الجامعة العربية.. قمم لا تسمن ولا تغني من جوع
محمد عبدالمؤمن الشامي
في شهر مارس عام 1945 م استبشر الشارع العربي بتأسيس الجامعة كأول تكتل اقليمي في العالم. من أجل التجسيد القومي العربي، من أجل حماية العالم العربي من الأخطار التي تحدق به، من أجل بناء المستقبل الأفضل للشارع العربي، من اجل تعزيز العمل العربي المشترك. وهدفها توثيق الصلات وتمتين الروابط فيما بينها على أساس احترام واستقلال هذه الدول وسيادتها، وتوجيه جهودها لما فيه خير الشعوب العربية كافة وصلاح أحوالها وتأمين مستقبلها، وتحقيق أمانيها وآمالها استجابة للرأي العام العربي في جميع الدول العربية. كما تهدف إلى تعاون الدول الأعضاء في الجامعة تعاونا وثيقا وفقا لأنظمة كل دولة منها وظروفها الموضوعية وبخاصة في المجالات التالية:
1- الشؤون الاقتصادية والمالية، ويدخل في ذلك أيضا التبادل التجاري والمعاملات الجمركية والنقود والزراعة والصناعة.
2- شؤون الاتصالات والمواصلات، الطرق والسكك الحديدية والطيران والملاحة والبريد والبرق والهاتف.
3- الشؤون الاجتماعية والثقافية والصحية.
4- المحافظة على السلام والأمن العربيين، إذ تختص الجامعة العربية بمنع الحروب بين الدول العربية وتوفير الأسباب التي تجعلها آمنة على نفسها من أي اعتداء.
وعقد أول اجتماع عربي في مايو عام 1946 وعرف بقمة “أنشاص”، الطارئة بالإسكندرية، لمناصرة القضية الفلسطينية وخرجت بمجمل قراراتها مؤكدة عروبة فلسطين واعتبرتها في قلب القضايا العربية الأساسية، وأن مصير فلسطين مرتبط بمصير كافة دول الجامعة العربية، وأن ما يصيب فلسطين يصيب شعوب دول الجامعة العربية ذاتها.، محذرة من خطر إسرائيل الصهيونية، ومشددة على أن الوقوف أمام هذا الخطر، واجب على كافة الدول العربية..
ولكن الحقيقة منذ ثلاثة وسبعين عاما مرت منذ تأسيس الجامعة العربية، توزعت اجتماعاتها بين قمم عادية وطارئة واقتصادية وفي كل قمة يعلق العرب الآمال على تلك القمم العربية، الأ أن جميع قراراتها ظلت تراوح مكان إقامتها ومن ثم تندثر لتعود بالعام الذي يليه بقمة جديدة وقرارات جديدة..
لم تقدّم الجامعة العربية للشعوب العربية ما ينفعها، إلا حصاداً فاشلاً في جميع قراراتها وقممها في حل الأزمات العربية، بل إن ميثاقها يعد حبرا على ورق، ولم يشهد أي نجاح للقمم العربية ولا في اجتماعات وزراء العرب، بل كانوا يتفقون على خيارات أمنية ضد شعوبهم.. وتتبع المصالح الذاتية والسياسية.
إن ما يعيشه المجتمع العربي اليوم من عدوان اسرائيلي على قطاع غزة على شكل رغبة صهيوعربية وعلى سوريا. وعدوان سعودي إماراتي امريكي على اليمن وأزمات وتهديدات وجودية غير مسبوقة بشكل يعصف بها كدول ودمار وفوضى وعدم استقرار مستمر للدول العربية ليس سوى حصيلة مؤكدة ومباشرة لـ ثلاثة وسبعين عاماً من المؤامرات الأمريكية البريطانية وتنفيذ الجامعة العربية، لتدمير الشعوب العربية.
فالجامعة ليست إلا مكاناً لحياكة المؤامرات، والقرارات ضد مصالح الشعوب العربية، لذلك لا يمكن أن تنجح هذه الجامعة فهي مجرد سكرتارية للحكام العرب الذين لا يملكون من أمرهم شيئا، فإذا أمرتهم امريكا لا يملكون من خيار الا الطاعة. فهم لا يعدون أكثر من أجراء عند أمريكا التي تحرص بدورها على تلبية وحماية والحفاظ على مصالح واشنطن في المنطقة لاسيما مصالح حليفتها إسرائيل، فالجامعة ليست إلا من جسم ميت تتحكم فيه أمريكا.
إن فشل القمة العربية في تونس ليس ما يفاجئنا اليوم ، بل إن ما يفاجئنا هو أن يكون هناك مواطن عربي مازال ينتظر قمة عربية ناجحة تولد من رحم الجامعة العربية..