أصوات العالم تنادي بإنقاذ المدنيين من آلة الحرب العدوانية.. ولا حياة لمن تنادي
4 أعــوام من الـعـدوان.. شـــواهـد صـادمة لقيم الإنسـانية
> الأمم المتحدة تدَّعي أن وضع اليمن يؤرقها ولا تفعل شيئاً لإنهاء العدوان والحصار
> إجراءات اقتصادية عقابية تودي بالأبرياء إلى الموت جوعاً
> قصف يومي وحصار فاقم حجم الكارثة
الثورة/ وديع العبسي
أربع سنوات تنقضي من عمر المحاولات البائسة لفرض الهيمنة على مجتمع حي يقبع في أقصى الجزيرة العربية على خارطته الأبدية اليمن.
سموها حرب تحرير وسموها حرب إعادة الأمل وسموها حرباً ضد تمدد إيران لينكشف للعالم وفي وقت مبكر أنها لم تكن إلا عدوانا صارخا ضد أمة تنهض من بعد عقود الاستلاب، ومصادرة حقه في امتلاك قراره، ليسفر العدوان عن أسوأ مشهد عرفته البشرية لحقد الإنسان حين تجلى ذلك بالآثار الكارثية التي خلفتها آلة الحرب العدوانية بقيادة السعودية ومن خلفها أمريكا.
“أسوأ كارثة إنسانية هي تلك التي تجري في اليمن الآن بسبب الحرب” هكذا وصفتها الأمم المتحد وصادقت عليها الفرق الدولية والمنظمات التي كان لها مراقبة ومعاينة الوضع عن كثب.
خلص فعل العدوان الى هذه النتيجة المأساوية بعد استهدافه الأرض والإنسان بلا تمييز وبلا حساب بقاعدة التناسب، بعد حصاره غير القانوني لدخول المواد الغذائية سواء التجارية او حتى تلك التي تأتي كمساعدات إنسانية مما تسبب في أسوأ انعدام أمن غذائي على مستوى العالم، أيضا بعد منع حركة الملاحة الجوية من والى المحافظات اليمنية ما تسبب في وفاة العديد من المرضى من ذوي الحاجة للسفر من اجل العلاج.
تجاوزات صارخة قام بها قادة العدوان كاشفين بذلك عن رغبات مبيتة لاستهداف اليمن.
تعتبر الأمم المتحدة أنّ اليمن يشكّل أكبر أزمة إنسانية في العالم، حيث يواجه 14 مليون شخص خطر الموت جوعا، وتكرار تفشّي الأمراض الفتاكة مثل الكوليرا، وقد أدت القيود التي فرضتها قوات تحالف العدوان بقيادة السعودية على الواردات إلى تفاقم الوضع الإنساني الرهيب.. قام التحالف بتأخير وتحويل ناقلات الوقود، وإغلاق الموانئ الهامة، ومنع البضائع من الدخول إلى الموانئ، كما منعت وصول الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات ولضخ المياه إلى المنازل.
في سبتمبر 2018م أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، أن الوضع الإنساني في اليمن قريب من بدء الهلاك الجماعي بسبب الجوع.. وقال “باختصار إنه وضع معتم.. فإننا نخسر الحرب أمام الجوع”.. وأضاف “ربما نقترب الآن من نقطة اللاعودة التي سيكون من المستحيل منع الهلاك الجماعي للناس بسبب الجوع في البلاد”.
في أغسطس من العام الماضي قال خبراء بحقوق الإنسان في الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن الضربات الجوية التي شنها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن سببت خسائر فادحة في الأرواح بين المدنيين وإن بعضها ربما يصل إلى حد جرائم حرب.
وذكر التقرير أن ”ضربات التحالف الجوية سببت معظم الخسائر في الأرواح الموثقة بين المدنيين.
أصابت هذه الضربات الجوية مناطق سكنية وأسواقا وجنازات وحفلات عرساُ ومراكز احتجاز وقوارب مدنية بل ومنشآت طبية“.
وأضاف الخبراء أن قوات التحالف فرضت قيودا شديدة على موانئ البحر الأحمر ومطار صنعاء مما حرم اليمنيين من إمدادات حيوية وهو ما قد يمثل أيضا جرائم دولية.
