أكدت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن السعودية تسعى إلى احتكار قيادة العالم الإسلامي من خلال تصدير الفكر المتطرف، الذي يعد بضاعتها الأهم، من خلال دعم الوهابية عبر قوى دينية تدعمها الأسرة الحاكمة.
وعرضت المجلة كتاباً للباحثة الأمريكية من أصل باكستاني، والدبلوماسية السابقة في وزارة الخارجية فرح بانديث،حمل عنوان “كيف نكسب.. كيف يمكن هزيمة التهديد المتطرف؟”، ونشرت أجزاء منه، الثلاثاء الماضي.
وقال الكتاب إن القوى الدينية في السعودية تريد تدمير التقاليد المحلية الأخرى داخل الإسلام.
وتضيف: “في مارس 2010م، وأثناء عملي بوزارة الخارجية الأمريكية، حصلت على تأشيرة لزيارة الصين بعد أن اطلعت على تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن وزارة الخارجية والتي تتحدث عن وجود انتهاكات ضد المسلمين هناك”.
وتتابع: “زرت مدينة صغيرة تدعى شاديان، لم أسمع بها من قبل، وتقع في الجزء الجنوبي من البلاد، على بُعد نحو 150 ميلاً من كونمينغ، حيث يعيش السكان المسلمون هناك منذ أكثر من ألف عام، سافرت أنا وفريقي على ساعات، مروراً بالريف الخصب، حيث يبيع الباعة الفاكهة الناضجة على جانبي الطريق”.
وتوضح أنها شعرت بالصدمة حين وجدت مسجداً كبيراً وضخماً مطلياً بالرخام الأبيض، ولا يشبه طبيعة الحياة بالمدينة، ليتبين أن السعودية هي من شيدته من خلال متبرعين بقيمة 19 مليون دولار.
وتردف بالقول: “استضافني أستاذ بجامعة إسلامية محلية، وهو رجل صيني، وخلال تناول وجبة الغداء، تحدث مضيفي عن أهمية تعلم الأطفال المسلمين دينهم، فرددت بأن الشباب المحلي يسعى إلى معرفة دينه من خلال السفر إلى دول الخليج “.
وتشير إلى أنها ذهبت بعد ذلك إلى مسجد صغير مبني من الخشب، والتقت عدداً من النسوة المسلمات اللاتي يرفضن الصلاة في المسجد الذي بنته السعودية، مرجعاتٍ السبب إلى أنه “مسجد للإسلام الأجنبي”.
وعن هذه الواقعة السابقة تؤكد الدبلوماسية الأمريكية أن متطرفين من مقاتلي تنظيمي داعش والقاعدة يروجون لمجموعة معينة من الأفكار حول الإسلام، وتأتي غالباً من الخليج والسعودية بشكل خاص، والتي تدّعي دوماً أنها تقدم الأفكار التي تمثل الإسلام الحقيقي الوحيد، وهي التي تعرف بالوهابية.
وتقول بانديث: “انتشرت الأفكار المتطرفة بفضل رعاية السعودية لها، إذ لا يمكن أن يدرك المرء ويفهم النظام العالمي الذي يقوم عليه التطرف دون دراسة الدور المحوري الذي تؤديه الحكومة السعودية، وكذلك دور المنظمات الخاصة والأفراد في السعودية”.
وتُبين أن السعوديين أنفقوا في العقود الأخيرة ما يصل إلى 100 مليار دولار لنشر الوهابية وإدامة فكرة أنهم راعو الإسلام، حيث تمر أساليبهم في الإقناع والتأثير بسلسلة شاملة ومتكاملة، تبدأ من تمويل بناء المساجد إلى المدارس إلى الكتب المدرسية وإعداد الأئمة والمؤسسات الثقافية في جميع أنحاء العالم.
وتؤكد المؤلفة أن القوى الدينية في السعودية تدعمها الأسرة الحاكمة، وهدفها تدمير التقاليد المحلية الأخرى داخل الإسلام، من خلال إعادة كتابة التاريخ، ومحو أدلة من الماضي لمصلحة روايتهم الخاصة، وهي خطوة نسخت كثيراً من المتطرفين حول العالم.
وترى المؤلفة أن العلاقة بين السعوديين والتطرف ليست مجرد علاقة تقارب قائلة: “لقد دعمت السعودية حكومات وأفراداً وجماعات إرهابية، بشكل مباشر في الشرق الأوسط، وفي الوقت نفسه- وللمفارقة- كانت السعودية الحليف القوي في مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية والمساعدة في كبح تمويل الإرهاب!”.
وتردف مؤلفة الكتاب بالقول: “هذه الاستراتيجية هي التي خدمت السعودية بشكل جيد ولفترة طويلة”.
وعن محاربة الولايات المتحدة التطرف، توصي الدبلوماسية الأمريكية السابقة بضرورة محاربة سيادة الأيديولوجية السعودية في جميع أنحاء العالم عن طريق قطع الأموال السعودية التي تمولها.
وشددت على ضرورة أن تدعم واشنطن الثقافات والتقاليد الإسلامية المحلية، حيث يوجد جيل من المسلمين يخاطر بالوقوع تحت تأثير أيديولوجية خبيثة تقدم نفسها على أنها حقيقة مطلقة.
وترى بانديث أن الولايات المتحدة بدلاً من تحميل السعودية مسؤولية معالجة مشكلة أيديولوجية طويلة الأجل، اختارت تأمين تعاونها معها في القضايا قصيرة الأجل وتأجيلها، باعتبارها الحَكم المفترض لكل ما يتعلق بالإسلام، لمجرد أنها أعلنت عن نفسها حامية لمكة والمدينة.
وتعتقد المؤلفة أنه في حال السماح للنظرة المتجانسة الممولة سعودياً ،أن تسود، فإن المتطرفين سيواصلون إيجاد أرض خصبة لتجنيد مزيد من المتطرفين في المجتمعات المحلية، حتى ولو تمت هزيمة “داعش”.