغيدة لشعبه، منطلقاً من إيمانه والتزامه الديني، وذلك في أصعب الظروف وأخطرها وهو يعلم أن الاعداء مترصدون لروحه الطاهرة، ولكنه فتح فصلاً كبيراً من فصول المواجهة الدائرة في اليمن ضد العدوان المستمر على هذا البلد.
وضع شرف الشهادة نصب عينيه، فكان دوماً متواجداً بين شعبه وبين جيشه وفي جبهات الدفاع كان اليد التي تدافع وتحمي في معركة اليمن ضد قوى العدوان، وفي الدولة قائداً لمعركة البناء والصمود مدشناً مشاريع بناء الدولة، ومقارنة مع حكام ورؤساء سبقوه في الحكم استغلوا المنصب لجمع الأرصدة المالية وامتلاك العقارات.. كان الرئيس الشهيد الصماد فقيراً متواضعاً، بيته بالإيجار، ولمَّا كان كغيره من البسطاء بين شعبه، كان دوماً بينهم متلمساً أحوالهم مستشعراً معيشتهم، استشهد في أحد أحياء وطنه الفقيرة البسيطة، وكانت تلك لحظة فارقة فأخذت اللحظات الحزينة تخيم كغيمة انتشرت على كل ربوع اليمن، والذي كان قد ترصد لروحه الطاهرة هو الإجرام الأمريكي السعودي الذي لم يدرك عواقب فعلته على طبيعة وسير الحرب في كل الجبهات، وإلى أين سيقود أمراء دول الإجرام وقرن الشيطان بلدانهم وشعوب منطقتهم بهذا الفعل الدنيء، فقد كان اغتيال الرئيس الصماد خطأً قاتلاً، وسيعرف الأعداء والخصوم دلالة ذلك الفعل المشين وسيظل يلاحقهم جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، وشعب اليمن الصابر الوفي لروح رئيسه الشّهيد قد أخذ جأش الرجال الشجعان المقاومين للعدوان وفرض على الجميع أن يُقاتلوه باستبسال بخشوم البنادق كما أحب الشهيد الرئيس، لأن سيل دماء الشهداء الأحرار والجرحى لن يذهب مهب الريح إلا بتحقيق النصر العظيم، والانتصار للمظلومية.
وها هو الزمن يعود مجدداً، مذكَّراً بعظماء نالوا واستحقوا جنات الخلود، وقد مر العام الأول من رحيل الرئيس الشهيد الصماد، وذكرى استشهاده الأولى على الأبواب تستذكر وتطلب من شعبه الوفاء له لما ترك من فكر لشعبه وشعاره التاريخي “يد تحمي ويد تبني” تركها في محاضرات وخطابات ومقابلات تستوجب تطبيقها على أرض الواقع، والحفاظ عليها لتتلمس منها الحكمة والحمية الأجيال القادمة. كان يحمل عمقاً واسعاً في دراسة المنهج القرآني، ومثَّل شخصه موسوعة ثقافية وأدبية كبرى، وما يستوجب على الشعب اليمني شعب الوفاء اليوم هو المزيد من الصمود والمواجهة بخوض معارك الصمود في كافة ميادين القتال، في جبهات الداخل اليمني او في جبهات ما وراء الحدود، وأن يكون أكثر مناعة وقوة وتماسكا وشدة في المواجهة الكونية ضد اليمن واضعاً وآخذاً القيم والشيم من رئيسه الصماد القائد العلم، وليعلم الأعداء أن الرئيس الشهيد صالح علي الصماد ما زال متواجداً وحاضراً في الصفوف الأولى لمقارعتهم، فاليمنيون رجال أشداء لا يهابون الموت ولا يرضخون لأعداء الله ورسوله والأمة والوطن، فاليمن مدرسة عميقة في البطولة والعطاء، وهو دوماً منتصر على كل الطغاة.