وقالت اللجنة إن تحقيقاتها في 11 واقعة أثارت قلقا كبيرا إزاء عملية الاستهداف التي يطبقها التحالف، مضيفة أن الضربات التي لا تتفادى الناس أو الكيانات التي يحميها القانون الإنساني الدولي هي انتهاكات غير قانونية.
وتابعت أن التحقيقات أظهرت أن القادة الميدانيين لم يكونوا عادة على تواصل جيد مع القيادة المشتركة للتحالف التي تمتلك معلومات عن الأماكن التي يجب عدم استهدافها بضربات جوية.
وقال جاراوي إنه رغم التقدم بطلبات لم يُسمح للجنة بالاطلاع على عملية الاستهداف التي يطبقها التحالف، مما جعل الوصول إلى استنتاجات قاطعة أمرا بالغ الصعوبة.
وأضاف ”لكن ما شاهدناه على الأرض يشير إلى أنه ربما تكون هناك مشكلات منهجية في عملية الاستهداف تلك“.
وقال الخبراء إنهم وضعوا قائمة سرية بأسماء مشتبه بهم.
وقال كمال الجندوبي رئيس اللجنة إن ثلاث قنابل أصابت سوقا للسمك قرب مستشفى في مدينة الحديدة في الثاني من أغسطس آب مما أسفر عن مقتل عدد يتراوح بين 40 و55 شخصا. ونفى التحالف مسؤوليته عن ذلك.
إلا ان الجندوبي قال :إن الضربات جاءت على ما يبدو من الجنوب حيث تتمركز قوات إماراتية وقوات موالية للرئيس هادي قرب المطار.
الجبير يدعي وتقارير تسخر
وتناول موقع “ذي أمريكان كونزرفتف” في مارس من العام الماضي مقال للكاتب الأمريكي دانيل لايرسون الذي قال فيه ان وزير الخارجية السعودي –حينها- يحاول حرف جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف في اليمن بالتظاهر بأنها ليست مسؤولة عن إي شيء قامت به.. حيث يقول الجبير: “ينتقدوننا على الحرب في اليمن التي لم نكن نريدها والتي فرضت علينا”.
وأضاف “إنهم ينتقدوننا للحرب في اليمن التي هي حرب عادله، والتي يدعمها القانون الدولي، وينتقدوننا للخسائر التي وقعت في اليمن عندما فرضها علينا الحوثيون”.
وسخر الكاتب الأمريكي لايرسون من ادعاءات الحكومات التي اختارت التدخل في الصراعات الداخلية في بلدان أخرى وتقول على أنها “أجبرت” على القيام بذلك ،ولكن هذا الأمر لم يكن صحيحا على الإطلاق تقريبا كما هو الحال في اليمن حيث شنت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها حملة عسكرية على اليمن في مارس 2015، حيث لا يوجد أي سبب لشن هذه الحملة العسكرية فلم يكن هناك أي خطر عليهم ولم يتعرضوا للهجوم ليدافعوا عن أنفسهم, فالهجمات علي الأراضي السعودية ردا علي قصف التحالف.
وقال الكاتب إن حكومات التحالف اختارت الوقوف عمدا إلى جانب حكومة المستقيل عبد ربه منصور، وشنت حملة قصف استهدفت بصورة روتينية المواقع المدنية، وفرضت حصارا علي السكان المدنيين من الاحتياجات الأساسية.
وأكد الكاتب انه لا أحد أجبرهم على القيام بهذه الحملة العدوانية ولم تكن مفروضة عليهم، وهذه كذبه أخرى تتبنها الحكومة السعودية في محاولة للتهرب من المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبت في اليمن من قبلهم.
وقال: إذا كان السعوديون لا يريدون هذه الحرب فليس عليهم سوى التوقف عن القتال ورفع الحصار, وهم مستمرون في شن الحرب لأنهم أطلقوها بشكل متهور على أمل إحراز انتصار سريع ولا يمكنهم الآن مواجهة فشلهم في الحرب.
وتتطرق الى ان جميع الأطراف في هذا الصراع مسؤولة عن جرائم الحرب التي ارتكبوها، ولكن مسؤوليتهم عن أفعالهم لا تحرر السعوديين وحلفاءهم منها.
وتساءل الكاتب قائلا :لا يوجد سبب رئيسي لتدمير وتجويع بلد بأكمله، والأمر الأكثر فظاعة عندما لا توجد حاجة مشروعة للسعوديين أو أي من الحكومات الائتلافية الأخرى للانضمام إلى الحرب.
وبين أن الحرب التي تقودها السعودية ضد اليمن تنتهك القانون الدولي كل يوم، وأن هذه الحرب لا يمكن الدفاع عنها بأمانة، ولذلك يتعين على المسؤولين السعوديين وغيرهم من موظفي التحالف أن يقولوا للجماهير الغربية هذه الأكاذيب للتأكد من استمرار الدعم الذي تقدمه حكوماتنا الأمريكية، حسب الكاتب.
الواضح في شق الانتهاكات التي مارستها قوى العدوان في حربها على اليمن أن السعودية ومن معها قد تجاوزوا بشكل سافر كل المواثيق الدولية والأعراف الأخلاقية والإنسانية فعبثت بأرواح الناس والإمكانات المادية التي يعيشون عليها ما دفع الكثير من الأصوات الحرة حول العالم الى المطالبة بإجراء تحقيقات محايدة تكشف وتعاقب على هذه الانتهاكات.
تحقيقات غير مهنية
وكواحدة من الآثار المترتبة عن ذلك ذهاب قائدة العدوان السعودية الى القول بأنها تجري التحقيقات في هذا الشأن، إلا إن ما خرجت به تحقيقاتها أثارت حفيظة الكثير من المؤسسات الدولية مشككة في سلامة هذه التحقيقات.
في أغسطس 2018 قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، أن التحقيقات التي قامت بها قوات التحالف بقيادة السعودية حول جرائم الحرب المزعومة في اليمن تفتقر إلى المصداقية. واتهمت المنظمة التحالف بفشلها في إجراء تحقيقات مناسبة في الاتهامات الموجهة لها بارتكاب جرائم حرب في اليمن.
جاء ذلك ضمن تقرير للمنظمة حمل عنوان “التخفي خلف مسمى التحالف” بعد يوم من شن طائرات العدوان غارات جوية على محافظة الحديدة قتلت نحو 30 شخصا من بينهم أربع نساء و 22 طفلا.
وأضافت هيومان رايتس ووتش في تقرير من 90 صفحة نشرته على موقعها الالكتروني، أن “عمل فريق هيئة التحقيق التابع للتحالف لم يرْقَ إلى المقاييس الدولية فيما يتعلق بالشفافية والنزاهة والاستقلالية”، مضيفة أن “المحققين كانوا يتسترون على جرائم الحرب بشكل أو بآخر”.
وطالبت المنظمة كلا من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بتعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية “فورا”، قائلة في تقريرها إن “استمرار الضربات الجوية غير القانونية للتحالف وعدم إجراء تحقيقات كافية في الانتهاكات المزعومة يعرض موردي الأسلحة إلى التحالف، بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، لخطر التورط في هجمات غير قانونية في المستقبل”.
بالإضافة إلى ذلك، تطرق تقرير هيومن رايتس ووتش إلى إساءة التعامل مع المعتقلين وقالت أنه لا “يوجد أي دليل على أن الفريق المشترك قد حقق في انتهاكات مزعومة من قبل قوات التحالف غير الغارات الجوية غير القانونية، مثل إساءة معاملة المعتقلين من قبل القوات الإماراتية والقوات التي تدعمها دولة الإمارات العربية المتحدة”.
ولفت إلى أن القادة السعوديين والإماراتيين، الذين تلعب دولهم أدوارا رئيسية في عمليات التحالف العسكرية، يواجهون مسؤولية جنائية محتملة كمسؤولية القيادة.
وقال المجلس النرويجي للاجئين إن اليمن أصبح أشبه ما يكون بسجن مفتوح بسبب الحرب وإغلاق المنافذ الرئيسية للبلاد، في ظل وجود قرابة 16 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية الأساسية.
ويرى مراقبون أن الحرب التي يخوضها السعودية وتحالفها في اليمن عبثية من حيث عدم دقة الأهداف العسكرية وضعف الاستراتيجية وضبابية الخطة الحربية ونتائجها، وأثار مقتل عشرات المدنيين معظمهم أطفال بغارة للتحالف العربي على محافظة صعدة، تساؤلات عن عدد الضحايا المدنيين لغارات التحالف بقيادة السعودية منذ تدخله في الحرب اليمنية في مارس 2015م.
رفض الدعم الأمريكي من الداخل
وفي غير مرة أثار مجلس الشيوخ الأمريكي موضوع الدعم الأمريكي للحرب على اليمن مطالبين بالوقف الفوري لهذا الدعم بعد النتائج الوخيمة التي لمسها أعضاء الشيوخ من هذه الحرب على الناس وبُنية الدولة.
في نهاية العام الماضي ومع مصادقة المجلس على مشروع قانون ينهي دعم واشنطن للحرب التي تخوضها السعودية والإمارات في اليمن، بموافقة 56 سيناتوراً على مشروع القانون الذي يحد من صلاحيات الرئيس دونالد ترامب بشأن تقديم الدعم للحرب السعودية في اليمن.. قال السناتور بيرني ساندرز، في كلمة له عقب التصويت: “الولايات المتحدة لن تكون شريكاً لحرب السعودية في اليمن، التي تسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
وأضاف: “نقول للنظام الاستبدادي في السعودية، إننا لن نكون جزءاً من مغامراتهم العسكرية”.
كما قالت السيناتورة ديان فاينستاين: “لطالما تغاضينا عن أفعال التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وتصويت اليوم رسالة لا تخطئها العين أن مجلسنا لن يدعم انخراط واشنطن في هذا الملف”.
بدوره قال السيناتور مايك لي: “بهذا التصويت اقتربنا من إحياء إطارنا التشريعي، كما نأينا بأنفسنا عن التسبب بالمعاناة الإنسانية في اليمن”.
مثلت هذه الخطوة أول إجراء من نوعه يؤيد فيه أي من مجلسي الكونغرس (الشيوخ والنواب) وقف الدعم الأمريكي عن أي عمل عسكري أجنبي وفقاً لقانون “سلطات الحرب”، الذي سن خلال حرب فيتنام عام 1973، والذي يقيد قدرة الرئيس على المشاركة في أي عمل عسكري خارجي دون موافقة الكونغرس.
وقبل أيام من هذا الشهر تبنى مجلس الشيوخ الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، مشروع القانون الذي يطالب بوقف دعم الولايات المتحدة لعمليات “التحالف العربي” بقيادة السعودية في اليمن.
ووصف السناتور بيرني ساندرز، أحد القائمين على مشروع القانون بالتصويت، إياه بـ “التاريخي”، وقال: “مشاركة الولايات المتحدة في الحرب التي تشنها السعودية على اليمن، تساهم في أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.
ونص مشروع القانون، على “مطالبة الكونغرس للرئيس الأمريكي بسحب القوات الأمريكية من العمليات الحربية في اليمن، أو من تلك التي تؤثر عليها، مع استثناء العمليات العسكرية ضد تنظيم (القاعدة)، وذلك في غضون 30 يوماً من بدء سريان القانون.”، القانون قوبل برفض شديد من إدارة ترامب مع الإصرار المعلن على دعم العدوان.
تؤكد هيومن رايتس اكتوبر 2018 بان استمرار العدوان والحصار فاقم ما وصفته الأمم المتحدة بأكبر كارثة إنسانية في العالم، بما فيه من خلال إعاقة تسليم المساعدات الإنسانية الضرورية، بشكل غير قانوني.
عشرات الغارات الجوية العشوائية وغير المتناسبة أسفرت عن مقتل آلاف المدنيين وضرب أهداف مدنية في انتهاك لقوانين الحرب، باستخدام الذخائر التي باعتها لها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وآخرين، بما فيها الذخائر العنقودية المحظورة على نطاق واسع.
منظمة هيومن رايتس ووتش تؤكد انها وثقت عشرات الغارات غير مشروعة أصابت المنازل والأسواق والمستشفيات والمدارس والمساجد. قد ترقى بعض هذه الهجمات إلى جرائم حرب. في 2018، قصفت قوات التحالف حفل زفاف، ما أسفر عن مقتل 22 شخصا، بينهم 8 أطفال. في هجوم آخر قصف التحالف حافلة مليئة بالأطفال، ما أسفر عن مقتل 26 طفلا على الأقل. تعرّفت هيومن رايتس ووتش على مخلفات ذخائر أمريكية المنشأ في مواقع أكثر من 24 هجوما، بما فيها هجمات 2018 على حفل الزفاف والحافلة.
حصار وتضييق اقتصادي
وطأة هذه الإجراءات – بما فيها فرض الحصار، والقيود الصارمة على الاستيراد، وحجب رواتب ما يقرب من مليون موظف مدني – وقعت وطأتها على كاهل المدنيين، وتسببت في تدهور الاقتصاد، ودفعت بالملايين إلى وهدة الفقر.
كما أدت تلك التدابير الى تكبد خسائر تزداد فداحتها تدريجيا: تدمير البنية التحتية، وخسارة الوظائف وفرص العمل، وضعف العملة وارتفاع الأسعار.
وتشير”نيويورك تايمز” إلى أن علامات المجاعة ظاهرة في كل مكان عبر الحدود الطبقية والقبلية والمناطقية. فأساتذة الجامعات المحجوبة رواتبهم يطلقون نداءات يائسة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ملتمسين المساعدة. والأطباء والمعلمون يضطرون إلى بيع ما لديهم من ذهب أو أرض أو سيارة لإطعام عائلاتهم.
موقع أخبار عربية ذكر في تقرير نشره في اكتوبر الماضي بأن خبراء المعونة ومسؤولي الأمم المتحدة ذكروا بأن حربا أخرى مختلفة تخاض في اليمن هي حرب اقتصادية ألحقت خسارة أفدح بالمدنيين وتهدد بالدفع بالبلد إلى هاوية مجاعة ذات أبعاد كارثية.
وقال الموقع انه وتحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، فرض التحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤها اليمنيون مجموعة من الإجراءات الاقتصادية العقابية.
الحصار باعتباره جريمة حرب
الحصار الذي مثل أبشع أنواع الأسلحة التي استخدمها تحالف العدوان قاد الى الكوارث الإنسانية، والى تعالي أصوات الضمائر الحية حول العالم الرافضة لهذا السلاح الخارج عن كل القيم والقوانين.
الكاتبة بريطانية هيلين لاكنر وهي مُتخصصة في الشأن اليمني أوضحت بأنه نادرًا ما تجد الضربات السعودية الجوية اليومية طريقها إلى الإعلام، رغم مسؤوليتها عن تدمير البنية التحتية بما فيها آلاف المدارس والمنشآت الطبية، إلى جانب إصابة ومقتل المدنيين على الرغم من حصول قوات التحالف على مساعدات تحديد الهدف من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى تزويد الأخيرة لطائراته المقاتلة بالوقود في الهواء، وهو تدخل بدونه لم يكن في وسع السعودية القيام بأغلبية ضرباتها الجوية.
وتضيف الكاتبة البريطانية في تقرير لها “عندما أصبح التحالف العسكري بقيادة السعودية وجهًا لوجه مع المأزق العسكري، اضطر إلى تبنى استراتيجيات جديدة كان أبرزها حصار الشعب اليمني.” “لذا اختارت السعودية استراتيجية فشلت أينما تمت تجربتها، وهي جعل ظروف معيشة المواطنين غير محتملة على أمل أن يدفع ذلك بالمواطنين للانقلاب على حكامهم. جاء ذلك على هيئة حصار شديد منع وصول الاحتياجات الأساسية إلى الشعب اليمني.”
ويذكر التقرير انه منذ بدايات 2015، فرضت قوات التحالف بقيادة السعودية حصارًا على ميناءي اليمن الرئيسيين: الحُديدة والصليف، يمثل الميناءان خط الإمداد الرئيسي لحوالي 71 % من مُحتاجي المساعدات الإنسانية.
جاء التبرير الرسمي للحصار –حسب التقرير- في هيئة قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2216، الذي تضمن حظرًا لتوريد الأسلحة صنعاء لكن على أرض الواقع، هذا مجرد عذرًا لمنع توصيل الاحتياجات الضرورية (الغذاء والوقود) فليس هناك أي دليل على تهريب أي من تلك الأسلحة عبر ميناءي الحُديدة والصليف.. بعد تفعيل لجنة الأمم المتحدة للتفتيش والتحقق في أوائل 2016 – على الرغم من التأخير المتعمد والعرقلة الواضحة – تم السماح لبعض السفن بتفريغ حمولتها إلا أن السعة العملية لميناء الحُديدة مقيدة إلى حد كبير بسبب التفجير المُمنهج لرافعاته ومرافقه الأخرى في أغسطس 2015، مما حدّ من عدد وأنواع السفن التي بإمكانه استقبالها. وعلى الرغم من تمويل الولايات المتحدة الأمريكية إصلاحه، إلا أن قوات التحالف منعت أعمال الإنشاء.
جاءت ضربة أخرى للوضع الإنساني في سبتمبر 2016م، عندما قرر نظام هادي أحاديًا نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، لم يتمكن أيما البنكين المتنافسين منذ ذلك الحين من العمل بفاعلية. أعاق ذلك بالأخص استيراد الأغذية التجارية (توفر 80 % من احتياجات الدولة الغذائية)، حيث لم يتمكن التجار من الحصول على خطابات الاعتماد اللازمة للشراء من السوق العالمي.
ليس هناك شك أن بعض المواد الغذائية تصل بالفعل إلى اليمن عن طريق شبكات التهريب، إلا أن كمياتها لا تقارن بالاحتياجات الفعلية. ارتفعت أسعار التجزئة لدرجة أن القليلين يستطيعون تحمل تكلفة شراء احتياجاتهم الغذائية الأساسية في وقت انهيار الاقتصاد لم يتلق معظم الموظفين الحكوميين (حوالي 1.2 مليون مواطن مسؤولين عن إعالة ثلث سكان الدولة تقريبًا) رواتبهم لأكثر من عام.
كوارث الحصار
بحلول بدايات 2017م -والاستعراض لا يزال للتقرير البريطاني- واجه مواطنو اليمن الجوع، والأكثر فقرًا منهم واجه الموت جوعًا. مما يُفسّر ما صرحت الأمم المتحدة به بأن حوالي 7 ملايين منهم على حافة المجاعة.
وفي منتصف العام حققت اليمن رقمين قياسيين عالميين مأساويين: أسوأ كارثة إنسانية بالعالم، وأسوأ تفشٍ مُسجل لوباء كوليرا بالعالم. كما صرح مسؤولو الأمم المتحدة الأعلى مركزًا مرارًا وتكرارًا، بأن هذه الكارثة حدثت بسبب الإنسان، وسببها الأساسي الحصار.
فكما منعت المواد الغذائية من الوصول، تأثرت الإمدادات الطبية أيضًا. وعلى الرغم من توقف رواتبهم، ما زال العديد من موظفي الطاقم الطبي يعملون ويقدمون أفضل ما بوسعهم في ظل الظروف اليائسة لـ45 % الباقية من المرافق الطبية، التي تعمل طالما تمكنت على الرغم من غياب الوقود اللازم للمولدات الكهربائية والكهرباء واللوازم الطبية والأدوية.
أما مطار صنعاء، فقد أغلق منذ أغسطس عام 2016 أمام كل رحلات الطيران ما عدا تلك التابعة للأمم المتحدة وبعض المنظمات الإنسانية الأخرى، مما منع مغادرة المواطنين اليائسين للخارج بحثًا عن علاج طبي أو لأي سبب آخر.
أمام غضب المجتمع العالمي والمطالبات المتكررة لإعادة فتحه حسب الكاتبة وجد التحالف بقيادة السعودية طريقة فعّالة للرد على المناشدات الإنسانية لقادته: دمرت غاراته الجوية يوم الثلاثاء الموافق 14 نوفمبر 2017، محطة الملاحة اللاسلكية بمطار صنعاء، جاعلة إياها خارج نطاق العمل، ضامنة ألا تتمكن أي رحلات طيران، تابعة للأمم المتحدة كانت أو لغيرها، من الهبوط لفترة طويلة.
مما يجعل النتيجة الوحيدة التي يمكن الوصول لها، هي أن السلطات السعودية قررت التعجيل بقتل ملايين اليمنيين في سبيل حربها بالوكالة ضد إيران فيبدو أنها غير راضية عما أنجزته من حصار للبلد، وتحقيق رقمين قياسيين مُفزعين، فتحاول الآن ضمان تحقيق الثالث: أعلى تعداد قتلى جراء مجاعة.
وتخلص الكاتبة البريطانية في تقريرها الى القول “يظل الأمل أن شخصاً ما، في مكان ما، وسط صانعي القرارات يحمل ما يكفي من الرحمة والتعاطف ليعكس تلك القرارات، ويُعيد فتح الموانئ البحرية والجوية أمام المدنيين والواردات الغذائية والوقود والإمدادات الطبية وضروريات الحياة الأخرى، سواء عن طريق منظمات تجارية أو إنسانية، لتمكين الشعب اليمني من عيش حياة طبيعية قدر المستطاع في ظل الحرب.”